لوب لوج: لماذا يجب أن يخاف السيسي من الاحتجاجات الأخيرة في مصر؟

الخميس 3 أكتوبر 2019 01:50 م

شهد الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر/أيلول احتجاجات في الشوارع في أحياء "الوراق" في الجيزة وأماكن أخرى في القاهرة، بالإضافة إلى مدن في محافظات أخرى، شارك فيها العشرات، وفي بعض الحالات هتف المئات من الناس لإسقاط الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي".

ومنذ وقت ليس ببعيد، كان من الممكن وصف الاحتجاجات الجريئة في الشوارع، التي تم حظرها منذ عام 2013، بأنها غير مسبوقة، ولكن كانت هناك سابقة قريبة، ففي يوم الجمعة السابق، 20 سبتمبر/أيلول، خرج المئات إلى الشوارع في السويس والمحلة والإسكندرية والمنصورة ودمياط، حتى في ميدان "التحرير" الشهير في القاهرة.

أسبوع حافل في مصر

لكن تظاهرات الأسبوع الأخير وضعت قوات الأمن في القاهرة في مأزق، وتم إغلاق الطرق المؤدية إلى ميدان التحرير، وأعلنت إدارة مترو الأنفاق عن أعمال صيانة مفاجئة أغلقت على أثرها على الأقل 4 محطات في وسط المدينة.

وألغت السلطات مباريات كرة القدم والحفلات الموسيقية، وعند نقاط التفتيش، على طول الشرايين الرئيسية، أوقفت الشرطة المارة بشكل تعسفي، مع التحقق من بطاقات الهوية والهواتف المحمولة بحثا عن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم.

ومع انتهاء صلاة الجمعة في منتصف النهار في مسجد الفتح بوسط القاهرة، وهي نقطة تجمع قديمة للمتظاهرين في عام 2011، وقف عشرات من رجال الشرطة يرتدون الزي الرسمي إلى جانب الأمن بملابس مدنية، "مع أقنعة وأسلحة كبيرة"، في الخارج، لضمان استمرار المصلين الخارجين في طريقهم، ومنعهم من التظاهر، وأفادت وسائل الإعلام المستقلة عن مشاهد مماثلة في الإسكندرية والسويس، ومدن أخرى كانت على ما يبدو قد شهدت قبل أسبوع احتجاجات جماعية عفوية ضد "السيسي".

وفي ليلة مظاهرات 20 سبتمبر/أيلول، لم تقم قوات الأمن بسحق الاحتجاجات في البداية، وربما كان ذلك يعكس بعض الالتباس في ظل غياب "السيسي"، الذي كان في طريقه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ولم تكن هناك تصريحات من المسؤولين، ولم يرد ذكر أي شيء في أي من وسائل الإعلام التي تهيمن عليها الدولة إلى حد كبير، وفي صباح يوم الأحد، أصدرت دائرة الإعلام الحكومية بيانا لم يشر إلى الاحتجاجات، لكنها قالت إنها "رصدت بعناية" التغطية الإعلامية الدولية وأنها "تذكّر" المراسلين "بالالتزام الصارم بقواعد السلوك المهنية"، وأنه "لا ينبغي اعتبار وسائل التواصل الاجتماعي مصادر"، بسبب "طبيعتها الفوضوية التي لا يمكن السيطرة عليها"، وقامت السلطات على الفور بحظر عدد من المواقع الإخبارية، بما في ذلك "بي بي سي العربية" و"قناة الحرة"، التي تمولها الحكومة الأمريكية.

وبحسب ما ورد، اعتقلت الشرطة عدة مئات من الأشخاص أثناء الاحتجاجات وبعدها، واحتشدت قوات الأمن في اليوم التالي، السبت، لمنع تكرار الاحتجاجات، على الرغم من اندلاع احتجاجات كبيرة في محافظة السويس.

القاهرة تحت الحصار

وخلال الأسبوع الذي تلا ذلك، كان من الواضح أن الحكومة عازمة على التأكد من عدم تكرار احتجاجات 20 سبتمبر/أيلول، حيث اعتقلت قوات الأمن أكثر من 2000 شخص، ولكن اعتبارا من 28 سبتمبر/أيلول، كان أقل من نصفهم يمثلون أمام النيابة العامة وفقا لما يقتضيه القانون.

وكان من بين المعتقلين محامون ناشطون مثل "ماهينور المصري" و"محمد صلاح عجاج"، وأساتذة مرموقون العلوم السياسية مثل "حسن نافعة" و"حازم حسني"، وأشخاص كانوا ناشطين معروفين لكنهم لم يشاركوا في هذه الاحتجاجات مثل "خالد داود".

ويبدو أن المئات تم اعتقالهم بشكل عشوائي، لكونهم على مقربة من أحد الاحتجاجات أو لوجود روابط مشتبه بها على حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي عندما فتشت الشرطة هواتفهم المحمولة عند نقاط التفتيش.

وقال النائب العام الجديد في مصر، "حمادة الصاوي"، في 26 سبتمبر/أيلول، إن النيابة استجوبت "ما لا يزيد عن 1000 شخص" حتى هذه اللحظة، لكنه لم يعط أي رقم دقيق حول أعداد المعتقلين، وقال بيانه إن النيابة ستجري تحقيقات من أجل "اتخاذ قرارات بشأن المدعى عليهم، والإفراج عن الذين وضعوا أنفسهم في مواقف مشبوهة دون اعتزامهم خرق القانون، ومعاقبة مرتكبي الجرائم".

وفي يوم الأحد، 29 سبتمبر/أيلول، اعتقلت الشرطة المعارض البارز والناشط "علاء عبدالفتاح". وقالت أسرته إن ضباط جهاز الأمن الوطني أخذوه من زنزانة مخفر الشرطة، حيث كان يقضي 12 ساعة كل ليلة كعقوبة مراقبة بعد أن قضى عقوبة بالسجن لمدة 5 أعوام في مارس/آذار لمشاركته في أعمال احتجاج.

وبالإضافة إلى إلقاء القبض على "المشتبه بهم"، والكثيرين غيرهم، جرى تحويل وسط القاهرة إلى ثكنة عسكرية تحتلها قوات الأمن، فيما قامت الحكومة برعاية تجمع كبير مؤيد لـ"السيسي" بالقرب من ميدان رابعة العدوية في شرق القاهرة، المكان الذي قتلت فيه قوات الأمن، في أغسطس/آب 2013، ما يقرب من ألف شخص احتجوا ضد الانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع آنذاك "عبدالفتاح السيسي" ضد الرئيس المنتخب "محمد مرسي".

ووفقا لموقع الأخبار المصري المستقل "مدى مصر"، فقد نقلت الحكومة المئات إلى التجمع في مقابل الحصول على وجبات مجانية، وقامت "أمينة إسماعيل"، الصحفية بوكالة "رويترز"، بتغريد صور ومقاطع فيديو لعشرات الأشخاص في حافلات صغيرة في حي بولاق أبوالعلا استعدادا لنقلهم إلى المسيرة، وأعطى المنظمون كل منهم وجبة من الكباب والأرز.

ولا تعد الوجبة المجانية، خاصة إذا شملت اللحوم، شيئا صغيرا في بلد يعيش ثلث سكانه تحت خط الفقر، وفقا لمسح رسمي تم إجراؤه مؤخرا، حيث ارتفعت نسب الفقر إلى 33% مقارنة بـ 28% قبل عامين و17% في عام 2000.

وتم إصدار التقرير في 30 يوليو/تموز، بعد أن تأخر 6 أشهر بسبب اعتراضات "الأجهزة السيادية" المصرية التي تشمل أجهزة الاستخبارات والأمن، ووفقا لمستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي نشر التقرير، فإن الزيادة كانت نتيجة لإجراءات التقشف التي فرضتها الحكومة استجابة لخطة إنقاذ صندوق النقد الدولي البالغ قيمتها 12 مليار دولار، وقالت "صباح فواز"، وهي امرأة تبلغ من العمر 58 عاما، لصحيفة "نيويورك تايمز": "ما زلت آمل أن يخرج الناس للاحتجاج"، وأضافت: "تأكل عائلتي اللحم بالكاد مرة واحدة في الشهر".

استياء واسع النطاق

واندلعت الاحتجاجات بعد أسابيع من مقاطع الفيديو المثيرة التي نشرها "محمد علي"، وهو مقاول بناء سابق يعيش في المنفى في إسبانيا، والذي انتقد مرارا وتكرارا "السيسي" وحاشيته واتهمهم بالفساد وإهدار المال على القصور الرئاسية والمشروعات عديمة الجدوى، وهي ادعاءات كان لها صدى واضح بين فقراء البلاد.

والتقى "السيسي" مع رئيس الوزراء الإسباني "بيدرو سانشيز" في 24 سبتمبر/أيلول، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ لمناقشة "تفعيل أطر التعاون المشترك على جميع المستويات"، وأعرب بعض المصريين عن قلقهم من أن المناقشة شملت قضية "محمد علي". وكان "علي" قد قال في مقطع فيديو، بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول، إن السلطات المصرية تحاول الوصول إليه، ما يدفعه إلى تغيير مكان إقامته باستمرار.

وقالت "أمينة إسماعيل"، مراسلة "رويترز"، في منشوراتها على موقع "تويتر" بتاريخ 27 سبتمبر/أيلول حول المسيرة المؤيدة لـ"السيسي" التي ترعاها الحكومة، إن الأشخاص الذين تحدثت معهم في الحافلات "بدوا جاهلين، حتى أنهم لا يعرفون إلى أين يذهبون. وظل الكثيرون منهم يسألون المنظمين والسائق عن مكان ذهابهم".

وقال الصحفي والناشط المعارض "خالد داوود"، لـ "التايمز": "هناك بالتأكيد استياء واسع النطاق، لكننا لا نعرف البديل. لن أؤيد التخلص من السيسي أو إسقاطه دون معرفة ما الذي سنحصل عليه بعد ذلك؟" لكن رأي "داوود" المعارض للاحتجاجات لم يمنع الحكومة من القبض عليه في 25 سبتمبر/أيلول، ويبدو أنهم لم يعجبهم قوله: "مهما حدث، فقد غادر القطار المحطة بالفعل. لقد كشفت الاحتجاجات النقاب عن أن االشعب صار ضد السيسي".

وأشار "محمد زارع"، رئيس معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي ظل ممنوعا من السفر لمدة 3 أعوام ونصف العام بسبب انتقاداته للسلطات، إلى أن "الاعتقالات والقسوة والإجراءات الأمنية أدت إلى تخويف الناس"، لكنه أضاف أن "حاجزا قد تم كسره يوم الجمعة الماضي (20 سبتمبر/أيلول)، ولن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل ذلك".

المصدر | جو ستورك - لوب لوج

  كلمات مفتاحية

حقوق الإنسان بمصر: فحص هواتف المواطنين يخالف القانون

مصر تخفض أسعار البنزين لتهدئة الشارع

لماذا لن يجلب حكم السيسي الاستقرار لمصر؟