استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انهيار «النظام العربي» قبل الثورات!

السبت 18 يوليو 2015 07:07 ص

كان النظام العربي قائماً على توازنات دقيقة جداً، حتى وقد بدا في لحظة «ما» أنه باق إلى نهاية التاريخ. فبعد عقود من سلسلة التغييرات الجذرية والانقلابات العسكرية التي بدأت في الخمسينات الميلادية، وتحول العديد من الملكيات العربية إلى جمهوريات؛ قادتها نخب جديدة قادمة من خلفيات عسكرية، جاءت حقبتا الثمانينات والتسعينات؛ لتؤسسا لحال ركود سياسية مميتة.

كان تقاسم المصالح والتنافس السياسي محسوباً بشكل دقيق، حتى لا يفجّر مواجهة مباشرة، وإن استثنينا احتلال العراق للكويت في 1990، لم يكن هناك شيء مفاجئ أو خارج قواعد اللعبة. تحالفات دقيقة مع روسيا والولايات المتحدة كانت ترسم الخطوط العامة السياسية في المنطقة، إضافة إلى الاحتفاظ بحال ضبابية تجاه إسرائيل منذ الانتفاضة الثانية، ثم اتفاقية أوسلو.

الحقيقة أن هذه التوازنات لم تنته دفعة واحدة؛ بسبب الثورات العربية في 2011، بل بدأت تصدعات هذا النظام باكراً قبل تلك اللحظة بأعوام؛ بسبب انفلات الولايات المتحدة بعد أحداث أيلول (سبتمبر).

فكانت أول ملامح انهيار التوازنات القائمة في المنطقة الاحتلال الأميركي للعراق في 2003، والذي دمّر أهم مرتكزات النظام العربي القديم، متمثلاً في دولة العراق وحكم صدام حسين تحديداً.

ربما لم تشأ الولايات المتحدة إسقاط نظام صدام حسين بعد حرب الخليج الثانية وتحرير الكويت؛ لأن وجود صدام حسين كان سيسمح بوجود أميركي أطول في المنطقة، وتجذر مصالحها بشكل أكبر؛ بحجة مواجهة أخطار النظام الديكتاتور مالك الأسلحة الكيماوية، وهذا ما حدث.

لكن إسقاط نظام صدام حسين في 2003 كان إسقاطاً للعراق. وصنع اختلالاً هائلاً بالنظام العربي بتمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، وهيمنتها على كامل العراق من خلال أحزاب الإسلام السياسي الشيعية الموالية لها، هذا التغير جاء في موازاة مع تحول آخر، تمثل في وفاة حافظ الأسد وتولي ابنه سدة السلطة في سورية.

بشار الأسد الحاكم غير المؤهل لسورية، والذي كان السبب الرئيس في توليه الحكم وفاة أخيه باسل في حادثة سيارة، أثبت أنه غير قادر على الحكم بكفاءة تعادل كفاءة والده، المجرم الديكتاتور، والذي على رغم تسلطه حافظ على مستوى عداء محدود تجاه العراق لم يورط البلدين في حرب مباشرة، كما أن تحالفه القديم مع إيران بعد ثورة الخميني لم يسمح لإيران بالهيمنة على سورية، كما فعل بشار منتصف العقد الماضي.

احتلال العراق وتسليمه لإيران، وزيادة النفوذ الإيراني في سورية، تزامناً مع خروج القوات السورية في لبنان، كانت أهم ملامح زعزعة الركود الذي كان يعم المنطقة منذ التسعينات الميلادية.

كانت تهديدات إيران نظرية، ويمكن للخليجيين التعاطي معها، حتى احتلال بغداد وبسط نفوذ إيران على سورية، عندها أصبحت المواجهة بين دول النظام العربي القديم وإيران أكثر وضوحاً ودموية.

إيران لم تكن بحاجة إلى قنبلة نووية لإتمام هيمنتها على المنطقة، كان لديها حلفاء عقائديون قادرون على خوض حروبها بالنيابة، في مقابل الاكتفاء بدعمها مالياً وعسكرياً وسياسياً، لكنها كانت بحاجة لورقة المفاعل النووي لتحمي توسعها في المنطقة، والتفاوض مع الغرب على حدود نفوذها الجديدة، وهذا ما كان.

كان واضحاً أن إسرائيل هي الأكثر سروراً في المنطقة باحتلال العراق، على رغم وقوع البلد تحت دائرة النفوذ الإيرانية، فالعراق كان من أهم أعداء إسرائيل في المنطقة، إذ شارك العراق في كل الحروب العربية ضد الصهاينة، وكان يدعم بعض فصائل المقاومة الفلسطينية، وكان امتلاكه سلاحاً متطوراً يعني تهديداً مباشراً للكيان الصهيوني، ما جعلها تدمر المشروع النووي العراقي – الفرنسي في مهده، عندما قصفت مفاعل تموز النووي في الثمانينات. العراق كان يدرك قيمة العداء مع الصهاينة، لذا استخدم ورقة قصف تل أبيب في مناورته أثناء حرب الخليج الثانية.

إسرائيل باتت تواجه متغيراً آخر، جعل نفوذها أقل في التحولات في المنطقة. فمن الأعراض الجانبية غير المتوقعة بالنسبة للكيان الصهيوني، كان إتاحة المجال للفلسطينيين للمقاومة العسكرية من داخل الأراضي المحتلة، ما جعل إسرائيل منشغلة بداخلها أكثر من طموحها بإعادة ترتيب الأوراق المختلطة في المنطقة.  

هذه التوازنات الدقيقة بدأت بالانهيار قبل ثورات الربيع العربي، وما كانت تلك الثورات بحاجة إلى الإعلان الصريح عن انسداد أفق الدولة العربية الحديثة التي بنيت في أعقاب التحرر من الاستعمار الأجنبي، فكانت دولة مستبدة ومتغولة، آلت إلى ما نحن عليه اليوم من منطق «اللادولة» في أكثر من قطر عربي.

سقوط الدول العربية في غياهب حروب أهلية، وصراعات طائفية هو ثمن لعدم صلاحية هذه الدولة أساساً، وبنائها على أسس غير عادلة ابتداءً. فلم يكن لهذه الدولة من مصير إلا الانهيار الذي شاهدناه جميعاً ابتداءً من العقد الماضي.

اليوم يبدو أن التحولات في النظام العربي لا تسير بشكل إيجابي، فالدولة المتغولة المستبدة آلت إلى حكم ميليشيات. والنظم العلمانية القومية انهارت أو باتت محكومة بمنطق الطوائف، حتى مصر التي كانت إلى فترة قريبة بعيدة عن احتمالات التصدع بفعل أعمال عنف، أصبحت اليوم تواجه تهديدات جدية بمواجهة مفتوحة بين قوى إسلامية مسلحة و«الدولة العميقة».

كل هذا يحتم على الدول العربية التي لم تنهر إعادة تشكيل المنطقة، من خلال تدخلات واسعة؛ لإعادة الاستقرار إلى الدول العربية، التي بات يحكمها منطق الميليشيات. يبدو وكأن هذه المهمة مستحيلة، لكن لا شيء يغني عن المحاولة في الحد الأدنى.

* بدر الراشد كاتب سعودي.

  كلمات مفتاحية

النظام العربي الثورات العربية الاحتلال الأمريكي للعراق إيران الربيع العربي الطائفية

أين المجتمعات المدنية في النظام العربي ؟

ديفيد هيرست: ماذا يخبئ العام الجديد في جعبته للسعودية ومصر والثورات العربية؟!

«ديفيد هيرست»: الثورات العربية ستنجح بفضل القيادات الشبابية

النخبة ضد المجتمع: الدولة العربية الفاشلة

ثلاث ظواهر مَرَضية تجاوزها العالم إلا النظام العربي: الطائفية والسلطوية وتهميش المرأة

مـصــير النظــام الإقـليـمي العــربـي

طوفان من العواطف.. وصفر من التحليل

عن حاجة النظام العربي إلى تطوير نفسه

الثورات العربية... آمال كبيرة ومآلات محبطة