إنسايد أرابيا: إرث السلطان قابوس الذي يجب أن نحذو حذوه

الاثنين 20 يناير 2020 05:54 م

استيقظ الشرق الأوسط يوم السبت، 11 يناير/كانون الثاني، على نبأ وفاة السلطان العماني "قابوس بن سعيد"، أحد الزعماء ذوي الرؤية القلائل المتبقين في المنطقة.

وبما أنه معروف بكونه صانع سلام في العالم العربي، فإن موته هو خسارة لرجل عمل بجد حتى لا يدع بلاده تعاني من المشكلات والتوترات التي تهدد استقرار المنطقة.

استيعاب التحديات الداخلية

على الصعيد المحلي؛ فإنه منذ تولي "قابوس" للسلطة في 1970، قام بإجراء إصلاحات حولت البلاد بشكل كبير وحسنت حياة شعبها.

كانت حكمته حاضرة دائمًا، حتى عند التعامل مع التحديات، على سبيل المثال، عندما كانت هناك احتجاجات في عمان في عام 2011، كان علاج "قابوس" للأصوات الغاضبة هو إجراء إصلاحات مهمة.

أوردت الأنباء أن السلطنة وفرت 50 ألف وظيفة حكومية جديدة، ورفعت الحد الأدنى للأجور، ودعمت أكثر من 80 ألف أسرة منخفضة الدخل، وزادت فرص الالتحاق بالجامعة، ورفعت الرواتب، كما أقال السلطان الراحل اثنين من كبار الوزراء استجابة لمطالب المحتجين.

منع تنفيذ هذه الإصلاحات السيناريوهات التي حدثت خلال الربيع العربي في بلدان أخرى من الحدوث في عمان، علاوة على ذلك، كفل "قابوس" أن التوحيد الوطني كان موضوعًا رئيسيًا لقيادته.

وقد كتب "مارك فاليري"، مدير مركز الدراسات الخليجية بجامعة إكستر: "هذه العلاقة بين قابوس والدولة كانت في مركز حكمه منذ تولي السلطان السلطة عام 1970. وبالاعتماد على عائدات النفط في البلاد، عزز السلطان شرعيته من خلال تنفيذ سياسة طموحة للتوحيد الوطني وأنشأ قطاعًا شاسعًا من الموظفين المدنيين الذين اعتمدوا على النظام من أجل بقائهم".

سياسة خارجية محايدة

على الصعيد الدولي، كان يُنظر إلى "قابوس" كوسيط موثوق به وصديق للجميع وجسر بين الخصوم، خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، ظلت عُمان محايدة ولعبت دورًا دبلوماسيًا إيجابيًا.

وخلال حرب الكويت والعراق، على الرغم من إدانة عمان لغزو العراق، كانت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع بغداد، كما حاولت خلق فرص لحل الأزمات.

كان دور "قابوس" في مجلس التعاون الخليجي دورًا مهمًا أيضًا، تحدث السلطان الراحل عن حقوق الفلسطينيين بشكل مستمر في خطبه، وعارضت عُمان الحرب الأمريكية على العراق عام 2003.

علاوة على ذلك، كانت السلطنة هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقطع علاقاتها مع سوريا بعد الربيع العربي، وأحد أهم إنجازاتها الدبلوماسية هو أنها استضافت المحادثات السرية التي أدت إلى اتفاق الولايات المتحدة وإيران النووي لعام 2015.

لسوء الحظ، فإن انسحاب الرئيس "ترامب" من الصفقة أهدر الجهد الهائل الذي أدى إلى الصفقة التاريخية.

تم الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية العمانية مع جميع دول الخليج في عهد "قابوس"، ولم يسمح للعلاقات الطيبة مع طهران أن يكون لها تأثير على علاقاته مع الدول المجاورة؛ التي لديها نهج أكثر عدوانية تجاه إيران.

إن فرض الحصارات، وبدء الحروب، وممارسة الضغوط على الدول العربية الشقيقة لم يكن أبدًا على أجندته، وبدلاً من ذلك، دعا باستمرار إلى حلول سلمية وظل صامدًا ومحايدًا في الأزمة الإقليمية.

وقال "جي إي بيتيرسون"، وهو مؤرخ ومحلل سياسي متخصص في شبه الجزيرة العربية والخليج: "قبل عام 1970، اتبعت عمان سياسة خارجية منعزلة بثبات، تاركةً لبريطانيا للتفاعل مع العالم الخارجي، وبعد ارتقاء السلطان قابوس، ازدهر التواصل العماني مع جيرانها في الخليج، ما أثمر في نهاية المطاف عن سياسة شبه حيادية وتفاعل موزون مع جميع الجهات الفاعلة".

وأضاف "بيتيرسون"، الذي شغل منصب مؤرخ القوات المسلحة بالسلطنة: "من شفا الحرب مع جنوب اليمن، صاغت عُمان معاهدة وحدوداً دقيقة".

وأضاف: "أقيمت العلاقات الدبلوماسية مع الصين أولاً ثم الاتحاد السوفييتي قبل معظم دول الخليج، ومع ذلك بقيت العلاقات مع بريطانيا قوية وتعمقت العلاقات السياسية والأمنية مع الولايات المتحدة. وبالرغم من التزام عُمان التزاما تاما بمجلس التعاون الخليجي، حافظت على روابط مفيدة مع إيران و(إسرائيل). تكمن قوة هذه السياسة الخارجية في عدم صنع أعداء أبداً، وإبقاء جميع القنوات مفتوحة، والسعي للحفاظ على مسار محايد عبر حقول الألغام".

اتباع نهج "قابوس"

تعهد السلطان الجديد "هيثم بن طارق"، بمواصلة هذا المسار، وفي واحدة من تصريحاته الأولى كسلطان، وعد "هيثم" بالتمسك بسياسة مسقط للتعايش السلمي مع جميع الدول أثناء تطوير الاقتصاد العماني، وقال: "سنواصل المساعدة في حل النزاعات سلميا".

يمكن للمرء أن يجادل بأن التوحيد الوطني الذي عمل "قابوس" على ترسيخه هو أحد أسباب انتقال السلطة بشكل سلس وأسرع مما توقعه بعض الخبراء، وفي الواقع، فإن نجاح الانتقال جعل سلطنة عمان تتخطى أحد التحديات المبكرة لفترة ما بعد "قابوس".

تجدر الإشارة إلى أن السلطان الجديد الذي تلقى تعليمه في أكسفورد شغل منصب وزير التراث والثقافة وكان رئيسًا للجنة الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".

يقال إنه معروف في دوائر السياسة الدولية بتفاعله مع زعماء العالم وأفراد العائلات المالكة، كما يتمتع بخبرة واسعة في الشؤون الخارجية، حيث عمل لعدة سنوات في وزارة الخارجية ومبعوثًا خاصًا لـ"قابوس"، ومع الخبرة التجارية أيضًا، ربما تكون تجربة "هيثم" المحلية والأجنبية قد أسهمت في اختيار "قابوس" له كخليفة له.

ترك "قابوس" خلفه مسارًا ينبغي اتباعه، وإذا نجح السلطان "هيثم بن طارق" في مواجهة التحديات التي من المحتمل أن يواجهها، مثل تحفيز الاقتصاد وتطبيق نهج السياسة الخارجية المحايد الذي اتبعه "قابوس"، فقد يلعب هذا دورًا في زيادة شعبيته بين العمانيين، وكذلك الحفاظ على صورة السلطنة المشرقة في العالم.

المصدر | عبدالعزيز كيلاني | إنسايد أرابيا - ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قابوس بن سعيد خلافة قابوس قابوس خلافة السلطان قابوس قابوس آل سعيد وفاة السلطان قابوس دول مجلس التعاون الخليجي دول «مجلس التعاون الخليجي»

هيثم بن طارق وسياسة الحياد العمانية.. إجماع عائلي بدوافع اقتصادية

هل تعصف الطموحات التوسعية للسعودية والإمارات بالحياد العُماني؟

حكم سلطان عمان الجديد.. تشاركي أم احتكار للسلطة على خطى قابوس؟