20 عاما على اعتلاء محمد السادس عرش المغرب.. الفوارق عميقة

الأحد 28 يوليو 2019 11:25 ص

يحتفل المغرب، الثلاثاء المقبل، بالذكرى العشرين، لجلوس ملكه "محمد السادس"، على العرش.

ويعتبر "عيد العرش" في المغرب، مناسبة وطنية، يحتفل بها ابتداء من 30 يوليو/تموز من كل سنة، يتخللها عدة احتفالات رسمية وشعبية، وهي ذكرى تربع الملك على العرش وبيعته الرسمية.

وبويع الملك "محمد السادس بن الحسن" في 23 يوليو/تموز 1999، وأعلن ملكا رسميا في 30 يوليو/تموز من العام ذاته.

ولهذه المناسبة عدة مظاهر، تغطى عبر التلفاز العمومي كأنشطة رسمية وتقاليد عريقة تخليدا لهذه المناسبة المجيدة.

"الله إبارك فعمركم نعم سيدي" (بارك الله في عمركم سيدي).. هكذا يُردد المسؤولون أمام الملك، تعبيراً عن بيعتهم وولائهم له، يتقدم هو نحو الأمام ليمر على كل جهة، واحدة تلو الأخرى، وحينما ينهي ممثلو البلد كله بيعتهم، يلقي الحاجب دعاءه الشهير: "الله إرضي عليكم قال لكم سيدي" (قال لكم سيدي فليرض الله عنكم).

وتتزين المدن المغربية في عيد العرش بالأعلام الوطنية، وتنشر الصحف المحلية تقارير عن حصيلة المنجزات.

كما يشهد هذا اليوم، خطاب للملك إلى الأمة، عبر التلفزيون الرسمي، يعطي جرد للأحداث والمشاريع المنجزة.

وأيضا يتخلل هذا الخطاب عدة أوامر ملكية ورؤيته للمستقبل والسياسة الخارجية للمملكة.

وحسب الدستور المغرب لسنة 2011 في فصله (52): "للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان، وبهذا يكون خطاب العرش ملزم للأمة وللسلطات".

ملك الفقراء

وتحدث الملك "محمد السادس"، في أولى خطبه بعد تسلمه العرش في 1999، خلفا لوالده الراحل "الحسن الثاني"، عن البطالة والفقر والفوارق الاجتماعية، على أنها من المعضلات الرئيسية في المغرب.

وأطلق عليه اسم "ملك الفقراء" في بداية عهده، إذ كان يجسد تطلعات وآمال فئات واسعة من المغاربة بالتغلب على هذه المعضلات.

وإذا كانت قيمة الثروة الإجمالية للمغرب "تجاوزت الضعف ما بين 1999 و2013"، حسب دراسة رسمية نشرت أواخر 2016، فإن المغرب لا يزال يواجه "العديد من التحديات التي يتعين رفعها، لا سيما ما يتعلق بالبطالة في صفوف الشباب، والفوارق الاجتماعية والجهوية"، حسب الدراسة التي أنجزت بتعليمات من الملك.

وشهدت الأسابيع الماضية، أيضا صدور تقارير تنبه إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وتردي الأوضاع الاجتماعية، محذرة من تداعيات البطالة المتفشية في صفوف الشباب.

فوارق اجتماعية

المستشار الملكي "عمر عزيمان"، يؤكد أن "ثمار التنمية التي تحققت خلال العشرين سنة الماضية لم يستفد منها الجميع، هناك شعور بالسخط. لا نستطيع خلق فرص عمل لشبابنا، ولا تزال لدينا مناطق مهمشة".

ويوضح مستشار العاهل المغربي، في ظهور إعلامي نادر، أن "تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية"، هو أولى أولويات المغرب حاليا.

ويضيف: "إنه ورش ضخم يتطلب نموذجا جديدا للتنمية أكثر حرصا على تحقيق العدالة الاجتماعية"، حسب "فرانس برس".

وكان العاهل المغربي دعا في خطاب ألقاه في أكتوبر/تشرين الأول 2017، إلى صياغة نموذج تنموي جديد، لم تظهر معالمه بعد.

وشهدت مناطق مغربية مختلفة حركات احتجاجية في السنوات الماضية، وكان من أبرزها في الفترة الأخيرة الحركتان الاحتجاجيتان اللتان هزتا منطقة الريف (شمال) ومدينة جرادة (شرق) في 2017 و2018.

كما ظهر في ربيع 2018، أسلوب احتجاجي غير مسبوق في المغرب، تمثل في مقاطعة منتجات 3 شركات تستحوذ على حصة الأسد في أسواق المحروقات والحليب والمياه المعدنية، رفضا لغلاء الأسعار.

ولقيت الحملة التي أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، من دون أن يتبناها أحد، تجاوبا واسعا.

وتلى الاحتجاجات التي شهدها الريف وجرادة الإعلان عن مشاريع تنموية في المنطقتين، لكن التحرك الاحتجاجي انتهى أيضا باعتقالات وصدور أحكام قاسية طالت مئات الأشخاص، بحسب تقارير منظمات حقوقية.

حقوق الإنسان

وتلى الاحتجاجات التي شهدها الريف وجرادة الإعلان عن مشاريع تنموية في المنطقتين، لكن التحرك الاحتجاجي انتهى أيضا باعتقالات وصدور أحكام قاسية طالت مئات الأشخاص، بحسب تقارير منظمات حقوقية.

واستفاد حتى الآن نحو 250 معتقلا على خلفية تلك الملاحقات من عفو ملكي.

ورأت منظمات حقوقية محلية ودولية في تلك الملاحقات "تراجعا" عن المكتسبات التي تحققت على صعيد حماية حقوق الإنسان، خصوصا الآمال التي حملها تبني دستور جديد عام 2011 نص على حماية الحريات.

وجاء تبني هذا الدستور في سياق تظاهرات حركة 20 فبراير/شباط، النسخة المغربية للربيع العربي، ضد ما وصف بـ"الفساد" والاستبداد".

واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تقرير عرض مطلع يوليو/تموز الجاري، أن السنة الماضية، "عرفت ترديا كبيرا نتيجة المقاربة القمعية التي تعاملت بها الدولة مع التنظيمات السياسية.. ونشطاء الحراك الاجتماعي".

في المقابل، أكد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان "مصطفى الرميد"، أن "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تم القطع معها، وأصبحت بالنسبة للمغرب من الماضي".

وسجل في تقرير عرضه منتصف الشهر الجاري، حول الفترة ما بين 2012 و2018، "حالات معزولة ما زالت تطرح تحديات على مستوى ضمان فعالية منظومة الحماية الوطنية".

انتقال الملك

وكانت تظاهرات "حركة 20 فبراير" جددت التأكيد على مطلب الانتقال نحو ملكية برلمانية على النمط الأوروبي.

فقبل سنوات، وفي بداية عهد الملك "محمد السادس"، علّقت آمال على أن تؤسس تجربة "التناوب التوافقي"، أي الحكومة التي قادها بين 1998 و2002 حزب المعارضة الرئيسي آنذاك، لانتقال ديموقراطي يعيَّن فيه رئيس الحكومة من الحزب الأول في البرلمان.

لكن ذلك لم يتحقق الى أن جاءت تظاهرات 20 فبراير/شباط، فتجددت المطالبة به تحت عنوان "الملكية البرلمانية".

ويرى المؤرخ "المعطي منجب"، أن المغرب "لم يشهد تحولا نحو الدمقرطة، وإنما فقط فترة انفتاح أثناء مرحلة انتقال الملك في بداية عهد محمد السادس، وكان الهدف في النهاية تأكيد نظام ملكية تنفيذية".

ويعتبر أستاذ العلوم السياسية "محمد الطوزي"، من جهته أن "أي مسار إصلاحي لا يمكن أن يسير في خط مستقيم، ولا بد أن يتأرجح بين التقدم والتراجع"، مشددا على "نجاح المغرب في الحفاظ على استقراره"، في محيط إقليمي تهزه التحولات السياسية.

ويشير "الطوزي"، الذي شارك في لجنة مراجعة الدستور عام 2011، إلى مؤشرات تدل على أن ثمة "تغييرات هامة حصلت".

وتتمثل هذه التغييرات في أعمال هيئة الإنصاف والمصالحة لطي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتبني قانون أسرة يعزز حقوق النساء في 2004، فضلا عن دستور 2011، ووجود هيئات رقابة مثل المجلس الأعلى للحسابات.

غضب شبابي

وعلى الرغم من هذه المؤشرات، لا يبدو الشباب المغربي إجمالا مطمئنا للمستقبل، ويفكر 7 من كل 10 شبان مغاربة في الهجرة، حسب نتائج دراسة نشرت مؤخرا لمؤشر "البارومتر العربي".

كما خلصت الدراسة إلى أن المغرب منقسم بين "جيل قديم أكثر ثقة، وآخر شاب أكثر تشاؤما".

ويرفض كثير من الشباب المغربي، طقوس "عيد العرش"، ويعتبرونها "مهينة"، غير أن الملكية ما زالت متشبثة بها، رغم أنها راجعت بعض الأمور، مثل تقبيل يد الملك الذي لم يعد إجبارياً كما كان في عهد "الحسن الثاني".

ويعتقد الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري "عبدالرحيم العلام"، أن الملكية بدأت تعي فعلاً أنه من الصعب التوفيق بين الأمرين، وقد قامت بتقليل المظاهر، حيث يُلاحظ أن عيد العرش، وهو عيد وطني في المغرب يُحتفل به في الذكرى السنوية لجلوس الملك على عرشه، لم يعد بنفس الصخب الذي كان به من قبل.

لكن "منجب"، رغم تحذيره من استمرار تلك الطقوس، إلا أنه يقول إن الملكية المغربية عرفها عنها أنها تتطور مع المجتمع، "فإذا تطور هو بما فيه الكفاية، فإنها ستحاول التطبيع مع المجتمع والحداثة حتى يمكنها الحفاظ على دورها داخله".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

لماذا غاب الملك «سلمان» عن «عيد العرش» في المغرب؟

20 عاما من حكم محمد السادس بعيون مستشاريه

محمد السادس يقر بفشل النموذج التنموي للمغرب ويدعو لتعديل وزاري

المغرب.. عفو ملكي يشمل معتقلين بحراك الريف

ملك المغرب يؤجل احتفالات ذكرى اعتلائه العرش لأجل غير مسمى