بروكينجز: بن سلمان أخطر على السعودية من كورونا

السبت 7 مارس 2020 09:10 م

تواجه السعودية تحديات خطيرة من فيروس "كورونا" لتختبر قيادة متهورة واستبدادية، حيث أصبح النظام الملكي الحاكم أكثر بعدًا حتى عن معظم العائلة المالكة في السنوات الخمس الماضية، كما أن استجابة النظام الملكي لتهديدات الفيروس لم يسبق لها مثيل، والشخص الذي يجب أن تتوجه إليه الأنظار بشكل خاص تحت هذه الظروف، هو الأمير الشاب الذي يتخذ القرارات اليومية في القصر الملكي.

"كورونا" يزيد الضغط

حتى الآن، أبلغت المملكة علنًا عن عدد قليل فقط من حالات الإصابة المؤكدة، لكن الدول المجاورة لها تأثرت بشدة، وخاصة إيران، كما أبلغت البحرين والكويت عن العديد من الحالات.

أدى التراجع الاقتصادي العالمي، بقيادة الصين، إلى تدهور سعر النفط للغاية مع انخفاض الطلب بشكل كبير، ويتعرض السعوديون لضغوط لخفض الإنتاج لتحفيز النمو، لكن هذا يعني انخفاض إيرادات المملكة، ومع تصاعد تكاليف الحرب باهظة الثمن في اليمن، يعاني الاقتصاد من حالة ركود شديدة.

اتخذ الملك خطوة غير مسبوقة تتمثل في إغلاق المدن المقدسة في مكة والمدينة أمام المعتمرين، في البداية كان هذا فقط للأجانب ولكن الإغلاق يطبق الآن على الجميع.

وعادة ما تشجع المملكة العمرة على مدار السنة، حيث يصل عدد المعتمرين الأجانب في الشهر إلى مليون، وفي أواخر هذا الأسبوع، أعاد السعوديون فتح المسجد الحرام بعد تعقيمه لزيارات محدودة، لكن ليس للعمرة.

يجلب الحج مليوني ونصف شخص من جميع أنحاء العالم الإسلامي، سيكون الحج هذا العام في أواخر يوليو/تموز وأوائل أغسطس/آب، وهو مصدر رئيسي للدخل للمملكة، ولكن هناك أسئلة متزايدة حول ما إذا كان الحج سيتم هذا العام.

يكتسب الملك "سلمان" -مثل أسلافه- الكثير من قيمته في كونه خادم الحرمين الشريفين، وإذا تم إلغاء الحج، فستكون له عواقب على شرعية "آل سعود"، حتى لو كان من المنطقي أن يُغلق هذه السنة مع وضع الصحة العامة في الاعتبار.

السعودية في ظل "بن سلمان"

يتركز الكثير من الاهتمام على ولي العهد "محمد بن سلمان" الذي لم نكن نعرف عنه شيئًا تقريبًا عندما تولى والده العرش في عام 2015، وهو شخصية مثيرة للجدل. ففي البداية، تمت الإشادة به على نطاق واسع باعتباره مصلح يحول المملكة الوهابية إلى بلد أكثر اعتدالًا، لكن مع مرور الوقت، تلطخ الأمير بحربه في اليمن ودوره في قتل "جمال خاشقجي"، ليصبح خطرا على السعودية ربما أكثر من "كورونا".

والآن، لدينا أول سيرة ذاتية شاملة للرجل الذي يمكن أن يحكم بلده لنصف قرن.

كتاب "إم بي إس: صعود محمد بن سلمان إلى السلطة" الجديد -من تأليف "بن هوبارد - سرد ممتاز لحياة وخلفية الشخصية الجديدة الأكثر أهمية في الشرق الأوسط في عصرنا.

قام "هوبارد" -المراسل المخضرم- بزيارات عديدة للمملكة للبحث عن نشأة الأمير وكيف تولى السلطة، ورسم صورة مخيفة لذلك.

لقد تحولت المملكة إلى أمة يسيطر عليها الخوف؛ حيث ألقى ولي العهد القبض على نخبة المجتمع السعودي، وعذب النساء اللائي دافعن عن حق المرأة في القيادة، لأنه لم يستطع تحمل مشاركة فضل إنهاء حظر قيادة النساء مع أحد آخر؛ كما خطف وضرب رئيس وزراء لبنان، وكل ما سبق لا يمثل إلا جزءًا ضئيلًا من أفعاله، فكما كتب الصحفي "جمال خاشقجي" قبل مقتله، فقد بدأت المملكة بالسير في طريقٍ مظلمة.

ولن ينتقل فيروس "كورونا" بالوضع إلا للأسوأ. 

"بن سلمان" هو الابن الأكبر لزوجة والده الثانية والمفضلة، و"سلمان بن عبدالعزيز" هو أحد آخر أبناء مؤسس المملكة الحديثة الباقين على قيد الحياة، والذي كان يُعرف بـ"ابن سعود".

ظل "سلمان" طوال نصف قرن حاكماً للرياض، وهي العاصمة التي نمت من مدينة صحراوية صغيرة إلى عاصمة مترامية الأطراف تضم حوالي 8 ملايين شخص، وبما أن معظم العائلة المالكة تعيش في العاصمة، فإن "سلمان" يعرف كل "الغسيل القذر" بشأن حياتهم الشخصية.

يشرح "هوبارد" لماذا أصبح "محمد بن سلمان" هو المفضل للملك (لأنه كان مخلصًا ومتاحًا دومًا بلا كلل)، كما يروي أن "بن سلمان" قد وضع والدته تحت الإقامة الجبرية لمدة 3 سنوات، لأسباب لا تزال غامضة.

قيادة غير مسؤولة

من بين الجوانب الأكثر إثارة للقلق لصعود الأمير إلى السلطة هو أن العديد من الخبراء الغربيين البارزين في شؤون المنطقة، كانوا مفتونين به لسنوات.

لقد صدقوا الترويج لرؤيته اللامعة المسماة بـ"رؤية 2030"، معتقدين أنها خارطة طريق حقيقية للتغيير رغم أنها بدون بعد سياسي، وغير واقعية أيضًا؛ فقد قال الأمير في عام 2016 أنه بحلول عام 2020، ستكون البلاد "قادرة على العيش بدون نفط" كمصدر رئيسي للدخل القومي.

كما تجاهل الكثيرون مبادرة الأمير للحرب في اليمن، والتي ميزت سياسته الخارجية. كان الأمير هو المسيطر الأوحد تقريبًا على قرار هذه الحرب، منحّيًا رأي الكثير من الأمراء الآخرين الذين أبدوا قلقهم من أن تكون المستنقع الذي أصبحت عليه هذه الأيام، وكلفت المملكة ثروة، كما إنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليًا، حيث يعاني ملايين اليمنيين -خاصة الاطفال- من سوء التغذية، ولهذا، إن انتشر الفيروس في اليمن، فسيكون مدمرًا.

أحد أفضل الفصول في كتاب "هوبارد" عن "بن سلمان" هو عن الحرب في اليمن، ويتضمن تقارير حصرية من رحلة نادرة قام بها المؤلف إلى صنعاء عام 2016.

يلوم العديد من اليمنيين أمريكا على الحرب لأن الطائرات والقنابل صنعت في أمريكا، والطيارون الذين دمروا المدارس واستهدفوا حفلات الزفاف تم تدريبهم في أمريكا، كما أعطى رئيسان أمريكيان "بن سلمان" الوسائل اللازمة لشن حرب قد ترقى إلى كونها إبادة جماعية.

تجلى سلوك الأمير المتهور منذ بداية التدخل بقيادة السعودية في اليمن -فيما سُمّي بعاصفة الحزم- لكن الكثيرين في الغرب اختاروا تجاهل ذلك.

يعد مستشار الرئيس "ترامب" وصهره "جاريد كوشنر" هو المساعد الأمريكي لـ"بن سلمان" في البيت الأبيض، وقد وضع السعوديون كل بيضهم في سلة "ترامب"، ولهذا سيواجهون أزمة خطيرة إذا فاز الديمقراطيون في نوفمبر/تشرين الثاني، مع قول نائب الرئيس السابق "بايدن" إنه يجب اعتبار "بن سلمان" منبوذًا وأنه يجب معاقبته.

الهدف المحلي المميز لولي العهد هو بناء مدينة "نيوم" المحوسبة فائقة الحداثة على طول الساحل السعودي لخليج العقبة، بالقرب من حدود مصر و(إسرائيل) والأردن، حيث يعد المشروع محور خطة ولي العهد لمستقبل المملكة.

لكن في الخليج، يطلق المراقبون للشأن السعودي على "نيوم" اسم "المشروع الذي لن يفتتح أبدًا"، وقد يصبح عبرة في مستقبل المملكة.

المصدر | بروس ريدل - بروكينجز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الملك سلمان عبد العزيز فيروس كورونا مشروع نيوم السعودي عاصفة الحزم السعودية محمد بن سلمان

أمر ملكي.. السعودية تفتح المطاف بالحرم أمام غير المعتمرين

السعودية.. اعتقال الأمراء أحمد بن عبدالعزيز ومحمد بن نايف وشقيقه

كيف تحول كورونا إلى ساحة جديدة للمواجهة السعودية الإيرانية؟

ديفيد هيرست: حملة الاعتقالات الأخيرة في السعودية شملت 20 أميرا

لماذا هوت أسواق المال في السعودية بشكل غير معهود؟

مغردان سعوديان: تعليق الدراسة أمني لا علاقة له بكورونا

ماذا وراء الموجة الثانية من اعتقالات الأمراء في السعودية؟

هل تعثرت ولادة الدولة السعودية الرابعة؟