كابوس التسليم للصين.. الإيغور في مصر يخشون مصيرهم

الأحد 18 أغسطس 2019 10:35 ص

"بالنسبة للإيغور، إنه لكابوس أن يقوم أخوك المسلم بالسماح لمسؤولين صينيين باستجوابك.. لقد فقدوا إيمانهم.. وأصبحنا نخشى الحياة في المهجر".. بهذه الكلمات تحدث طالب إيغوري، متذكرا ما جرى له قبل عامين في مصر.

"عبدالملك عبدالعزيز"، وهو أحد الطلاب الإيغور في مصر، روى ما جرى له خلال توقيفه لدى الشرطة المصرية، في يوليو/تموز 2017، تفاصيل خضوعه للاستجواب، وهو معصوب العينين ومقيد اليدين، على أيدي مسؤولين صينيين في القاهرة.

أوقفت الشرطة المصرية "عبدالعزيز"، في وضح النهار مع مجموعة من أصدقائه، وتم اقتيادهم إلى قسم شرطة بمدينة نصر (شرقي القاهرة)، حيث سأله المسؤولون الصينيون عما يفعله في مصر.

حملة مصرية

كان المسؤولون يتحدثون إلى الطالب باللغة الصينية، وخاطبوه باسمه الصيني لا الإيغوري.

وكشف "عبدالعزيز"، وهو اسم مستعار للطالب الإيغوري، حفاظا على حياته، توقيفه وأكثر من 90 شخصا من طلاب الإيغور (الأقلية المسلمة التي تعيش في إقليم شينجيانغ في شمال غرب الصين)، وقال: "لم يذكروا أسماءهم ولم يذكروا من هم بالضبط".

واستمرت الحملة ثلاثة أيام في الأسبوع الأول من يوليو/تموز 2017، حسب منظمات غير حكومية.

وكان "عبدالعزيز"، آنذاك طالبًا يدرس العلوم الإسلامية في جامعة الأزهر، وقال إن "رجال الشرطة المصرية قالوا (لنا) إن الحكومة الصينية تقول إنكم إرهابيون، لكننا أجبنا أننا طلاب في الأزهر فقط".

وبعد بضعة أيام من الاستجواب في قسم الشرطة، تم إرسال "عبدالعزيز"، إلى سجن طرة (جنوبي القاهرة).

وقد أطلق سراحه بعد احتجازه 90 يوما، وفر هاربا الى تركيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2017.

ولم ترد وزارة الداخلية المصرية والسفارة الصينية في القاهرة، على أسئلة حول هذا الموضوع، في وقت قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية "أحمد حافظ"، ردا على سؤال عن ترحيل الإيغور في 2017، إنه "يتم إبعاد المخالفين أولاً بأول، ومن بينهم رعايا لجمهورية الصين الشعبية، ضمن جنسيات كثيرة أخرى".

تنكيل صيني

أما "شمس الدين أحمد" (26 عاما) وهو طالب إيغوري آخر، فروى تفاصيل توقيفه في ذات الفترة.

وحسب "أحمد"، توقفت عربات سوداء لا تحمل لوحات معدنية أمام المسجد الذي كان يصلي فيه، وقام نحو 5 من رجال الشرطة بتوقيف العديد من المصلين الإيغور.

وتم نقل "أحمد" ومن معه أيضًا إلى طرة، وهو مجمع السجون الذي يضم العديد من السجناء السياسيين البارزين في مصر.

وقال: "شعرت بالخوف عندما وصلت إلى هناك.. كان الظلام شديدًا (…) وقلت لنفسي كيف سنخرج من هنا؟".

وأضاف: "كنت خائفاً من تسليمنا إلى السلطات الصينية".

وداخل السجن، حسب "أحمد"، تم تقسيم سجناء الإيغور إلى مجموعتين كبيرتين، تضم كل واحدة من 45 إلى خمسين شخصا، ثم نقلوا الى زنزانات كبيرة لمدة أسابيع.

وقبل أسبوعين من إطلاق سراحهم، تم تقسيم الإيغور وغيرهم من المسلمين الصينيين من أصل عرقي مختلف إلى ثلاث مجموعات وأُعطيت كل مجموعة لونا معينا: اللون الأحمر لمن سيتم ترحيله، والأخضر لمن سيُخلى سبيله، وأخيرا الأصفر لمن سيتم توجيه مزيد من الأسئلة له.

وقال "أحمد"، إن حراس السجن قيّدوا أيدي السجناء وعصبوا أعينهم ثم نقلوا العديد من أفراد المجموعة إلى شاحنات متجهة إلى أقسام شرطة القاهرة.

وأضاف أنه خلال 11 يوما في حبس الشرطة، استجوبه 3 مسؤولين صينيين عن والده على وجه التحديد، حيث كان يعيش في إقليم شينجيانغ، ووكيف يرسل له المال.

وكان "أحمد" في المجموعة ذات اللون الأخضر، ما يعني أنه سيتم إطلاق سراحه في النهاية، وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2017، هرب إلى اسطنبول.

وقائع مشابهة

رواياتا "عبدالعزيز" و"أحمد"، أكدهما "عبدالولي أيوب"، وهو أستاذ علم لغويات الإيغور المقيم في النرويج، حين قال إنه سمع روايات مماثلة من موقوفين آخرين.

وأضاف "أيوب"، الذي أجرى أبحاثا عن مجتمع الإيغور في مصر: "إنها الممارسة والتكتيك المطبق في معسكرات الاعتقال في الصين (…) لا أعتقد أنها صدفة".

وتابع: "السلطات الصينية تستخدم الألوان الثلاثة نفسها للإيغور المحتجزين".

وتعد الصين أحد أكبر المستثمرين الأجانب في مصر، وتضخ أموالا في مشاريع البنية التحتية الضخمة مثل إنشاء عاصمة إدارية جديدة شرق القاهرة.

وبلغ حجم التجارة بين البلدين مستوى قياسيا بقيمة 13.8 مليارات دولار العام الماضي.

وقبل ثلاثة أسابيع من الحملة الأمنية المصرية، وقعت مصر والصين مذكرة أمنية تركز على "مكافحة الإرهاب".

وفقا لمنظمات حقوقية، هناك أكثر من مليون من الإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة محتجزون في شبكة من معسكرات الاعتقال في الصين حيث يخضعون لإعادة تأهيل سياسي.

وتقول بكين إن معسكرات "مراكز التعليم" ضرورية، لمواجهة التطرف الديني.

من جانبه، كشف عالم الأنثروبولوجيا بجامعة واشنطن "دارين بايلر"، أن "محاولات مماثلة قام بها مسؤولون صينيون في تايلاند وفي أماكن أخرى"، لتسليم إيغور مغتربين.

وأضاف: "لكن الاستقلالية التي سمح بها للسلطات الصينية في مصر غير مسبوقة".

وحسب "عبدالعزيز" و"أحمد"، فهما محظوظان لأنهما وجد فرصة للنجاة، لكن مصير الإيغور الآخرين الذين طردتهم مصر يشغله.

وقال "عبدالعزيز": "مرت سنوات منذ أن سمعنا أي شيء عن الذين تم ترحيلهم وعائلاتنا (…) نحن لا نعرف شيئا".

وكانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات (غير حكومية)، قالت في يوليو/تموز 2017، إن مصادرها التي تتواصل معها، أكدت "ترحيل 12 طالبا أيغوريا للصين".

وقبل هذا الوقت بفترة، طلبت السلطات الصينية، الطلاب التركستانيين بإلغاء دراستهم بالأزهر والعودة إلى تركستان الشرقية (شينجيانغ)، وهددت من يمتنع عن العودة باعتقال ذويهم.

وحينها واجه من عاد عقوبة السجن ما بين 15 سنة إلى المؤبد، ووصل الأمر إلى الإعدام في حالات؛ بداعي "السعي إلى انفصال إقليم تركستان".

والإيغور، قومية تركية مسلمة تسكن منطقة تركستان الشرقية التي احتلتها الصين وغيرت اسمها إلى «سنغيانغ».

ويُقدّر عدد الإيغور، حسب إحصاء سنة ،2003 بنحو 8.5 مليون نسمة، يعيش 99% منهم داخل إقليم سنغيانغ، ويتوزع الباقون بين كازاخستان ومنغوليا وتركيا وأفغانستان وباكستان وألمانيا وإندونيسيا وأستراليا وتايوان والسعودية.

واللغة المستعملة لدى الإيغور هي اللغة الإيغورية التي تنحدر من اللغة التركية ويستعملون الحروف العربية في كتابتها.

ويطالب سكان تركستان الشرقية، ذات الغالبية المسلمة (شينجيانغ)، بالاستقلال عن الصين، التي ضمّت الإقليم إليها قبل (64) عاماً.

المصدر | الخليج الجديد + فرانس برس

  كلمات مفتاحية

طلاب «الإيغور» في مصر يطالبون العالم الإسلامي إغاثة معتقليهم

فيديو.. «هيومن رايتس» تطالب مصر بكشف مصير طلاب «الإيغور»

هجوم على السيسي بعد أنباء تسليم طلبة الإيغور للصين

الصين استخدمت تقنيات اختراق آيفون لاستهداف مسلمي الإيغور

عقوبات أمريكية جديدة لمسؤولين صينيين بسبب الإيغور