حراك العراق.. دوافع داخلية أم تدخلات خارجية؟

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 12:15 م

يتسابق السياسيون العراقيون في إلقاء اللوم على بعضهم، بخصوص الأسباب التي دفعت العراقيين لإطلاق الاحتجاجات الغاضبة التي تتصاعد وتيرتها بمرور الوقت.

وبدأ سقف مطالب المتظاهرين بالارتفاع، فبينما كان في بدايته يقتصر على التعيين والحصول على وظائف، تجاوز المحتجون المتظاهرون هذا السقف للمطالبة بتغيير العملية السياسية برمتها، من ضمنها الدستور والنظام الانتخابي.

وفي حديث مع شبكة "دويتشة فيلة" الألمانية، وصف مدير مركز "صقر" للدراسات الاستراتيجية "مهند العزاوي" الحراك الشعبي بأنه "كرنفال وطني كسر حاجز الطائفية الذي بنيت عليه العملية السياسية منذ عام 2003".

ونهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حمّل المرشد الإيراني "علي خامنئي" الولايات المتحدة و(إسرائيل)، المسؤولية عن "أعمال الشغب وانعدام الأمن" في العراق ولبنان. وذلك وفق تصريحات نقلتها عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية.

كما اتهم "خامنئي" دولاً غربية باستخدام أموال "بعض الدول الرجعية"، لزعزعة استقرار البلدين اللذين يشهدان انتفاضة شعبية تدعو إلى تغيير سياسي حقيقي وفق شعارات المتظاهرين.

ورأى "العزاوي" أن "الجيل الجديد بعيد عن كل المسميات السياسية والإقليمية"، وكما يبدو فإنه غير معني بالصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران أو الصراع بين السعودية وإيران، إلا بالقدر الذي يؤثر فيه هذا الصراع على مصالح العراقيين.

وكتبت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير نشرته الإثنين، أنه من المحتمل أن تأتي التظاهرات في العراق ولبنان بنتائج أفضل من تلك التي حاول الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بلوغها من خلال العقوبات النفطية والاقتصادية على إيران.

وترى الصحيفة أن رد فعل إيران على هذه العقوبات كان من خلال تعزيز نفوذها أكثر في المنطقة، خصوصاً في لبنان والعراق واليمن، من خلال أذرعها التي يقودها قائد "فيلق القدس" الإيراني "قاسم سليماني".

لكن التظاهرات التي خرجت مطالبة بتغيير الدستور الذي كُتب وأُقر برعاية أمريكية، لم ترفع شعارات ضد الولايات المتحدة إلا بتحفظ، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن سبب تركيز المتظاهرين في بغداد والجنوب العراقي ذي الغالبية الشيعية على النفوذ الإيراني فقط.

ويؤيد "العزاوي" هذا الطرح، ويشرح قائلاً: "الولايات المتحدة هي الداعم الرسمي للنظام الحالي في العراق بكل سوءه. لا تريد أن تغير شيء ولن تساعد في تغيير شيء. فالأمريكيون يقولون: لديكم عملية سياسية ونظام ديمقراطي وحاولوا التغيير من خلالها".

ويوضح مدير مركز "صقر" للدراسات الاستراتيجية أكثر بالقول: "الجهات التي كتبت الدستور من دون استثناء، سنية أو شيعية أو كردية، لم تكن موفقة، فالأكراد كانت لهم رغبة في ألا يكون هناك عراق قوي، بل دولة مكونات تخدم مشروعهم القومي. كما أن الأحزاب الموالية لإيران لم تمتلك أي تأييد داخل العراق، ولهذا ذهبت إلى تجارة الطوائف والمكونات حتى تؤسس لها موطن قدم في ذلك الوقت".

من جانبه، يعتقد الكتاب السياسي "علاء الخطيب"، في حديثه للشبكة الألمانية ذاتها أنه "لا يمكن نفي عدم وجود تدخلات وأن ما يحدث اليوم في المشهد الجانبي للحراك هو صراع أمريكي إيراني، لأن الطرفان قد استثمرا في العملية السياسية في العراق ويريدان التغلب على بعضهما. وكلاهما لا يريدان سقوط، وهذا واضح. ولعل تغريدة الرئيس الأمريكي الذي ظل صامتاً، حتى محاولة حرق القنصلية الإيرانية في كربلاء".

ورغم الصراع بين طهران والرياض في اليمن أو على طرفي الخليج، والتوتر الذي كاد أن يشعل المنطقة، لم يخرج أي تعليق من السعودية حول مقتل أكثر من 250 متظاهرh في شوارع بغداد والبصرة والمدن الأخرى.

وقبل التظاهرات بفترة، كان رئيس الوزراء العراقي "عادل عبدالمهدي" قد زار الرياض نهاية سبتمبر/أيلول الماضي. وظهرت تسريبات إلى السطح حول محاولة عراقية للتوسط بين السعودية وإيران لحل الأزمة بين البلدين. بل إن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ذكرت في تقرير لها بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن ولي العهد السعودي طلب من العراق وباكستان التوسط للتوصل إلى تفاهمات بين السعودية وإيران. 

ويرى "العزاوي" أن "التيار الوطني المتجانس اليوم ليس بحاجة إلى أي أحد يمنحه المساعدة"، في إشارة منه إلى المتظاهرين.

ويوضح "العزاوي" أن الصمت يعود ربما إلى "تقارب سعودي إيراني، كما أن الجوار العربي برمته مع النظام الحالي في العراق". إذ إن من الواضح، كما يرى مراقبون، عدم توفر رغبة إقليمية في توتر وعدم استقرار جديد في العراق، خصوصاً بعد حرب السعودية في اليمن والحرب السورية.

ويعترف كثيرون أن العراق أصبح ساحة لصراع إقليمي منذ مدة رغم الاستقرار الأمني بعد هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية".

ومن الواضح، حسب خبراء، أن المصالح السياسية ليست فقط تلك التي تدفع دولا مجاورة للعراق إلى التدخل للحفاظ على مصالحها، سواء من خلال علاقتها مع أطراف داخل الحكومة أو العملية السياسة برمتها أو الجهات التي تحمل السلاح مثل "الحشد الشعبي". بل إن هناك دواع أخرى غير معلن علنها.

وحسبما يرى وزير النقل العراقي السابق "عامر عبدالجبار إسماعيل"، في حوار مع "دويتشة فيلة"، فإن التدخلات الخارجية أمر طبيعي جداً وإنها "موجودة في كل مكان بالعالم".

غير أنه يذهب في تحليله للتدخلات المفترضة إلى أبعاد اقتصادية لها تأثير سياسي. ويتابع الوزير السابق: "العراق سوق كبيرة فيه 40 مليون نسمة وبلد غني. لذلك تفكر دول إقليمية في جعل العراق سوقاً لبضاعتها، ولهذا ليس من مصلحتها أن يزدهر العراق صناعياً أو زراعياً".

لكن "إسماعيل" انتقد محاولة الأحزاب السياسية الهروب من المسؤولية وتوجيه الاتهام إلى الخارج، مضيفاً: "الأحزاب المتضررة ستتهم المتظاهرين بأنهم مندسين، أو أمريكا تحرضهم، أو (إسرائيل) تدعمهم. هذه اسطوانات مشروخة".

وختم بالتساؤل: "نعم هناك تدخلات خارجية، لا يمكن نفي هذا، ولكن أليس هناك معاناة وشعب مضطهد وفساد أم لا؟".

المصدر | دويتشة فيلة + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مظاهرات العراق الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي

إسرائيل: متعاطفون مع المتظاهرين العراقيين ضد قمع إيران

فرانس برس: ارتفاع قتلى احتجاجات العراق لـ270

واشنطن تشجب قتل وخطف المحتجين العراقيين المطالبين بالإصلاح

بغداد.. تجدد انقطاع خدمة الإنترنت بعد تشغيلها 3 ساعات