«ميدل إيست بريفينج»: البنتاغون يقيم انهيارا محتملا في العراق وسوريا

الاثنين 8 يونيو 2015 05:06 ص

في الوقت الذي يصر فيه الرئيس «باراك أوباما» على إنزال قوات برية أمريكية على الأرض في العراق، فإن المخططين الاستراتيجيين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يتدافعون لتقييم ما إذا كان هناك أي خطة قابلة للحياة والتنفيذ لا تزال متاحة أمام الولايات المتحدة. وأدى تقييم دقيق ومستمر من الدولة السياسية والعسكرية الراهنة في العراق منذ استيلاء تنظيم «الدولة الإسلامية» على الرمادي الشهر الماضي إلى عدد من الاستنتاجات.

أولا: تلقت قوات الجيش العراقي المتمركزة في الرمادي أمرا بالانسحاب من المدينة من قبل القادة السياسيين في بغداد، على الرغم من حقيقة أنها تفوق كثيرا قوات «الدولة الإسلامية» المهاجمة. وعندما أطلق وزير الدفاع الأمريكي «أشتون كارتر» تصريحاته المثيرة للجدل في مقابلة تلفزيونية بعد سقوط الرمادي ذكر فيها أنه يشك في «إرادة القتال» لدى العراقيين، فإنه كان يشير إلى القيادة السياسية في بغداد، وكذلك بعض القادة العسكريين من الجيش العراقي في هذا المجال.

هذا هو السبب وراء دعوة نائب الرئيس الأمريكي «جو بايدن» رئيس الوزراء «حيدر العبادي» ليؤكد له شخصيا أن «كارتر» لم يكن يتحدث لإدارة «أوباما». وتم توجيه رسالة «كارتر» إلى «العبادي» وقيادة حزب الدعوة المدعوم من إيران الذي يضم رئيس الوزراء السابق «نوري المالكي». وكان «كارتر» مصرا على تقديم الرسالة بشكل صريح وقاطع، على الرغم من الجهود التجميلية لنفي ذلك خلال مكالمة لاحقة.

ثانيا: لا تريد إيران للعراق جيشا مهنيا قويا، وفضلت بدلا من ذلك الاعتماد على الميليشيات الشيعية كقوة دفاع أكثر قوة، وموثوق بها ضد «الدولة الإسلامية» وغيرها من التهديدات الأمنية. هذا النموذج، الذي تم استخدامه لأول مرة في لبنان، يظهر مجددًا في الوقت الحالي في سوريا، حيث لا يزال حزب الله قوة أمنية مهيمنة، وأيضا الجيش اللبناني النظامي ضعيف.

وقد أكدت المخابرات الأمريكية في تقارير حديثة لها أن 100 من الدبلوماسيين الروس الذين كانوا في الواقع ضباط جيش ومخابرات وكانوا يعملون مع الاستخبارات العسكرية السورية، قد تمت دعوتهم إلى العودة لبلادهم، لأن حزب الله وأفراد الحرس الثوري الإيراني يسيطرون على وظائف الاستخبارات العسكرية في سوريا. وفي الأسابيع الأخيرة، ظهرت روايات في الصحافة الإقليمية تشير إلى أن العديد من مسؤولي الاستخبارات العسكرية السورية رفيعي المستوى، جميعهم من البعثيين السنة، وضعوا تحت الإقامة الجبرية، أو قتلوا في عمليات تفجيرية أو فروا إلى تركيا.

وخلال محادثاته مع وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» والرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في سوتشي بروسيا خلال الشهر الماضي، ناقش «جون كيري» وزير الخارجية الأمريكي الوضع في سوريا وما يتعلق بها بشكل مستفيض، وأوصلت له روسيا أن «نظام الاستخبارات العسكرية التابع للأسد تديره إيران بشكل كامل في الوقت الراهن». واعترف الروس صراحة أن وضعهم الخاص مع نظام دمشق قد تراجع بنسبة نظرا لتزايد نفوذ الإيرانيين.

ثالثا: فشل رئيس الوزراء «العبادي» حتى الآن في الوفاء بأي من الوعود التي تعهد بها إلى واشنطن، والتي تتضمن تقديم الأسلحة إلى القبائل والعشائر السنية، لا سيما في محافظة الأنبار. كما تراجعت وعود تركيا بتوفير الأسلحة لقوات البيشمركة الكردية أيضا.

لكن «العبادي» فشل في الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه شخصيا إلى إدارة «أوباما» قبل شهر واحد، والذي تضمن تقديم السلاح إلى القبائل والعشائر السنية وهو ما أثار غضب وزارة الدفاع الأمريكية بشكل خاص، ودفعها إلى إعادة التفكير في جدوى سياسة الرئيس «أوباما».

ومنذ البداية، أخبر الرئيس «أوباما» الجنرال «مارتن ديمبسي» رئيس هيئة الأركان المشتركة أنه لن يكون هناك قوات أمريكية كبيرة على الأرض طالما كان هو الرئيس، وأن التدخل الأمريكي سيقتصر على الدعم الجوي وبرامج التدريب والتجهيز. وأوضح «ديمبسي» أنه بموجب هذه القيود، فإن الحرب ضد «الدولة الإسلامية» ستكون حربا طويلة، وسوف تستمر بشكل جيد بعد أن يغادر «أوباما» منصبه. لقد كان المفتاح إلى الاستراتيجية هو الاعتقاد بأن العراق سوف يظل موحدا كبلد له سيادته، وأن قوات «الدولة الإسلامية» ستتوقف في مكاسبها الإقليمية، وبمرور الوقت، سيتم محاصرتها في المنطقة الواقعة على طول الحدود العراقية السورية.

ويمكن القول أنه في الوقت الحالي تحطمت إلى حد كبير تلك الافتراضات الأساسية. بعض الخبراء الاستراتيجيين في البنتاجون يجادلون بأن الولايات المتحدة يجب أن تقدم مباشرة السلاح للقبائل السنية والمليشيات والأكراد وتتجاوز بغداد. وفي الواقع، فإن فعل الولايات المتحدة لمثل ذلك سيكون بمثابة اعتراف بتقسيم العراق.

وحتى برنامج التدريب والتسليح يخضع هو الآخر لعملية إعادة تقييم. واعترف رئيس أركان الجيش الجنرال «ريموند أوديرنو» الأسبوع الماضي أنه يفكر جديا في مقترحات تقضي بتضمين مستشارين أمريكيين في وحدات قتالية من الجيش العراقي على الجبهة، لتقييم أداء قادة الوحدات وصقل الاحتياجات التدريبية. وفي الواقع؛ فإن الخطة قد تتجاوز بغداد مرة أخرى، عن طريق إدراج مستشارين أمريكيين داخل الجيش العراقي لـ«تدريبهم من الداخل».

وخلص محللو البنتاغون، ولا سيما في مقرات القيادة المركزية تامبا في فلوريدا، إلى أن تدفق المعلومات من المخابرات العراقية على أرض الواقع معيب، وعلاوة على ذلك، لا يمكن الوثوق به لفترة أطول. وتدرس وزارة الدفاع الأمريكية خيارات لبناء فرق مخابرات موازية تديرها الولايات المتحدة على أرض الواقع، للتحقق بشكل مستقل من معلومات الاستخبارات القادمة من الحكومة العراقية، وبناء مصادر مباشرة. ما يقدر بنحو 75% من مهمات القصف الأمريكي ضد «الدولة الإسلامية» تعود دون أن تسقط قنابل بسبب عدم دقة الاستخبارات على أرض الواقع.

خطوة واحدة اتخذها الرئيس «أوباما» لجلب المتقاعد الجنرال «ديفيد باتريوس» مجددا كمستشار لمجلس الأمن القومي. وذهب «باتريوس» إلى إقليم كردستان، وتم تجديد الاتصالات مع زعماء العشائر السنية الذين كان يعملون خلال فترة صحوة الأنبار. وظل «باتريوس» في هذا المنصب لأكثر من شهر، ولكنه لم يخرج حتى 1 يونيو/حزيران للتعليق على العراق، وكان التعليق الذي أدلى به متناقضا مع وزير الدفاع «كارتر»، وقد قال لـ«بي بي سي»: «خلال فترة طفرة العمل في العراق وبعد سنوات ما بعد تلك الطفرة، حاربت القوات العراقية من أجل بلادها، ومات منهم كثر لأجل بلادهم، أعلى بكثير مما فعلت الولايات المتحدة وقوات التحالف. ونحن نعلم أنهم قادرون على القتال ويمكنهم العمل».

لقد هزت التطورات على أرض الواقع في كل من العراق وسوريا واشنطن. هناك تقديرات وتقييمات متعددة، ولكن حتى الآن لا يوجد نهج واحد أو تنسيق بين الطرق المختلفة.

  كلمات مفتاحية

العراق البتاجون أشتون كارتر حيدر العبادي الدولة الإسلامية

«ذي إيكونوميست»: الجيش العراقي ... وداعا للسلاح

قائد سلاح الجو الأمريكي يشكك في إحصائية «البنتاغون» حول عدد قتلي «الدولة الإسلامية»

«ستراتفور»: ذكريات الجيش الأمريكي في الرمادي

«البنتاغون» يعد بمساعدة القوات العراقية في استرجاع الرمادي من تنظيم «الدولة الإسلامية»

مسؤولون أمريكيون: البنتاجون يبدأ تدريب المعارضة السورية في تركيا والأردن

الجيش العراقي وحلفاؤه في «الحشد الشعبي» يبدأون عملية عسكرية واسعة في تكريت

معارك سوريا.. المشهد الميداني ودلالاته السياسية

«فورين بوليسي»: افتراضات أمريكية خاطئة واستراتيجية شارفت على الشلل في العراق

حساب جهادي: الإمارات تمول خلايا لاغتيال رموز بثورة سوريا

«ميدل إيست بريفينج»: هل ما زال في الإمكان تفادي تقسيم العراق وسوريا؟

الفيدرالية والأقاليم في العراق .. معنى ومبنى

مع إدارة «ترامب» .. مرحلة جديدة من الصراع الأمريكي الإيراني على كعكة العراق