استراتيجيات مختلفة لدى التنظيمات الجهادية المتنافسة في سوريا

الأحد 31 مايو 2015 08:05 ص

في حين يواصل تنظيم «الدولة الإسلامية» حملته الإرهابية، تدعي «جبهة النصرة» أنها لا تريد إلا إسقاط النظام السوري مع تجنب معاداة الغرب.

تعددت الأعمال الوحشية وعمليات الإعدام التي يقوم بها تنظيم «الدولة الإسلامية»، في حين ما فتئت «جبهة النصرة» (الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا) تقدم رسائل تهدئة إلى المسيحيين والغرب مع تهديدات مبطنة ضد القرى العلوية. وقد وضعت هاتان القوتان الجهاديتان، اللتان بصدد التوسع في الأراضي السورية، استراتيجيتين متعارضتين من أجل مزيد بسط النفوذ ولإظهار كيفية تعاملهما مع الدول الغربية. وراء استراتيجيات الاتصال الخاصة بكل تنظيم نستشف وجود منافسة شرسة بينهما، وهو ما سبق وأن أظهرته الاشتباكات الدامية التي سبق وأن دارت بينهما.

بعد أسبوع من احتلال المدينة الإغريقية الرومانية القديمة في تدمر، قام تنظيم «أبو بكر البغدادي» بإعدام 20 سجينًا في المسرح الروماني الشهير بالمدينة. وقام مقاتلو تنظيم «داعش» بارتكاب جريمة حرب جديدة أمام السكان، متهمين ضحاياهم «بالقتال إلى جانب نظام بشار الأسد».

ويبدو أن هذه الجرائم الجماعية جاءت ردًا على ما قاله «أبو محمد الجولاني»، زعيم جبهة النصرة لأهل الشام، في مقابلة له يوم الأربعاء مع التليفزيون القطري قناة الجزيرة. خلال هذه المقابلة، أكد «الجولاني» ولاءه لـ«الظواهري»، زعيم القاعدة وخليفة «أسامة بن لادن» على رأس هذا التنظيم، مبينًا أن همه الأول ليس مهاجمة الغرب؛ حيث قال: «إن تعليمات أيمن الظواهري هي عدم استخدام سوريا كقاعدة لشن هجماتنا ضد الغرب أو أوروبا، حتى لا نشوه هذه الحرب في سوريا».

الدفاع عن النفس

فيما يتعلق بواشنطن، بيّن «الجولاني» أنه لن يتردد في الرد إذا واصلت الطائرات الأمريكية قصفها قائلًا: «كل الخيارات مفتوحة. لكل فردٍ الحق في الدفاع عن النفس». كما اتهم الأمريكيين «بالتنسيق مع نظام دمشق من أجل استخدام المجال الجوي السوري. ولكن، ما يهم الجولاني حاليًا في سوريا هو إسقاط نظام الأسد؛ حيث قال: «ما يهمنا الآن هو إسقاط النظام، رموزه وحلفائه مثل حزب الله». مضيفًا: «أود أن أؤكد لكم أن سقوط بشار سيكون قريبًا. أنا لا أريد أن أكون متفائًلا جدًا، ولكن هناك مؤشرات إيجابية جدًا».

وعندما سئل: «ماذا سيحدث للمسيحيين والعلويين؟» كانت الإجابة أنه لا وجود لأي عداء مع المسيحيين؛ فجبهة النصرة ليست في حالة حرب معهم، ولكن بالنسبة للعلويين فقد كان الجولاني صارمًا في تهديده لهم؛ حيث قال: «إذا سلموا السلاح وتبرؤوا من الأسد، وأوقفوا القتال إلى جانبه وعادوا إلى الإسلام؛ فهم إخواننا»، سالبًا إياهم صفتهم كمسلمين، قائلًا: «لقد خرجوا عن دين الله وعن الإسلام»؛ مما يعني أنه من المشروع قتلهم.

ويظهر من خلال هذا اللقاء تقارب جبهة النصرة مع تنظيم القاعدة، رغم التقارير التي تحدثت عن التباعد بين التنظيمين وبدعم من دولة قطر، واحدة من أكبر الداعمين الماليين لجبهة النصرة، وفي الوقت نفسه، واحدة من حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي. وما وجود الراية السوداء على الطاولة في هذه المقابلة التليفزيونية إلا إشارة واضحة لقرب دولة قطر من هذا التنظيم الراديكالي.

ورقة الاستياء                       

 من خلال تنفيذ عملية الإعدام على 20 سجينًا داخل المسرح القديم بمدينة تدمر، اختار تنظيم «الدولة الإسلامية» أن يلعب بورقة الاستياء؛ فالموقع الاستثنائي لتدمر مشهور في جميع أنحاء العالم، فقبل سنة 2011، كان يزوره نحو 150 ألف سائح سنويًا. شهرة المكان جعلت لهذه المذبحة في المسرح الأثري الأثر الكبير مع صدى إعلامي ضخم؛ مما يؤكد أن لهذا التنظيم معرفة جيدة بالثقافة الغربية، مع إتقانه كيفية التلاعب بالمشاعر الشعبية، وهي أيضًا طريقة لإظهار أنه أكثر راديكالية من منافسيه؛ ما من شأنه أن يكسبه ولاء متطوعين جدد من جميع أنحاء العالم.

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية جبهة النصرة سوريا بشار الأسد الجولاني البغدادي

تنظيم «الدولة الإسلامية» يستقر في الرمادي لكن الهدوء لن يستمر على الأرجح

مبعوث سوريا بالأمم المتحدة: مقابلة الجزيرة مع «الجولاني» ترويج لجماعة إرهابية

«الجولاني»: معركة الحسم في دمشق و«حزب الله» سيزول مع سقوط «الأسد»

أسئلة الرمادي وتدمر وما بعدهما؟

«بلومبيرج»: سقوط تدمر في يد الدولة الإسلامية قد يمثل نصرا دعائيا لنظام «الأسد»

غارات «التحالف الدولي» على «النصرة»: هل تُحبط «فك الارتباط» بـ«القاعدة»؟

«جبهة النصرة» ... نحو نظام إقليمي جديد؟!

مصائر سوريا

«جيش الإسلام»: لسنا ذراعا لأي دولة وسنخضع سلاحنا لأي سلطة بعد سقوط «الأسد»

«درع الوطن».. قوة محلية لحماية الدروز في السويداء السورية

التونسيون على رأس الملتحقين بالتنظيمات الجهادية في سوريا والعراق يليهم السعوديون