ألمانيا ووجوب ترك «اليورو»

الثلاثاء 21 يوليو 2015 09:07 ص

أثبتت آخر جولة للمفاوضات بين اليونان ودائنيها الأوروبيين مرة أخرى أن البلدان التي لديها مثل هذه الاقتصادات المتباينة لم يكن لها لتنضم للعملة الموحدة.

وكان من الأفضل لكافة الدولة المعنية، رغم ذلك، أن تغادر ألمانيا أولًا، بدلاً من اليونان. وبعد أشهر من المفاوضات المضنية، والاتهامات المتبادلة والانتكاسات، من الصعب رؤية أي فائزين. فالاتفاق الذي توصلت إليه اليونان مع دائنيها- إذا استمر-- يتبع نفس الاستراتيجية الاقتصادية التي فشلت مراراً وتكراراً في علاج أحوال البلاد. وسيشهد اليونانيون المزيد من الإجراءات التقشفية التي سبق أن صوتوا ضدها. وربما يحصل الدائنون على قدر أقل من أموالهم التي كانوا سيحصلون عليها في ظل حزمة من الاجراءات التقشفية الأقل وتخفيف فوري لعبء الدين.

مع ذلك، فإن الدائن الرئيسي وهو ألمانيا قدم خدمة لأوروبا: فمن خلال اقتراح بخروج اليونان من اليورو، انتهكت مقدساً سياسياً. وعلى مدى عقود، كان السياسيون يروجون لعملة مشتركة باعتبارها رمزاً للوحدة الأوروبية، بالرغم من الاقتصادات المعيبة التي أشار إليها «نيكولاس كالدور»، الأستاذ بجامعة كامبريدج منذ 1971، بيد أن هذا تغير اعتباراً من 11 يوليو، عندما وافق وزراء المالية الأوروبيون على أنه ربما يكون من المعقول والعملي لبلد عضو المغادرة. وقالوا «في حالة عدم التوصل لأي اتفاق، ينبغي تقديم مفاوضات سريعة لليونان لتحديد مهلة».

مع ذلك، فإن فكرة الخروج تستحق التفكير فيما وراء الحقيقة السياسية الحالية والنظر فيمن يجب عليه الرحيل. فإذا خرجت اليونان، وربما تتبعها البرتغال وإيطاليا في السنوات اللاحقة، فإن العملات الجديدة للدول ستشهد هبوطاً حاداً في قيمتها. وهذا من شأنه أن يجعل الدول غير قادرة على سداد ديونها باليورو، ما يثير تعثرات متعاقبة. وعلى الرغم من أن انخفاض قيمة العملة سيجعل هذه الدول أكثر قدرة على المنافسة في نهاية المطاف، إلا أن الألم الاقتصادي سيطول حتماً ليخرج عن حدودها.

ولكن، رغم ذلك، إذا غادرت ألمانيا منطقة "اليورو" – كما أشار مؤسس مجموعة «سيتاديل» (القلعة) «كينيث جريفين» والخبير الاقتصادي بجامعة شيكاغو «أنيل كاشياب» والمستثمر «جورج سوروس» -- فإنه لن يكون هناك أي خاسرين.

وستتسبب العودة إلى المارك الألماني في انخفاض قيمة "اليورو" على الفور، ما يعطي الدول الواقعة في محيط أوروبا الدفعة التي تشتد الحاجة إليها في القدرة التنافسية. إن إيطاليا والبرتغال لديها اليوم نفس الناتج المحلي الاجمالي الذي كان لديها عندما تم إدخال "اليورو"، في حين أن الاقتصاد اليوناني، الذي ارتفع بعد فترة وجيزة، معرض الآن لخطر الهبوط إلى ما دون نقطة البداية. ومن شأن "اليورو" الأضعف إعطائهم فرصة لبدء تحقيق النمو. وإذا، أتبعت هولندا وبلجيكا والنمسا وفنلندا ألمانيا، ربما لتكوين كتلة عملة جديدة، فإن قيمة "اليورو" ستتراجع بشكل أكبر.

إن الاضطراب الناتج عن احتمال خروج ألمانيا من «اليورو» سيكون طفيفاً. ولأن المارك الألماني سيشتري مزيداً من السلع والخدمات في أوروبا (وفي سائر أنحاء العالم) مقارنة بحال «اليورو» اليوم، فإن الألمان سيضحون أكثر ثراء على الفور. وقيمة الأصول الألمانية في الخارج ستصبح أقل عند تسعيرها بالمارك الألماني، لكن تسديد الديون الألمانية سيكون أكثر يسرا.

 

* أشوكا مودي أستاذ زائر في السياسة الاقتصادية الدولية بجامعة بريستون

  كلمات مفتاحية

ألمانيا اليورو المارك الألماني اليونان

«ميركل»: اليونان ستحصل على حزمة إنقاذ مالي ولكن دون إسقاط جزء من الدين

وقف النزف اليوناني

خلل في «مملكة» اليورو

اليونان تهز منطقة اليورو لكنها لن تفككها

«نهاية الإدماج» في أوروبا: ألمانيا نموذجاً

الصين تواصل التوغل أوروبيا بتوقيع عقود تجارية بالمليارات في بكين