لماذا ستعيد صفقة إيران تشكيل حدود الشرق الأوسط المخضبة بالدماء؟

الخميس 23 يوليو 2015 10:07 ص

فقط، قم بإلقاء نظرة على خريطة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويمكنك عندئذ رؤية العديد من الخطوط المستقيمة الموصوفة بالحدود «الوطنية» لدول مثل اليمن وعمان والعراق وسوريا ومصر والسودان وهلم جرا. وهذه الحواف السياسية غير الطبيعية تخبركم أن لحم ودماء الشعوب التي تعيش هناك سوف تسعى لإعادة الأسوار لعشائرهم بعد أن عانت من جميع أنواع الاشتباكات العرقية الطائفية مع جيرانهم. وما هو أكثر إحباطا هو أن أفغانستان والعراق ومصر تحت «الإدارة» الأمريكية قد فشلت في تجسيد أن الانتخابات الديمقراطية مهما كانت حقيقية يمكنها حل الصراعات الطائفية داخل هذه الدولة. وفي العراق،على سبيل المثال، حيث السنة أقلية ليس لديهم فرصة الفوز بلعبة العدد تلك للحصول على ولاية بغداد، لذلك لماذا لا ينضمون إلى الجهاديين لإقامة دولة جديدة خاصة بهم؟

«الفوضى أسوأ من الظلم». يبدو ذلك مثل خلاصة «روبرت كابلان» عن موعظة «هنري كيسنجر» لصانعي السياسات التي جذبت انتباه المسؤولين في البيت الأبيض. ولأن مصطلح «بلاد الشام» يغطي مناطق وشعوب في قبرص ومصر والعراق وإسرائيل والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا وحتى تركيا، فإن الدبابات المدرعة التي تحمل أعلام وتقوم بتفجيرات انتحارية لا نهاية لها تحت اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» هي دلائل تكهن على أن خطوط الحدود المستقيمة في الشرق الأوسط هناك تواجه تحديات.

خريطة الشرق الأوسط على وشك أن يتم إعادة رسمها بمزيد من سلاسل إراقة الدماء التي تنتشر من سوريا (العلويين ضد السنة) إلى العراق (الأكراد ضد السنة مقابل الشيعة)، اليمن (الزيدية الحوثيين ضد السنة مقابل تنظيم القاعدة)، ومصر (الإخوان المسلمين ضد الجيش العلماني)، وهلم جرا. ومن شأن هذا التعديل العرقي الجغرافي الذي يصيبه الجهاديون «المتطرفون» بالاضطراب، إذا لم يتم تحديده أو إبقائه في أنظمة معينة، فسوف يطمس وضع الولايات المتحدة في هذه المنطقة.

ومع ذلك، فإن فك عقدة الغريم التاريخي والديني والاقتصادي بين شعوب الشرق الأوسط يبدو أنها دعمت السلطة المطلقة للأمريكيين. فبعد 25 عاما من القتال منذ حرب الخليج في 1990 - 1991، فإن إرسال فصائل من المشاة ومشاة البحرية للهبوط في هذه الدوامة من الرمال بالكاد يجني تأييدا شعبيا. وبالتالي فإنه من المنطقي بالنسبة لواشنطن جذب أي أصحاب مصلحة محليين عاملين للمساعدة، خاصة لتوفير جنود مشاة بهدف تحمل العبء الأكبر من قطع الرأس.

داخل هذه المنطقة نزيف في الوقت الحاضر، ولا يوجد سوى دولتين ما زالا يعملان في الواقع، المملكة العربية السعودية وإيران، في حين أن كل الآخرين (بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت المستقرتين نسبيا) إما تعتمد اعتمادا كبيرا على التوجيه الخارجي للحكم أو بالفعل في حرب أهلية من نوع ما. وعلى الرغم من أن هذين البلدين يظهران كاثنين من الجحافل المعادية التي تمزق المنطقة إلى أجزاء، فهما قادرتان على ضبط إيقاع المعارك بالوكالة بينهما (مثل القتال في اليمن) والأهم من ذلك، الحد من نمو نمو الجماعات المتطرفة لأن كلا منهما يملك معلومات من الداخل مهمة ولازمة، وشبكات تحت الأرض (إيران معروفة بتمويل تحركات حزب الله في الخليج وشبكة عبد الله الترابي مع الجهاديين السنة). عندما يصبح عدو العدو صديق، لا ينبغي أن يعتبر تكتيك زراعة أرضية مشتركة مع إيران لتشكيل كتيبة على أنه شذوذ.

إيران لديها القدرة على أن يُنظر إليها كفريق وظيفي على أساس أربع اعتبارات على الأقل. أولا: هي دولة موثوقة من الناحية الإدارية، فما عادت مصدر قلق الآن، وتعمل بشكل جيد لاتساق السياسات. وبعد أن ترأس «خامنئي» لفترتين مدة كل منهما أربع سنوات (1981 - 1989)، وخليفته «رفسنجاني» (1989-1997)، و«خاتمي» (1997 - 2005) و«أحمدي نجاد» (2005 - 13)، فمن الممكن أن تكتمل بسلاسة على نفس الخط (تم تجاهل هذا الاستحقاق من قبل العديد من النقاد ولكن نظام الحاكم القائد المماثل في بكين قد أثبت أنه يعمل بشكل جيد). ونظرا لهذا السجل الحافل، فإن الرئيس الحالي «حسن روحاني» (2013- ...)، الذي يصور نفسه بصورة ليبرالية، ربما يبقى أكثر في منصبه للالتزام بالاتفاق، ويمكن توقع تصرفه كصدى صوت لمطالب الغرب طوال فترات حكمه المتوقعة حتى 2021.

ثانيا: الثقة في تنفيذ إيران للاتفاقية مع مجموعة الخمس زائد واحد والميل نحو التعاون ضمنه بطريقة ما، القادة الصينيون الذين يحرصون على إعادة إنعاش طريق الحرير، والذي يجب أن يمر عبر الشرق الأوسط للوصول إلى أوروبا وإفريقيا.

ثالثا: لعبة السياسة العرقية بين السعوديين السنة والشيعة الفرس ليست هي الطريقة المثلى لحفظ طموحات طهران في الاختيار. وسوف تعمل السعودية والدول التابعة لها (بعضها مشتبه به في تمويل تنظيم الدولة الإسلامية) بمثابة طلائع أصلية لموازنة النفوذ الإيراني عند إعادة رسم  حدود وطنية جديدة في منطقة «بلاد الشام».

رابعا: العديد من الإيرانيين، لا سيما في طهران، يمكنهم التحدث باللغة الإنجليزية أو على الأقل فهمها نوعا ما. ويمكن لعملية رفع العقوبات أن تعزز من التبادلات الثقافية والتجارية الكبيرة بين هذه الأمة وصديقتها القديمة الولايات المتحدة والأمريكيين. التعارف والتقارب بشكل أفضل مع الفكر الغربي ليس فقط سيخفف من مدى العداء لأمريكا هناك، ولكنه أيضا سوف يوسع من نطاق عمليات التسوية في المستقبل. (ولسوء الحظ، لدى الجانب الأمريكي مشكلة جديدة في هذا الجانب). ولقد سلط البروفيسور «تشارلز كينج» من جامعة جورج تاون الضوء مؤخرا على أحد الأسباب المتعلقة بــ«تراجع الدراسات الدولية الأمريكية» وهو تقلص المشاركة في الدورات التي يرعاها برنامج تعليم الأمن القومي لجميع «اللغات الحرجة» التي تشمل العربية والروسية والفارسية.

وعلى غرار حل يوغوسلافيا في فترة التسعينيات، فإن الحروب العرقية الطائفية حتما سوف تعيد تشكيل الشرق الأوسط، وإعادة تشكيل حدود القومية الجديدة. إدارة «أوباما»، التي لاحظت أن الولايات المتحدة غير قادرة على وضع قواعد جديدة من جانب واحد، على قدر من الحكمة لتحمل المخاطر اللازمة للعب سياسات عرقية بين السعودية وإيران لاستعادة النظام والإبقاء على مصالحها الجيوسياسية هنا.

  كلمات مفتاحية

إيران سوريا العراق السعودية الاتفاق النووي

«فورين بوليسي»: هل نشهد ميلاد نظام شرق أوسطي جديد؟

الشرق الأوسط وسوريا والعراق: الآثار المترتبة على صفقة إيران النووية

كيف سيشكل النفط مستقبل العلاقات السعودية الإيرانية بعد الاتفاق النووي؟

«بروجيكت سينديكت»: كيف ربحت إيران في الشرق الأوسط؟

«يوشكا فيشر» يكتب: السعودية وإيران تتنافسان لسد الفراغ الإقليمي

المستقبل الميداني لمشروع إيران الإقليمي

«ستراتفور»: صور الأقمار الصناعية تظهر الاستراتيجية النووية المزدوجة لإيران

إيران تبيع 32 طنا من «الماء الثقيل» للولايات المتحدة