ماذا وراء التواجد الاقتصادي لروسيا في محور قناة السويس؟

الاثنين 30 سبتمبر 2019 10:41 م

أعلنت بيلاروسيا، أو "روسيا البيضاء"، مؤخرا عن خطط للانضمام إلى المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس، وتعتزم "مينسك" فيما بعد إنشاء مجمع صناعي خاص بها في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس المصرية، لكن في الوقت الحالي، يكفي بيلاروسيا التعاون مع موسكو في المنطقة الصناعية الروسية، في إطار التعاون الاقتصادي بين الدولتين.

وتعد مصالح روسيا الخاصة في مصر متعددة الأبعاد، ولكن من بين أكثر الأمور إثارة للاهتمام في العامين الماضيين، دعوة الحكومة المصرية للشركات الروسية لتنفيذ مشاريع في المنطقة الاقتصادية في محور قناة السويس شرق بورسعيد.

وتبلغ مساحة المنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس 5.25 مليون متر مربع، وتتم إدارتها من قبل شركة تدعى "مركز التصدير الروسي"، وتمتد مدة العقد إلى 50 عاما، وستمكن المنطقة الصناعية الروسية المصدرين والموردين الروس من توطين منشآت التجميع والإنتاج الخاصة بهم على مقربة من الأسواق في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وجاء مشروع المنطقة الصناعية الروسية في الأصل بعد اجتماع وقع في عام 2014 بين الرئيسين "فلاديمير بوتين" و"عبدالفتاح السيسي" في سوتشي، ومنذ ذلك الحين، اتفق الجانبان على أن المستفيدين المحتملين من المنطقة الصناعية الروسية قد يشملون شركات السيارات الروسية، والشركات الروسية المصنعة لمواد البناء، وشركات النقل النهري والبحري، وكذلك الشركات المنتجة لمعدات الطاقة والأدوية.

ووفقا للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بمحور قناة السويس، ينبغي إطلاق المرحلة الأولى من المنطقة الصناعية الروسية في بداية عام 2021، وسيتم الانتهاء من المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل المشروع عام 2031، وأثناء زيارتها لموسكو في الشتاء الماضي، وقعت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية في محور قناة السويس على مذكرات النوايا الـ8 الأولى مع مركز الصادرات الروسية، علاوة على ذلك، تشجع روسيا دولا أخرى من الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، بقيادة موسكو، على المشاركة في المنطقة الصناعية، مع تعهد شريكتها الأوروبية، "بيلاروسيا"، بالفعل بالانضمام.

دبلوماسية متعددة الوجوه

ولا تعد التواجد الروسي في منطقة قناة السويس سوى أحد التواجد الروسي المتزايد في مصر الذي يشمل أيضا زيادة الصادرات الروسية إلى الأسواق المصرية وإنشاء سلاسل إنتاج مستدامة في البلاد، إضافة إلى الشراكة النووية في مشروع بناء محطة الضبعة للطاقة النووية غرب مصر، ناهيك عن تعاقد موسكو على توريد عربات قطار للسكك الحديدية الوطنية المصرية، وتنفيذ أعمال الإصلاح لشبكة السكك الحديدية في مصر بالتعاون مع شركات مجرية.

بخلاف ذلك، تقوم موسكو ببناء وتحديث العديد المنشآت الصناعية المختلفة في مصر التي كان قد تم بناؤها خلال الحقبة السوفييتية، وهناك أيضا التعاون المتامي بين البلدين في المجالات العسكرية والتقنية بما في ذلك المناقشات حول ترتيبات القواعد البحرية ومبيعات الطائرات المروحية القتالية الروسية والطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الصاروخي.

وبالنظر إلى وجود مفاوضات نشطة حول إنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الأوروبي، مع الانتهاء من الجولة الأولى من المحادثات بنجاح في يناير/كانون الثاني، تأمل روسيا أن تكون قادرة على التفاوض لتصدير منتجاتها للأسواق الأوروبية عبر مصر.

في الوقت نفسه، تعد مصر أحد المحطات النشطة في "دبلوماسية الحبوب" الروسية، حيث تعد مصر من بين المستوردين الرئيسيين للقمح الروسي، إلى جانب تركيا، وشكلت إجمالي شحنات الحبوب الروسية إلى الشرق الأوسط خلال موسم الحصاد الماضي (2018/2019) حوالي 13.9 مليون طن، بنسبة 34% من إجمالي صادرات روسيا من هذه السلعة، مقارنة بـ17.8 مليون طن أو 36% في العام (2017/2018).

نظام إقليمي جديد

ومن خلال دخولها إلى السوق المصرية، تعمل روسيا أيضا على تعزيز وصولها إلى السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا، أو ما يعرف بسوق "الكوميسا"، وهي سوق تجارة مشتركة تضم 21 دولة في القارة.

وبالمثل، تتطلع موسكو إلى إبرام صفقات تجارة حرة مع منظمات اقتصادية إقليمية أخرى، مثل مجتمع شرق إفريقيا، ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي، ولتعزيز مبادراتها تجاه القارة عبر علاقتها مع مصر، تستعد روسيا لاستضافة حدثين حاسمين في "سوتشي"، في 23 و24 أكتوبر/تشرين الأول؛ الأول هو المنتدى الاقتصادي الروسي المصري، والثاني سيكون أول قمة رفيعة المستوى بين روسيا وأفريقيا، في مايو/أيار، تحت قيادة رئيسي مصر وروسيا، ومن المتوقع أن تشارك أكثر من 40 دولة أفريقية في هذه القمة.

وعلى هذا النحو، تعد جهود روسيا لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع مصر جزءا صغيرا من استراتيجية روسية أكبر بكثير تهدف إلى بناء نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، وهي استراتيجية متعددة الأبعاد، تشمل المشاريع العسكرية والاقتصادية والمالية والصناعية، ومشروعات البنية التحتية الضخمة.

ويمثل هذا النهج الروسي في بعض النواحي عودة للسياسة السوفييتية تجاه القاهرة، وبشكل أوسع أفريقيا والشرق الأوسط، لكن مع فارق واضحـ حيث تعد موسكو اليوم أكثر مرونة بكثير مما كانت عليه خلال الحرب الباردة، وبالنظر إلى الأبعاد الأمنية الأساسية التي تحدد العلاقة الروسية المصرية، فإن دور روسيا في مصر، خاصة في محور قناة السويس، يستحق تدقيقا كبيرا.

المصدر | رضوان باري - مؤسسة جيمس تاون

  كلمات مفتاحية

المركزي المصري: التعامل الإلكتروني يوفر 5.7 مليار دولار

خطط روسية جاذبة للسفن بعيدا عن قناة السويس