كيف تجاوزت العلاقات القطرية الأردنية الأزمة الخليجية؟

الأربعاء 4 مارس 2020 03:05 م

تشير زيارة أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" إلى عمّان، في 23 فبراير/شباط الماضي، إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، بعد أن تسببت الأزمة الخليجية في البداية في توتر علاقاتهما، وتأتي هذه الخطوة في تحدٍ للاستقطاب المتزايد في المنطقة.

وسعى أمير قطر والعاهل الأردني الملك "عبدالله الثاني" إلى دفع التعاون الثنائي بين البلدين للأمام، مع معالجة قضايا مثل القضية الفلسطينية، في أعقاب ما يسمى بـ"صفقة القرن".

وأكد الأمير القطري أن زيارته نجحت في "تحسين العلاقات الأخوية وزيادة التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، مثل الاستثمار والرياضة والطاقة وتبادل الخبرات، فضلا عن تناول العمل العربي المشترك ومصالح شعوب المنطقة التي تطمح إلى تعزيز التضامن لمواجهة التحديات التي تحيط بها جميعا".

وأبدت قطر حرصها على استعادة علاقاتها مع مختلف الدول بعد أن فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارا على الدوحة وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها في يونيو/حزيران 2017.

وبعد أن خفضت في البداية علاقاتها مع الدوحة، تمشيا مع ما يسمى بموقف "اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب"، أظهر الأردن مؤخرا دفئا متزايدا في العلاقة مع قطر.

وشهد شهر يونيو/حزيران الماضي ذوبانا كبيرا في جليد علاقاتهما الفاترة، بعد إعادة تعيين سفيري الأردن وقطر بشكل متبادل، بعد زيادة الاتصالات في أوائل عام 2018.

وقال المعلق السياسي والصحفي الأردني "أسامة الشريف": "لم يكن الأردن سعيدا أبدا بأن يكون جزءا من أي نوع من التحالف الإقليمي، ومع ذلك، كان من الصعب في البداية على الأردن الاحتفاظ باستقلاله خلال هذا الاستقطاب الإقليمي داخل الجزيرة العربية".

وقال "الشريف": "رغم أن الأردن لم يكن يرغب في تعطيل علاقاته مع السعودية والإمارات، لكنه كان مترددا في دعم موقفهما. لذلك، لم ينه العلاقات تماما مع قطر بالقدر الذي فعله الآخرون".

وأجبرت أزمة الخليج العديد من الدول على الاختيار بين دعم موقف السعودية والإمارات أو مواجهة العقاب، كما كان الحال عندما سحبت أبوظبي برامج المساعدات إلى الصومال بسبب علاقاتها مع تركيا وقطر، وبحسب ما ورد، عرضت السعودية على الصومال مبلغ 80 مليون دولار لقطع العلاقات مع الدوحة، وهددت بسحب المساعدات إذا رفضت.

وكانت رغبة عمّان في الاحتفاظ بعلاقاتها مع السعودية والإمارات الدافع وراء رد الفعل غير المباشر التي اتخذته ضد قطر بسبب تفهم عواقب معارضة حلفائها الخليجيين.

ووجهت السعودية والإمارات اتهامات لقطر بدعم الإرهاب وتطوير العلاقات مع إيران ودعم جماعة "الإخوان المسلمون" التي يعتبرونها منظمة إرهابية، ويمكن القول إنهما كانتا غاضبتين من السياسة الخارجية المستقلة للدوحة.

ومع ذلك، لا تتشارك عمّان مخاوف الرياض وأبوظبي، ولا يجرّم الأردن جماعة "الإخوان المسلمون"، ولدى الجماعة وجود في البرلمان الأردني. وفي الوقت نفسه، تمكنت عمّان من الحفاظ على العلاقات مع إيران، وحتى تركيا، التي تعتبرها السعودية والإمارات منافسا إقليميا أيضا.

وكانت عمّان حريصة على إعادة الروابط الاقتصادية مع الدوحة، لا سيما وأن أزمة الخليج أثرت سلبا على الاقتصاد الأردني، فمنذ ذلك الحين، انخفضت صادراتها إلى قطر بنسبة 75%، بسبب حظر السعودية.

علاوة على ذلك، تأخرت تعهدات السعودية بتقديم المساعدات والاستثمار إلى عمّان، في حين وعدت الدوحة بسهولة بتقديم حزم مساعدة مالية كبيرة، بما في ذلك تعهد بمبلغ 500 مليون دولار في يونيو/حزيران 2018.

ولم يصل هدف عمّان لنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% العام الماضي، حيث وصل لفق إلى 2.2%، واعتبارا من أغسطس/آب 2019، أبلغ الأردن أيضا عن معدل بطالة بلغ نحو 19.1%، مع توقع نسبة بطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاما تصل إلى 38.5%، وأعرب الأردنيون في كثير من الأحيان عن قلقهم إزاء البطالة والوضع الاقتصادي.

وفي مايو/أيار الماضي، قبل استئناف العلاقات بين قطر والأردن مباشرة، قال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الأردن، "مارتن سيريسولا"، إن "الأردن يواجه ظروفا صعبة وتحديات اقتصادية ملحة"، مضيفا أن اقتصاد عمّان كان أقل من التوقعات، ودعا الحكومة إلى تنفيذ إصلاحات أقوى.

ومع ذلك، فقد أدت تدابير التقشف التي دعمها صندوق النقد الدولي عام 2018، إلى ارتفاع الأسعار وضرائب الدخل، تسببت في خروج احتجاجات سلطت الضوء على معضلة عمّان الاقتصادية وضرورة تعزيز العلاقات مع البلدان الأخرى.

علاوة على ذلك، يشكل العمال الأردنيون أكبر مجتمع للوافدين في قطر، حيث يبلغ ما يقارب 60 ألف عامل، وقد فتحت الدوحة أبوابها أمام المهنيين الأردنيين.

وقال سفير قطر في الأردن، الشيخ "سعود بن ناصر آل ثاني"، في 20 فبراير/شباط، إنه يتوقع أن ينمو هذا الرقم بسرعة، مع توقع المزيد من مخصصات الوظائف للأردن، وبالتالي، فإن إعادة الروابط تمنح الأردنيين العاطلين عن العمل فرصة أكبر للبحث عن عمل في الدوحة، حيث أعرب الكثيرون عن رغبتهم في مغادرة البلاد.

وإلى جانب المخاوف الاقتصادية، قال سفير الأردن في الدوحة "زيد مفلح اللوزي"، قبل زيارة أمير قطر، إن القضية الفلسطينية ستكون محط تركيز رئيسي في محادثات "تميم" و"عبدالله".

وهددت خطة السلام الأمريكية عمّان من الناحية الاستراتيجية؛ لأنها تفتح آفاق ضم (إسرائيل) لوادي الأردن في الضفة الغربية المحتلة، وقد يمنح دعم قطر دفعة دلوماسية أقوى للأردن ضد الضم، خاصة أن الرياض وأبوظبي عرضتا دعما محدودا في هذا الصدد.

وفي حين أن جامعة الدول العربية أدانت "صفقة القرن"، لا تزال هناك خلافات في نهج كل دولة للاتفاق على رد موحد، ويربط الأردن علاقة فريدة بالقضية الفلسطينية، حيث يعيش نحو 2 مليون لاجئ في الأردن، ويحظى الأردن بالإشراف على المسجد الأقصى، لذلك يعارض عاهل الأردن خطة "ترامب"، وينظر إلى قطر على أنها قادرة على تقديم الدعم الدبلوماسي الضروري.

وتقوم قطر بدور أكثر نشاطا في القضية الفلسطينية، حيث تقدم المساعدات والاستقرار للتخفيف من الكارثة الإنسانية الشديدة في غزة، مع الاستمرار في التوسط بين "حماس" في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وبالرغم من أن الأردن يبدي بعض الاستقلال مؤخرا في سياسته الخارجية، لكن السعودية والإمارات لن يتفاعلا بقوة ضد هذا الموقف المستقل من قبل الأردن، بسبب كونه حليفا استراتيجيا حيويا، حيث يُنظر إليه كدولة عازلة في المستقبل بين فلسطين و(إسرائيل).

لذلك، من أجل حل مخاوفها الاقتصادية والاستراتيجية، من المرجح أن تعزز عمّان علاقاتها مع الدوحة، وأن تواصل تعزيز المزيد من علاقاتها الثنائية في المستقبل.

المصدر | جوناثان هارفي | إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات القطرية الأردنية أمير قطر عاهل الأردن

5 أهداف وراء جولة تميم في الأردن وتونس والجزائر

بن زايد وعبدالله الثاني يبحثان العلاقات الثنائية وكورونا

قطر تسلم الأردن 8 ناقلات جند من منحة تضم 44

أين يتفق الأردن ويختلف مع دول الخليج؟

لوضع أولويات المرحلة.. نخبة الأردن تطالب الملك بإطلاق حوار وطني

الأردن ينفي مزاعم صحيفة مصرية حول التضييق على مواطنيه بقطر