بلومبرغ: لماذا تشتعل الاحتجاجات ضد ديكتاتور ترامب المفضل؟

الجمعة 27 سبتمبر 2019 03:54 م

بعد أن أمضى الرئيس "دونالد ترامب" نهاية الأسبوع الماضي يدافع عن حقه في سؤال الزعماء الأجانب عن الفساد - خاصة إذا كانت بلادهم تتلقى مساعدات عسكرية أمريكية كبيرة - كان بإمكان الرئيس أن يؤكد وجهة نظره في اجتماعه الإثنين مع الجنرال "عبد الفتاح السيسي."

فعلى أية حال، تعد مصر متلقيًا كبيرًا للمساعدة العسكرية الأمريكية، وتشهد حاليًا موجة من الاحتجاجات ضد الفساد، كان من ضمن حقوق "ترامب" أن يطلب من الجنرال توضيحًا، وبما أن الأمر لا يشمل شيئًا يتعلق بآل "بايدن"، فلن يكون في ذلك شئ غير لائق، ولا شئ يدعم إجراءات اتهام "ترامب" وعزله الجارية.

لكن "ترامب"، الذي أعلن في السابق أن "السيسي" "ديكتاتوره المفضل"، حاول جاهدًا كي يجنب حاكم مصر الإحراج الذي سيكون حاضرًا في اجتماعه المقبل مع الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي".

بدلاً من ذلك، أعلن أن "السيسي" كان "قائدًا عظيمًا" و "يحظى باحترام كبير"، ولكي يُحكم الأمر، تجاهل الاحتجاجات بمهارة قائلًا: "الاحتجاجات؟ لا، الجميع لديهم احتجاجات ".

ليست مجرد احتجاجات

في نظر "ترامب"، ربما لا يوجد فرق بين الاحتجاجات في مختلف المدن المصرية وبين احتجاجات نهاية الأسبوع الماضي للعمل ضد تغير المناخ في جميع أنحاء العالم، على سبيل المثال. أو ربما لا يحب أي شكل من أشكال المعارضة العلنية: فعلى أية حال؛ لقد وصف "ترامب" المظاهرات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ بأنها "أعمال شغب".

لكن المحتجين المصريين يتحدون أكثر بكثير من خراطيم المياه وهراوات الشرطة. ففي مصر في عهد "السيسي"، يمكن للمعارضة أن تحمل عواقب قاتلة. لقد وثقت جماعات حقوق الإنسان عشرات الآلاف من الانتهاكات على أيدي السلطات، بدءاً من التخويف والضرب إلى التعذيب في سجون البلاد سيئة السمعة والقتل خارج نطاق القضاء.

تذكر أيضًا أن حكومات مصر لديها تقليد طويل الأمد من الفساد. لقد كان حكامها يعتمدون تاريخيا على درجة عالية من التسامح مع الفساد الرسمي وفساد الذمم المالية بين المحكومين.

لذا، عندما يكون المصريون مستعدين للمخاطرة بحياتهم وأجسادهم للاحتجاج على الفساد، فأنت تعلم أنهم يتجاوزون أعلى الحدود. الوضع خطير للغاية بحيث لا يمكن تجاهله باعتباره "الجميع لديه احتجاجات".

في اجتماعهم في نيويورك، لم يعترض "ترامب" أيضًا على تأكيد "السيسي" بأن الاحتجاجات كانت من أعمال الإسلاميين. هذه ملاحظة مبتذلة مألوفة، استخدمها الديكتاتوريون العلمانيون في البلاد المسلمة منذ عقود، وخاصة في مصر، حيث ألقى الحكام بدءا من "جمال عبدالناصر" باللوم على جماعة الإخوان المسلمين في أي اضطراب علني.

ومنذ تولي "السيسي" السلطة عام 2013، وجه طاقة هائلة وموارد لاجتثاث أي معارضة إسلامية. ومن المفارقات أنه يتمتع بدعم السلفيين المتشددين.

هناك القليل من الأدلة على أن المحتجين لديهم أي دوافع دينية، إذ يبدو أن الاحتجاجات كانت مستلهمة في الغالب من مقاطع فيديو مناهضة للفساد نشرت على الإنترنت من قبل ممثل سابق ومقاول كان متعهدًا مع الحكومة يدعى محمد علي.

ضرورة الضغط

إن التفسير الأحسن نية لتجاهل "ترامب" المستخف للاحتجاجات المصرية هو أنه يعتبر حكم "السيسي" أمرًا حيويًا للمصالح الأمريكية، ويميل إلى إعفاء الجنرال من أسئلة الديمقراطية والفساد وحقوق الإنسان. كان هذا على أية حال موقف سلف "ترامب" في الأيام الأولى من انتفاضة الربيع العربي عام 2011، وقد تأخر الرئيس "باراك أوباما" في دعم الاحتجاجات ضد "حسني مبارك".

حتى إذا لم تتوسع الاحتجاجات الأخيرة على الفور إلى تجمعات جماهيرية مثل عام 2011، يجب على "ترامب" أن يأخذ في الاعتبار أن أعدادًا كبيرة من المصريين مستعدون لتحدي القمع الوحشي.

وقد يستمدون الشجاعة من الانتفاضات الشعبية التي أطاحت بالطغاة في الجزائر والسودان كما فعلوا من قبل، حين استمدوا الشجاعة من ثورة تونس، ليعودوا إلى الشوارع، أكثر تصميمًا من أي وقت مضى.

إذا كان بقاء "السيسي" أمرًا مهمًا لـ"ترامب"، فإن عليه أن يشير على ديكتاتوره المفضل بأن ينظف حكومته، وقد يكون عليه أن ينظر حتى في استخدام التهديد بوقف المساعدات العسكرية الأمريكية كحافز إضافي. ربما ضيع هذه الفرصة في نيويورك. لكن لحسن الحظ، يبدو أن "ترامب" لا يمانع في الحديث عن الفساد في الهاتف.

المصدر | ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ارحل ياسيسي الشعب يريد إسقاط النظام

"فورين بوليسي": مصر سئمت انتظار الليبراليين

ترامب يعلن الحرب على مسرب معلومات اتصاله برئيس أوكرانيا