صراع المليشيات الشيعية بعد المهندس يقوض نفوذ إيران بالعراق

الجمعة 6 مارس 2020 07:34 م

تسبب قرار الولايات المتحدة اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني "قاسم سليماني" في شهر يناير/كانون الثاني، في مقتل شخص آخر عن غير قصد وهو "أبو مهدي المهندس"، الرئيس القوي والمؤثر لكتاب "حزب الله" العراقية، ورئيس الأمر الواقع لقوات "الحشد الشعبي".

وفي حين ركز المعلقون على "سليماني"، فإن وفاة "المهندس" لها آثار واسعة على شبكة المليشيات الشيعية في العراق.

يأتي مقتل شخصية بارزة على رأس شبكة المليشيات لسنوات، إلى جانب "سليماني"، أهم راعي خارجي للشبكة، في لحظة ضعف وعدم يقين لإيران وحلفائها في العراق.

ففي الأشهر الأخيرة، أعرب المتظاهرون العراقيون عن غضبهم من دور وكلاء إيران وقوات الحشد الشعبي في القمع الوحشي للتظاهرات التي يقودها المدنيون.

تفاقمت حالة عدم اليقين السياسي التي تواجه المليشيات المتحالفة مع إيران في 3 يناير/كانون الثاني، عندما قامت طائرة أمريكية بدون طيار باستهداف وقتل "سليماني" و"المهندس". لم تعد إيران وحلفاؤها العراقيون يتمتعون باستقرار قبضتهم على الساحة السياسية العراقية.

كان "المهندس" ركيزة أساسية في شبكة إيران الواسعة من الوكلاء والمليشيات العراقية، وأدى مقتله إلى تعرض شبكة الوكلاء العراقية لحالة من الفوضى المحتملة، وفتح معارك جديدة في الساحة السياسة الشيعية في العراق في عدة اتجاهات.

سيناريوهات يواجهها العراق

يستعد العراق لأمرين: مواجهة عنيفة محتملة بين مجموعات المليشيات الشيعية المتنافسة التي تسعى إلى تشكيل واستغلال مشهد ما بعد "المهندس". وبيئة سياسية متقلبة لا تزال إيران والولايات المتحدة تتصارعان فيها بشكل مباشر إثر اغتيال "سليماني".

من المحتمل أن تجد إيران صعوبة أكبر في إدارة وصيانة هذه الشبكة من الوكلاء والجهات المؤثرة في المشهد السياسي المعقد، الذي تتنافس عليه قوى خارجية أخرى.

ويعتبر الفضاء السياسي في العراق مزدحما للغاية ويصعب التنقل فيه وإدارته عندما يصبح غير مستقر. على سبيل المثال، كانت رحلات "سليماني" المستمرة بين بغداد وطهران قبل وفاته، رداً على الأزمة التي واجهتها إيران في العراق، والتي تسببت فيها الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

يوجد عشرات الآلاف من المقاتلين تحت قيادة إيران في العراق، وما زالت منظمة "الحشد الشعبي" مؤسسة ناشئة. يتطلب الحجم الكبير لهذه الشبكة قائدًا تشغيليًا وسياسيًا. بالنسبة لإيران، قد يستغرق الأمر سنوات للعثور على بديل صالح لـ"المهندس".

تخوض المليشيات الشيعية في العراق تنافسًا حادًا على السلطة والموارد لعقود من الزمن، وتتجه نحو مواجهة كبرى.

فمن الممكن أن تشهد الأشهر المقبلة صداما بين الجماعات المتحالفة مع إيران التي يقودها "الحشد الشعبي" في مقابل "مقتدى الصدر"، الذي يقود ميليشيات مؤلفة من عشرات الآلاف تعرف باسم "جيش المهدي"، الذي خاض معارك شرسة ضد القوات الغربية، وكذلك ضد وكلاء إيران.

احتل "التيار الصدري" المرتبة الأولى في الانتخابات العراقية عام 2018. واحتل منافسه الأول "الحشد الشعبي" المرتبة الثانية في أول ظهور له في الانتخابات.

أعلن "الصدر" مؤخرًا أنه أعاد تنشيط "جيش المهدي" الذي تمت إعادة تسميته باسم "كتائب السلام" لتوسيع دعم الحركة خارج قاعدتها التقليدية.

ويحاول "الصدر" قيادة الجهود الرامية إلى طرد القوات الأمريكية من العراق. في حين أن هذا قد يبدو وكأنه يثبت ارتباطه السياسي بإيران، إلا أنه يرتبط أكثر بمحاولاته لقمع فرص وكلاء إيران المباشرين لتوسيع نفوذهم وقوتهم على حسابه.

تهديد لنفوذ إيران

إن معركة تشكيل صورة لميليشيا "ما بعد سليماني" بين مجموعات المليشيات الشيعية المتنافسة؛ ستُعقِّد محاولات إيران لإصلاح الشقوق السياسية والتشغيلية في شبكتها الفرعية. لقد كانت شبكة المليشيات في العراق حاسمة لقدرة طهران على ممارسة نفوذ سياسي لا مثيل له على مدى العقد الماضي، وتعكس سنوات من استثمار القوة والموارد الهائلة.

يمكن للمصالح المتنافسة الآن أن تقوض هذا النفوذ، إن لم تقلبه، وقد يمثل ذلك فرصة للولايات المتحدة لتعزيز موقعها في العراق. لكن بالنظر إلى افتقار واشنطن إلى استراتيجية سياسية قابلة للحياة ووجودها الميداني المحدود، يبدو من غير المرجح أن يتحقق هذا.

أبرم "الصدر" وخصومه مؤخرًا، صفقة دفعت رجل الدين إلى سحب دعمه للمتظاهرين ودعم حكومة عراقية قادمة تمهد فعليًا الطريق لقمع المتظاهرين من قبل الميليشيات، لكنها صفقة هشة يمكن أن تنهار بسرعة.

وفي الوقت نفسه، قد يؤثر الصراع على السلطة بين جماعات المليشيات الشيعية المتنافسة على المصالح الاستراتيجية الأمريكية الحيوية في العراق، مثل الحرب على "الدولة الإسلامية" أو وجود القوات الأمريكية في البلاد.

وما زال بإمكان واشنطن أن تجد نفسها متورطة في المنافسة العنيفة داخل كتلة الشيعة في المستقبل غير البعيد، مما سيزيد من احتمال مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران على الأراضي العراقية.

المصدر | رانج علاء الدين/بروكنجز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

نفوذ إيران بالعراق أبومهدي المهندس

ستراتفور: لماذا اغتالت أمريكا أبومهدي المهندس؟

محتجون يقتحمون مقر قناة MBC العراق

3 محاولات اغتيال.. القصة الحقيقية وراء صراع كتائب حزب الله والكاظمي

عسكريون أمريكيون: انقسام الميليشيات وضعف الحكومة يهددان العراق بحرب أهلية