تدريس اللغة الصينية في السعودية.. دبلوماسية ناجحة وطعنة بظهر الإيغور

الجمعة 31 يناير 2020 10:00 م

منذ تولي العاهل السعودي "سلمان بن عبدالعزيز"، ونجله ولي العهد "محمد بن سلمان" مقاليد الحكم في السعودية مطلع عام 2015، شهدت العلاقات بين الرياض وبكين تطورا متسارعا وتقاربا غير مسبوق.

وفي مارس/ أذار 2017 كان الملك "سلمان" أول عاهل سعودي يجري زيارة رسمية إلى الصين، حيث وقّع الجانبان اتفاقيات بأكثر من 65 مليار دولار، بينها إنشاء مصنع صيني للطائرات العسكرية من دون طيار في المملكة، وهي خطوة جاءت ردا على رفض واشنطن تقديم هذه التكنولوجيا للرياض بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

وفي فبراير/ شباط 2019، توج هذا التقارب المتزايد في العلاقات بين البلدين الآسيويين بزيارة أجراها ولي العهد "محمد بن سلمان" إلى بكين، وشهد خلالها توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم حول التعاون الثنائي بين السعودية والصين.

وفى محاولة لتعزيز الصداقة بين البلدين، وكثمرة مباشرة لزيارة ولي العهد السعودي للصين، جري الاتفاق على البدء في وضع خطة لإدراج اللغة الصينية في المقررات الدراسية للمدارس والجامعات السعودية.

وبحسب الاتفاق، ستقوم الصين بتمويل جزء من البرنامج؛ ما سيخلق 50 ألف وظيفة لمعلمين سعوديين يدرسون اللغة الصينية، كما أن تعلم اللغة سيعطي أولوية للسعودية للاستفادة من الاقتصاد الصيني الكبير سواء في التجارة أو السياحة، خاصة مع سعي المملكة لاستقطاب 20 مليون سائح صيني لزيارتها.

ومنذ 19 يناير/ كانون الثاني 2020، أعلنت وزارة التعليم السعودية تدريس اللغة الصينية في ثمان مدارس للبنين بالتزامن مع انطلاق الفصل الدراسي الثاني في البلاد.

أهداف متعددة

وتأتي اللغة الصينية "الماندرين" أكثر اللغات استخدانا في العالم (ولكنها في الوقت ذاته من أصعب اللغات)، تليها الإنجليزية والأسبانية والهندية والعربية.

وتعد الماندرين الصينية هي اللغة الرسمية في تايوان وجمهورية الصين الشعبية، كما إنها إحدى اللغات المستخدمة في بروناي، وكندا، وماليزيا، ونيوزيلندا، وسنغافورة، وفيتنام.

واعتبرت السعودية أن إدراج اللغة الصينية بمثابة خطوة مهمة باتجاه فتح آفاق دراسية جديدة أمام طلاب المراحل التعليمية المختلفة بالمملكة، باعتبار أن تعلمها يعد جسرا بين الشعبين سيسهم في زيادة الروابط التجارية والثقافية.

وقالت المملكة إن هذه الخطوة تعكس الاهتمام بالانفتاح على لغات الدول المتقدمة تكنولوجيا، كما تعكس حالة استشراف حقيقية للمستقبل، باعتبار أن تعلم هذه اللغة يعد أحد أهم المقومات اللازمة للتواصل مع قوة عظمى اقتصادية مثل الصين.

وفى تعليقه على تدريس اللغة الصينية في المدارس والجامعات السعودية، قال "سليمان العقيلي" عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية لموقع "ميديا لاين"، إن هذه الخطوة جزء من سياسية الانفتاح الجديدة لـ"رؤية 2030"، مشيرا إلى أن التجارة بين الرياض وبكين بلغت حوالي 60 مليار دولار في عام 2018 أي بزيادة تقارب الثلث عن العام السابق له.

وأشار إلى أن اللغة الصينية من أصعب اللغات في التعلم، إلا أنها ستساعد الشباب السعودي في الاستفادة من معارف الصين والاستفادة من تجاربها في مجال الذكاء الاصطناعي والتنمية الصناعية.

من جانبه أكد "خالد بن علي" الأستاذ بجامعة الفيصل بالرياض، لـ"ميديا لاين"، أن الصين تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية التبادل التجاري مع المملكة، وهناك استثمارات صينية كبيرة في منطقة جازان (جنوب غرب المملكة)، بالإضافة إلى استثمارات أخرى في السياحة والكيماويات والبتروكيماويات، فيما تستثمر السعودية في العديد من المشاريع الصناعية والنفطية في الصين.

وأضاف أنه "من المتوقع خلال 20 عاما أن يكون الاقتصاد الصيني هو الأكبر في العالم، لذلك فإن الاستثمار في العلاقات في هذه البلد يعد قرارا جيدا".

طعنة للإيغور

وبينما يعد تدريس اللغة الصينية حقنة ناجعة للسعوديين، فإنه في الوقت ذاته يعد "طعنة" لقضية المسلمين الإيغور الذين يعيشون في إقليم شينغيانغ (تركستان الشرقية) ذاتي الحكم، شمال غربي الصين.

فمنذ عام 2017، وتقريبا بالتزامن مع زيادة وتيرة التقارب بين الصين والرياض، اعتقلت السلطات الصينية عشرات الآلاف من مسلمي الإيغور (يتحدثون لهجة محلية تركية) ووضعهم في معسكرات لطمس هويتهم ولغتهم وصبغ إسلامهم بالصبغة الصينية.

ويقول خبراء ومنظمات حقوقية، إن حوالي مليون مسلم تم احتجازهم في مراكز لإعادة التأهيل السياسي في الإقليم.

وخلال زيارته للصين، ناشد ممثلو مسلمي الايغور "بن سلمان"، أن يضغط على بكين لتغيير إجراءاتها تجاههم في الإقليم، وجاء رد ولي العهد السعودي مخيبا لآمالهم بدرجة كبيرة، رغم حجم بلاده كواجهة للعالم الإسلامي.

وذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، أن ولي العهد السعودي "أعرب عن دعمه للسياسة الصينية بإقامة معسكرات اعتقال لمسلمي الإيغور في الصين".

ونقلت المجلة عن التلفزيون الصيني المركزي، قول ولي العهد السعودي خلال لقائه الرئيس الصيني "شي جين بينغ"، إن "الصين لديها الحق لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمكافحة الإرهاب وتفكيك التطرف؛ وذلك حرصا على أمنها القومي".

وتدفع بكين باتجاه تحقيق مبادرتها الطموحة "الحزام والطريق" التي تهدف إلى ربط الأسواق التجارية في آسيا وأوروبا، في حين أطلقت الرياض مبادرة "رؤية 2030" وهي خطة ولي العهد الضخمة لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط.

وقال ولي العهد للرئيس الصيني، إن المشروعين يمكن أن يتضافرا، مؤكدا الحرص المشترك "لتحقيق كل المكاسب ومجابهة كل التحديات التي تواجه البلدين".

وفي معرض تعليقها على تلك التصريحات، فسرت صحيفة "واشنطن بوست" دفاع "بن سلمان" عن قمع الصين لمسلمي الإيغور، أنه يأتي في إطار صفقة ضمنية تقوم بموجبها الصين بالدفاع عن حق السعودية في "انتهاك" حقوق مواطنيها، و"ربما قتلهم" كما حدث مع "جمال خاشقجي"، دون محاسبة.

وذكرت الصحيفة أن لسان حال "بن سلمان" يقول إن "معسكرات الاعتقال شأن داخلي يخصكم، والجرائم التي أرتكبها شأن داخلي يخصني".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الايغور تركستان الشرقية أتراك تركستان الشرقية تركستان مسلمو تركستان

تمرين "السيف الأزرق" يدخل أسبوعه الثاني بمشاركة سعودية صينية

ارتفاع واردات الصين من النفط السعودي 76% في أكتوبر

الصين تودع 500 ألف طفل إيجوري بدور الأيتام وتعتقل ذويهم

العام المقبل.. السعودية تدرج تدريس اللغة الصينية في 746 مدرسة

مصر.. تدريس اللغة الصينية في 12 مدرسة بـ3 محافظات