الجارديان: كل ما هنالك أن الفلسطينيين فقط سقطوا من خطة ترامب

الأربعاء 29 يناير 2020 12:51 م

أعلن الرئيس الأمريكي، "دونالد ترامب"، أن خطة السلام التي كشف عنها مؤخرا "جيدة للغاية" للفلسطينيين، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، "بنيامين نتنياهو"، هو من كان يقف إلى جانبه مبتسما بشكل واضح.

وقد استوفى الاقتراح، المكون من 80 صفحة، حلا مفصلا على نحو غير عادي لعقود من الصراع، لكن الحل قائم على قائمة الأمنيات والمطالب الإسرائيلية المتراكمة على مر السنين.

وبينما كان الرئيس الأمريكي يمر سريعا على أبرز نقاطها، لم يكن الجمهور من المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين في البيت الأبيض بالكاد قادرين على إخفاء سرورهم الذي وصل إلى ذروته مع إعلان "ترامب" أن "الدولة اليهودية" ستحتفظ بالسيطرة على القدس غير مقسمة.

ومع ذلك يبدو أن الحشد تنازل بقبول أن يكون هناك جزء على الأقل من شرق المدينة عاصمة لـ"دولة فلسطينية مستقلة".

وهكذا استمر الأمر، مع حصول (إسرائيل) على السيادة على "غور الأردن"، سلة الخبز المنشودة لدولة فلسطينية في المستقبل، والاعتراف بالمستوطنات اليهودية الرئيسية، التي تعتبر غير قانونية على نطاق واسع بموجب القانون الدولي.

وتعويضا عن فقدان أراضي الضفة الغربية، يحصل الفلسطينيون على جزء كبير من الصحراء المرتبطة بغزة بالقرب من الحدود المصرية.

وما يتبقى في إطار الخطة، التي يرأسها صهر الرئيس، "جاريد كوشنر"، هو سلسلة من الكانتونات المرتبطة بالجسور والأنفاق، ولكنها محاطة بالكامل بأرض (إسرائيل)، باستثناء قطاع صغير من غزة.

وتحتفظ (إسرائيل) أيضا "بالسيطرة الأمنية" على كامل المنطقة الواقعة غرب حدود الضفة الغربية مع الأردن، التي يبدو أنها تشير إلى وجود عسكري في داخل ما تبقى من فلسطين في المستقبل.

وفي الوقت الذي كان يتكلم فيه "ترامب"، بالكاد كان بإمكان "نتنياهو" احتواء حماسه لما بدا إنهاء لما كانت تسمى في وقت من الأوقات الدولة الفلسطينية، وأمسك بيد الرئيس الأمريكي أكثر من مرة تأكيدا على الموافقة.

ولعل ما سيكون أكثر إسعادا للزعيم الإسرائيلي هو تأكيد "ترامب" على أن إقامة دولة فلسطينية "مشروط" بسلسلة من الاختبارات الخطيرة للغاية، بما في ذلك ما إذا كانت قيادتها تفعل ما يكفي لمحاربة الإرهاب وإنهاء "التحريض" ضد (إسرائيل)، في الوقت الذي لم يتم توجيه أي نقد لسياسات (إسرائيل).

وأشاد "ترامب" بالزعيم الإسرائيلي "لشجاعته لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة للأمام" في تبني الخطة، حسنا، كان من المستغرب أن يكون لـ"نتنياهو" أي رد فعل آخر، لقد وصف المبادرة بحماس بأنها "خطة عظيمة للسلام" من شأنها أن تغير التاريخ، ووصف "ترامب" بأنه "أعظم صديق حصلت عليه (إسرائيل) في البيت الأبيض".

ومن المحتمل أن يتنازع قليلون في الغرفة على ذلك، بالنظر إلى الإشادات والهتافات التي كانت تحيي الإعلان، حيث ألقى "ترامب" باللوم فعليا على الفلسطينيين في احتلالهم.

لكن غياب أي فلسطيني حقيقي في الغرفة كان الصورة الأبرز، وكان النقد الموجه للخطة سريعا.

وقال "خالد الجندي"، وهو مفاوض سلام سابق ومستشار للقيادة الفلسطينية في العقد الأول من القرن العشرين، إن النية لم تكن إنهاء الصراع، بل إضفاء الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف: "إنها خطة لا علاقة لها بالسلام، لا يتعلق الأمر بدولتين، بل يتعلق بتغيير شروط التسوية الإسرائيلية الفلسطينية تماما للابتعاد عن إنهاء الاحتلال، والابتعاد عن حل الوصول إلى دولتين ذات سيادة، إنه تكريس للوضع الراهن، الأمر يتعلق بتطبيع الاحتلال الإسرائيلي بشكل دائم".

وقارن "الجندي" الدولة الفلسطينية المتصورة في الخطة بالأوطان السوداء المستقلة اسميا في جنوب أفريقيا، والمعروفة باسم "البانتوستانات".

وأضاف: "من السهل للغاية القول إن ترامب قتل عملية السلام وحل الدولتين، لكن لقد ماتت إلى حد كبير قبل أن يصل إلى هنا، وهو يحاول دفنها الآن".

وكان هناك الكثير من الانتقادات من السياسيين الأمريكيين أيضا.

فقد وصف السيناتور "كريس مورفي" الخطة بأنها تتخلى عن المبادئ القديمة، وانتقد "كوشنر" للعمل على اقتراح "تم التفاوض عليه مع لا أحد سوى الإسرائيليين".

وقال: "ليس من قبيل الصدفة أن تدعم هذه الخطة الاعتراف بالمستوطنات غير القانونية، والضم الإسرائيلي أحادي الجانب للأراضي، بينما تتجاهل أي فكرة عن حل الدولتين".

وقال "الجندي" إنه لا يوجد أدنى شك في نية إدارة "ترامب"، لأنها تشير منذ فترة طويلة إلى تصرفاتها بتأييد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقطع المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين.

وأضاف "الجندي": "لقد ذهبت فكرة الأرض من أجل السلام، والمستوطنات بخير، وأصبح الضم مقبول تماما، إنها مجرد مسألة كم ومتى، إنه تحول جذري في شروط كيف نتحدث عن هذه القضية".

وعبر "آرون ديفيد ميلر"، مفاوض السلام في  العديد من الإدارات الأمريكية، عن نفس القدر من الرفض لتلك المقترحات.

وقال: "لقد عملت في إدارات من كارتر حتى بوش، ومع ذلك، كانت بعض جهودنا، وإن كانت قد أُسيء فهمها، مرتبطة دائما بهدف محاولة جعل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أقل تعقيدا، لكن هذه الخطة غير مرتبطة تماما بأي رغبة في تهيئة بيئة للتفاوض، أو تضييق الفجوات بين الطرفين، ولا تُلزم كل طرف بقبول بعض الحقائق التي قد تؤدي، في الواقع، إلى مفاوضات".

ووصف "ميلر" المقترحات بأنها وثيقة سياسية تهدف إلى كسب تأييد "نتنياهو" في الانتخابات في مارس/آذار، رغم تهم الفساد.

وقال "الجندي"، إن السؤال الآن ليس ما إذا كانت الخطة سيتم تنفيذها، لأن "الإسرائيليين يطبقونها على أرض الواقع من خلال الضم البطيء بحكم الأمر الواقع"، ولكن ما إذا كانت الحكومات الأخرى ستضفي الشرعية على المقترحات ضمنيا.

لقد عمل الأمريكيون بجد من أجل كسب دعم الحكومات الأخرى في المنطقة، خاصة مصر والأردن، التي لديها بالفعل اتفاقيات سلام مع (إسرائيل)، والمملكة العربية السعودية، إلى جانب دول خليجية أخرى، للمشاركة في العملية والضغط على الفلسطينيين للقبول.

وقال "الجندي": "هل سنرى أشخاص يقولون بوضوح إن هذا أقل من الحد الأدنى لمتطلبات التسوية السلمية؟"، هل سنسمعها من الدول العربية ومن الأوروبيين ومن بقية المجتمع الدولي بعبارات واضحة؟ أم أننا سنسمع نوعا من الهراء الدبلوماسي عن رؤية ما إذا كانت هناك عناصر يمكننا العمل معها؟".

لقد أعطى "توني بلير"، رئيس الوزراء البريطاني السابق ومبعوث السلام من قبل في الشرق الأوسط، إجابة مبكرة، في إحدى دعوات الفلسطينيين والحكومات العربية للتفاوض؛ حيث قال: "لا يحتاج الفلسطينيون للإشارة إلى قبول الخطة، ولكن يجب عليهم التواصل مع الحكومة الأمريكية والمطالبة بالتحسينات التي يرغبون في رؤيتها. إن الخطر في عدم التعامل مع الإدارة الأمريكية هو أن إمكانية تحقيق حل الدولتين أصبحت أبعد من أي وقت مضى".

المصدر | كريس ماكجريل | الجارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صفقة القرن عملية السلام دونالد ترامب

نواب بالكونجرس الأمريكي يرفضون صفقة القرن.. وينتقدون ترامب

إضراب شامل في غزة رفضا لصفقة القرن المزعومة.. (صور)