اكتتاب أرامكو.. تحديات كبرى تنتظر جوهرة التاج في المملكة

الأحد 10 نوفمبر 2019 07:24 م

أعلنت شركة النفط السعودية المملوكة للدولة أخيرا التفاصيل التي طال انتظارها لما سيكون أكبر طرح عام أولي في التاريخ.

وفي مؤتمر صحفي تم عقده الأسبوع الماضي، كشف الرئيس التنفيذي للشركة عن بعض تفاصيل الاكتتاب العام، وكشف أنه سيتم إدراجه محليا في بورصة "تداول" السعودية، بنسبة متوقعة تتراوح ما بين 1% و 5%.

ومع ذلك، على الرغم من التوقعات الهائلة، كان استقبال الاكتتاب العام محيرا، خاصةً أن "أرامكو" هي الشركة الأكبر والأكثر ربحية في العالم، وعلى الرغم من الفرص الكبيرة للاقتصاد السعودي في عملية الاكتتاب، لكنه يأتي مع العديد من المخاطر والشكوك المتعلقة بالعوائد المحتملة وتوقيت التحرك.

وفي حين لا يوجد شك في أن الإعلان يعد خطوة إيجابية لخطط الإصلاح الاقتصادي السعودي وشفافية الشركة، وهو شرط ضروري لجذب المستثمرين، فقد أعطى المؤتمر الصحفي انطباعا بأن الاكتتاب العام سيكون عملية تدريجية طويلة الأجل، الأمر الذي ترك المستثمرين المحتملين على الأرجح مع المزيد من التساؤلات.

عدم اليقين

وترتبط معظم حالات عدم اليقين بتساؤلات مهمة تتعلق بمدى شمول الاكتتاب لأصول الشركة ومسار العملية النهائية، بما في ذلك القيمة النهائية للإدراج، ونسبة الأسهم المدرجة، والنسبة المئوية المقدمة للمستثمرين المحليين مقابل المستثمرين الدوليين.

ولقد أدى كل سؤال من هذه الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها إلى تكهنات كبيرة حول التسعير والتقييم الأولي للاكتتاب العام، الذي من المتوقع أن يتم الإعلان عنه في أوائل ديسمبر/كانون الأول، عندما يتم تقديم الإدراج الأول في بورصة "تداول".

وبناءً على نتائج هذا الإدراج المحلي، من المحتمل أن تحدد المملكة النسبة المئوية التي ستتاح في البورصات الدولية.

ومع ذلك، فإن عدم اختيار موقع إدراج "أرامكو" عالميا حتى الآن يزيد الآمال التي تضعها الرياض على "تداول"، وهناك عدد قليل من البورصات الدولية التي تلبي احتياجات السيولة المطلوبة للمستثمرين، وهي بورصة لندن للأوراق المالية، وبورصة طوكيو للأوراق المالية، وبورصة هونج كونج.

وعلى الرغم من أنه كان يُعتقد سابقا أن بورصة نيويورك مرشح مناسب، فقد تم حذفها من هذه القائمة بسبب مخاطر التقاضي المحتملة.

وفي حين تروج "أرامكو" لتوزيعات الأرباح بشكل سنوي كنقطة بيع رئيسية، حيث غازلت آمال المستثمرين بما مجموعه 75 مليار دولار من الأرباح المحققة في عام 2017، و111 مليار دولار من الأرباح في عام 2018، وهو معدل أعلى بـ5 مرات من شركة "أبل،" من المحتمل أن يتم تحديد تقييم "أرامكو" من خلال الفرص التي يتوقعها المستثمرون الذين يتطلعون إلى دخول الاكتتاب.

وبشكل عام، سيواجه الاستثمار العديد من أوجه عدم اليقين المتعلقة بتوزيع الأرباح وعدم الاستقرار الإقليمي، وستلعب التوترات الجيوسياسية المحيطة بمنطقة الخليج دورا رئيسيا في نجاح أو فشل الاكتتاب العام الأولي في "أرامكو" وتقييمه.

وتتعلق اهتمامات المستثمرين الرئيسية بسلامة أصول "أرامكو" ومدى ديمومة الأرباح في ظل التوتر السعودي الإيراني المتزايد.

وقد عادت هذه المخاوف إلى الظهور بعد الهجمات التي تعرضت لها منشآت "أرامكو" في بقيق في سبتمبر/أيلول الماضي، وقد عطلت الهجمات نصف الطاقة الإنتاجية للشركة، أي أكثر من 5% من إمدادات النفط العالمية.

وفي المؤتمر الصحفي الذي تم عقده نهاية الأسبوع الماضي، تطلع المدير التنفيذي لشركة "أرامكو" لتهدئة مخاوف المستثمرين بالقول إن الشركة "آمنة للغاية"، وذكّر المراقبين بأن سعر النفط استقر بعد يومين فقط من الهجوم.

وعلى الرغم من ذلك، يواجه الاكتتاب تحديات في إقناع الأطراف المعنية بأن استثماراتها المحتملة ستكون محمية من التوترات الإقليمية المتزايدة، علاوة على ذلك، فإن زيادة العرض من قبل الدول غير الأعضاء في أوبك، بسبب انخفاض الطلب على سوق النفط العالمي، يسهم في انخفاض الأسعار.

ومع ذلك، فإن قدرة الرياض على إصلاح الأضرار واستعادة الطاقة الإنتاجية الطبيعية في "بقيق" في غضون شهرين فقط قد يقنع المستثمرين بأن "أرامكو" لديها القدرة على التعامل مع الصعوبات بصرف النظر عما إذا كانت ناتجة عن مشاكل تقنية أو عدوان إقليمي.

وأيضا، على الرغم من الأرباح المحققة في "أرامكو"، فقد يتردد المستثمرون في الاستثمار نظرا للسيطرة على أسعار النفط التي تمارسها اتفاقية "أوبك بلس"، حيث إن أي تخل عن الاتفاق من قبل أعضاء من خارج "أوبك" سيؤدي إلى انهيار الأسعار ومعها أرباح "أرامكو".

بالإضافة إلى ذلك، واجهت الشركة انخفاضا بنسبة 18% في الأرباح قرب نهاية الربع الثالث من عام 2019، مقارنةً بنفس الفترة من عام 2018.

رسالة "بن سلمان"

ومن الناحية السياسية، يمكن اعتبار توقيت الإدراج بمثابة خطوة من قبل ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" لإرسال رسالة إلى المجتمع الدولي بأنه لا يزال حاضرا.

ويعد الاكتتاب العام أول وسيلة مالية لتنفيذ رؤية "بن سلمان" الطموحة لعام 2030، وهي خطة إصلاح اقتصادي قدمها ولي العهد عام 2016، عندما كان وليا لولي العهد، لذلك، يرتبط نجاحها ارتباطا كبيرا بقدرة "بن سلمان" على الحفاظ على صورته العامة كمصلح اجتماعي واقتصادي في المملكة.

وسيكون نجاح أو فشل هذه الخطة أمرا حيويا بالنسبة إلى المجتمع السعودي، لأنه سيحدد ما إذا كان طريق التنويع الاقتصادي الذي تتبعه السعودية سيوفر في نهاية المطاف فرص العمل التي يحتاجها الشباب في البلاد أم لا.

ومع ذلك، فإن حبس رجال الأعمال وأفراد العائلة المالكة في فندق "ريتز كارلتون" عام 2017، ومقتل "جمال خاشقجي" عام 2018، قد ساهم في تغيير نظرة المستثمرين الأجانب نحو بيئة الأعمال في المملكة.

ولإقناع هؤلاء المستثمرين بخلاف ذلك، تحتاج السلطات السعودية إلى إعادة بناء الثقة فيما يتعلق بحرية الاستثمار وسلامته، وفي إشارة إيجابية من منظور المملكة، عاد الكثير من القادة السياسيين وقادة الأعمال الذين قاطعوا مبادرة "مستقبل الاستثمار" لعام 2018، أو ما يسمى بمؤتمر "دافوس في الصحراء"، إلى مؤتمر عام 2019، ما يشير إلى أن الخلافات الماضية لم تعد تمنع قدرة المملكة على جذب رأس المال.

وعلى الأقل الآن، حيث لا يزال النفط هو مصدر الطاقة الأكثر طلبا في العالم، لذلك هذا الاكتتاب أفضل فرصة في الرياض لتوليد رأس المال اللازم لتمويل خطة الإصلاح الاقتصادي.

وقد يكون هذا أيضا هو العامل الرئيسي في جذب المستثمرين الإقليميين الذين يبدو أنهم يتمتعون بثقة أعلى في الطرح، ومع ذلك، فإن حجم الاكتتاب العام ومدى تأثيره لا يمكن التنبؤ بهما بشكل دقيق قبل بدء التداول الفعلي لأسهم الشركة في البورصات الدولية.

المصدر | منتدى الخليج الدولي - ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ضغوط الاكتتاب تدفع أرامكو لتقليل إنفاقها على الابتكار

طرح أسهم أرامكو.. اختبار حرج لبورصة تداول السعودية

أرامكو تعلن امتلاكها حصصا في 140 شركة محلية وأجنبية

مدير CIA السابق: الرياض تتجه للإفلاس واكتتاب أرامكو ضروري

عبدالله المطلق: الاكتتاب في أرامكو حلال