«بي بي سي»: السعودية تستعرض عضلاتها في الشرق الأوسط

السبت 8 أغسطس 2015 08:08 ص

قالت هيئة الإذعة البريطانية «بي بي سي»، إن المملكة العربية السعودية، تسلك اتجاه جديد وحازم فيما يتعلق بموقفها من قضايا منطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن هذا الاتجاه يقوم على الانخراط في مشروعات غير مجربة سابقا رغم انها قد تنطوي على مخاط محتملة.

وأضافت الشبكة في تقرير نشرته على موقعها على الانترنت، وأعده محلل الشؤون الأمنية «فرانك غاردنر»، وحمل عنوان «المملكة العربية السعودية تستعرض عضلاتها في المنطقة»، أنه يبدو أن هناك نارا تحت الرماد في المملكة، إذ انتهى العمل بالمقاربة المحافظة التي كان تنتهجها عبر التاريخ في التعاطي مع القضايا الاستراتيجية الكبرى، والتي تقوم على عدم إثارة المتاعب وتوخي الحذر الشديد عند التعامل مع قضايا منطقة الشرق الأوسط.

وتابع التقرير: «حل محل المقاربة المحافظة التي شهدتها المملكة الغنية بالنفظ، اتجاه جديد وحازم يقوم على الانخراط في مشروعات غير مجربة سابقا بالرغم من أنها قد تنطوي على مخاطر محتملة».

ففي اليمن، يشن الجيش السعودي حربا على المتمردين الحوثيين منذ أكثر من أربعة أشهر، وفي سوريا توسعت السعودية في رعايتها للإسلاميين المعارضين لحكم «بشار الأسد» إلى حدٍ كبير، وفيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، كشف مصدر مطلع، أنه حال توافر القناعة لدى السعودية بأن إيران سوف تطور سلاحا نوويا، فسوف تسلك المملكة نفس المسلك، ما يؤدي إلى بداية سباق تسلح في الشرق الأوسط.

خلفيات الموقف

ومضى «فرانك غاردنر»، في سرد رؤيته لخلفيات الموقف الجديد، قائلا: « في سبتمبر (أيلول) 2013، كنت جالسا في غرفة استقبال مكيفة الهواء داخل قصر محاط بالحرس بمدينة جدة السعودية بالقرب من ساحل البحر الأحمر، وكان بصحبتي داخل الغرفة شخصان هما سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد آنذاك (الملك حاليا)، وأقرب أبنائه إليه محمد بن سلمان (ولي ولي العهد حاليا)».

«كان ولي العهد سلمان بن عبد العزيز، قبل 16 شهرا من توليه حكم السعودية خلفا للعاهل السعودي الراحل الملك عبد الله، بصفته وزيرا للدفاع قد قطع عطلته في المغرب وعاد إلى السعودية لتولي قيادة القوات المسلحة التي كانت تستعد لدعم الأمريكيين في شن ضربات صاروخية عقابية ضد بشار الأسد»، وفق «فرانك غاردنر».

و«كان من المفترض أن تندرج الضربات الجوية في إطار القناعة التي توافرت لدى المجتمع الدولي على نطاق واسع بأن بشار الأسد استخدم غاز الأعصاب في الهجوم على الغوطة في ذلك الصيف، والذي أودى بحياة مئات من المدنيين السوريين»، هكذا أضاف.

وتابع: «لكن بفضل الوساطة الروسية التي توصلت إلى عقد صفقة مع الأسد قضت بتسليم النظام السوري ترسانة الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها، أو معظم تلك الأسلحة، أُلغيت الضربة الجوية العقابية قبل ساعات قليلة من الموعد الذي كان محددا لشنها».

شباب وطموح

وقال التقرير إن «إلغاء الضربة العقابية كان لحظة مؤثرة ونقطة تحول في أسلوب تعامل القيادة السعودية مع الولايات المتحدة، حيث شعرت السعودية بالخذلان التام من جانب الحليف الأمريكي التاريخي، إذ كانت تأمل أن يؤدي عمل عسكري دولي ضد نظام الأسد إلى تغيير المعادلة في الحرب الأهلية التي يشهدها البلد بحيث يزول الحليف العربي لإيران، وتحل محله حكومة يقودها السنة».

لكن عندما لم يتحقق ذلك، توصل كبار أمراء السعودية وصانعو القرار في البلاد إلى قناعة بأنه لابد لهم من أخذ زمام المبادرة لمعالجة الأمر بأيديهم، وفق التقرير.

بهذا احتل صدارة المشهد الشاب الذي «لا يتمتع بالخبرة العسكرية لكن يحدوه طموح كبير أي الأمير محمد بن سلمان، الشاب الذي حضر ذلك الاجتماع في جدة»، بحسب التقرير الذي قال إن الأخير الذي يعد، أصغر وزير دفاع في العالم، يتصدر أيضا المشهد في الحملة العسكرية التي تقودها السعودية لردع الحوثيين الشيعة في اليمن وإعادة الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي»، حليف السعودية، إلى سدة الحكم.

ورجح التقرير أن يكون الأمير الطموح «محمد بن سلمان» قد كسب الرهان وبدأ يحقق مبتغاه، «على الرغم من الثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب اليمني البائس، فبعد أربعة أشهر من القصف المتواصل لمواقع الحوثيين بالمقاتلات الجوية، ومحاصرة الموانيء والمطارات اليمنية، وإنزال لواء مدرعات إماراتي في عدن، انكمشت قوات الحوثيين وأصبحت في موقف دفاعي».

وفي رأي «فرانك غاردنر»، فإنه رغم التقديرات التي تشير إلى مقتل ثلاثة آلاف يمني واعتماد 80% من الشعب اليمني على الإعانات، يبدو أن القيادة السعودية لا زالت مصرة على المضي قُدُما في حملتها العسكرية وإجبار الحوثيين على السعي نحو السلام.

وذهب إلى أنه من المرجح أن السعودية ماضية في طريقها، ليس فقط لتأمين الحدود الجنوبية مع اليمن، بل للقضاء على مخاوف ظهرت على السطح من أن تحاصر المملكة بحلفاء إيران في المنطقة من جميع الاتجاهات.

ففي اليمن، وفق «فرانك غاردنر»، هناك جماعة الحوثيين الشيعة الذين يمثلون أحد أقوى الميليشيات الموالية لإيران في المنطقة رغم أن الواقع يؤكد أن المكاسب التي حققوها في بداية الصراع جاءت مدفوعة بدعم من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لا من إيران.

أما في العراق، فانتابت حالة من الفزع السعودية وهي تشاهد سقوط النظام السني بقيادة «صدام حسين» لصالح حكومة يسيطر عليها الشيعة الذين تربطهم علاقات وطيدة مع طهران.

أما في سوريا، فتعتقد السعودية أن «حزب الله»، حليف إيران، يحارب المتمردين السنة في سوريا، ويدعم الشيعة في البحرين وبعض المحافظات الشرقية السعودية، على حد قول التقرير، الذي ذهب إلى أن السلطات السعودية تتهم منذ وقت طويل «فيلق القدس» الإيراني بأنه وراء تأجيج الاضطرابات بين الشيعة في السعودية.

واختتم «فرانك غاردنر»، تقريره بالقول إن منتقدي السعودية يتساءلون عما قد تؤول إليه الأمور في ضوء هذه المعطيات.

ويرى بعضهم أن الدولة تخدع نفسها وتغامر بدعم لاعبين خطرين في مناطق مثل سوريا، ما يوفر دعما لنشاط الحركة الجهادية في المنطقة ويولد المزيد من العنف على يد مؤيدي تنظيم «الدولة الإسلامية» في السعودية وغيرها من الدول.

في المقابل، يرى مراقبون مخضرمون أن المقاربة الحازمة الجديدة التي تنهجها السعودية، في أعقاب الربيع العربي الذي وصفوه بـ«الكارثي»، تقوم على أنه لم يعد أمام السعودية أي خيارات سوى أن ترعى مصالحها بنفسها وتشكل تحالفاتها بدون وصاية من أحد.

  كلمات مفتاحية

السعودية سوريا الشرق الأوسط العراق إيران الحوثيون محمد بن سلمان

«غارديان»: السعودية تقاتل على جبهتين والرخاء النفطي ربما يكون في طريقه إلى الجفاف

«مجتهد»: مخطط مصري إماراتي لإعادة تأهيل «الأسد».. و«بن سلمان» تعهد بعدم المعارضة

قوة تأمين عدن ... غالبية إماراتية ومشاركة من السعودية ومصر وباكستان

«صنداي تايمز»: «علي مملوك» التقى «بن سلمان» في الرياض بوساطة روسية

«فورين بوليسي»: «عاصفة الحزم» .. المقامرة السعودية الكبرى

مدير الاستخبارات الفرنسية: الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى