هل ينجح كورونا في وضع نهاية للأزمة الخليجية؟

الأربعاء 15 أبريل 2020 11:40 ص

منذ اندلاع الأزمة الخليجية منتصف عام 2017، أثبتت الأحداث عدم جدوى محاولات التوصل إلى مصالحة بين ما يسمى بـ "اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب"، (البحرين ومصر والسعودية والإمارات) من ناحية، وقطر من ناحية أخرى.

وفي بداية هذا العام، اتفق معظم الخبراء على أن آفاق إعادة تنسيق العلاقات بين دول الحصار والدوحة قاتمة، ومع ذلك، وسط تفشي وباء الفيروس التاجي الجديد "كوفيد-19" عالميا، من المهم التساؤل عما إذا كانت هذه الأزمة يمكن أن تغير قواعد اللعبة بما يدفع الجانبين نحو التقارب.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، حضر رئيس الوزراء وزير الداخلية القطري "خالد بن خليفة" اجتماعا افتراضيا طارئا لمجلس التعاون الخليجي.

ويبدو أن الأطراف المختلفة في هذه الأزمة المستمرة منذ 3 أعوام تقريبا كانت على استعداد (مؤقتا على الأقل) لوضع خلافاتهم ومشاكلهم السياسية خلف ظهورهم من أجل تحسين الجهود العابرة للحدود للتعامل مع "كوفيد-19".

وكما أكدت "مي نصرالله"، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة "دينوفو" الاستشارية، فإن هذا الوباء العالمي "يمد غصن زيتون داخل مجلس التعاون الخليجي"، لأن الدول الأعضاء لها مصلحة مشتركة في الحد من انتشار الفيروس.

وفي حين أنه من الصحيح أن حل أزمة المجلس قد تساعد منطقة الخليج، وبالتالي، منطقة الشرق الأوسط والعالم بشكل عام، في التعامل مع الوباء، لكنه في الواقع قد لا يكون بهذه البساطة.

وفي الواقع، هناك الكثير مما يمكن قوله عن الفيروس التاجي وقدرته على مفاقمة الصدع بين قطر ودول الحصار، على سبيل المثال، كان هناك عدد لا يحصى من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي تتهم السلطات القطرية "بجلب الفيروس التاجي إلى المنطقة".

وكما ذكرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، فإن العديد من هذه المنشورات جاءت من شركات ضغط سعودية وإماراتية ومصرية.

وليس هناك شك في أن حرب المعلومات هذه وسط الجائحة لا تؤدي إلا إلى زيادة عدم الثقة بين جانبي الأزمة بدلا من إعادة بناء جسور الثقة الضرورية للمصالحة بين قطر والمحور السعودي الإماراتي.

وتسلط مثل هذه الهجمات الإعلامية الضوء على عمق ومدى انقسام مجلس التعاون الخليجي.

ومن السابق لأوانه معرفة كيف ستؤثر جائحة الفيروس التاجي، الذي لا يعترف بحدود وطنية أو أي نزاع أيديولوجي أو قبلي، على المشهد الجيوسياسي لمنطقة الخليج.

وبالرغم أن الفيروس التاجي يغذي حرب المعلومات المضللة بين أطراف الأزمة، يجب أيضا التفكير في الأسباب التي تجعل البعض متفائلا بشأن المصالحة بالنظر إلى الوباء كفرصة لمنح دول الحصار طريقة جديدة لحفظ ماء الوجه لرفع الحصار عن قطر، أو على الأقل تخفيفه.

ومنذ اندلاع الفيروس التاجي، تشير الإجراءات التي اتخذتها أبوظبي والرياض إلى أن كلا العاصمتين ترى الوباء سببا، أو على الأقل ذريعة، لإجراء بعض التعديلات في السياسة الخارجية بما يبشر بالخير بالنسبة لفتح الحوار بين الخصوم الإقليميين في المستقبل.

على سبيل المثال، بالرغم من كونها عدوا تقليديا لإيران، برزت الإمارات كدولة تلعب دورا حاسما فيما يتعلق بمساعدة طهران على التعامل مع الوباء.

كما أعلنت السعودية في وقت سابق من هذا الشهر عن وقف إطلاق نار من جانب واحد في حربها ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، حيث تواجه المملكة تحديا مزدوجا يتمثل في الفيروس وحرب أسعار النفط.

وأكدت "سينزيا بيانكو"، إحدى كبار المستشارين في شركة "جلف ستيت أناليتيكس"، على أن دول مجلس التعاون الخليجي تريد أن تثبت أنها على استعداد للتعاون الإنساني حتى مع خصومها.

وإذا ساد هذا التفكير في جميع عواصم الخليج العربي، يبقى هناك احتمال أن يصبح "كوفيد-19" المحفز الذي يدفع إلى إعادة تنسيق العلاقات بين قطر وخصومها.

وأظهر التاريخ أن دول مجلس التعاون الخليجي تقترب من بعضها البعض في أوقات الأزمات الدولية أو الإقليمية، حتى إذا استمرت الاختلافات الأساسية بينها.

ومثلما ساهم الصعود السريع لتنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2014 في حل الخلاف الدبلوماسي داخل مجلس التعاون الخليجي في ذلك العام، فإن الوباء العالمي، الذي أدى حتى الآن إلى أكثر من 100 ألف حالة وفاة يمكن أن يكون أزمة أخرى تدفع جميع الملكيات العربية إلى جعل وحدة مجلس التعاون الخليجي أولوية أعلى من تسوية الحسابات والخلافات الأيديولوجية والقبلية.

وبالنظر إلى الإيماءات التي أظهرتها الإمارات تجاه طهران، من المأمول للغاية حدوث انفراج إقليمي أكبر يبشر بالخير والاستقرار على المدى الطويل في الشرق الأوسط، حتى بعد تطوير لقاح مضاد للفيروس.

وكما قالت "مي نصرالله"، في هذا المنعطف: "الكل يحتاج إلى الكل" في منطقة الخليج.

المصدر | جورجيو كافييرو | ريسبونسيبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مجلس التعاون الخليجي فيروس كورونا تداعيات كورونا الأزمة الخليجية حصار قطر

عاصفة كورونا تكشف تصدعات دول الخليج.. هل من حل؟

ترامب يدعو بن زايد لاتخاذ خطوات لحل أزمة الخليج

كيف تغيرت دبلوماسية المساعدات الخليجية في زمن كورونا؟