دول الخليج تبحث عن استراتيجية موحدة للتعامل مع الإعلام الجديد

الأحد 14 يونيو 2015 10:06 ص

أصبح الإعلام الجديد بكل وسائله وآلياته جزءا لا يتجزأ من منظومة تشكيل وعي المواطن الخليجي، مثله مثل أي إنسان على وجه البسيطة يتعرض لمخرجات هذا الإعلام ليل نهار ويتفاعل معها ويتأثر بها ويؤثر فيها أحياناً. وتضييق الحكومات الخليجية على محركات الوعي بوسائل التواصل الاجتماعي وهي إحدى أهم منصات الإعلام الجديد ، ولا تبدي تفاعلا  مع آراء ومناقشات مواطنيها في مختلف القضايا، رغم ما تمثله من أهمية قد ترقى لاعتبارها برلمان غير رسمي ينقل نبض الجماهير .

ومن هنا دعا إعلاميون وكتاب صحافيون من دول مجلس التعاون الخليجي المسؤولين والقيادات في الحكومات والدول الخليجية إلى ضرورة التواصل مع شريحة عريضة من المغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدلا من الاكتفاء بمحاولة تقييد تلك المواقع، أو التشكيك في مصداقية أخبارها، أو إنشاء ميليشيات إلكترونية بأسماء وهمية لمحاربة الآراء المختلفة، لاسيما أن استطلاعات الرأي تبين توجه مواطني مجلس التعاون الخليجي لمواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم الشخصية وقناعاتهم، في مواجهة وسائل إعلام تقليدية تحتاج الكثير والكثير لتطوير نفسها لمواكبة جيل الإعلام الجديد.

وحذر المشاركون في ندوة حول «الإعلام الإلكتروني وكيفية الاستفادة القصوى منه لدول مجلس التعاون»، بمناسبة الملتقى الإعلامي الخليجي الثالث المصاحب لاجتماع وزراء إعلام دول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد منذ أيام في العاصمة القطرية الدوحة، إلى خطورة عدم دقة بعض الأخبار والمعلومات التي تنشر بمواقع التواصل الاجتماعي، وافتقادها للصحة، بداعي السرعة في نشر الخبر، أو بذريعة «كما بلغني»، داعين إلى إصدار ميثاق شرف اجتماعي وترويجه بين وسائل الإعلام الاجتماعي، درءا للإشاعات، وصناعة السخافات والأفكار الشاذة، بدل الاكتفاء بإصدار ميثاق أخلاقيات المهنة.

المتحدثون في الندوة دعوا أيضاً إلى صد الهجمات الإعلامية التي تستهدف الدول الخليجية، والتي تقف خلفها دول وجهات غربية، تتخفى خلف ستار استطلاعات الآراء الموجهة لأغراض سلبية، من قبيل تركيز بعض المواقع الإلكترونية الغربية على مونديال 2022، واستئناف الهجوم على قطر، بدوافع معروفة، محذرين من أن هذه الأصوات تركز أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي عن وسائل الإعلام التقليدية؛ لإدراكها بقدرتها على الاختراق والتأثير على المجتمعات.

استراتيجية خليجية إعلامية

«سلمان صباح الحمود الصباح» وزير الإعلام الكويتي قال في مداخلته إن محاربة الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي لن يكون إلا من خلال استراتيجية خليجية إعلامية واضحة المعالم وسريعة التنفيذ ، مطالبا بتسخير الإمكانيات الرسمية والخاصة في حملات سريعة لصد هذه المواقع خاصة أنها مواقع تتميز في قدرتها على بعض الأجهزة والأنظمة الرسمية والخاصة .

وحذر وزير الإعلام الكويتي من أن هناك هجوما على الخليج من خلال الإعلام الإلكتروني، متسائلا عن كيفية التعامل مع هذا الهجوم، والبدائل التي يمكن إيجادها لذلك، ودعا إلى شراكة بين الإعلام الحكومي والإعلام المهني المتخصص لتثقيف الكم الهائل من الاستخدامات لوسائط التواصل الاجتماعي بهدف تثقيف المجتمع.

«خالد بن سالم الغساني» الأمين العام المساعد للشؤون الثقافية والإعلامية في الأمانة العامة لدولة مجلس التعاون الخليجي دعا بدوره إلى ضرورة إيجاد أطر تشريعية تحكم وتنظم عملية الاستخدام لهذه الوسائل، وتكفل حرية التعبير دون المساس بأمن المجتمع.

جابر المري مشرف المحليات والتحقيقات بصحيفة «العرب» القطرية قال من جانبه إن: «الإعلام الجديد قد يخدمنا في دول التعاون في أمور كثيرة مثل توعية المجتمع، والتفاعل بإيجابية مع بعض المتابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي في كل المواقف، لكنه في الوقت نفسه، أكد على ضرورة الانتباه إلى أن التغريد بسرعة ولو بمعلومات غير دقيقة، قد يسيء للأمن الفكري والسياسي والثقافي، والتراجع عن تلك التغريدات لن يجبر الخلل، لأن المتلقي قد لا ينتبه لاحقا للتعديل والتصحيح».

وفي هذا السياق، دعا «المري» إلى ضرورة صد الهجمات الإعلامية الآتية من الغرب وبعض استطلاعات الآراء الموجهة لأغراض سلبية، من قبيل تركيز بعض المواقع الإلكترونية الغربية على مونديال 2022، واستئناف الهجوم على قطر بدوافع معروفة، وكيف أن هذه الأصوات تركز أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي من وسائل الإعلام التقليدية، لإدراكها بقدرتها على الاختراق والتأثير على المجتمعات، داعيا قادة الرأي إلى أن تعي أهداف هذه الهجمة، مستشهدا بالهجوم البريطاني على مونديال قطر، كمثال للحملة الموجهة، قبل أن يعلنوا لاحقا استعدادهم لاستضافة المونديال في حال سحبه من قطر.

حملات إلكترونية

وكان بعض الصحف البريطانية، منها صحيفتي «صنداي تايمز» و«الديلي تلغراف» ومواقعها الإلكترونية قد شنت حملة إعلامية على دولة قطر بتوجيه اتهامات لاستضافتها مونديال 2022، وأشارت الصحيفتان إلى دفع رئيس الاتحاد الآسيوي السابق لكرة القدم القطري «محمد بن همام» رشى من أجل تأمين الدعم لترشيح بلاده.

ورفضت قطر بدورها الاتهامات الموجهة إليها جملة وتفصيلا، واعتبرتها مزاعم وافتراءات ونفت وجود أية «شائبة» في حصولها على استضافة مونديال 2022، مؤكدة حرص اللجنة القطرية المنظمة للمونديال على الالتزام بأعلى درجات النزاهة والمعايير المهنية أثناء خوضها منافسات نيل شرف الاستضافة.

وقال الدكتور «زكريا المحرمي»، كاتب وباحث من سلطنة عمان،  بخصوص توجه الدول الخليجية إلى تويتر أكثر من الدول العربية الأخرى، إن تقريرا نشر من مركز مواقع التواصل الاجتماعي من حكومي دبي في مايو/أيار 2014 بيّن أن هناك 81 مليون مستخدم لموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، و5.8 مليون مغرد عبر تويتر، منهم 2.4 في السعودية لوحدها، مما يتطلب بحسب مراقبون أن تعالج حكومات الخليج مايصدر من سلبيات عن سياساتها تجاه شعوبها من جهة والعالم من حولها من جهة أخرى ، ولن يحدث ذلك إلا إذا كان هناك آلية مؤسسية لمشاركة حقيقية من مختلف شرائح المجتمع في صياغة وصناعة ومراقبة ومحاسبة متخذ القرار الخليجي .  

ومن النماذج التي يمكن رصدها وتعكس الهجوم الإلكتروني الذي تتعرض له دول الخليج أنه بعد فترة تطبيع علاقات قصيرة خلال النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، جاءت عقب اتفاقات أوسلو وفي أجواء خلافات عربية، ومثّل التقارب مع الولايات المتحدة هدفها الرئيس، تطوَّر موقف عدائي إسرائيلي من قطر في العقد الأخير، وظهر ذلك في الإعلام الإسرائيلي التقليدي والجديد ضد قطر بهدف شيطنتها ومحاولة عزلها إقليميًا ودوليًا في مسعى للتأثير فيها لتغيير سياساتها.

وفي سياق الاستراتيجية الإسرائيلية الهادفة لشيطنة قطر، عقدت «هيئة الإعلام الوطنية» الإسرائيلية التابعة لديوان رئيس الحكومة اجتماعًا موسعًا في بداية أيلول / سبتمبر 2014، وشارك فيه عشرات المنظمات والهيئات الإسرائيلية غير الحكومية المختصة بالدعاية والإعلام، من أجل تنظيم حملة إعلامية سياسية مشتركة ضد قطر وتركيا؛ بغرض تشويه سمعتهما والإساءة إلى علاقاتهما مع الدول الغربية لاسيما مع الولايات المتحدة واتهامها بدعم «داعش»، وقد أصدرت «هيئة الإعلام الوطنية» تعليماتٍ وتوجيهاتٍ للمنظمات والمؤسسات التي شاركت في هذا الاجتماع بشأن كيفية مهاجمة هذين البلدين، وبشأن القضايا التي ينبغي التركيز عليها وإبرازها.

وردأ على محاولة بعض المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية تصوير السعودية على أنها دولة تمارس الانتهاكات بصورة مستمرة ضد المرأة، شن عدد من المغردين السعوديين هجومًا حادًّا على أحد الحسابات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بعد نشره صورة منتقبة مصابة بكدمة في إحدى عينيها، متبوعة بتغريدة بالإنجليزية تقول: «حملة في السعودية لوقف العنف ضد المرأة».

وقال «خالد» في تعليقه على التغريدة التي نشرت على حساب «Pics with a story»:  «أوقفوا العنف في بلادكم أولا، ثم بعد ذلك تكلموا عن العنف في بلادنا، من فضلك فكر في بلدك أولا».

من جانبه، استنكر «وليد الدغيتر» تصرف ناشر الصورة، لافتًا إلى أن ما يحاول ادعاءه أمر غير صحيح، قائلا: «ما تقولونه غير صحيح، فنحن نعامل المرأة كالملكات المتوجات، ونساندهن بكل الطرق الممكنة».

  كلمات مفتاحية

دول الخليج الإعلام الجديد مونديال قطر

«كبار العلماء»: يجب الحزم والقوة في مواجهة محرضي مواقع التواصل الاجتماعي

الإمارات: السجن 10 سنوات لمن ينشر الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي

«هيئة الاتصالات السعودية» تطلب حجب 58 حسابا مزورا على مواقع التواصل الاجتماعى

دراسة: 5% من الشباب السعودي يستخدمون «الإعلام الجديد» أكثر من 15 ساعة يوميا