ماذا يعني تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي؟

الأحد 9 يونيو 2019 05:06 ص

أدى اندلاع العنف في السودان بعد انهيار المحادثات بين المجلس العسكري الانتقالي والمعارضين إلى تعليق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان في الاتحاد على الفور.

وأصدر الاتحاد الأفريقي أيضًا تحذيرات للخرطوم من اتخاذ مزيد من الإجراءات إذا لم ينقل المجلس العسكري السوداني السلطة إلى المدنيين تمشيا مع مطالب حركة الاحتجاج في البلاد.

وتلقى قرار مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية السودان في الهيئة دعماً بالإجماع من الأعضاء الذين عقدوا اجتماعًا طارئًا في أديس أبابا لمناقشة الأزمة السودانية.

وقبل عدة أيام من تعليق عضوية البلاد، دعا "موسى فكي محمد"، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، إلى إجراء تحقيقات "فورية وشفافة" في قتل قوات الأمن السودانية مؤخرا للمعتصمين في الخرطوم.

ويعد السودان الآن ساحة معركة جيوسياسية لمختلف قوى الشرق الأوسط، حيث يتنافس المحور السعودي الإماراتي ضد كل من تركيا وقطر، ويمكن لهذا التنافس أن يفسر رد الجنرالات العنيف على الاحتجاجات في البلاد مؤخرا.

وفي حين أن الرئيس السابق "عمر حسن البشير" كان حريصًا على إبقاء العلاقات بين السودان وقطر متقاربة بعد أن بدأت الكتلة السعودية الإماراتية في حصار الدوحة في عام 2017، يبدو أن القيادة الحالية في الخرطوم تربط السودان عن كثب مع التحالف المناهض لقطر.

ومن خلال التعهد بتقديم 3 مليارات دولار للسودان بعد فترة وجيزة من الانقلاب الذي أطاح بـ"البشير" في أبريل/نيسان، تمكنت الرياض وأبوظبي من وضع نفسيهما كأهم المؤثرين على عملية الانتقال الهشة في السودان.

أعطى مثل هذا الدعم الخارجي المجلس العسكري السوداني حوافز أقل لتقديم تنازلات لجماعات المعارضة التي تطالب بنقل السلطة للمدنيين والانتقال السريع إلى الديمقراطية.

ويشير الهجوم العنيف على المتظاهرين في الخرطوم في أعقاب زيارات القادة العسكريين السودانيين إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر إلى هذه الصلة.

وتعيد هذه الأحداث إلى إذهان الكثيرين ذكريات أعمال العنف التي ابتليت بها مصر في أعقاب انقلاب عام 2013.

لكن الاتحاد الأفريقي وقف إلى جانب المتظاهرين السودانيين، ولا يعد هذا الرد مفاجئا بالنظر إلى تصميم المؤسسة الأفريقية على أن تكون مثالا يحتذى به في العالم لرفض الانقلابات.

ولدى الاتحاد الأفريقي سياسة غير متسامحة تجاه الانقلابات العسكرية بدأت مع الانقلابات في بوروندي وسيراليون خلال التسعينات، وقد حظر إعلان لومي (توغو) الصادر عن منظمة الوحدة الأفريقية في عام 2000 التغييرات غير الدستورية للحكومة، وصار ذلك أحد المبادئ التي أقرها الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وميثاق الاتحاد الأفريقي لعام 2007 بشأن الديمقراطية والانتخابات والحكم.

وطوال القرن الحادي والعشرين، كان الاتحاد الأفريقي ثابتًا في تطبيق هذا المبدأ بعد الانقلابات ومحاولات الانقلاب التي وقعت في القارة.

وقبل قرارها الأخير بشأن السودان، سبق أن قام الاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية عدد من الدول بسبب الانقلابات مثل موريتانيا (2008)، غينيا (2008)، مدغشقر (2009)، النيجر (2010)، مالي (2012)، جمهورية أفريقيا الوسطى (2013)، ومصر (2013).

ورداً على هذه الانقلابات، فرض الاتحاد الأفريقي أيضًا عقوبات على الانقلابيين جنبًا إلى جنب مع إلغاء عضوية بلدانهم في الاتحاد الأفريقي.

في حالة السودان، يقول الاتحاد الأفريقي إنه سيتراجع عن تعليق العضوية إذا سلّم الحكام العسكريون في البلاد السلطة للمدنيين.

وفي النهاية، ليس من الواضح مدى تأثير تحرك الاتحاد الأفريقي على الأوضاع على الأرض في السودان بالنظر إلى مقدار الدعم الذي تقدمه أبوظبي والقاهرة والرياض إلى المجلس العسكري السوداني.

ومع ذلك، فإن تعليق الاتحاد الأفريقي لعضوية السودان سيضع على الأقل درجة من الضغط على الطغمة الحاكمة في البلاد لنقل السلطة إلى هيئة يقودها مدنيون مع إضفاء مزيد من الشرعية على مطالب حركة الاحتجاج.

في الواقع، سيتعين على الحكام العسكريين الجدد في البلاد قبول العزلة الدبلوماسية في القارة، بالإضافة إلى العقوبات كجزء من تكلفة رفض نقل السلطة إلى المدنيين.

يجازف السودان بالسقوط في دورات من العنف المتصاعد الذي سيؤدي في النهاية إلى زعزعة استقرار البلاد.

ومن خلال اللجوء إلى القوة المميتة لتخويف المحتجين وإجبارهم مغادرة الشوارع والتخلي عن اعتصامهم، وضع الحكام العسكريون أنفسهم في الزاوية وأثبتوا أن المجلس الانتقالي لا يمكن الوثوق به.

ولكن إذا سقط السودان في دوامة عنف أكبر، أو حرب أهلية ربما، فلن يكون للاتحاد الأفريقي سوى نفوذ محدود في سد الفجوة المتسعة بين الحكام والمحكومين.

المصدر | جورجيو كافييرو - لوب لوغ

  كلمات مفتاحية

الاتحاد الأفريقي يطلق منطقة التبادل الحر القارية

الاتحاد الأفريقي ينهي تعليق عضوية السودان