وصل مسؤولون محليون وشيوخ عشائر سنّية عراقية، إلى الولايات المتحدة تلبية لدعوة رسمية من واشنطن، ومن المفترض أن ينضم إليهم مسؤولون آخرون خلال يومين لمناقشة مصير المحافظات العراقية والمدن السنّية ودور سكانها في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية».
وطالب شيوخ عشائر ديالى ومسؤولون في منظمات المجتمع المدني أمس السبت حكومة «حيدر العبادي» بفتح تحقيق في انتهاكات «الحشد الشعبي» في المدينة، حيث حضوا رئيس البرلمان «سليم الجبوري» على وضع حد لها.
وقد أكد أحد شيوخ قبيلة «الجبور»، وجود ما أسماه بـ«حملة إبادة منظمة ترتكب ضد المكوّن السني من قبل ميليشات مسلحة، وأن العشرات أعدموا في ناحية الخالص والمقدادية، بدعوى الحرب على تنظيم داعش الإرهابي».
وأضاف أن «مسلحين من الحشد الشعبي قاموا بنهب كل المنازل التي هجرها سكانها، وأن عدداً من الرجال لا يزال مصيرهم مجهولاً بعد اعتقالهم بدعوى التحقيق معهم».
كما أكد أن «ما يجري حالياً في ديالى لا يمكن السكوت عنه، وأن الحكومة مطالبة بشخص رئيسها حيدر العبادي، بالتدخل والتحقيق في مقتل أكثر من 250 سنياً حتى الآن، كون الجرائم التي ترتكب حالياً لا علاقة لها بالحرب على داعش».
من جهة أخرى، طالب الناشط في منظمات المجتمع المدني في ديالى «عمر الفاروق» لذات الصحيفة، بتسلم الجيش والشرطة حماية المناطق بدلاً من الحشد الشعبي، واعتبر «السكوت على جريمة مسجد مصعب بن عمير، حيث قُتل وأصيب 50 شخصاً، جرائم ترتكب بعيداً من الرأي العام والإعلام، ما يمهد لارتكاب إبادة جماعية للمكوّن السني في ديالى».
وكانت عضو البرلمان عن محافظة ديالى، النائب «ناهد الدايني»، أكدت أن السنة في ديالى «يتعرضون لإبادة جماعية من قبل عدد من مليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، بعد مقتل أكثر من 250 شخصاً واعتقال عدد من المدنيين من أهالي المحافظة»، وأن «المشكلة التي تواجها ديالى هي ما يقوم به بعض المليشيات التي داهمت إحدى القرى القريبة من منطقة عزيز، وقامت بقتل 22 شاباً ورميهم في نهر واعتقال 120 شخصاً وإيداعهم أماكن مجهولة، بما يشير إلى فرضية تصفيتهم».
كما أعلنت عضو مجلس ديالى «أمل عمران»، استمرار «انتهاكات الميليشيا ضد المواطنين في غالبية المناطق السنية في ديالى»، وتزايد «حملات الدهم والاعتقالات التي تنفذها تلك القوى».
اتصالات بين العشائر والولايات المتحدة
وفي سياق آخر، أكد مصدر سياسي بحسب صحيفة الحياة اللندنية، أن مسؤولين محليين وشيوخ عشائر وقادة فصائل مسلحة من محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وصلوا أمس إلى الولايات المتحدة تلبية لدعوات رسمية من الإدارة الأميركية، بينما رفض آخرون تلبية الدعوة وعرضوا عقد لقاءات في دولة عربية.
وأشار المصدر إلى أن المسؤولين سيبحثون مع الإدارة الأميركية مصير مدنهم، موضحًا أن الولايات المتحدة تفهمت شكاوى القادة السنّة حول ضعف تسليحهم لمواجهة تنظيم الدولة، ووعدت بتسليحهم مباشرة والاستفادة من دور العشائر في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم. لافتًا المصدر إلى أن الولايات المتحدة أرادت جمع مسؤولي ووجهاء المحافظات التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف لتوحيد مواقفهم ونبذ خلافاتهم.
وعقد مسؤولون في منطقتي صلاح الدين والأنبار الأسبوع الماضي اجتماعات مع السفير الأميركي في بغداد «ستيوارت جونز» ومسؤولين آخرين في سفارة الولايات المتحدة، ما أثار الحكومة الاتحادية.
ويطالب مسؤولون أميركيون من الحكومة العراقية الإسراع في تشكيل قوات «الحرس الوطني» من داخل المناطق السنّية وتسليحها لتتولى الحرب على «داعش». إلا أن عشائر سنّية شكت ضعف استجابة الحكومة العراقية، إذ لم يتم حتى الآن سوى تطويع بضعة آلاف في معسكرين، أحدهما على حدود الموصل ويشرف عليه محافظ نينوى «أثيل النجيفي»، ويضم حوالى 4 آلاف متطوع معظمهم من المهجّرين من المدينة، والآخر هو معسكر عين الأسد في الأنبار، ويشرف عليه مستشارون أميركيون.
وعلى رغم الاتفاق العام في العراق على أن تتولى قوات من المدن السنّية تحريرها من تنظيم الدولة الإسلامية، فإن بعض الأطراف داخل الحكومة ما زال يرى أن هذا الحل يمكن أن يشكّل خطراً على الوحدة الوطنية.
ويعود الإصرار على إشراك العشائر السنّية في تحرير مناطقها إلى الحساسيات التي قد يتسبب بها تولي الجيش العراقي مدعومًا من فصائل مسلحة شيعية هذه المهمة، خاصة في ظل تصاعد الشكاوى في مدن دخل إليها الجيش العراقي أخيراً مصحوباً بقوات «الحشد الشعبي» التي تضم فصائل شيعية مسلحة، من انتهاكات تعرضت لها مناطق السنّة.
إلى ذلك، التقى رئيس البرلمان العراقي «سليم الجبوري» أمس وفدًا يمثل شيوخ إحدى العشائر ووجهاءها في محافظة صلاح الدين. وأفاد بيان أصدره مكتب «الجبوري» أنه «استمع إلى شرح مفصّل لما تعرضت له منطقة القرة غول من تجاوزات استهدفت أبناء المنطقة وأموالهم وممتلكاتهم». وشدد على «ضرورة محاسبة المقصّرين وإيجاد حل عاجل لتلك الخروق التي تسيء إلى هيبة الدولة وتهدد وحدة النسيج الاجتماعي».