«ليبراسيون»: كيف ألهم الإمامين «الحسن» و«الحسين» الإيرانيين في المفاوضات النووية؟

الأحد 12 يوليو 2015 02:07 ص

شهدت المفاوضات في شأن الملف النووي الإيراني، خلال الاثني عشر عاما الماضية، مراوحة بين نهج الإمام «الحسن» ونهج الإمام «الحسين».

هل يمكن أن يكون أئمة الشيعة هم المستشارون غير المرئيين للوفد الإيراني في فيينا، أين تدور المحادثات النووية منذ اثني عشر يوما؟

ليست هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها الاستعانة بتوجيهات الأئمة من قِبل قادة الجمهورية الإسلامية. وبشكل عام، عندما يتعلق الأمر بخوض المعارك، يتم استحضار نهج الإمام الحسين، ثالث الأئمة الاثني عشر. بطل معركة كربلاء، والذي استشهد عام 680، وهو الإمام الذي يجسد شخصية المقاومة المثالية، والذي يُسمى أيضًا «بسيد الشهداء»، فقد رفض أي حل وسط مع الخليفة الأموي «يزيد بن معاوية»، حتى إنه كان مستعدًا للتضحية بحياته وحياة مرافقيه.

وهذا الموقف للإمام الحسين تم استحضاره من قِبل الإيرانيين، وباستمرار خلال الحرب ضد العراق (1980-1988)، خاصة عندما سعت الأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق النار، حتى إن الإيرانيين كانوا يرون هذا الصراع على أنه استحضار لذكريات الماضي، ولمعركة كربلاء.

الإمام الحسن .. رجل التوافق

يختلف الإمام الحسن، الإمام الثاني عند الشيعة، والذي مات أيضًا شهيدًا بعد أن سُمم، عن شقيقه الأصغر الإمام الحسين.  ويجسد الإمام الحسن النهج المعاكس لشقيقه الإمام الحسين، باعتباره رجل التوافق، حتى إن المجتهدين الشيعة يرون فيه الرجل «الأكثر سماحة بين الناس، والأسهل طبعًا».

وقد سمح الإمام «الحسن» لأول خليفة أموي، «معاوية»، الذي كان واليًا على دمشق، بأن يبقى في الحكم شريطة أن يكون هو الخليفة من بعده، وهذا الوعد الذي لم يلتزم به «معاوية» الذي أسس من بعد الدولة الأموية. وهكذا فإن الاثني عشر عامًا من المفاوضات النووية شهدت تقلبًا بين نهج الإمام الحسين ونهج شقيقه الإمام الحسن.

وعلى الرغم من أن المفاوضات لا تزال تتعثر اليوم أمام تعدد العقبات، بما في ذلك مسألة استيراد الأسلحة التقليدية، فإن نهج الإمام الحسن غلب على طبيعة هذه المفاوضات، باعتبار أن المبادئ التوجيهية للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية «آية الله علي خامنئي»، الذي كان في السابق يعتمد نهج الإمام الحسين، أصبح اليوم يعتمد ما يسميه «بالمرونة البطولية».

قلق لدى الحرس الثوري

قبل فترة طويلة من الثورة الإسلامية، ترجم الرئيس الإيراني الحالي «حسن روحاني» كتابًا دينيًا من اللغة العربية حول معاهدة السلام للإمام الحسن، هذا الكتاب الذي أصبح عنوانه بالفارسية «معاهدة السلام للإمام الحسن، أفضل نموذج للمرونة والبطولة في التاريخ». وعلى نفس هذا المنوال انتهج الرئيس الإيراني الحالي «حسن روحاني» سياسته في ما يتعلق بالملف النووي، هذه السياسة التي كان يجب على وزير خارجيته أن يمتثل لها.

أما بالنسبة للحرس الثوري الإيراني، الذي ينتهج نهج الإمام الحسين، فهو يعرف حالة من القلق بعد أن أصبح مهددًا بفقدان جزء من نفوذه الاقتصادي في صورة التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، من ذلك سيطرته على عمليات التهريب.

وقال الفريق «محمد علي جعفري»، قائد الحرس الثوري: «من خلال استعراض “المرونة البطولية”، أعطى المرشد الأعلى هذه الفرصة ليختبر مواقف الغرب تجاه إيران. “فالمرونة البطولية” ليست دليلاً على ضعفنا، بل على العكس هي دليل قوتنا، وبصيرتنا في تفهم المعاني، والتعامل مع الرهانات والمستجدات. فالمرونة تعني أن إيران لا تسعى للحرب».

وهكذا فإن الاستراتيجية الإيرانية الحالية تنتهج نهج الإمام الحسن، مع المحافظة على مراجع للإمام الحسين، حتى لا تنفر الفصائل المتطرفة الراديكالية، وغير المتقبلة لنهج «المرونة البطولية».

التعامل مع المناسبات الدينية

يمكن للأئمة أن يكونوا أيضًا مصدر متاعب، فقد كان يصعب على طهران أن تقبل باتفاق خلال الأسبوع الماضي، بسبب ذكرى وفاة الإمام الحسن، ونفس الشيء بالنسبة لهذا الأسبوع، باعتبار أن يومي الأربعاء والخميس يتم فيهما إحياء ذكرى وفاة الإمام علي، أول إمام شيعي والذي تم اغتياله بسيف مسموم في النجف في العراق اليوم؛ لأنه في صورة ما كان هناك اتفاق، سيجوب عشرات الآلاف من الشبان الإيرانيين الشوارع وهم يرقصون ويغنون طوال الليل، في حين أن التقاليد والنظام يريدون تكريس هذه الأيام للحداد، والصلاة، مع ارتداء الملابس السوداء في المساجد. 

ومع ذلك، فإن يوم الجمعة (المقصود 10 يوليو /تموزالماضي)، في هذا البلد الذي يعطي أهمية كبرى للرموز وللمناسبات الدينية، سيكون أحسن توقيت لعقد اتفاق في شأن الملف النووي الإيراني.

ومنذ سبعة وعشرين عامًا، وافق الإمام الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، على قرار الأمم المتحدة القاضي بإنهاء النزاع الدموي والطويل بين العراق وإيران. وقد انتقل الإمام الخميني أيضًا من نهج الإمام الحسين إلى نهج الإمام الحسن. واعترف وقتها أن اتخاذ هذا القرار كان أصعب عليه من «ابتلاع السم».

  كلمات مفتاحية

المفاوضات النووية أئمة الشيعة المرونة البطولية خامنئي روحاني الحرس الثوري

«بوليتيكو»: «خامنئي» أكثر المتشبثين بالاتفاق النووي رغم تصريحاته المتشددة

«راند»: من المستفيد من رفع العقويات على إيران؟

«ستراتفور»: كيف تسير الأمور داخل الحرس الثوري الإيراني؟

في طهران يستعدون للاحتفالات بالاتفاق النووي

إيران والقوى الكبرى توصلت لاتفاق نووي تاريخي

«الاندبندنت»: إيران لم تقدم بادرة لحسن النوايا والثقة بها سابقة لأوانها

هـل يعـارض المـرشـد الإيـراني الاتفـاق النـووي مع الغــرب؟

«أوقاف» مصر: غلق ضريح «الحسين» شأن داخلي ونرفض أي مد شيعي

قائد «الحرس الثوري الإيراني» يشبه «تنظيم الدولة» بـ«قتلة الحسين»

قائد «الباسيج»: الحوثيون أفضل من أصحاب «الحسن بن علي»