ستراتفور: استقالة عبدالمهدي لن تنهي الاحتجاجات في العراق

الأربعاء 4 ديسمبر 2019 07:27 م

على الرغم من أن العراق هو أحد أكثر الدول الغنية بالنفط في العالم، إلا أنه يكافح لتوفير سبل العيش لجميع سكانه، ويطالب المشاركون في الاحتجاجات الحالية، الحكومة العراقية بحل هذه الفجوة والوقوف في وجه الجيران - وخاصة إيران - الذين يحاولون التأثير في قرارات البلاد.

ماذا حدث؟

في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري، قبل البرلمان العراقي استقالة رئيس الوزراء "عادل عبدالمهدي"؛ ما أدى إلى انتهاء ولايته بعد أكثر من عام بقليل من توليه منصبه.

وكان رئيس الوزراء قد أعلن عزمه على الاستقالة قبل ذلك بيومين، قائلا إن عرضه التنحي كان يهدف إلى المساعدة في تهدئة البيئة الملتهبة التي نشأت بين الحكومة العراقية والمحتجين في البلاد.

وقد خلفت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن أكثر من 400 قتيل خلال الشهرين الماضيين، منهم 50 شخصا قُتلوا في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني في مدينة الناصرية الجنوبية بعد أن استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي للسيطرة على المظاهرات التي أعقبت حرق القنصلية الإيرانية في النجف.

ونتيجة لذلك، سحب المرجع "علي السيستاني"، القائد الديني الشيعي الأعلى في العراق، دعمه لحكومة "عبدالمهدي" بعد يوم من هذه الحادثة؛ ما أفقد الحكومة أحد أهم مسوغات شرعيتها.

بماذا يهم ذلك؟

وبحسب ما ترجم "الخليج الجديد" عن موقع "ستراتفور" الأمريكي، لن يكون استبدال "عبدالمهدي" بمرشح مقبول لدى كل من المحتجين والنخب السياسية على حد سواء أمرا سهلا، ما يعني أن الركود السياسي في البلاد من المرجح أن يتعمق.

وفي الوقت الحالي، رفضت الكتلتان الأكبر في البرلمان وهما الكتلة الخاصة بالزعيم الشيعي المستقل "مقتدى الصدر"، وكتلة زعيم الميليشيات المتحالف مع إيران "هادي العامري"، العمل معا لإيجاد خليفة لرئيس الوزراء المستقيل.

وبخلاف ذلك، طرحت كتلة "الصدر" فكرة مفادها أنه بدلا من تسمية البرلمان لرئيس الوزراء مباشرة، كما ينص الدستور، فإنه يمكن إجراء استفتاء يسمح للناخبين باختيار رئيس الحكومة القادم من بين قائمة المرشحين الخمسة الذين طرحهم البرلمان.

ولكن من غير المرجح أن تكتسب الخطة تأييدا بين النخبة السياسية في العراق، حيث ترغب هذه النخب في الحفاظ على نفوذها السياسي والاقتصادي في نظام مبني على شبكة معقدة من الولاءات الطائفية.

ونتيجة لذلك، فإن رحيل "عبدالمهدي" لن ينهي الاضطرابات الشعبية، ولكنها ستكون مرشحة للزيادة. وقد أثرت الاحتجاجات المدمرة - التي استهدفت بعضها شبكات النقل العراقية - على التجارة، حيث قام المتظاهرون بقطع الطرق والوصول إلى البنية التحتية الحيوية مثل ميناء "أم قصر".

ويصر وزير النفط العراقي على أن تصرفات المحتجين لم تؤخر إنتاج النفط، ولكن إذا استمرت الاحتجاجات بنفس الوتيرة والشدة، فسيكون الأمر مسألة وقت فقط قبل أن تشعر صناعة النفط الحساسة اقتصاديا بالآثار.

وبينما لا يزال من مصلحة الحكومة إدارة الموقف دون تكتيكات عنيفة تذكي المزيد من الاضطرابات، إلا أن الحكومة ستكون على استعداد متزايد للترخيص بكل الوسائل التي يمكن أن تثبط الاحتجاجات، خاصة إذا بدأت في التأثير على الصناعات العامة، ويشمل ذلك ربما التصريح بعمليات القمع غير الرسمي التي تشنها مجموعات المليشيات الشيعية التي تعمل غالبا خارج إطار الأمن الحكومي.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

لا يحدد الدستور العراقي ما يفترض أن يحدث بالضبط بعد استقالة رئيس الوزراء. من المفترض أن يدير "عبدالمهدي" الحكومة العراقية في وضع تصريف الأعمال حتى يسمي البرلمان بديلا (من الناحية الفنية، أمام الرئيس 15 يوما بعد الاستقالة ليطلب من البرلمان إيجاد خليفة لرئيس الوزراء).

وسيكون الجدل الدائر حول إيجاد بديل مثالي شرسا، حيث من المرجح أن تتنازع الفصائل المتناحرة على هوية المرشح التواقفي الذي يمكنها جميعا دعمه في الوقت الراهن.

وسيكون لرئيس الوزراء القادم دور فعال في تشكيل مستوى النفوذ الأمريكي والإيراني في العراق، الذي يعد ساحة معركة رئيسية للحروب بالوكالة في المنطقة التي أغرقتها إيران بقدر كبير من رأس المال السياسي.

في حين أن بعض المحتجين سيكونون راضين لرؤية "عبدالمهدي" يغادر منصبه، إلا أن ذلك لن يفي بالإصلاحات الانتخابية والانتخابات الجديدة التي طالب بها الكثيرون، فحتى بعد أن قبل البرلمان استقالة "عبدالمهدي"، أشعل المتظاهرون في النجف النار فيما تبقى من القنصلية الإيرانية التي لحقت بها أضرار من حرق سابق.

وعلى الرغم من وجود ضغوط على البرلمان لتسمية بديل بسرعة للالتفاف على المزيد من الاضطرابات، فهناك فرصة كبيرة أن يرفض الجمهور أي مرشح من النخبة السياسية الحالية.

في غضون ذلك، تأمل الحكومة أن تساعد محاكمة بعض المسؤولين الحكوميين في امتصاص الغضب العام وتهدئة بيئة الاحتجاج.

وفي هذا السياق، أصدرت السلطات مذكرة توقيف بحق الفريق "جميل الشمري"، الذي قاد الرد الأمني ​​القاتل في 28 نوفمبر/تشرين الثاني بمدينة الناصرية. وفي حين أن تحميله المسؤولية عن المذبحة قد يهدئ من حدة الغضب مؤقتا، فإنه أيضا لا يعالج القضايا الأكبر التي تقود الاحتجاجات.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

احتجاجات العراق الاحتجاجات العراقية احتجاجات جنوب العراق مظاهرات العراق المظاهرات العراقية عادل عبدالمهدي حكومة عبدالمهدي

العراق.. من أمر بإطلاق النار على المحتجين بمجزرة الناصرية؟

مجهولون يطعنون 20 متظاهرا وسط بغداد

برلمان العراق يصوت على مشروع قانون مفوضية الانتخابات

أزمة دستورية جديدة بالعراق.. لا توافق على رئيس للحكومة