أثارت البيانات الواردة بتقرير للبنك الدولي عن الاقتصاد المصري مؤخرا الجدل بين الخبراء حول نسبة الفقر في البلاد، وإن اتفقوا على أن "الحكومة نجحت في خطة الإصلاح الاقتصادي.. لكن المصريين ازدادوا فقرا".

وذكر تقرير البنك أن 30% من المصريين تحت خط الفقر، وأن 60% إما فقراء أو عرضة له، وأن حاجة باتت ملحة لبذل مزيد من الجهود لتسريع الاحتواء الاقتصادي واستيعاب القوى العاملة المتنامية، خاصة أن "عدم المساواة بات آخذ في الازدياد".

وأشار التقرير إلى تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح من 7% في محافظة بورسعيد (شمالي مصر) إلى 66% في بعض محافظات الصعيد (جنوب)، مؤكدا أن الإصلاحات الاقتصادية أثرت سلبا على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع تكاليف المعيشة.

تدهور معيشي

وفي مقال له تعقيبا على التقرير، اعتبر الوزير السابق والخبير الاقتصادي "زياد بهاء الدين" بيانات التقرير دليلا على عدم دقة الحديث عن ارتفاع نسبة الفقر من 30 إلى 60% على نحو ما شاع على صفحات التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي "لم يحقق تحسنا في معيشة المواطنين بل عرضهم لغلاء شديد وتدهور في الخدمات العامة على نحو أثر على المجتمع كله وبخاصة طبقته الوسطى".

وعزا "بهاء الدين" تدهور المستوى المعيشي لأغلب المصريين إلى "عدم نمو الاستثمار في المجالات الإنتاجية، وبالتالي عدم استحداث فرص عمل مستدامة ولا زيادة كافية في الدخول".

وأضاف أن "عدم تغيير المسار الحالي لكي يكون أكثر شمولا وعدالة وتحقيقا لاحتياجات الناس لا يعني فقط استمرار معدل الفقر الحالي، بل يهدد أيضا نسبة لا يستهان بها من المواطنين لا يعتبرون اليوم فقراء ولكن لا يعتبرون أيضا متجاوزين لخطر الوقوع في دائرة الفقر لأن ظروفهم الحالية لا تمنحهم الحماية والطمأنينة الكافيتين".

فقر غالب

وفي المقابل، أكد الخبير الاقتصادي "عبدالنبي عبدالمطلب" أن 60% من الشعب المصري فعلا فقراء، معتبرا أن النتيجة التي توصل إليها البنك الدولي "سليمة بكل المقاييس العلمية" وفقا لما أورده موقع "العربي الجديد".

وبرهن "عبدالمطلب" على تأكيده بالقول: "إذا نحيت من المعادلة 20 مليون مواطن مصري يحصلون على 80% من الناتج المصري، سيكون هناك 80 مليون مواطن مصري يحصلون على 20% من الناتج المصري، وإذا حذفت منهم 20 مليون شخص يحصلون على 10% من الناتج ستكون النتيجة أن 60 مليون مصري يحصلون على نحو 10% من الناتج المصري".

وأضاف: "الناتج المصري يبلغ نحو 4 ترليون جنيه، أي حوالي 240 مليار دولار، وتكون نسبة الـ 60 مليون مواطن هي 24 مليار دولار، وبذلك يكون متوسط دخل الفرد حوالي 400 دولار في العام وبذلك فإن متوسط دخل الفرد يوميا سيكون 1.1 دولار يوميا".

تعتيم حكومي

وزاد من حدة الخلاف حول نسبة الفقر قيام الحكومة المصرية بتأجيل إعلان مؤشرات بحوث الإنفاق والدخل، الذي كان من المفترض الإفصاح عنه في فبراير/شباط الماضي؛ بسبب كشفها لارتفاع معدل الفقر، وفقا لما أكدته صحيفة "البورصة" الاقتصادية (محلية).

وقالت مصادر ذات صلة للصحيفة، الإثنين الماضي، إنه تم الانتهاء من مراجعة وتدقيق المؤشرات النهائية لبحوث الإنفاق والدخل منذ شهرين، إلا أن ارتفاع معدل الفقر أدى إلى اعتراض "جهات عليا" على النتائج لتعارضها مع "الإنجازات التي قامت بها الدولة خلال العامين الماضيين".

وتمهد الحكومة المصرية لاتخاذ إجراءت تقشفية جديدة في موازنة 2019-2020 تبدأ أول يوليو/تموز المقبل، حيث تستهدف خفض الدعم المقدر للمواد البترولية إلى 52.9 مليارات جنيه من نحو 89 مليار جنيه، في ميزانية 2018-2019 .

كما كشفت مصادر في لجنة الطاقة بمجلس النواب المصري (البرلمان) أن زيادة أسعار الكهرباء المقررة مع بداية العام المالي الجديد، في الأول من يوليو/تموز المقبل، ستتراوح بين 33 و60% للشرائح الأقل استهلاكاً، و5 و22% للشرائح الأعلى استهلاكاً، وذلك في إطار خطة لإلغاء الدعم، اعتباراً من العام المالي المقبل 2021/2020.