نهاية العالم.. فيلم تجريبي وآخر تجاري

الخميس 16 أبريل 2020 09:54 ص

عندما عرض فيلم "12 قردا" للمخرج الإنجليزي، "تيري جيليام" عام 1996 لم يشفع له النجاح الجماهيري الواسع الذي حظي به، ولم يهتم النقاد بالفيلم ونظر إليه مؤرخو السينما كما لو كان أحد أفلام الشباك التي تحظى بقابلية لدى الجمهور الشعبوي والفئات التي تعشق أفلام الحركة والإثارة ليس إلا.

ربما مرجع ذلك أن نجم الفيلم "بروس ويلير"، هو أحد أهم الفنانين الذين جسدوا تلك النوعية من الأفلام، وظل النقاد لفترة يتعاملون مع هذا الفيلم بتجاهل شبه تام، إلى أن وضع أحدهم يده على حقيقة غاية في الأهمية، وهي أن فيلم "تيري جيليام" و"بروس ويليز" هو معالجة جديدة للفيلم التجريبي الفرنسي "الرصيف البحري" للمخرج الفرنسي "كريس ماركر".

"ماركر" وفيلمه التجريبي

عرف المخرج الفرنسي "كريس ماركر" بأنه رائد السينما التجريبية ذات الاتجاه اليساري في فرنسا، وكان "ماركر" الذي رحل عن دنيانا عام 2012 عن عمر يناهز الـ91 عاما أحد مؤسسي حركة سينما ضفة اليسار، ورغم شهرة "ماركر" وأفلامه العديدة التي  أثارت جدلا واسعا ومنها فيلم "نعم كوبا" الذي أثار ضده الكثيرين بسبب إطرائه على "فيدل كاسترو" فضلا عن أفلامه النضالية عن الجزائر وفيتنام، لكن فيلمه "الرصيف البحري" ظل دون إثر حتى تم الربط بينه وبين فيلم "12 قردا".

وفيلم "الرصيف البحري" هو فيلم وثائقي تجريبي قائم على فكرة استخدام الصور الفوتوغرافية للحكي مصحوبة بتعليق صوتي لراوي يستعيد من خلال الصور المتحركة أمامه ذكرى محددة من ذكريات الطفولة، حيث كان دائما ما يذهب مع والديه إلى مطار أورلي، وهناك طبعت صورة لا تفارق مخيلته لرجل يموت أمام امرأة لم تمح صورتها من ذاكرته، لكن الحرب العالمية الثالثة تندلع لتمحو كل شيء عدا الذاكرة، حتى بعد أن دمرت باريس وأجبر السكان على اللجوء للأقبية، بينما الراوي سيجري اختياره من قبل العلماء للذهاب إلى الماضي وإلى المستقبل، للاتصال بأهل الأزمنة الأخرى والعودة بالدواء والغذاء وما يحتاجه الناجون في مخابئهم.

اقتباس "12 قردا"

قامت فلسفة "ماركر" في فيلمه على فكرة الموت والذاكرة وأثر المتبقي لإنسان ما بعد الكارثة، أما فيلم "12 قردا" فقد استعار منه فكرة التنقل بين الأزمنة والعودة إلى الماضي، ولكنه لم يعر اهتماما لا للذاكرة ولا لأسئلة الكارثة والدمار التي طرحها فيلم "ماركر" على غرابته، بل إن الحدث في الفيلم المنتج عام 1996 يختلف تماما عن الحدث في فيلم "الرصيف البحري".

ومع ذلك فنحن مع فيلم "12 قردا" سنجد أننا أقرب لأوضاعنا العالمية الراهنة في مواجهة "كورونا"، بل إن الأعوام متقاربة، فالفيلم المنتج عام 96 يتحدث عن فيروس يفني البشرية ولا ينجو منها سوى قلة تعيش تحت الأرض، ويكتشف العلماء عام 2035 أن الفيروس أنتجته مجموعة تسمى "مجموعة القرود الـ12"، ويتم اختيار أحد السجناء من مجمع فلادلفيا تحت الأرض ليسافر إلى الوراء بالزمن، للعثور على الفيروس وتمكين العلماء من إيجاد علاج مناسب له.

فروق كثيرة بين الفيلمين

رغم اعتماد الفيلمين على تيمة الكارثة/ الفناء/ العودة للماضي، لكن الفارق شاسع بينهما، ففيلم "الرصيف البحري" الذي أنتج عام 1962 يطرح علاقة فلسفية بين الذاكرة والموت، بينما فيلم "12 قردا" يتحول من خلال مسار الأحداث ومحاولة السجين أن يشرح للعلماء أن أزمة الفيروس تمتد لسنوات أبعد من العام 1996، ويتحول إلى سلسلة من المطاردات عابرة الزمن بين السجين والعلماء ليكشف لنا بالنهاية، أن المشكلة تكمن في تطاول الإنسان على البيئة فيتحول الموضوع إلى أزمة بيئة وتكنولوجيا.

عموما سواء كان فناء العالم قائما على فكرة فلسفية، كما في "الرصيف البحري"، أو على الفساد البشري الذي يؤدي إلى ضرر بيئي تكنولوجي كما في "12 قردا"، فالنتيجة واحدة، نحن أمام نهاية للعالم نصنعها بأنفسنا، والغريب أن كل الأفلام تحدثت عن كارثة يخلفها ناجون، لكنها لم تشر بشكل جلي إلى أننا كل ما نحاول فعله هو الإبقاء على العالم حتى تأتي النهاية الطبيعية أو يوم الخلاص.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا نهاية العالم

السينما المصرية والأوبئة.. كورونا والنوم في العسل والشلولو

شاهد.. توم هاردي بدور رجل العصابات الشهير آل كابوني

هل يتم عزل ممثلي بيكي بلايندرز لاستكمال التصوير تحت الإغلاق؟

ذا باتمان أكثر قتامة من سرديات الأفلام السابقة