أفلام الكوارث.. إبداع فني ضحية نظرية المؤامرة

الأحد 12 أبريل 2020 07:21 م

يمتلئ تاريخ البشرية بمحطات عديدة من الأوبئة التي خلفت ضحايا بالملايين من البشر، ورصدت على مدار القرون الأربعة الماضية دورة الإصابة بوباء ما، يبدأ عادة بهجوم مخلوقات مجهرية ميكرسكوبية كالطاعون والكوليرا والإنفلونزا بأنواعها وصولا إلى فيروس كورونا، وكلمة السر عادة، وخلال تلك القرون الأربعة كانت العام العشرين من كل قرن.

الغريب أن التقدم الطبي والتقني لم يشف البشرية من هاجس الخوف الذي تحدثه تلك الأوبئة، وهذا ما التقطته مخيلة كتاب القصص وصناع السينما في العالم، خصوصا تلك الدراما التي تقدمها لنا هوليود من أفلام ومسلسلات، معظمها يتخيل وباء ما ينهي الحضارة البشرية ويقضي على إنجازات الإنسان بل ويقضي على الإنسان نفسه.

والسؤال الذي يجب أن يطرحه أي مراقب لمثل هذه الموجات من القصص الأدبية أو الأفلام السينمائية: هل هي محض مخيلة القاص والفنان السينمائي أم أن بعضها يصدر نتيجة تمرير دوائر سياسية أو مخابراتية لمعلومات تؤدي إلى ظهور هذه الأعمال؟ أم أن التجارب البشرية والتاريخ الإنساني الممتلئ بمثل هذه الأوبئة هو ما أغرى الكاتب والفنان على نسج خيوط عمله؟

"حاسة قوية" تنبأ بـ"كورونا"

ماذا لو فقدت حاسة الشم، ثم بدأت بعدها بفقدان كافة حواسك واحدة تلو الأخرى ،هذا ما طرحه فيلم "حاسة قوية" الذي أنتج عام 2011، حيث يبدأ الأشخاص بفقدان حاسة الشم ثم تدريجيا يفقدون الحواس الأخرى، ويتطور الأمر ليصبح مرضا معديا، وتتشابه أحداث هذا الفيلم مع ما نراه الآن من انتشار لفيروس "كورونا"، فالإصابة بفقدان الحواس انتشرت في الفيلم بذات الطريقة التي انتشر بها فيروس "كورونا"، وغموض الفيروس وعدم وجود علاج له وعزل المصابيين وعدم توقع خط سير محدد لانتشار المرض، كلها أمور نراها الآن على شاشات التليفزيون من خلال متابعة أخبار الفيروس، حتى التسابق من أجل إيجاد حل أو علاج أو تفسير دون جدوى هو ما نراه مع "كورونا".

المشكلة في هذا الفيلم أنه ينتصر للوباء ويقدمه كحالة سيطرت على العالم بعدما فقد البطلان كل حواسهما وانتهى بهما المطاف إلى فقد حاسة البصر تماما ليعيشا في ظلام دامس، والأخطر أن السلطات تفقد سيطرتها على المحتجزين في الحجر الصحي بعدما تصاب هي نفسها بالوباء ليسيطر الفيروس على العالم في نهاية المطاف.

"العمى" الرواية والفيلم

المرض.. الجوع.. الوهن.. الصراع.. الفوضى..  اختفاء السلطة الحاكمة.. فساد البيئة.. سردية رواية "العمى" التي كتبها "خوسيه ساراموجا" عام 1995 وتم تصويرها كفيلم سينمائي يحمل نفس الاسم عام 2007، من بطولة "مارك رفالو"، و"جوليان مور" وعرض للمرة الأولى في مهرجان "كان" عام 2008.

الرواية تضعك مباشرة ومنذ السطور الأولى أمام كارثة ستصيب البشر، حيث يصاب رجل متوقف في إشارة مرور بحالة من العمى المفاجئ، وهو عمى من نوع غريب حيث يرى لونا واحدا فقط في عينه، وهو البياض الحليبي كما يصف، ليبدأ من بعد هذه اللحظة اكتشاف أن هناك مرضا ما يصيب الناس جميعا بالعمى ولا يتبقى إلا امرأة واحدة هي المبصرة.

الرواية والفيلم يتجنبان تحديد الزمان والمكان وحتى أسماء الأشخاص، فالكل عرضة للوباء، طبيب العيون، والطفل الصغير، وبائعة الهوى، وموظف البنك، واللص، وسائق التاكسي، لا أحد ينجو من الوباء، وقد حرص صناع الفيلم على نقل الرواية بشكل لا يخل بها بل لعلها من المرات النادرة التي يحدث فيها تطابق بين الفيلم والرواية.

الفيلم والرواية كلاهما يشير إلأى أنه مع انتشار المرض تنتهي حتى السلطة المسيطرة على زمام الأمور، لا يصبح هناك مالك ولا مملوك ولا ملكية خاصة، ولكن لا يحددان أبدا إن كان هذا في عموم العالم أم أن هناك سلطة في مكان ما فنبقى دائما متوجسين أن هناك طرفا ما خلف ما حدث.

"أنا أسطورة" يؤكد نظرية المؤامرة

يشير فيلم "أنا أسطورة" الذي تم عرضه عام 2007 إلى نظرية المؤامرة صراحة، ويروي حكاية شبيهة بما يروى حول فيروس "كورونا"، حيث يتحدث عن خطأ حدث في أحد المعامل يتسبب في تسرب فيروس شديد الخطورة، يحول المصابين به إلى مسوخ وينجو منه عالم فيروسات، ويحاول أن يواجه الأزمة ويوجد علاجا لها، تقريبا هي نفس الرواية التي تتهم الصين بأن "كورونا" تم تخليقه معمليا وأنه تسرب أثناء عملية التخليق.

فيلم "عدوى"

ويعد فيلم "عدوى" المعروض عام 2008 هو الفيلم الأقرب محاكاة لوباء "كورونا"، فأحداث الفيلم تدور في إحدى مدن الصين حيث تنتقل عدوى للإنسان عبر الخفافيش والخنازير، وينقل المصابون تلك العدوى بالتلامس، ويفتك الفيروس المميت بالمصابين، بينما يحاول الأطباء السيطرة على الوباء، وتفاصيل أخرى كثيرة تتطابق مع قصة "كورونا" التي تحير العلماء حتى الآن.

ذلك كان غيضا من فيض الإنتاج سواء القصصي أو السينمائي، فضلا عن الدراما التليفزيونية التي تدور حول مصيبة إصابة الأرض بوباء مميت، ولكن ما لاحظناه أثناء العرض هو تطابق بعضها مع أمراض انتشرت بالفعل، فهل هي المخيلة التي تستطيع أن تتنبأ أم أن هناك ما يغذي العقول المبدعة ببعض أنباء المسقبل؟

المصدر | إمام أبو زهرة - الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا فيروس كورونا كوارث كوارث بيولوجية كوارث طبيعية كوارث إنسانية أفلام سينمائية

أفلام نهاية العالم.. كورونا يحيل الخيال واقعا

إصابات كورونا تتجاوز حاجز الـ1.5 مليون

السينما المصرية والأوبئة.. كورونا والنوم في العسل والشلولو