حزب بوتفليقة للمرة الأولى على مقاعد المتفرجين في رئاسيات الجزائر

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 08:55 ص

للمرة الأولى منذ استقلال البلاد، يراقب حزب جبهة التحرير الوطني (حزب الرئيس السابق "عبدالعزيز بوتفليقة") سباق انتخابات الرئاسة المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول، دون أن يحرك ساكنا، ولم يقدم أو يدعم أيا من الراغبين في الترشح لحد الآن.

وإلى غاية استقالة الرئيس السابق "عبدالعزيز بوتفليقة"، في 02 أبريل/نيسان الماضي، تحت ضغط انتفاضة شعبية لقيت دعما من قيادة الجيش، كان يطلق على حزب جبهة التحرير الوطني لقب "الحزب الحاكم".

وأدخل الحزب على قانونه الأساسي في المؤتمر العاشر له في 2015، مادة جديدة نصت على جعل بوتفليقة "رئيسا فعليا" له، بعدما كان رئيسا شرفيا.

وطالب المتظاهرون الجزائريون في جمعات عديدة بإحالة الحزب على متحف، باعتباره "إرثا" وطنيا مشتركا، حيث إن جبهة التحرير الوطني، هي التي فجرت الثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954.

وحمل الكثيرون من أحزاب معارضة ومراقبين الحزب مسؤولية الوضع الذي آلت إليه البلاد خلال العقود الماضية، لكونه من صنع الرؤساء وأداتهم في الحكم.

بينما يرفض قياديون في الحزب تحميله كل النكسات، ومنذ أبريل/نيسان الماضي، صاروا يصرحون بأنه "أكبر ضحية للسلطة" وأنه "كان يُسيّر بالهاتف من قبل السعيد بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس (متواجد بالسجن العسكري)".

لم يقدم مرشحا

وعكس مساره السياسي منذ الاستقلال في 1962، لم يقدم الحزب أي مرشح هذه المرة، بعد أن كان التشكيلة السياسية التي أنجبت أغلب رؤساء الجزائر السابقين، أو وفرت لهم الغطاء السياسي لدخول السباق، باستثناء الرئيس "اليامين زروال" (1996-1999)، حيث رفض المرحوم "عبدالحميد مهري"، الأمين العام للحزب حينها دعم أي مرشح.

ولم يحدد الحزب بعد موقفه من الراغبين في الترشح، وما إذا كان سيدعم أحد هؤلاء للاستحقاق الرئاسي المفصلي الذي ينتظر البلاد.

وهذه المرة الأولى التي يكتفي فيها أعرق حزب في الجزائر، بمشاهدة المسار الانتخابي، بعدما كان فاعلا أساسيا في معظم المحطات الانتخابية منذ الاستقلال.

وقال الأمين العام بالنيابة للحزب، "علي صديقي"، في 20 أكتوبر/تشرين الثاني، أن "الحزب لن يقدم مرشحا للرئاسيات المقبلة لأن حظوظه في الفوز بها غير متوفرة".

وصرح لوسائل الإعلام المحلية خلال لقاء مع كوادر الحزب، أن "الظروف الحالية التي تمر بها البلاد جعلته مقتنعا بأنه غير مؤهل للفوز بالانتخابات، لذلك لم يقدم مرشحا".

وكان حزب جبهة التحرير الوطني، أعلن ترشح "عبدالعزيز بوتفليقة"، لولاية خامسة، في 10 فبراير/شباط الماضي، قبل أن تسقطها الانتفاضة الشعبية.

واعتبر الجزائريون العهدة الخامسة لرئيس مريض ومقعد "إمعانا في إهانتهم"، وخرجوا في مظاهرات حاشدة لإسقاطها، سرعان ما تحولت إلى المطالبة بالرحيل الكلي للنظام.

وتبرأت المنظمة الوطنية للمجاهدين (المحاربين القدامى) من الحزب، وطالبت في أغسطس/آب الماضي، بحله، وإحالته للمتحف؛ "لكونه يستغل رموز الأمة في العمل السياسي".

ويدعم حزب "بوتفليقة" انتخابات 12 ديسمبر/كانون الثاني، وعبر عن رفضه الذهاب لمرحلة انتقالية.

خيار دعم مترشح

وأمام غياب مرشح له، يدرس الحزب خيار دعم أحد الراغبين في الترشح.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن الناطق باسم الحزب، "محمد عماري"، قوله بأن "الحزب سيحدد موقفه النهائي من الانتخابات المقبلة بعد إعلان القائمة النهائية الرسمية للمترشحين".

وسيكون على جدول أعمال اجتماع المكتب السياسي، الإثنين المقبل، مقترح دعم إحدى الشخصيات المترشحة.

ومن بين المترشحين: رئيس حزب طلائع الحريات، ورئيس الحكومة الأسبق "علي بن فليس"، الذي كان أمينا عاما للحزب مطلع الألفية، والمترشح الحر الوزير الأول السابق "عبدالمجيد تبون"، الذي يشغل عضوية اللجنة المركزية للحزب.

شغور في القيادة

وعرف الحزب في الأشهر القليلة الماضية حالة من اللااستقرار على مستوى الأمانة العامة، والتي تداول عليها 3 أمناء عامون (واحد بالنيابة) منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وفي السياق، أوضح النائب عن الحزب بالبرلمان "عبدالوهاب بن زعيم"، أن عدم تقديم الحزب مرشحا للرئاسيات مرده غياب الشرعية على مستوى القيادة، قائلا: "هناك شغور في منصب الأمين العام".

ويوجد الأمين العام للحزب، "محمد جميعي"، المنتخب من قبل اللجنة المركزية، نهاية مايو/أيار الماضي، رهن الحبس المؤقت منذ أواخر سبتمبر/أيلول الماضي.

وقال "بن زعيم"، للأناضول، إن "اللجنة المركزية للحزب (أكبر هيئة قيادية في الحزب) الجهة الوحيدة المخولة باتخاذ موقف واضح من الرئاسيات بتقديم مرشح أو دعم مرشح أو رفض الخيارين في اجتماع رسمي لها".

وأفاد أن اللجنة المركزية، لم تجتمع لغاية الآن للفصل في الموضوع، "ولا يمكن لأية هيئة أخرى داخل الحزب، أن تقرر مكانها".

وأوضح أن الحزب ومنذ الاستقلال رشح شخصيتين فقط لقيادة البلاد هما: "أحمد بن بلة"، و"الشاذلي بن جديد"، بينما اكتفى بدعم مرشحين آخرين.

وينفي "بن زعيم"، أن يكون الحزب وقف متفرجا على المسار الانتخابي، "إذ وبصفتنا القوة السياسية الأولى على مستوى البرلمان، ناقشنا وصادقنا بالأغلبية الساحقة على القانونين الجديدة للانتخابات وللسلطة المستقلة للانتخابات".

في انتظار الإشارة

من جانبه، يرى المحلل السياسي "عامر رخيلة"، أن الموقف الحالي لحزب جبهة التحرير الوطني "لم يتمخض عن حوار ومشاورات بين قياداته".

وقال "رخيلة"، للأناضول: "أعتقد أن الحزب كعادته تلقى إشارات من جهات عليا بدعم التقدم بمرشح".

وتابع: "للحزب كفاءات وشخصيات ووعاء انتخابي واسع وكان بإمكانه تقديم مرشح، ولكن حالة الترابط التي تجمعه بالسلطة حالت دون ذلك".

وأفاد "رخيلة" "من الناحية البراغماتية، الوضع الحالي هو في صالح الحزب، إذا ما عرف كيف يستثمره بالشكل الذي يخلصه من التبعية الدائمة للسلطة التنفيذية".

وأضاف: "منذ 1962 ومرشح حزب جبهة التحرير الوطني، أو المرشح الذي يدعمه هو الفائز في الانتخابات، باستثناء 1991 (والانتخابات المحلية في 1990)، عندما خسر أمام الجبهة الإسلامية للإنقاذ في التشريعيات (والمحليات) وكان سيخسر الرئاسيات لو تمت".

وتوقع المتحدث أن الحزب الذي حكم البلاد من الاستقلال، سيدعم المترشح الذي "يتلقى بشأنه إشارات فوقية بأنه الأصلح للمرحلة".

والسبت الماضي، أعلنت السلطة المستقلة للانتخابات، قبول ملفات 5 مترشحين لسباق الرئاسة المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، من بين 22 شخصية أودعوا ملفاتهم لديها.

والخمسة المقبول ترشحهم هم: رئيسا الوزراء السابقان "علي بن فليس" (الأمين العام لحزب طلائع الحريات)، و"عبدالمجيد تبون" (مستقل)، و"عبدالعزيز بلعيد" (رئيس جبهة المستقبل)، و"عزالدين ميهوبي"، الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي (حزب "أحمد أويحيى"، رئيس الوزراء السابق المسجون في قضايا فساد) و"عبدالقادر بن قرينة" رئيس حركة البناء الوطني (إسلامي).

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

سعيد بوتفليقة عبدالعزيز بوتفليقة انتخابات الرئاسة الجزائرية

الجزائر: قبول ملفات 5 مترشحين للرئاسة من بين 23 قدموا أوراقهم

الجزائريون يتظاهرون رفضا للانتخابات ويطالبون باستقلال جديد

الجزائر.. قايد صالح يتهم "العصابة" بضرب الثقة بين الجيش والشعب

انتخابات الجزائر.. منافسة مفتوحة بين 5 من أبناء النظام

حزب بوتفليقة يتصدر نتائج انتخابات تجديد مجلس الأمة