محللون: رد إيران على اغتيال سليماني سيكون فتاكا

السبت 4 يناير 2020 09:51 ص

يعتقد أغلب المحللين أن الرد الإيراني على اغتيال قائد "فيلق القدس" الجنرال "قاسم سليماني" سيكون "فتاكا"؛ كون الضربة الأمريكية طالت هيبة طهران ومكانتها الإقليمية، ونظرا للصلة الشخصية التي ربطت المرشد الإيراني الأعلى "علي خامنئي" بـ"سليماني".

وتعد طهران إقدام الولايات المتحدة على اغتيال "سليماني"، أقوى الشخصيات الإيرانية بعد "خامنئي"، عمل من أعمال الحرب يهدد بتفجير الأوضاع في المنطقة.

فبإصدار الأمر بتنفيذ الضربة الجوية في بغداد الجمعة مستهدفا القائد الأسطوري لـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني خطا الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بالولايات المتحدة وحلفائها إلى أرض مجهولة في مواجهة إيران والفصائل التي تعمل لحسابها والتي جرى إعدادها منذ فترة طويلة لضرب أعداء طهران في مختلف أنحاء المنطقة.

كما أن الضربة تمثل مجازفة بالانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة يمكن أن تزج بالمنطقة في أتون حرب شاملة.

وعن ذلك، قال الباحث الزميل بمركز كارنيجي الشرق الأوسط في بيروت "مهند حاج علي": "قيام الولايات المتحدة باغتيال سليماني مباشرة هو تحد صريح وعلى إيران أن ترد بعمل لإنقاذ ماء الوجه وإلا فإن الصورة والمكانة اللتين حرصت طهران على إبرازهما في العقدين الأخيرين يصبحان على المحك صراحة".

وأضاف: "هذه ليست نهاية الأمر".

حقق "سليماني" شهرته في الحرب الدامية مع العراق التي درات رحاها بين عامي 1980 و1988، وأصبح في العام 1998 قائدا لـ"فيلق القدس"، المسؤول عن عمليات التدخل في الخارج تحت لواء الحرس الثوري الإيراني.

وبعد الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003، الذي أطاح بـ"صدام حسين" ومكن الأغلبية الشيعية من السلطة، كوّن "فيلق القدس" مجموعة من الفصائل القوية التي تعمل لحسابه لمهاجمة الاحتلال الأمريكي.

تم تشكيل هذه الفصائل على غرار جماعة "حزب الله"| الشيعية التي شكلتها إيران في لبنان عام 1982 بعد الغزو الإسرائيلي في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية. غير أن هذه الفصائل كانت أكبر نحو 4 مرات من "حزب الله".

وعندما سقطت سوريا فريسة لحرب من جراء الانتفاضة السنية التي بدأت عام 2011، حشد "سليماني" وفصائل عراقية و"حزب الله"؛لإنقاذ حكم رئيس النظام السوري "بشار الأسد" وإقامة قلعة جديدة لفيلقه.

ومكن ذلك إيران من الربط بين الفصائل شبه العسكرية التي تعمل لحسابها عبر العراق وسوريا حتى البحر المتوسط؛ الأمر الذي أثار انزعاج حلفاء الولايات المتحدة مثل (إسرائيل) والسعودية ومصر.

أصبح "سليماني"، العقل المدبر وراء هذه السياسة، أسطورة في المنطقة ورمزا شعبيا في إيران بعد أن قادت قواته الحرب على "تنظيم الدولة"، الذي أسس دولة خلافة في سوريا والعراق عام 2014 إثر انهيار الجيشين النظاميين في البلدين.

غير أنه كان هناك ثمن للنجاح الكبير، الذي حققته استراتيجية الفصائل التي يرجع الفضل فيها لـ"سليماني".

وكانت تلك الاستراتيجية تقوم على حشد دائم لفصائل مسلحة بصواريخ موجهة وطائرات مسيّرة.

وبإيعاز من "سليماني" و"فيلق القدس" صعدت قوات "الحشد الشعبي" تحرشاتها بالقوات الأمريكية في العراق.

غير أن مقتل متعاقد أمريكي في قاعدة بشمال العراق في هجوم شنه فصيل كتائب "حزب الله" العراقي الأسبوع الماضي دفع القوات الأمريكية لشن غارات جوية أسفرت عن مقتل 25 مقاتلا من الموالين لإيران.

وردا على الضربات حاصرت الفصائل السفارة الأمريكية في بغداد واقتحمت المحيط الخارجي للمجمع قبل أن تنسحب.

وربما كان هذا الحادث الذي يذكر باحتلال السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، ذلك الحدث المهين الذي لم يغفره الأمريكيون قط، هو الذي دفع "ترامب" المقبل على انتخابات الرئاسة ومحاكمة في الكونجرس ترمي لعزله هذا العام إلى توقيع الأمر باغتيال "سليماني".

وقال الكاتب والمعلق السياسي "نعوم سركيس"، أحد المحللين البارزين في المنطقة: "الأمريكان لم ينسوا أبدا اقتحام سفارتهم في طهران ورهائنهم ... هذه بالنسبة لهم أكثر من مقتل سليماني؛ لأن سفارتهم كانت رمز الدولة والنفوذ".

وأضاف: "مشهد اقتحام السفارة من قبل الميليشات بالعراق أعاد الذاكرة إلى حادث اقتحام السفارة الامريكية في طهران".

من وجهة النظر الإيرانية تمثل الاحتجاجات على الفساد وسوء الحكم في العراق ولبنان تذكرة ببداية الصراع السوري الذي تدخلت فيه قوات "سليماني" لإنقاذ "الأسد".

وسافر "سليماني" إلى البلدين في الأسابيع الأخيرة لضمان إمساك حلفائه في "حزب الله" وقوات "الحشد الشعبي" بالزمام لحماية النفوذ السياسي والعسكري الإيراني.

وبعد اختفاء "سليماني" من المتوقع أن تضاعف إيران مساعيها في العراق ولبنان وسوريا واليمن فيما تعتبره خطوطها الأمامية في مواجهة محاولة تقودها الولايات المتحدة لتطويقها بمساعدة (إسرائيل) والسعودية.

وسبق أن أعطت إيران أمثلة على الكيفية التي يمكن أن ترد بها.

فبعد انسحاب إدارة "ترامب" من الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى عام 2015 انتقل الحرس الثوري وحلفاؤه الذين يعملون لحسابه من الهجمات المحدودة على ناقلات النفط في الخليج إلى هجمات مثيرة بالصواريخ والطائرات المسيرة على منشآت نفط سعودية.

ويرى محللون الآن أنه من المؤكد أن الرد الإيراني على الولايات المتحدة وحلفائها سيكون متعدد المحاور.

  • توحيد فصائل شيعية

وقد وحد مقتل "سيلماني" فصائل شيعية عراقية متنافسة لتطالب معا برحيل القوات الأمريكية عن العراق.

وقال مسؤول كبير في التحالف: "عندما يتخذ الأمريكيون هذا القرار المتعمد بقتل سليماني؛ فهذا يعني أنهم اتخذوا قرارا بالحرب".

وأضاف: "هذه الجريمة الجبانة هي تخط للخطوط الحمر وهي غدر أمريكي سيعيد خلط كل الأوراق في المنطقة".

وقال "حاج علي":  "لن يأتي الثأر سريعا. فهم (الإيرانيون) رابطو الجأش حتى في وضع كهذا يتدارسون خياراتهم ثم يردون. سيستغرق الأمر بعض الوقت، لكن كل الخيارات مطروحة على الطاولة".

وقال "نعوم": "عملية سليماني هي ضربة كبيرة بالصميم لإيران: ضربوا الرجل الثاني بعد خامنئي وضربوا الزعيم المقبل لإيران وضربوا النشيط وصاحب الإنجازات والعقل الإيراني".

ووصف السفير الإيراني في الأمم المتحدة "مجيد تخت روانجي" عملية اغتيال "سليماني" بأنها إعلان حرب، مؤكدا أن "الرد على العمل العسكري يكون بعمل عسكري".

وقال "روانجي"، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الإخبارية، إن قتل "سليماني"، وهو أبرز قائد عسكري إيراني، في ضربة جوية أمريكية، "أشبه بشن حرب".

وأضاف: "الولايات المتحدة دخلت باغتيال سليماني مرحلة جديدة، بعدما بدأت حرباً اقتصادية بفرض عقوبات مشددة على إيران في عام 2018".

كان مسؤولون أمريكيون ذكروا أن الغارة التي قتلت "سليماني" كانت جزءا من استراتيجية وافق عليها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الخميس.

والجمعة، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) مقتل "سليماني" بناءً على توجيهات من "ترامب".

وقتل "سليماني"، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي"، "أبو مهدي المهندس"، و8 أشخاص كانوا برفقتهما، إثر قصف صاروخي من جانب قوات أمريكية استهدفت سيارتين كانا يستقلانها على طريق مطار بغداد.

واتهمت البنتاجون "سليماني"، في بيان، بأنه كان يعمل على تطوير خطط لمهاجمة دبلوماسيين وموظفين أمريكيين في العراق والمنطقة.

وأشعل مقتل "سليماني"، غضبا في إيران التي توعدت بـ"رد قاس وصارم"، فيما أعلن على إثره المرشد الأعلى "علي خامنئي" الحداد في البلاد لمدة 3 أيام.

المصدر | الخليج الجديد + رويترز

  كلمات مفتاحية

اغتيال قاسم سليماني مقتل سليماني

كيف علقت دول الخليج على اغتيال قاسم سليماني؟

بومبيو يجري اتصالات مع 6 دول على خلفية مقتل سليماني

نيوزويك: إيران ربما تضرب قواعد عسكرية بالسعودية والإمارات

اعتقالات وتحقيقات بالعراق لكشف ملابسات اغتيال سليماني