كيف ترى إيران اتفاق السلام بين واشنطن وطالبان؟

الأحد 8 مارس 2020 08:15 م

بعد 18 عاما من الحرب، وقعت كل من الولايات المتحدة، وحركة "طالبان" اتفاقا ينهي أخيرا أطول حرب أمريكية على الإطلاق.

وتنص البنود الرئيسية للاتفاقية على انسحاب جميع القوات الأمريكية، البالغ مجموع عددها 13 ألف جندي، الموجودة حاليا في أفغانستان، في مقابل وقف لإطلاق النار بين القوات الأمريكية و"طالبان"، وضمانات للالتزام بمكافحة الإرهاب من قبل "طالبان" بما في ذلك قطع العلاقات مع تنظيم "القاعدة"، ومواصلة قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" في البلاد.

ومن المتوقع تخفيض مستويات القوات الأمريكية إلى 8600 جندي، بحلول اليوم الـ135 للاتفاق، وسحب جميع القوات في نهاية فترة تمتد إلى 14 شهرا.

ولا ينهي الاتفاق الحرب الأهلية في أفغانستان، لكنه يضع الآن مصير النزاع في أيدي الشعب الأفغاني نفسه، إذ يمهد الطريق أمام انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.

ولكن في حين يبدو أن الاتفاق يخدم مصالح واشنطن بتخليصها من حرب دامت عقدين ويخدم مصالح "طالبان" عبر ضمان انسحاب القوات الأمريكية، يبدو أن هناك قوة واحدة ترى نفسها خاسرة في هذا الاتفاق، وهذه القوة هي إيران.

خسائر إيرانية

ويري مراقبون أن الموقف الإيراني المتوجس من اتفاق السلام بين واشنطن و"طالبان" مدفوع بمخاوف حول تقليص دور طهران في جوارها الأفغاني، ما قد يرتد عليها سلبا من الناحية الأمنية مستقبلاً.

وفي هذا الصدد قال مسؤول إيراني تحدث لمجلة "نيوزويك" الأمريكية شريطة عدم الكشف عن اسمه قائلا: "عندما نصل إلى لحظة خروج القوات الأمريكية من أفغانستان فإن طهران ستكون مستعدة للعب دور في الدولة التي مزقتها الحرب".

وأضاف: "إذا طلبت حكومة أفغانية مستقبلية من إيران أن تقوم بأشياء معينة من أجلها فسوف نفعل.. أمن أفغانستان هو أمن إيران".

ويرجع المراقبون مخاوف إيران إلى خشيتها أن يؤثر الاتفاق بين "طالبان" وواشنطن على علاقاتها مع حركة "طالبان"، خاصة بعدما نجح الطرفان (أي طهران وطالبان) في تجاوز عدائهما التاريخي والذي يعود إلى ما قبل الحرب الأمريكية على أفغانستان عام 2001، ونجحا في نسج علاقات جيدة بدافع من وجود عدو مشترك.

وقد ظلت هذه العلاقات سرية حتى اعترفت طهران بها رسمياً للمرة الأولى على لسان أمين مجلس الأمن الإيراني "علي شمخاني"، خلال زيارة لكابول في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وفي يناير/ كانون الثاني المنصرم أي قبل أسابيع قليلة من توقيع الاتفاق بين واشنطن و"طالبان"، اتهم وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو"، إيران بأن لديها علاقات مع جماعات مسلحة في الشرق الأوسط، ومع حركة "طالبان" الأفغانية.

وقال "بومبيو"، في مؤتمر صحفي، إن إيران تعمل بنشاط لتقويض عملية السلام الأفغانية، من خلال مواصلة دعم الجماعات المسلحة هناك.

وأضاف أن الجميع لديه علم بوكلاء إيران في العالم العربي، وأن النظام الإيراني لديه أيضا علاقات مع حركة "طالبان"، وجماعات أخرى ذات صلة مثل "تورا بورا" وغيرها.

في هذا الصدد يري "بشار جرار" أن الخاسر الإقليمي الأول من اتفاق السلام بين واشنطن و"طالبان"، هي إيران، بعدما أسقطت الدبلوماسية الأمريكية ورقة أفغانستان من يد إيران.

ووفقا لـ"جرار"، فإن الاتفاق الذي تم إبرامه بعد أشهر من المفاوضات وسنوات من الوساطات يقضي بقطع علاقات "طالبان" مع "القاعدة" وتنظيم "الدولة" وغيرها من "التنظيمات الإرهابية" والعمل -وليس التعهد فقط- على عدم السماح باستخدام البلاد قاعدة أو مسرحا لأي مخططات إرهابية.

حذر أمريكي

وفي مقابل ذلك، حذر محللون ومسؤولون أمريكيون بارزون من الآثار المترتبة على انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، داعين في الوقت ذاته للإبقاء على بعض القوات هناك.

ويري المحللون أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان قد يودي إلى مزيد عدم الاستقرار والفراغ في ذلك البلد، وربما يمنح الفرصة لإيران التي تعتبر إحدى الجهات الفاعلة الإقليمية الأقوى في أفغانستان لممارسة نفوذ كبير في البلاد.

ويجادل المحللون أيضا أن خطوة انسحاب واشنطن قد تعطي إيران فرصة لتعزيز علاقاتها مع القوي الأخرى التي تشارك في أفغانستان مثل الهند وروسيا.

ويمكن أن يساعد زيادة نفوذ إيران في أفغانستان على تخفيف الضغوط الاقتصادية والسياسية الناجمة عن نزاعها مع واشنطن.

وتحتفظ طهران بعلاقات وثيقة مع قبائل الطاجيك والهزارة في أفغانستان لكسب النفوذ السياسي وحماية مصالحها بعد الانسحاب الأمريكي.

ويتوقع المحللون أن تواصل إيران محاولة بناء نفوذها بشكل في أفغانستان عبر مجالي التعليم ووسائل الإعلام، حيث لا تزال إيران تبني وتدعم المدارس والمساجد والمراكز الإعلامية الموالية لها في شمال وغرب البلاد بالإضافة إلى العاصمة كابول، وقد تلقت المدارس الأفغانية آلاف الكتب الإيرانية خلال السنوات الماضية.

من جانبها، انتقدت عضو مجلس النواب الأمريكي "ليز تشيني" الاتفاق واعتبرته أنه أشبه بالصفقة النووية التي وقعها "باراك أوباما" مع إيران.

بدوره قال السيناتور الجمهوري "ليندسي جراهام" إنه يأمل أن يتم انهاء الحرب في أفغانستان بذكاء موكدا أن هناك حاجة للإبقاء على قوات أمريكية في أفغانستان لسنوات لشن عمليات مكافحة للإرهاب.

وفي الأسبوع الماضي، أجرى الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، مكالمة هاتفية هي الأولى من نوعها بين رئيس للولايات المتحدة وزعيم في حركة "طالبان".

وقال المتحدث باسم "طالبان"، "ذبيح الله مجاهد"، في بيان نشر على "تويتر"، إنّ "ترامب" "تحدث هاتفيا لمدة 35 دقيقة مع نائب زعيم الحركة للشؤون السياسية عبدالله غني بارادار، في حضور زلماي خليل زاد، المبعوث الأمريكي لأفغانستان، وعدد من أعضاء طالبان المشاركين في المفاوضات مع واشنطن".

كما جاء في البيان أن "ترامب أعرب عن سعادته للتحدث هاتفيا مع بارادار"، وقال إن الأخير يقاتل "من أجل وطنه".

وجاءت المكالمة بعد أيام من توقيع الولايات المتحدة و"طالبان"، اتفاقا يمهد الطريق أمام انسحاب الولايات المتحدة على نحو تدريجي من أفغانستان.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الأفغانية مكتب طالبان بقطر طالبان أفغانستان

طالبان .. التحدّي القادم

للمرة الأولى.. ترامب يهاتف قياديا بارزا من طالبان

واشنطن: هجمات طالبان التي تلت اتفاقنا معها كانت محدودة

طالبان تستبعد عقد محادثات السلام بين الأفغان في موعدها