بلطجية وعصابات مسلحة تهدد حياة اليمنيين في مصر

الخميس 16 يوليو 2015 03:07 ص

رغم هروب اليمنيّين من الصراعات الدّائرة فى بلادهم بين الحوثيّين والنّظام اليمنيّ الحاليّ، برئاسة «عبد ربه منصور هادي»، رئيس البلاد، ومحاولاتهم تأمين أنفسهم وأسرهم بالفرار إلى مصر ، كوسيلة لتفادي الاشتباكات الدامية هناك، إلا أنّ حياتهم لم تبعد عن المخاطر ولم يجدوا الحياة الآمنة الّتي سعوا إليها في مصر.

وبحسب صحيفة «المونيتور» الأمريكية ، فقد نشأت عصابات مسلّحة وعناصر من البلطجيّة في مصر، تستهدف اليمنيّين المقيمين في القاهرة وتروّعهم وتبثّ الذعر والخوف في نفوسهم بهدف الربح وكسب مبالغ شهريّة، وذلك من خلال فرض ما يعرف بـ«إتاوات»، في غياب واضح لجهات الأمن المصريّة والسفارة اليمنيّة.

ومن أمام السفارة اليمنيّة الكائنة في حيّ الدقي بوسط القاهرة، يتابع أحد عناصر البلطجيّة تحرّكاتهم. وبعد الرّصد والمتابعة، يعرض المساعدة في الحصول على المسكن المناسب وتلبية كلّ حاجات اليمني في مقابل إتاوة» يسدّدها كلّ شهر، وإلا يتعرض للخطف أو السرقة، وكلّ ذلك تحت تهديد السلاح .

ولم يستطع «محمّد مخيمر»، أحد اليمنيّين المقيمين في القاهرة، إلاّ الرضوخ إلى مطالب البلطجيّة، وإعطائهم مبلغاً شهريّاً، قيمته 2000 جنيه (290 دولار)، مقابل حمايته وعدم التعرّض له،وتنجح هذه المجموعات مجهولة الهوية في توفير الحماية له من أي أذى قد يتعرض له، وتقوم بإرشاده وتحميه من فساد التجار، وابتزاز أهالي المنطقة له وإنهاء كلّ مستلزماته المعيشيّة من دون المساس بها.

ويقول «مخيمر»، الّذي يبلغ من العمر 51 عاماً، في منطقة فيصل الكائنة بمحافظة الجيزة، ثاني أكبر محافظة في مصر، وهو متزوّج ولديه ثلاثة أبناء «أثناء خروجي من السفارة اليمنيّة، وبمجرد وصولي إلى القاهرة، بعد محاولة الفرار من الموت المحدق في اليمن واشتداد «عاصفة الحزم (الّتي شنّتها قوّات التّحالف بقيادة السعوديّة وبمشاركة مصر)، قابلني ثلاثة أشخاص، يرتدون سترات سوداء، فعرّفوني بأنفسهم على أنّهم ضبّاط شرطة، وطلبوا مني جواز السفر للتأكّد من سلامته. ثمّ اصطحبوني إلى عربة خاصّة، وطلب أحدهم من الآخر تفتيشي، وكان معي في حينها 900 دولار، فشرحوا لي خطورة الأوضاع في مصر ومدى حاجتي للحماية في مقابل 2000 جنيه شهريّاً، تحت تهديد السلاح، ولم أتجرأ على الرّفض حتّى لا تتعرّض حياتي وحياة أسرتي للخطر».

وطبقاً للمستشار «إبراهيم الجهمي»، مسؤول شؤون المغتربين في السفارة اليمنيّة الحالي: يقطن في مصر 25 ألف يمنيّ إقامة كاملة، إضافة إلى 15 ألف طالب يدرسون في الجامعات المصريّة، و135 يأتون إلى مصر سنويّاً.

وكانت اندلعت اشتباكات حامية بين الحوثيّين والنّظام اليمنيّ في مارس/آذار الماضي، أدّت إلى مقتل الآلاف، وسيطر خلالها الحوثيّون على مراكز حيويّة عدّة في الدولة، منها مطار مدينة تعز الدولي والمجمع القضائي والسجن المركزي في المدينة.

واتّخذت الحكومة المصريّة قراراً بفرض التّأشيرات على جميع اليمنيّين الرّاغبيين في السفر إلى مصر في 27 مارس/آذار من العام الحاليّ، تخوّفاً من تسلّل أيّ عناصر «إرهابيّة» أو من جماعات حوثيّة لإحداث الفوضى والتّخريب في القاهرة. ويعدّ قرار الحكومة المصريّة الأوّل منذ 57 عاماً، بعد أن كان السفر من دون تأشيرات متاحاً بين الدولتين.

أمّا «إبراهيم المحمّدي»، وهو أحد اليمنيّين المقيمين في منطقة فيصل أيضاً، فرفض الرضوخ إلى مطالب عناصر البلطجيّة في مصر بدفع «إتاوات» شهريّة لها، وحرّر محضراً في قسم شرطة المنطقة، بعد سرقة 150 ألف جنيه من منزله، وهو ما قابلته قوات الأمن باهتمام وأرسلت المحضر إلي النيابة العامة لتتولى التحقيق، ولكن «المحمدي» خشية على نفسه رفض الاستمرار في تعاونه مع قوات الأمن، وآثر الصمت بعد أن هدّده البلطجية بالقتل إذا تعاون معهم .

وفي هذا الإطار، قال «المحمّدي»: «لقد سرق البلطجيّة كلّ أموالي، الّتي كنت أحتفظ بها لشراء شقّة سكنيّة وفق نظام التّمليك، بدلاً من تلك الشقّة الّتي استأجرتها. والآن، لم يعد لديّ أموال للإنفاق فى المستقبل».

وعن دور السفارة اليمنيّة، قال «المحمّدي»: سرقت أموالي، ولم تفعل السفارة شيئاً. لقد أصبحت حياتنا مهدّدة بالخطر ولم تكلّف السفارة نفسها بتأميننا. يموت اليمنيّون جوعاً في القاهرة، ولم تحرّك السفارة ساكناً، فما تقوله: «اترك رقم هاتفك وصورة من جواز سفرك، وسنتابع معك الموقف .

وهذا ما نفاه مسؤول شؤون المغتربين في السفارة اليمنيّة بالقاهرة «إبراهيم الجهمي»، حيث رأى أنّ السفارة اليمنيّة تقدّم كلّ أوجه الدّعم والمساعدة على أكمل وجه، معتبراً أنّ السفارة ليس في وسعها أن تفعل أكثر من ذلك .

وتعليقاً على عمليّات التّرويع والتّخويف للجاليات اليمنيّة في مصر، قال: جاء إلينا الكثير من اليمنيّين يطالبون بحمايتهم من عناصر البلطجيّة ومن فرض الإتاوات، وطلبنا منهم السكن في أماكن قريبة من السفارة، كمنطقة الدقي والعجوزة والمهندسين والمنيل حتّى نستطيع حمايتهم، باعتبار أنّ في تلك الأماكن هناك تواجداً أمنيّاً مكثّفاً. وبالتّالي، سيكونون تحت مظلّة السفارة».

وأضاف: هناك مشكلة في ثقافة المواطن اليمنيّ تسهل سرقته في القاهرة، وهي أنّه يسير في الشارع حاملاً كلّ الأموال الّتي في حوزته داخل جيبه، ولا يعلم جيّداً أسماء الشوارع والميادين في القاهرة، فضلاً عن طريقة معاملته لعناصر البلطجيّة، فلا يتجرّأ على إبلاغ قسم الشرطة أو حتّى الاستنجاد بالمارّة في الطرق بسبب خوفه».

واعتبر «الجهمي» أنّ قرار السلطات المصريّة بفرض التأشيرات على اليمنيّين، أمر لا بدّ من تصحيحه فوراً، لأنّه سيؤثّر سلباً على العلاقات بين الدولتين، خصوصاً أنّ هناك 135 ألف يمنيّ يأتون سنويّاً إلى مصر للسياحة العلاجيّة، وإنفاقات بقيمة 670 مليون دولار على شراء الأدوية منها.

ومن جهته، أشار الخبير الأمنيّ اللّواء «مجدي الشاهد» إلى أنّ تأمين الجاليات اليمنيّة هو جزء أصيل من اختصاصات الأمن، مطالباً إيّاها بعدم دفع إتاوات» إلى البلطجيّة وابلاغ جهاز الشرطة في حال تعرّضها إلى أيّ أذى.

ونصح «الشاهد» اليمنيّين بعدم التّواجد في أماكن عشوائيّة والحرص على السكن في أماكن بوسط القاهرة ذات كثافة أمنيّة، حتّى لا تسهل عمليّة الاستيلاء على أموالهم أو الاعتداء عليهم.

  كلمات مفتاحية

مصر اليمن

تمديد فترة تصحيح أوضاع المقيمين اليمنيين في السعودية إلى 15 أغسطس المقبل

السعودية تبدأ في تصحيح أوضاع اليمنيين المقيمين على أراضيها

الملك «سلمان» يأمر بتصحيح أوضاع اليمنيين المقيمين بطريقة غير نظامية

الإمارات تمنع دخول اليمنيين أراضيها

مسلحون يخطفون كرواتيا في القاهرة ومصدر أمني يرجح: الحادث جنائي