علاج كورونا في مصر.. إعلام الخرافة ينشط لإخفاء الفشل الحكومي

الاثنين 6 أبريل 2020 06:05 م

مع استمرار تفشي فيروس كورونا، وارتفاع عدد الإصابات بين المصريين لتتجاوز حاجز الألف مصاب، و78 حالة وفاة، تروج تجارة الخرافات في الإعلام الرسمي والاجتماعي، وينشط الخبراء المزيفون لخداع عقول المواطنين عبر الترويج لعلاجات وطرق وقاية مزيفة.

من الفول إلى المش، ومن الشاي إلى الينسون، ومن الثوم إلى البصل، ومن "الشعرة" إلى الفسيخ، ومن "الكرومونيوم" إلى "الشلولو"، تتواصل مسيرة الخرافات الرائجة لعلاج فيروس كورونا.

ولكن يبقى الأمر اللافت أن الكثير من هذه الخرافات ييتم تروجيها بواسطة فضائيات مصرية مقربة من النظام الحاكم، وصحف على صلة بدوائر سيادية وأمنية، دون تحرك من وزارة الصحة، أو الجهات المعنية لمواجهة هذه الخرافات، بما يعني ربما أنه يتم الترويج لها ضمن سياسة حكومية تهدف للتغطية على العجز الحقيقي في إمدادات الوقاية ومنظومة الرعاية الصحية.

الينسون والعرقسوس

تقود صحيفة "اليوم السابع"، المملوكة لـ"إيجل كابيتال"، أحد الأذرع الاستثمارية التابعة لجهاز المخابرات المصرية، حملة للترويج على نطاق واسع لخرافات حول علاج "كورونا".

وتحت عنوان "لو عندك التهاب فى الحلق ازاى تعالجه من غير ما تروح المستشفى"، نشرت الصحيفة عدة وصفات طبيعية لعلاج التهاب الحلق دون الذهاب للمستشفى، تضم "العسل الأبيض، الغرغرة بالمياه المالحة، شاي البابونج، النعناع، الحلبة، خل التفاح".

ونقلت الصحيفة الأشهر في مصر، في مقال تحت عنوان "وصفة العطار لمواجهة فيروس كورونا.. وسر ينسون النجمة"، أنه يمكن الوقاية من نزلات البرد ورفع قوة الجهاز المناعي، وبالتالي الحماية من فيروس "كورونا"، عن طريق عدد من الوصفات، يأتي على رأسها "الينسون النجمة".

وعادت الصحيفة ذاتها، للترويج لعلاجات أخرى، تحت عنوان "5 أطعمة مضادة للفيروسات تحميك من كورونا.. منها العرقسوس"، مدعية إن "العرقسوس والثوم، والقرفة، والزبادي، وعيش الغراب"، كلها يمكن أن يستخدم للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا.

البهارات الهندية

أما الإعلامي المصري "مفيد فوزي"، الموالي للانقلاب العسكري، فقد روج لعلاج آخر، خلال برنامج "90 دقيقة" على قناة "المحور" (خاصة)، قائلا إن الهند لم يقترب منها فيروس كورونا بسبب تناول الناس لأحد أنواع البهارات يدعى "الكرومونيوم"، والتي توضع في الطعام وتستطيع أن تتصادم مع الفيروس وتقضي عليه.

لكن الإعلامية المصرية "أماني الخياط"، تجاوزت "فوزي" بشكل أثار سخرية واسعة مدعية أن الشاي يمكن أن يستخدم للوقاية من فيروس كورونا، قائلة "ربنا بيقول لكل البسطاء لأنكم شعب بحب يشرب الشاي لدرجة أن الدولة الوحيدة في العالم التي بيصرف الشاي فيها على بطاقة التموين، ويسمى فاكهة الغلابة، فهو الذي يقود المعركة في منطقة الحنجرة ويهاجم الفيروس".

وزعمت "الخياط" عبر برنامجها "الكبسولة" على فضائية "أكسترا نيوز"، المقربة من أجهزة أمنية، أن "الشاي الساخن أو الماء الساخن يساهم في دفع الفيروس من القصبة الهوائية إلى الجهاز الهضمي والمعدة ليتم التخلص منه".

الفول و"الشلولو"

وضمن سياق التنافس المحموم بين الإعلاميين؛ لخداع المصريين، بعيدا عن حقائق تفشي المرض في البلاد، روج إعلامي بارز لعلاج مزعوم جديد، كان مثار سخرية حول العالم.

وعبر برنامجه "باب الخلق" الذي يذاع على قناة "النهار" (خاصة)، استضاف الإعلامي "محمود سعد"، أكاديميا يزعم أن أكلة مصرية قديمة تعود إلى 5 آلاف سنة، اسمها "الشلولو"، تعد من أكفأ مقومات المناعة والمضادات لفيروس "كورونا".

وقال رئيس قسم التثقيف الغذائي بالمعهد القومي للتغذية (حكومي)، "مجدي نزيه"، إن "الشلولو" تتكون من الملوخية الجافة والماء المثلج والبصل والثوم والليمون والملح.

بينما زعم عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة،  واستشاري الأطفال بكلية الطب في جامعة عين شمس (حكومية)، "مجدي بدران"، عبر قناة "التحرير تن"، أن "الفول" علاج فعال لفيروس "كورونا".

ونقلت قناة "الحدث اليوم" عن "محمد محمود"، وهو أكاديمي وصفته بأستاذ التحول البلوري للمادة، تأكيده على معالجة مرضى "كورونا"، من خلال تناول أقراص فيتامين سي واستنشاق ماء ساخن بعد إضافة الملح والليمون إليه.

المش والشعرة

ونشرت صحيفة "البوابة نيوز"، حوارا مع أستاذ الميكروبيولوجي "ابتسام حماد" نائب رئيس جامعة حلوان (حكومية)، نصحت خلاله بتناول عدة أطعمة كعلاج ضد فيروس "كورونا"، منها "المش والجعضيض والجرجير".

ولم يغب الممثلون بدورهم عن مسرح "خرافات كورونا"، فقد تبنت الممثلة "زينة" رأيا آخر، قائلة بأن "البصل والفسيخ" يقهران الفيروس، معتبرة أن المصريين يأكلون "الفسيخ"، ومن يفعل ذلك لن يخاف من "كورونا" على الإطلاق.

وتتداول مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، خرافة جديدة، لعلاج الفيروس، عبر البحث عن شعرة بين صفحات القرآن الكريم لعلاج "كورونا".

وتقول الخرافة، إن من يجد شعرة في المصحف في سورة "البقرة" بالقرب من آية محددة، فعليه أن يضعها في الماء ثم يشرب هذا الماء لعلاج فيروس كورونا وأمراض أخرى.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية، أنه لا يوجد حتى الآن، مصل أو علاج للفيروس، وأن تجارب عدة تجري لاختبار لقاحات معينة، وأن تطوير لقاح للفيروس ربما يحتاج إلى عام ونصف العام.

نقص حاد

وبالتوازي مع الترويج الإعلامي للخرافات، يجري التعتيم على حقيقة أرقام المصابين في البلاد، ووصول الفيروس إلى قطاعات حساسة، منها الجيش المصري، بعد وفاة لواءين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وتعاني مصر، من نقص حاد في الكمامات والقفازات، ومعدات الوقاية، وأجهزة التنفس الصناعي، وأسرة العناية المركزية، إضافة إلى نقص في الأطقم الطبية، نتجية تزايد معدلات الهجرة إلى الخارج.

ووفق طلب إحاطة تقدمت به، عضو مجلس النواب المصري، "داليا يوسف"، فبراير/شباط الماضي، فإن عدد الأسرة المتاحة في المستشفيات هو 22 سريرا فقط لكل ألف مواطن، في الوقت الذي تشترط فيه المعايير الدولية 93 سريرا لكل ألف مواطن، كذلك يبلغ متوسط عدد أسرة الرعاية المركزة في مصر، سرير واحد لكل 16 ألف نسمة، في حين أن المطلوب دوليا سرير لكل 7 آلاف نسمة.

ويعيد ترويج الإعلام المصري لمثل تلك الخرافات، إلى الأذهان، إعلان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية، قبل 5 سنوات، تمكن اللواء المصري "إبراهيم عبد العاطي"، من اختراع جهاز لعلاج التهاب الكبد الوبائي وفيروس "HIV" المسؤول عن متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، أطلق عليه اسم "كومبليت كيور".

وعُرف جهاز اللواء "عبدالعاطي" في ما بعد باسم "جهاز الكفتة" وتحول إلى فضيحة علمية، وأثار سخرية واسعو.

ويبدو أن سياسة ترويج الخرافات والإنجازات الوهمية تتكرر مع أزمة "كورونا"، بصور مختلفة؛ وعبر منابر عديدة، في محاولة لإخفاء الفشل الحكومي في احتواء الوباء وتداعياته، فضلا عن القصور في توفير الرعاية الطبية اللائقة للشعب المصري.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر تغلق ثالث مستشفى بعد اكتشاف إصابة كورونا بها

الاستبداد والشرق الأوسط في زمن كورونا

كيف توظف الحكومات الخرافات الشعبية حول كورونا؟