شهر على اتفاق الرياض المتعثر.. جنوب اليمن على صفيح ساخن

السبت 7 ديسمبر 2019 12:29 م

رغم مرور شهر على "اتفاق الرياض"، الموقع بين الحكومة اليمنية المدعومة سعوديا والمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال والمدعوم إماراتيا، إلا أن تنفيذ بنوده لا يزال متعثرا، وسط حالة من التوتر والاستنفار، وترقب لانفجار في الأوضاع على الأرض.

"اتفاق الرياض"، الذي تم توقيعه في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم يمنع تصاعد التوتر في المحافظات الجنوبية والاتجاه في معركة فاصلة بين شركاء الاتفاق، في ظل حالة الاستنفار بين قوات حكومة الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي"، وميليشيات "المجلس الانتقالي الجنوبي" في محافظات عدن وأبين وشبوة الجنوبية.

الخلافات زادت التوجّس بين الطرفين في ظل غياب الثقة بينهما، وأسهمت في تعقيد عملية التنفيذ على الأرض.

يأتي هذا التوتر والاستنفار بعدما فشلت السعودية في إعادة قواتها إلى عدن المسيطرة عليها ميليشيا الانتقالي الجنوبي.

وأمام ذلك، سلكت حكومة "هادي" طريق الحرب الباردة عبر فرض وجودها العسكري في محافظتَي شبوة وأبين؛ حيث مركز الصراع مع "الانتقالي الجنوبي".

كما استغلت حكومة "هادي" محاولات الرياض دفع الطرفين لتشكيل لجان عسكرية، وأعادت حضورها العسكري في عدن؛ حيث أرسلت قوات عسكرية كبيرة مدعّمة بمختلف أنواع الأسلحة من محافظة مأرب إلى عدن.

أما "الانتقالي الجنوبي" فرفض استمرار التحشيدات العسكرية لحكومة "هادي"، واعتبر ذلك مخالفا لاتفاق الرياض الذي يلزم بسحب "القوات الشمالية" من المحافظات الجنوبية، بعد 40 يوما من توقيع الاتفاق.

وباعتبار "الانتقالي الجنوبي" تحركات حكومة "هادي" انقلابا غير معلن على اتفاق الرياض، وجه ميليشياته لإعلان حالة الاستنفار القصوى، ورفع درجة الاستعداد القتالي في محافظتي عدن وأبين.

كما وجه ميليشياته بوقف أي تدفق لما وصفها بـ"ميليشيات الإخوان"، نحو أبين، حتى وإن استدعى ذلك استخدام القوة.

وهو ما حدث بالفعل الخميس، عندما اعترضت ميليشيات "الانتقالي" قوات تابعة لحكومة "هادي" في محيط مدينة أحور؛ ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين، استخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة.

وأدت الاشتباكات إلى مقتل نائب قائد "الانتقالي" في أحور "سالم السامحي" و4 آخرين، إضافة إلى مقتل وإصابة 6 من عناصر القوات الموالية لـ"هادي" التي قدمت باسم "اللواء الأول حماية رئاسية"، مسنودة بأكثر من 50 عربة وآلية عسكرية، بقيادة أحد مشايخ مأرب وكانت في طريقها نحو عدن.

عقب ذلك، دفع "الانتقالي" بتعزيزات عسكرية ضخمة لقوات الحزام الأمني التابعة له إلى الخطوط الأمامية في منطقة الشيخ سالم بمدينة زنجبار بمحافظة أبين؛ خشية اقتحام قوات "هادي" المدينة والسيطرة عليها.

وأعلن "الانتقالي الجنوبي"، بعد ذلك، سيطرته الكاملة على مدينة أحور، التي لم يكن فيها أي قوات موالية لحكومة "هادي"، بعدما طلبت منها السعودية الانسحاب.

كما استدعى "الانتقالي الجنوبي" ميليشيات تابعة له من محافظة الضالع لتغطية الفراغات في خطوط التماس مع قوات حكومة "هادي" في منطقة شقرة بأبين.

وبالتزامن، أعلنت قيادات محسوبة على "الانتقالي الجنوبي" أنها ستحرق أي قوة تتقدم نحو عدن، وستقاتل أي قوة تمنعها من ذلك.

كما هددت باعتقال رئيس وزراء حكومة "هادي" والوزراء الموجودين في عدن حال تقدّم أي قوات صوب عدن.

بموازاة ذلك، عاد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي "عيدروس الزبيدي"، إلى مدينة عدن، أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على متن طائرة إماراتية بصورة مفاجئة، تحسبا لأي مواجهات.

وشهدت مراسم استقبال "الزبيدي" عراقيل من قبل القوات السعودية التي تسيطر على مطار عدن، التي وجهت بإطفاء الكهرباء من مبنى وبرج المطار، لحظة وصوله، وإغراق المطار بالظلام؛ ما تسبب في إرباك المشهد، وفشل الاستقبال الرسمي الذي كان أنصار "الانتقالي الجنوبي" قد أعدوه له.

واعتبر مراقبون ما حدث من إفشال للاستقبال الرسمي لـ"الزبيدي"، رسالة من القوات السعودية، مفادها بأنه لم يعد من حق "الزبيدي" أن يحظى بهذا الاستقبال، بعد موافقته على عودة حكومة "هادي" إلى العاصمة المؤقتة عدن؛ كونه لا يحظى بأي صفة رسمية حتى الآن.

وزاد من الطين بلة، رفع "الانتقالي الجنوبي" سقف التهديدات ضد حكومة "هادي"، بعدما اتهمها بالعمل على تقويض الاتفاق، والعمل بشكل مضاد لبنوده على الأرض، ورفضها صرف رواتب ميليشياته.

بينما نفت حكومة "هادي" هذا الأمر، وردت عليه بالمثل، عبر اتهام "الانتقالي الجنوبي"، برفض تسليم الأسلحة الثقيلة، والانقلاب على اتفاق الرياض برفض العودة الكاملة للحكومة، وإعاقة عودة قوات "الحماية الرئاسية" إلى مدينة عدن، والاستمرار في السيطرة على مؤسسات الدولة في المدينة.

لم يقف الأمر عند ذلك، بل سارع "الانتقالي الجنوبي" إلى اتهام حزب "الإصلاح" (إخوان اليمن) بالسيطرة على قرار حكومة "هادي"، ومؤسسة الرئاسة القابعة في الرياض.

كل تلك الاتهامات المتبادلة بين طرفي الاتفاق، جرت وسط صمت قيادة التحالف السعودي، التي شُدّدت فيها الحراسات على معسكر التحالف في مديرية البريقا وسط المدينة، بعدما سجّلت 8 عمليات اغتيال، في غضون أسبوع، طالت عددا من ضباط الاستخبارات الموالين لحكومة "هادي"، وقيّدت في سجلات الشرطة باسم مجهول.

يشار إلى أن "اتفاق الرياض"، الذي وصفته مجموعة "الأزمات الدولية" بـ"الهشّ"، يضع إطارا زمنيا "غير واقعي" لدمج القوات العسكرية والأمنية المتنافسة، وهو سيعجز عن الصمود بسبب أزمة الثقة بين الطرفين، حسبما توقّعت المجموعة.

وما كشفت عنه الأحداث، خلال الأيام الماضية، يعزز تقديرات "الأزمات الدولية" باتساع نطاق مناهضة الاتفاق على الأرض من قِبَل تكتلات جنوبية متعددة، مثلما يحدث في محافظة المهرة.

ويشمل "اتفاق الرياض" بنودا رئيسية وملاحق للترتيبات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية بين الحكومة والمجلس الانتقالي، الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، بدعوى نهب الحكومات المتعاقبة لثروات الجنوب، وتهميشه سياسيا واقتصاديا.

وينص الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيرا، يعين الرئيس أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية، على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية.

كما يضمن مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي.

ويشكك مسؤولون يمنيون في الاتفاق الذي يعتبرون أنه أعطى التحالف العربي بقيادة السعودية "شرعية كاملة" لإدارة بلادهم، و"شرعن الميليشيات المناطقية المسلحة".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

اتفاق الرياض الانتقالي الجنوبي حكومة هادي جنوب اليمن

اتفاق الرياض.. هل يحمل الحل أم الفوضى لمستقبل اليمن؟

الانتقالي الجنوبي يتمسك بتنفيذ اتفاق الرياض وفقا لآليته المحددة

الرئيس اليمني: تنفيذ اتفاق الرياض أساس لعودة الدولة

تحذير أممي من انهيار اتفاق الرياض في اليمن

اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والانتقالي الجنوبي.. محلك سر