ماسبيرو.. ما غرسه جمال مبارك تحصده المخابرات

السبت 21 مارس 2020 10:27 م

في عام 2005 تولى راقص فرقة رضا للفنون الشعبية "أنس الفقي" وزارة الإعلام في حكومة "أحمد نظيف"، وجاء به "جمال مبارك" من دهاليز شركات التسويق الشخصي وبيع الموسوعات العلمية للأفراد والمؤسسات إلى رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة ليتم تعيينه بعدها مباشرة وزيرا للشباب ثم وزيرا للإعلام في نفس الوزارة بعدها بعام واحد.

لم تكن التصعيدات المتوالية لـ"الفقي" من رئاسة هيئة قصور الثقافة إلى وزارة الإعلام عشوائيا ولكن "الفقي" كانت له مهمة محددة في ذلك الوقت وهي بدء خطوات التخلص من ماسبيرو وتنفيذ مخطط "جمال مبارك" في الإجهاز على المبنى.

واستطاع "الفقي" خلال فترة توليه الوزارة أن يوجه ضربات متتالية لماسبيرو من خلال تجفيف منابع التمويل فأضعف قطاع الإنتاج بتحويل استديوهاته إلى استديوهات متخصصة في إنتاج الأخبار والبرامج التليفزيونية، ففتح المجال أمام الإنتاج الدرامي للقطاع الخاص وكان أول من باع ترددات اف ام لعدد من محطات الراديو المملوكة لرجال أعمال تابعين لـ"جمال مبارك" وأضعف الإذاعة المصرية ليبدأ مبكرا سؤال لماذا نحتفظ بماسبيرو.

بطء الخطة والاعتماد على سياسة النفس البطيء ميزا خطة "الفقي" و"جمال مبارك" لكن ثورة 25 يناير/كانون الثاني أعادت بعض الأمل لماسبيرو وللعاملين فيه إلا أنه مع انقلاب يوليو/تموز 2013 ومجيء نظام "السيسي" عادت الأمور لأسوأ مما كانت عليه والآن، ومع إعادة إحياء وزارة الإعلام بالوزير "أسامة هيكل" أصبح ماسبيرو أمام مرحلة جديدة أخطر مما سبق وصرنا مهددين بأن نفقد هذا المبني تماما خصوصا بعد سيطرة شركة إعلام المصريين التابعة للمخابرات على المبنى وذلك بعد أقل من شهرين من تولي "هيكل" الوزارة.

إعلام المصريين التابعة لشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تملك المخابرات المصرية الحصة الحاكمة بها والمالكة لأكبر عدد من الفضائيات والصحف والإذاعات المصرية مجتمعة قبل سنوات؛ تمكنت من الاستحواذ على برامج وإعلانات القناة الأولى، والثانية، والفضائية المصرية، وهي الثلاث الأهم بتليفزيون الدولة والأقدم مصريا وعربيا.

فساد على الطريقة العسكرية

أثار الشكل الذي ظهر عليه التليفزيون المصري في خطة التطوير حفيظة عدد من الإعلاميين المصريين، معتبرين أن ما يحدث هو استكمال لحلقة الفساد التي نشأت في أواخر عهد "مبارك" وبسيطرة من "جمال مبارك" ولكن هذه المرة السيطرة على طريقة "السيسي" وبخلفية عسكرية.

ويرى "أحمد عبدالعزيز" المستشار الإعلامي للرئيس الراحل "محمد مرسي" أن ماسبيرو ما زال رقما صعبا في معادلة الإعلام المصري وأنه مهما تعددت الفضائيات الخاصة فالسيطرة على ماسبيرو تبقى هي الأهم، فإعادة تدوير ماسبيرو أمر حيوي بالنسبة لسلطة الانقلاب، ولأي سلطة سابقة أو لاحقة.

ويضيف "عبدالعزيز": "كان أحد أهم أهدافنا الاستراتيجية خلال سنة حكم الدكتور مرسي أن نعيد هذه المؤسسة للشعب، وأن نجعلها متحدثة باسم الجماهير لا باسم السلطة، وفي سبيل ذلك فتحنا المجال للجميع حتى وإن خالف توجهاتنا لكن الانقلاب لم يمهلنا".

بينما يرى الكاتب الصحفي والسيناريست "حسام الغمري" أن "الموضوع لا يعدو كونه عملية ترقيع فاشلة لحياء رجل مريض، ومع ذلك فقد كان أمل السيسي أن يستنسخ تجربة الرئيس عبدالناصر، بل إنه كان يحسد عبدالناصر لعدم وجود وسائل إعلام أخرى غير وسائل إعلام الدولة، لذلك فهو الآن يلجأ حتى للسيطرة المباشرة على ماسبيرو، خصوصا بعدما فشلت أجهزته في مواجهة قنوات إسطنبول فلجأ للجهاز العتيق".

فتش عن الترددات الرضية

المخرج التلفزيوني "علي أبو هميلة" يذهب إلى أمر أكثر خطورة في تحليل وضع يد المخابرات على ماسبيرو عبر شركة إعلام المصريين حيث يرى أن المعركة السياسية هي معركة على الترددات الأرضية الخاصة بموجات الإف ام، والتي ينظمها القانون رقم 13 لسنة 1989.

ويقول "أبو هميلة" إن هذه الترددات مملوكة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، وكانت هناك محاولات لتحويل ملكيتها للمخابرات بعد ثورة يناير إلا أنها باءت بالفشل، الآن وبعد أن تتم السيطرة الكاملة وفي ظل قيادات ضعيفة جاءت من رحم المخابرات العسكرية وفي ظل وزير الإعلام أسامة هيكل يمكن أن تنتقل هذه الترددات إلى أي جهة ويتم تعديل القوانين الخاصة بها.

ويضيف "أبو هميلة": "الخطة قديمة من أيام أنس الفقي الذي باع لمحاسيب جمال عدد من هذه الترددات تمثلت في قنوات 100.6 ونجوم اف ام وغيرها إلا أن الأموال وقتها كانت تذهب للاتحاد ودور المخابرات هو الموافقة أو الرفض تصفية أم استغلال لتاريخ ماسبيرو".

واختلف الإعلاميون حول ما سمي بخطة تطوير ماسبيرو فكان تعليق الكاتب "حسام الغمري" عليها "التاجر لما يفلس بيدور في دفاترة القديمة"، إلا أنه استطرد "لكن هذه الدفاتر لم تعد صالحة فماسبيرو فقد الكثير من أثره حتى من قبل 25 يناير بسبب الضربات التي وجهت له من الداخل أثناء حكم مبارك، وفقد كل أثره بعد 25 يناير".

أما "أحمد عبدالعزيز" فاعتبر أن ماسبيرو ما زال أيقونة صالحة للاستخدام، وله في وجدان المصريين رصيد قديم، فقط يحتاج إلى بعض الجهد لإعادة تقديمه للجماهير، وأي خطة طموحة مبنية على دراسات يمكنها إحياؤه واستطرد الا أنني أشك أن ما يحدث من قبل سلطة الانقلاب يمكن أن يؤدي إلى نجاح.

وخالف "علي "أبو هميلة" كل من "عبدالعزيز والغمري"، معتبرا أن ما يحدث هو مجرد تصفية مؤكدا أن "السيسي" غير مؤمن بالدولة المصرية من الأساس، وبالتالي يتعامل مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون ككيان لا قيمة له وكل ما يريده منه هو الاستيلاء على الأرض والترددات كما أسلفت.

ويضيف "أبو هميلة": "من 2011 وحتى نهاية حكم الدكتور مرسي كان فيه شبه أمل أن يحيا ماسبيرو من جديد، ويقوم بدوره رغم لجوء الإخوان لمحاولة أخونة الجهاز إلا أنه كان فيه شبه مناخ حرية، وكان فيه احتجاجات وظهر حراك داخلي حتى أن بعض المنتمين للدولة العميقة المباركية كانوا يجدون مكانا للعمل. هذا الحراك كان يمكن أن يؤدي إلى اعادة الحيوية لماسبيرو مع كل الملاحظات التي يمكن أن نقولها على وزير إعلم الإخوان وقتها".

خطة أسامة هيكل

وبالمخالفة للدستور تم إعادة منصب وزير الإعلام للواجهة وإن كان تحت مسمى وزير دولة لشؤون الإعلام حتى لا يصطدم بالهيئات الإعلامية الأخرى، عموما في ظل دولة الانقلاب طبيعي سيكون لهذه الوزارة هيمنة خصوصا أن اسمه هيكل ابن المخابرات العسكرية ومندوب الأمن في جامعة عين شمس حينما كان طالب في كلية العلوم في ثمانينيات القرن الماضي يرى أن ماسبيرو عبء على الدولة ولا يعود عليها بالنفع، وأن خطته وفقا لتصريحات عدة صرح بها من قبل هي تسريح العمالة والبقاء فقط على 8 آلاف عامل ويرى أنه لابد من دمج القنوات سواء الإذاعية او التليفزيونية وتقليصها إلى الحد الأدنى.

وأشار "هيكل" في أكثر من موقف إلى أن "نظام الشراكة مع القطاع الخاص هو الأفضل إضافة إلى تحويل قطاعات بأكملها إلى شركات، وذلك للاستفادة منها"، وقد حقق جزء من هذه التصريحات عمليا بالشراكة مع إعلام المصريين.

المصدر | الخليج الجديد - إمام أبو زهرة

  كلمات مفتاحية

جمال مبارك المخابرات المصرية

إعلامي مصري يهدد بالانتحار أمام مبنى ماسبيرو.. لماذا؟

أزمة ماسبيرو تتصاعد.. موظفة للسيسي: المخابرات مش هتاخد مبنى الإذاعة والتلفزيون

كبيرة مذيعات التلفزيون المصري تحذر من جحيم ينتظر ماسبيرو

جمال مبارك يتوجه إلى أبوظبي ويعزي بن زايد في وفاة الشيخ خليفة

تغريدة لعلاء مبارك تثير جدلا حول ترشح أخيه جمال لرئاسة مصر