لماذا تدعم الإمارات أرض الصومال غير المعترف به دوليا؟

الأحد 25 أغسطس 2019 04:39 م

إقليم في شمال الصومال، اتحد بعد استقلاله مع الجنوب، ثم خاض حربا على الحكومة العسكرية تذمرا من هيمنة الجنوب، فأعلن الاستقلال، لكنه لم يحظ باعتراف المجتمع الدولي.

إنه إقليم "أرض الصومال" (صوماليالاند) الذي وجد متنفسه في الإمارات، التي أقامت به قاعدة عسكرية لتطل على خليج عدن، فضلا عن استثمارات بملايين الدولارات.

موقع استراتيجي

أعلنت أرض الصومال، المطلة على خليج عدن، الانفصال عن الصومال عقب الإطاحة بالديكتاتور "محمد سياد بري"، عام 1991.

وجاءت هذه الخطوة بعد صراع مرير بين قوات "بري"، والانفصاليين الذين خاضوا حرب عصابات في الإقليم، وهو الصراع الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف، وتدمير العديد من المدن.

ويدين سكان الإقليم بالإسلام على المذهب السني، وغالبيتهم يتبعون المذهب الشافعي ولغتهم الصومالية، وتشكل قبيلة "الإسحاق" غالبية السكان، التي يقدر عددهم بنحو 4 ملايين نسمة.

ورغم أنه لم تعترف دولة بها، إلا أن الإقليم يتمتع بنظام سياسي فعال، ومؤسسات حكومية وقوة شرطة، وعملته الخاصة، وعاصمته "هيرجيسا" وأهم مدنه "بربرة".

كما أن المنطقة التي كانت محمية بريطانية سابقاً، نجت من دوامة الفوضى والعنف التي تعصف بالصومال.

ونأت أرض الصومال بنفسها عن كل مؤتمرات المصالحة الصومالية التي جرت في الداخل والخارج، باعتبارها دولة مستقلة عن الجنوب المضطرب، لكنها أجرت محادثات ندية مع الحكومة الصومالية لم تسفر عن أية نتيجة.

ورئيس أرض الصومال الحالي، هو "موسى عبدي"، الذي يتولى منصبه منذ نوفمبر/تشرين ثاني عام 2017 خلفا لـ"أحمد سيلانيو".

وكان عبدي، وهو طيار سابق، يتولى منصب وزير الداخلية منذ تسعينيات القرن الماضي.

وتواجه أرض الصومال، تحديات عديدة، أبرزها الفشل في إقناع العالم بالاعتراف، ووجود نزاع بينها وبين إقليم "بونتلاند" المشابه لوضعيتها على محافظتي سول وسناغ التابعتين جغرافيا (حسب التقسيم الاستعماري) لأرض الصومال والمحسوبتين عشائريا على بونتلاند.

تغلغل إماراتي

ورغم أنه لا توجد دولة تعترف بأرض الصومال، إلا أن للإمارات وجود ملموس في هذه المنطقة.

ففي مارس/آذار عام 2018، أعلن "عبدي"، أن الإمارات ستدرب قوات أمن بالمنطقة، في إطار اتفاق لإنشاء قاعدة عسكرية إماراتية هناك.

وأضاف أن القاعدة ستضمن تحقيق تنمية اقتصادية وأمنية في البلاد، وستكون وسيلة ردع للجماعات المتشددة في المنطقة.

وبدأت الإمارات في عام 2017، إنشاء قاعدة على موقع بمطار مدينة "بربرة"، في الإقليم، وسمح لها بالبقاء فيها لمدة 30 عاما.

وتقع "بربرة"، على بعد أقل من 300 كيلومتر إلى الجنوب من اليمن.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، دشنت شركة موانئ دبي العالمية مشروعا بقيمة 101 مليون دولار لتوسيع ميناء "بربرة".

ويتم عبر الميناء تصدير الإبل إلى الشرق الأوسط، واستيراد الغذاء وغيره.

وقالت حينها "موانئ دبي" العالمية، إن المرحلة الأولى من التوسعة ستشمل بناء رصيف بطول 400 متر، وأيضا تطوير منطقة حرة.

وقال "عبدي": "هذا الاستثمار في بربرة، والتوسعة لهما فائدة ضخمة للبلاد ولتطوير اقتصادها".

والمرحلة الأولى جزء من اتفاق التوسعة تم توقيعه مع "موانئ دبي" العالمية، في 2016، وتبلغ قيمته الإجمالية 442 مليون دولار.

لكن إطلاق المشروع يأتي وسط معارضة من الصومال، الذي يعتبر أنه ينتهك سيادته.

ويقول مسؤولون صوماليون بارزون، إن مثل هذه الاتفاقات تجاوز على السلطة الشرعية لمقديشو.

ولجأت الإمارات للتعاون مع أرض الصومال، بعد فشلها في التوصل لاتفاق مع حكومة مقديشو المعترف بها دوليا، التي تدعمها تركيا وقطر بمساعدات واستثمارات.

القرن الأفريقي

وجاء التحرك الإماراتي إلى أرض الصومال ضمن خطة للاستثمار في الدول المطلة على خليج عدن ودول القرن الأفريقي (وتحديدا الصومال، جيبوتي، إثيوبيا، إريتريا)، هذا بجانب الصراع الدائر في اليمن لبسط النفوذ على المنطقة المحيطة بمضيق باب المندب.

ولم تكن الصومال الخيار الأول للإمارات، ففي عام 2006، دشنت الإمارات استثماراتها في المنطقة مع جيبوتي، إذ وقعت شركة "موانئ دبي"، عقد امتياز مع ميناء "دوراليه"، حصلت بموجبه على امتياز إداري واستثماري لمدة 50 عاما.

وتأسست آنذاك شركة جديدة لإدارة الميناء باسم "دي سي تي"، امتلكت الهيئة الوطنية لموانئ جيبوتي 67% منها، مقابل 33% لموانئ دبي.

لكن بدءا من عام 2012، حاولت حكومة جيبوتي مرارا تعديل الاتفاق، اعتراضا على عدة بنود، من بينها حقها في بناء موانئ أخرى، والإدارة الإماراتية للميناء رغم امتلاك جيبوتي للحصة الأكبر.

وفشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق، حتى فسخت حكومة جيبوتي العقد في فبراير/شباط 2018، بسبب "تعارضه مع المصالح الأساسية للدولة".

وهنا أدركت الإمارات ضرورة البحث عن بدائل في المنطقة، بعدما أصبح جليا سعي دول أخرى، من بينها قطر وتركيا والصين، للحلول محلها.

وجاءت هذه الخطوة، رغم المخاطر الأمنية التي تنطوي عليها هذه الاتفاقات، إلا أنها كانت الفرصة المتاحة أمام الحكومة الإماراتية للحفاظ على وجودها في خليج عدن.

وسبق أن حذر الرئيس الصومالي "محمد عبدالله فرماجو"، عددا من الدول والشركات الأجنبية، من استباحة السيادة الصومالية، وذلك بعد الكشف عن رسالة بعث بها حزب "ودجر" الصومالي المعارض إلى الإمارات، يشكرها فيها على الدعم المالي الذي تقدمه له.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قاعدة عسكرية للإمارات.. مكافأة تمويلها انتخاب رئيس «أرض الصومال»

إشادة أممية بالاتفاق على إجراء انتخابات أرض الصومال

إثيوبيا متخوفة من مساعي مصر لبناء قاعدة عسكرية بأرض الصومال

"حافة الهاوية" في أرض الصومال.. مدخل توتر جديد للقرن الأفريقي