هل ينجح حمدوك في حذف السودان من قوائم الإرهاب؟

الأربعاء 4 ديسمبر 2019 05:59 م

قد يبدو منطقيا لأكثر المتفائلين بالحكومة الانتقالية في السودان، برئاسة "عبدالله حمدوك"، أن تحقق زيارته لواشنطن hختراقا كبيرا في إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حتى ولو لم يرفع بشكل نهائي في الوقت الراهن.

إلا أن الأمل يراود الكثيرين في أن تخطو الولايات المتحدة خطوات إيجابية نحو تحسن العلاقات وفتح الطريق أمام رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية السوداء قريبا.

فيما يرى آخرون أن فتح الطريق لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب قد يكون متاحا، على اعتبار أن الحكومة الانتقالية فعليا بدأت خطوات إيجابية نحو تحسين صورتها لدى الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي.

وبمجرد وصوله لواشنطن، الأحد، علق "حمدوك" قائلا: "اتطلع أن تنعكس نتائج زيارتي لواشنطن إيجابا على بلادي".

والسبت بدأ رئيس الوزراء السوداني، زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة تستغرق 6 أيام؛ لإجراء مباحثات رسمية مع المسؤولين في واشنطن.

ويسعى من خلال زيارته بحث عملية إزالة اسم السودان من القائمة الدول الراعية للإرهاب، وإبعاد شبح عقوبات دولية يخضع لها السودان منذ عام 2006، بسبب الحرب في إقليم دارفور غربي البلاد المستمرة منذ 2003.

ورفعت إدارة ترامب، في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017، عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على السودان منذ 1997.

لكن واشنطن أبقت اسم السودان على قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، المدرج عليها منذ عام 1993، لاستضافته الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة "أسامة بن لادن".

التغيير أكبر الدوافع

لعل من من إبرز الدوافع التي تجعل الحكومة الانتقالية والكثيرين يأملون في نجاح زيارة "حمدوك" لواشنطن وحثه للإدارة الأمريكية على الاستجابة لمطالب السودان بإزالة اسمه من القائمة؛ هو الإطاحة بنظام "عمر البشير".

والنظام هو الذي حكم لثلاثين عاما وفرضت العقوبات في عهده ولازالت منذ 1993، حتى عزلته قيادة الجيش في 11 أبريل/نيسان الماضي، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

وبدأ السودان، في 21 أغسطس/آب الماضي، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة كل من المجلس العسكري وقوى التغيير، قائدة الاحتجاجات الشعبية.

يصف المحرر العام لصحيفة الحداثة (مستقلة) "يوسف حمد"، زيارة "حمدوك" لأمريكا بـ"الواعدة"، وأنها كفيلة بتوضيح موقف الحكومة المدنية بالسودان وأهدافها، التي تتطابق مع الكثير من المطلوبات الأمريكية.

ويضيف قائلا: "إن الحكومة المدنية الانتقالية هي تنادي بذات المطلوبات الأمريكية؛ لذلك الاختلاف بين الجانبين ليس كبيرا".

لكن المتابعين للشأن السوداني، يرون أن قضية التغيير وقيام حكومة انتقالية ليس سببا كافيا لإقناع الإدارة الأمريكية التي يصفها المحللون السياسييون أنها "ذات مطالب متجددة"، وهي سياسية انتهجتها مع حكومة المعزول "البشير" دون حدوث تقدم ملموس في ملف الإرهاب.

مطلوبات قديمة متجددة

إن تركيز حكومة "حمدوك" منصب على تحقيق مطالب دولية ظلت حاضرة طوال السنوات الماضية، تتمثل في تحقيق السلام في "دارفور" والنيل الأزرق وجنوب كردفان أولا، وتعتبر السلام أولوية في الـ6 أشهر الأولى للفترة الانتقالية، حيث عقدت جولة أولى تفاوضية مع الحركات المسلحة.

وها هي تمضي نحو جولة تفاوض ثانية الأسبوع القادم بعاصمة جنوب السودان جوبا، وتؤكد أنها عازمة على تحقيق السلام الشامل والعادل، بحسب تصريحات أعضاء في مجلس السادة الانتقالي ومجلس الوزراء.

وهناك ملف تحسين حقوق الإنسان بالبلاد والحريات والحريات الدينية، وهو ملف مضت فيه الحكومة الانتقالية خطوات إيجابية بإعلانها إنضمامها لكافة الاتفاقيات الدولية حتى 2020، وشرعت في الغاء بعض القوانيين المثيرة للجدل؛ كقانون النظام العام، كما أعلنت أنها مع الحريات الدينية والحريات العامة، ودعمت ذلك بأن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات للسودانين.

وهذا الملف هو مطلب أمريكي لازم الحكومة السابقة كثيرا تحت داوعي تضيقها على الحريات الدينية للسودانيين.

يضاف إلى ذلك عدم ممانعة الحكومة الانتقالية بإيصال مساعدات إنسانية لمناطق النزاع في غرب وجنوب البلاد، وهو مالم يكن يحدث في السابق، حتى أن مسؤولين دوليين زاروا مناطق الحرب التي تسيطر عليها الحركات المسلحة في جنوب كردفان (جنوب) ودارفور (غرب) مؤخرا.

هذه المواضيع؛ "السلام، وحقوق الإنسان، وحرية الأديان والحريات العامة، وإيصال المساعدات الإنسانية"، هي مطالب أمريكية منذ العهد السابق، وأي أنجاز لحكومة "حمدوك" بشأنها فهو بالتأكيد يمهد الطريق فقط لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بحسب المراقبين.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي "عبدالحميد عوض الكريم"، أن هذه الملفات هي جزء يسير من مطالب أمريكية قد تستدعيها الإدارة الأمريكية لدى لقائها بـ"حمدوك"، لكنها ستركز على ما يتعلق بالإرهاب وخاصة التعاون الأمني بين البلدين.

ويتابع "عوض الكريم": "يبرز ملف التعاون الأمني كأحد الملفات الأساسية في ظل تعاون النظام السابق فيما يلي وضع السودان ودوره في الاستقرار الإقليمي".

ملفات أخرى حاضرة

ووفق الخبراء، فهناك ملفات أخرى قد تجد الحكومة السودانية أنها تسرع برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب إذا تعاملت فيها مع الإدارة الأمريكية بشكل أوسع.

جعل ذلك زيارة "حمدوك" مليئة بلقاءات مع مسؤولين في الإدارة الأمريكة لديهم علاقة بملفات تخص الإرهاب، بدءا بمسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية مرورا بالكونجرس والخزانة والخارجية، وجميع هذه الإدارات لها علاقة مباشرة بالإرهاب ووجود السودان في قائمته والعقوبات المفروضة عليه.

ويرى المحلل السياسي "عوض الكريم"، أن لقاءات "حمدوك" تتطلب حديثا مباشرا عن الأسباب التي أدت إلى دمغ السودان بصفة الإرهاب، ودوره الإقليمي فيما يخص دول الجوار، وكذلك مساهمته في استقرارها لا سيما جنوب السودان وليبيا وإفريقيا الوسطي وما يمكن أن يؤديه السودان من ادوار في إستقرار في هذه الدول.

ويرى بعض المحللين أن مصلحة أمريكا هي في دفع السودان لأداء أدوار أكبر في استقرار هذه الدول، وبالتأكيد أستقراره الذي لأن يتأتى إلا برفع اسمه من قائمة الإرهاب.

ويعتبر الصحفي السوداني "يوسف حمد"، أن التعاون الأمني بين الخرطوم وواشنطن ظل مستمرا في السنوات الأخيرة، وهو تعاون يتعلق بالجماعات الإسلامية ولن يختلف مع الحكومة الجديدة في الخرطوم؛ باعتبار أن حكومة "حمدوك" أيضا هي ضد الإرهاب والجماعات الإسلامية المتشددة؛ ما يجعل هدف الخرطوم وواشنطن واحد.

وأضاف قائلا: "التعاون الأمني قد يستمر بشكل أوضح بين البلدين دون أن يكون له تأثير على سيادة السودان؛ لأن مكافحة الإرهاب هدف مشترك للبلدين".

كثير من الأسئلة ستطرح إلى حين إنتهاء زيارة رئيس الوزراء السوداني، وأيضا عقب نهايتها، وقد يستغرق الحديث عنها وقتا أطول، إلى أن تظهر نتائجها على أرض الواقع بالنسبة للسودانيين من مغادرة بلادهم لقائمة الإرهاب أو بقائهم فيها لفترة أخرى قد تطول أو تقصر.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

عبدالله حمدوك العلاقات السودانية الأمريكية العلاقات الأمريكية السودانية

السودان يقر قانونا لتفكيك نظام وحزب البشير

مسؤول أمريكي: رفع السودان من قائمة الإرهاب يحتاج وقتا