بنجلاديش ودور التوازن بين عملاقي آسيا.. الصين والهند

الخميس 17 أكتوبر 2019 09:58 ص

في ضوء تطورات عديدة، تتحول بنجلاديش إلى نقطة ساخنة في المنافسة العسكرية بين الصين والهند في منطقة خليج البنجال، حسب محللين استراتيجيين.

بنظرة تحليلية في اتجاه دكا للميل نحو بناء علاقات مع كل من بكين ونيودلهي، يتبين أن بنجلاديش حافظت تاريخيً=ا على الاعتدال في سياستها الخارجية.

لكن محللين رأوا أن الاتفاق البنجالي الهندي الأخير، الذي سمح لنيودلهي بالقيام بأنشطة مراقبة على طول الساحل البنجالي، ربما يكون قد حطم هذا التوازن، وفي الوقت نفسه أثار غضب الصين.

وستنصب الهند شبكة من عشرين نظام رادار مراقبة ساحلي بموجب مذكرة تفاهم وقعها البلدان خلال زيارة رئيسة وزراء بنجلاديش "حسينة واجد" لنيودلهي أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

رسميا، تم الإعلان عن أن أنظمة الرادار ستعزز المراقبة على المجال البحري لبنجلاديش، وتمهد الطريق لاتفاقية شحن بحري، وتبادل معلومات بشأن حركة السفن التجارية غير العسكرية بين البلدين.

مع ذلك، سيكون هذا مفيدا لاحتواء الوجود المتزايد للصين في منطقة خليج البنجال، وفق تقارير بوسائل الإعلام الهندية.

وبالفعل، أنشأت الهند محطات رادار في البلدان الساحلية مثل موريشيوس وسريلانكا وجزر المالديف، وتخطط لذلك في ميانمار، لتنفيذ مشروع بتكلفة حوالي 80 مليون دولار؛ لتعزيز نظام الأمن البحري في المحيط الهندي، وهي تحركات بدأتها عام 2015.

وقال "همايون كبير"، رئيس معهد "بنجلاديش إنتربرايز"، وهو مركز أبحاث، لـ"الأناضول": "من المفهوم أن الهند لا تمنح أنظمة الرادار هذه إلى بنجلاديش بلا دافع؛ فالهدف هو مراقبة حركة الصين في خليج البنجال والمحيط الهندي".

ويُعتقد أن الصين ستطلب من بنجلاديش بالتأكيد الرد على كيفية تشغيل وصيانة أنظمة الرادار تلك.

  • خيار صعب

تُحاط بنجلاديش بالهند من 3 جهات، ولها علاقات متشعبة معها. في الوقت نفسه فإن الصين، التي خاضت حربا ضد الهند في 1962، هي المورد الرئيسي للمعدات الدفاعية للقوات المسلحة البنجالية منذ أن أقام البلدان علاقات دبلوماسية عام 1977.

والصين والهند هما أكبر المستوردين بالنسبة لبنجلاديش.

لكن عرض الصين لاستثمار ما لا يقل عن 27 مليار دولار في بنجلاديش، خلال زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينغ" لدكا في 2016، طغى على خط ائتمان الهند، الذي كانت قيمته أقل من 3 مليارات دولار آنذاك.

ومن ثم أصبح الهنود يعيرون اهتماما لقوة الصين الاقتصادية التي تظهر في بنجلاديش.

كما تراقب بكين "المقترحات حول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الهند وبنجلاديش"، وفقا لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة جهانجيرناجار في بنجلاديش "شهاب إنام خان".

وقال "خان" للأناضول: "في حين أن هذا مهم لتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، إلا أن القضية تحتاج إلى أن تتزامن مع مبادرة الحزام والطريق، التي تقودها بكين منذ أن أصبحت بنجلاديش شريكا رسميا في تلك المبادرة".

على الجبهة العسكرية، تلقت البحرية البنجالية غواصتين من الصين عام 2016؛ لتكثيف المراقبة في خليج البنجال.

وتردد أنه تم تجهيز الغواصتين بطوربيدات وألغام قادرة على مهاجمة السفن الحربية والغواصات.

وقال "همايون كبير": "كانت الهند غير راضية عن قرار بنجلاديش شراء الغواصتين الصينيتين. وأعرب الهنود عن استيائهم، على افتراض أن فنيين صينيين سيصلون إلى بنجلاديش".

وأضاف: "ربما تكون رئيسة وزراء بنجلاديش لعبت لعبة موازنة بالسماح للهند بنصب أنظمة الرادار. ربما تم اتخاذ القرار في ضوء التوازن بين العمل مع الجانبين".

وتابع: "الأمر متروك لبنجلاديش فيما يتعلق بكيفية الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع الصين والهند".

  • تنافس بين القوى العظمى

تتمتع بنجلاديش بموقع استراتيجي جغرافي بين جنوب وجنوب شرق آسيا.

وتكافح دكا في ملف استضافتها 1.1 مليون لاجئ من الروهنجيا، وهي قضية تشمل جميع القوى الإقليمية والعالمية الكبرى ذات المصالح المتنوعة.

ولا تزال الهند صامتة بشأن تلك القضية، في حين انخرطت الصين بهدوء في أخر محاولتين فاشلتين لإعادة مسلمي الروهنجيا إلى وطنهم في ولاية أراكان بميانمار.

مع ذلك، فإن الولايات المتحدة، التي تروج لاستراتيجية بحرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كانت أكثر صراحة في التعبير عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الروهنجيا (من جانب جيش ميانمار ومليشيات بوذية).

على ضوء هذا، فإن مذكرة التفاهم البنجالية حول أنظمة الرادار مع الهند قد تزيد من تعقيد المعادلة في منطقة المحيط الهندي، التي تتنافس فيها القوى الكبرى، حيث تحاول كل من الولايات المتحدة والصين والهند بجدية إقامة وضع هيمنة هناك والاحتفاظ به.

وقال "خان" إن "مذكرة التفاهم المتعلقة برادارات المراقبة الساحلية قد تثير دهشة بكين؛ فالرادارات تعتبر أصولا استراتيجية، وليست مجرد أداة مراقبة عادية".

ورأى أن بكين ربما تعتبر هذا محاولة من نيودلهي للوصاية على خليج البنجال، وقدرتها على أن تصبح أكبر دولة في العالم مرتبطة بقدرتها على بسط السيطرة في المنطقة.

ومن خلال الانضمام إلى قاطرة الأمن الهندية في خليج البنجال، ستشارك بنجلاديش في "الهدف الاستراتيجي الأكبر" لنيودلهي.

وقال "كبير" إن "بنجلاديش ربما تركز على الجانب التعاوني، لكن الهند ستؤكد على جانبها التنافسي مع الصين ودول أخرى".

وأعرب عن اقتناعه بأن بنجلاديش لديها مجال لتصبح قوة توازن، ولتبني جسرا بين أهداف الهند والصين في المنطقة.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

بنغلاديش بنجلاديش الصين الهند