ما علاقة كردستان بالعشائر السنية المسلحة؟!

الثلاثاء 29 يوليو 2014 09:07 ص

في الصورة: الشيخ علي حاتم سليمان، شيخ قبيلة الدليمي، التي تهيمن على محافظتي الرمادي والأنبار. (عقب انتهاء مؤتمر صحفي في أربيل 13/5/2014 - رويترز)

علي معموري، المونيتور - 28 يوليو/تموز 2014

هل تعزل حكومة الإقليم الكردي نفسها عن نشاطات الجماعات السنية المسلحة في شكل واضح وقاطع تماماً، وتوثّق علاقاتها مع كلّ الأطراف المعتدلة في أوسع إطار ممكن لتؤدّي دورها الرئيسيّ في توفيق الآراء والمساعدة بالخروج بتسويات واقعيّة وعمليّة في أوقات الأزمات؟! 

عقد مؤتمر بعنوان "شيوخ عشائر الثورة العراقيّة" في السابع من يوليو، في مدينة أربيل، حضرته قيادات عشائريّة لجماعات مسلحة متعاونة مع تنظيم الدّولة الإسلاميّة (المعروف سابقاً باسم داعش). وطرح المؤتمر شعار "يداً بيدّ لتحرير العراق". وأعلن المتحدّث باسم المؤتمر الشيخ رعد آل سليمان أنّ "المناطق السنيّة تحرّرت من الحكومة العراقيّة"، لافتاً إلى "أنّهم ساعون لتحرير بغداد وهدفهم إسقاط العمليّة السياسيّة".

وأشار متحدّثون آخرون إلى أنّهم "لا يطالبون تنحية المالكي فقط، بل قصدهم إزاحة كلّ المشروع السياسيّ برمّته". وتمّ الإعلان أيضاً أنّ القوى العشائريّة لن تقاتل تنظيم الدّولة الإسلاميّة، وما زال الهدف الرئيس بينهما واحداً، وهو تحرير بغداد، وبعد ذلك يمكن حلّ الخلافات. كما كشف المتحدّث باسم المؤتمر عن "أنّ هناك اتّصالات وتنسيقات رسميّة بينهم وتنظيم الدولة الإسلاميّة في خصوص العمليّات العسكريّة وأهدافها العامّة. وهذا كلّه يشير بوضوح إلى أنّ المشروع الذي يتبنّاه هذا المجلس يندرج تحت عنوان نشاط مسلح وألاّ حضور لأيّ مجموعة مسلّحة منفصلة عن تنظيم الدولة الاسلاميّة وتصرّفاته في المناطق التي سقطت أخيراً بيدهم.

وعُلِم من مصدر كان حاضراً في المؤتمر أنّه "انعقد في فندق جهينة في أربيل. وبعده، عقد مؤتمر صحافيّ اعلن عن نتائجه في شكل رسميّ". وأشار المصدر إلى أنّ "عدداً كبيراً من القادة السنّة المشاركين في الأعمال المسلّحة في المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة الإسلاميّة مثل: علي حاتم السليمان وأحمد الدّباش حضروا المؤتمر في شكل فعّال، وهم مقيمون في أربيل منذ فترة. وهناك قادة بعث كبار التقاهم هذا المصدر في أربيل.

وأثار خبر انعقاد هذا المؤتمر غضباً شعبيّاً واسعاً في مناطق الجنوب والوسط، إذ اعتبروه نوعاً من الخيانة، بحيث أنّه تعاون غير مباشر مع تنظيم الدولة الإسلاميّة. وقد وجه ايضاً بتصريحات ناريّة لبعض القادة السياسيّين الشيعة في حكومة بغداد، بما فيهم رئيس الوزراء المنتهية دورته نوري المالكي. وقد انتهت موجة التّصريحات والانتقادات المتبادلة بين بغداد وكردستان إثر انعقاد هذا المؤتمر إلى سحب الوزراء الكرد من بغداد في التّاسع من الحالي.

ولدى الاتصال بمسؤول حكوميّ رفيع المستوى في أربيل لاستيضاح الموقف الكرديّ تجاه نشاطات الجماعات المسلّحة المتعاونة مع تنظيم الدّولة الإسلاميّة في أراضي الإقليم الكرديّ، قال المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه: "إنّ حكومة الإقليم غير راضية عن هذه النشاطات، وليس هناك أيّ تنسيق للحكومة المحليّة مع هذه الجماعات.

وقد برّر حضور قادة تلك الجماعات في أربيل بأنّها أتت على أساس القواعد الإجتماعيّة المتعارف عليها في المجتمع العراقيّ من حيث تكريم الضيف واحترامه. وفي الوقت نفسه، أبلغت حكومة الإقليم المشرفين على المؤتمر آنف الذكر أنّ هذه النشاطات غير مرحّب بها تماماً في الإقليم. ولهذا السبب، عقد المؤتمر الثاني لهذه الجماعات في عمان، عاصمة الأردن، ممّا يظهر منع نشاطهم في أربيل.

لقد حاولت اربيل وضع نفسها في مقام الوسيط في الخلافات السياسية القائمة بين الأطراف المتنازعة في العراق منذ بدايات تشكيل الحكومة العراقيّة، بعد سقوط النظام السّابق، وهذا في حدّ ذاته أمر إيجابيّ من شأنه أن يقرّب وجهات النّظر ويقدّم حلولاً واقعيّة للصراعات والأزمات في البلد. وقد نجحت أربيل في مناسبات سابقة في إيجاد الحلول وتجاوز الأزمات، مثل ما حدث في تشكيل الحكومة الثانية للمالكي بعد عشرة أشهر من التأخير في ذلك، عام 2010.

ما يواجه هذا الدور الإيجابيّ للاقليم في التحدّي حالياً هو الحفاظ على نقطة التّوازن في الظروف الرّاهنة التي يتّجه فيها الطرفان السنيّ والشيعيّ إلى نهاية التطرف. وإنّ أيّ نشاط من شأنه أن يظهر إنحياز الاقليم لجهة متشدّدة معيّنة سيؤدّي إلى إضعاف أو انهيار دور الوساطة للاقليم. وهذا لا يضرّ بالوضع العراقيّ العام فقط، بل يهدّد الاستقرار النسبيّ القائم في كردستان أيضاً، لأنّ هذا الأمر يضعها في موقع العدوّ لأحد الطرفين، ممّا من شأنه فتح جبهات صراع للإقليم الذي ما زال فتي في إنشائه.

وعليه، يرى بعض المراقبين الأقرب إلى بغداد حاليا أن تبتعد حكومة الإقليم عن نشاطات الجماعات العشائرية المسلحة بشكل واضح وقاطع تماماً، ومن جهة أخرى توثيق علاقاتها مع كلّ الأطراف المعتدلة في أوسع إطار ممكن لتلعب دورها الرئيس في توفيق الآراء والمساعدة في الخروج إلى تسويات واقعيّة وعمليّة في أوقات الأزمات، حيث وقع ثلث البلد بيدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة.

  كلمات مفتاحية

عشائر سنية عراقية تجري مباحثات في واشنطن وتطالب بالتحقيق في انتهاكات «الحشد الشعبي»

اتفاق بين العشائر والفصائل المسلحة على تغيير محافظ الأنبار