الكويت.. لماذا حل ناصر الصباح مجلس أمناء مدينة الحرير؟

الخميس 2 مايو 2019 02:05 م

لماذا أصدر الابن الأكبر لأمير الكويت، رئيس مجلس الوزراء بالنيابة، الشيخ "ناصر الصباح"، مرسوما، الأسبوع الماضي، بحل مجلس أمناء "مدينة الحرير"، المسؤول عن إدارة المشروع؟

سؤال تداوله مراقبو الشأن الكويتي والمتابعون لتطورات تنفيذ خطة المشروع الذي ينتظر أن يساهم في تنويع اقتصاد البلاد وتقليص اعتماده على النفط، إضافة إلى اجتذاب استثمار أجنبي وتقوية الروابط التجارية مع العراق وإيران والصين.

وفي ظل عدم الإعلان عن سبب قرار حل مجلس الأمناء بشكل رسمي، دارت تحليلات المراقبين حول وجود مقاومة برلمانية قوية للمشروع، وعدم وضوح الكثير من تفاصيل تنفيذه، خاصة الشق الخاص بالتمويل.

فالعديد من المشرعين الكويتيين انتقدوا مسودة قانون المشروع، التي بدا لهم أنها تضع المنطقة المقترحة لتنفيذه خارج نطاق الرقابة البرلمانية، وأثارت مخاوف بعضهم من السماح بالخمور في بلد مسلم، وفقا لما أوردته "رويترز".

ودعت المسودة إلى أن تكون منطقة المشروع مستقلة من النواحي الإدارية والقانونية والتمويلية في نموذج مماثل لمركز دبي المالي العالمي، الذي يتيح إعفاءات ضريبية ولديه نظامه القضائي الخاص، حسب صحيفة "القبس" الكويتية.

دولة داخلية

وإزاء ذلك، قالت النائبة "صفاء الهاشم" للصحفيين، بعدما شاركت في اجتماع عقده الشيخ "ناصر" مع أعضاء لجنة برلمانية، إن مسودة القانون "عبارة عن إنشاء دولة داخل الدولة.. أخطر قانون شفته في حياتي".

فيما شدد النائب الإسلامي "محمد الدلال" على ضرورة ضمان عدم تسبب المشروع في مخالفات شرعية تحت عنوان الانفتاح الاقتصادي: قائلا: "الكويت طبيعتها وهويتها عربية إسلامية ويغلب عليها الطابع المحافظ. وهناك نصوص دستورية، سواء كانت المادة الثانية من الدستور التي تتعلق بالشريعة الإسلامية أو النص المتعلق باحترام ومراعاة الآداب العامة.. وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك انفتاح غير مسؤول، انفتاح يخالف هذه النصوص الدستورية".

وتهدف خطة الشيخ "ناصر" للمشروع، التي تتضمن بناء منطقة اقتصادية حرة وميناء في المياه العميقة على مراحل تمتد لما يزيد عن 25 عاما، إلى منع المزيد من التراجع للكويت عن جيرانها الذين فتحوا أبوابهم أمام الاستثمار الأجنبي، ويتنافسون على أن يصبحوا مراكز لأنشطة الأعمال في المنطقة.

لكن على عكس نظرائها في منطقة الخليج، فإن الكويت لديها برلمان منتخب عارض أعضاؤه إجراءات لا تحظى بقبول شعبي، مثل تقليص الرعاية الاجتماعية، وضريبة مبيعات جديدة تهدف لتحسين المالية العامة للدولة.

وغالبا ما يستجوب المشرعون الكويتيون الوزراء، وهو ما يؤدي إلى تعديلات وزارية أو حل البرلمان لتفادي اقتراع بعدم الثقة، خاصة أن أعضاء من الأسرة الحاكمة يشغلون مناصب وزارية، ولذا وصفت الباحثة بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن "كريستين ديوان" مناقشة البرلمانيين الكويتيين حول مسودة قانون مدينة الحرير بأنها "تمثل عملية إقناع صعبة للغاية".

كما اعتبر محافظ بنك الكويت المركزي "محمد الهاشل"، خلال مائدة مستديرة مصرفية في مارس/آذار الماضي، أن المقاومة البرلمانية المتزايدة للإصلاحات تمثل عائقا أمام تحقيق التقدم المنشود، قائلا: "إنها حالة جسم مريض لا يرغب في تناول الدواء".

تفاصيل غائبة

وإضافة إلى المخاوف البرلمانية، فإن تفاصيل مهمة حول تنفيذ المشروع في شمال الكويت لا تزال غائبة، خاصة أن فكرة المشروع أطلت برأسها منذ سبعينات القرن الماضي ولم تتحقق على أرض الواقع بعد.

 ومنحت محاولات الشيخ "ناصر" لإحياء الفكرة شهرة واسعة؛ حيث يُنظر إلى النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع (71 عاما) كمنافس محتمل بعد ولي العهد لخلافة والده أمير البلاد (81 عاما)، وفقا لما نقلته "رويترز" عن دبلوماسيين ومصدرين قريبين من الأسرة الحاكمة، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المسألة.

وتستهدف خطة الشيخ "ناصر" تعزيز دفاعات الكويت في مواجهة التقلبات في أسواق السلع الأولية، إضافة إلى دعم أمنها الإقليمي من خلال شراكة مع الصين لبناء المنطقة.

وتراهن الخطة على تعافي العراق من سنوات من الحرب، وخروج إيران في نهاية المطاف من تحت طائلة العقوبات الأمريكية، في نظرة طويلة الأجل جذبت اهتمام الصين في إطار مبادرتها "الحزام والطريق" لإعادة بناء طريق الحرير القديم ليربط الصين بآسيا وأوروبا وما وراء ذلك.

وقال مصدر كويتي، اطلع على الخطة، إن الصين قد تدير الميناء مقابل رسوم، وتشارك في إدارة المنطقة الاقتصادية، فيما ذكرت وسائل إعلام حكومية كويتية هذا الأسبوع أن مبعوثا كويتيا وقع، بالإنابة عن الشيخ "ناصر"، على مذكرة تفاهم مع بنك التنمية الصيني تتعلق "بالتطوير والبناء والتعاون الاستشاري" على هامش قمة الحزام والطريق في بكين.

وقال بيان من وزارة الخارجية الصينية إن الاتفاقية أشارت إلى مدينة الحرير وتطوير الجزر الخمس، لكنه لم يذكر مزيدا من التفاصيل.

 لكن خطة مدينة الحرير ظلت شحيحة التفاصيل، وبصفة خاصة فيما يتعلق بمصادر التمويل؛ إذ عُرض المشروع بوسائل الإعلام الحكومية في يوليو/تموز 2018، بتكلفة قدرها نحو 86 مليار دولار، لكن المسؤولين لم يذكروا تفاصيل هذا الرقم.

وحينما سُئل عن التمويل في مارس/آذار الماضي، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في الكويت "خالد المهدي" للصحفيين، إن "النموذج المالي لا يزال قيد البحث، لكن الجزء الأكبر سيأتي من القطاع الخاص".

تنويع الاقتصاد

ورغم المخاوف المثارة حول المشروع وغياب التفاصيل الكافية بشأنه، يرى مؤيدوه أنه رافد أساسي لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن صادرات النفط، التي تشكل نحو 90% من دخل الكويت، وتطوير القطاع الخاص للمساهمة في خفض الإنفاق على الأجور والدعم اللذين يلتهمان حوالي 70% من الميزانية.

ويشمل المشروع 5 جزر ومنطقة في شمال الكويت ويربطهما بالعاصمة جسر الشيخ "جابر الأحمد"، أحد أطول الجسور البحرية في العالم، الذي بلغت تكلفته حوالي 904 ملايين دينار (3 مليارات دولار).

وإضافة إلى المنطقة الحرة والميناء، يتضمن المشروع مطارا واستادا أوليميبا وبرجا أطول من برج خليفة في دبي، وهو حاليا أطول مبنى في العالم، ومساكن تستوعب ما يصل إلى 700 ألف شخص.

ويهدف المشروع إلى خلق 200 ألف وظيفة على الأقل، حسب تعليقات للشيخ "ناصر" نقلتها وسائل إعلام محلية العام الماضي، وهو أمر مهم في بلد يزيد فيه الشباب دون 25 عاما عن نصف سكانه، ويعاني من عمالة زائدة في القطاع العام الذي لن يمكنه استيعاب وافدين جدد إلى سوق العمل.

المصدر | الخليج الجديد + رويترز

  كلمات مفتاحية

تسريبات أمن الدولة.. هل أمرت النيابة بضبط وإحضار نجل أمير الكويت؟

صحة الشيخ ناصر الصباح تشغل بال الكويتيين.. وناشطون يدعون له بالشفاء