نيويورك تايمز: مخاوف من انقلاب بالسودان في ظل تدابير كورونا

السبت 18 أبريل 2020 02:10 م

أدى نزاع حول إجراءات مكافحة "كورونا" في العاصمة السودانية الخرطوم إلى مواجهة مفتوحة بين قادة البلاد العسكريين والمدنيين؛ مما يؤكد هشاشة الانتقال الديمقراطي في البلاد.

إذ أعلن رئيس الوزراء المدني "عبد الله حمدوك"، الخميس، أنه أقال محافظ الخرطوم الفريق "أحمد عبدون حماد"؛ بتهمة تحدي أمر حكومي بإلغاء صلاة الجمعة في الخرطوم وأم درمان.

ومثل العديد من البلدان الأفريقية، فإن معدل الإصابة بالفيروس في السودان منخفض نسبيا؛ حيث يوجد 32 حالة مؤكدة و5 وفيات، إلا أن المسؤولين يخشون من أن تفشي المرض بشكل أكبر سيضغط بسرعة على النظام الصحي المتدهور في البلاد.

لكن الجنرال "حماد" رفض إقالة رئيس الوزراء له، قائلا في بيان صادر عن مكتبه بعد ذلك بساعات إنه ينوي البقاء في منصبه، ما يكشف عن خلاف متزايد داخل المجلس الأعلى الحاكم، الذي يتألف من مدنيين وجنرالات في الجيش، ومن المفترض أن يقود البلاد نحو انتخابات ديمقراطية في عام 2022.

وقبل عام، احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين على أبواب مقر الجيش في الخرطوم للمطالبة بالإطاحة بـ"عمر البشير" الذي حكم البلاد لمدة 3 عقود.

وسرعان ما تبددت مظاهر التفاؤل المحدود التي أعقبت الإطاحة بـ"البشير"؛ حيث عانت البلاد لاحقا من مستويات مرتفعة من عدم الاستقرار السياسي والانهيار الاقتصادي، فضلا عن موجات الاضطرابات العنيفة التي تعيق مسار التحول الديمقراطي.

نجا "حمدوك" الشهر الماضي من محاولة اغتيال على ما يبدو بعد أن استُهدف موكبه بتفجير. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن أنصار "حمدوك" ألقوا باللوم على منافسين عسكريين قالوا إنهم تواطؤوا مع مسؤولين سابقين من نظام "البشير". وقال وزير الإعلام السوداني "فيصل محمد صالح" بعد ذلك: "هناك أناس يحاولون استهداف مكتسبات الثورة السودانية".

وأدت أزمة الفيروس إلى تفاقم تلك التوترات. فبعد قفزة في الحالات المؤكدة هذا الأسبوع، ألغت الحكومة صلاة الجمعة وأعلنت عن إغلاق لمدة 3 أسابيع من المقرر أن يبدأ سريانه، السبت.

وفي تحد لهذه الأوامر، تجمعت مجموعة من المتظاهرين خارج مقر الجيش، الخميس؛ للمطالبة بإسقاط حكومة "حمدوك". وكتب على إحدى اللافتات "لا لحكومة الجوع".

بعد ذلك بساعات، عندما تكشفت المواجهة مع حاكم الخرطوم، الجنرال "حماد"، اتصل مسؤولون مدنيون سودانيون كبار بالمسؤولين الغربيين والصحفيين المحليين للتحذير من أنهم يخشون أن يستخدم الجيش إغلاق "كورونا" للاستيلاء على السلطة بينما ينشغل العالم الخارجي بالأزمة الصحية.

وقال مسؤول في هيئة دولية بالخرطوم تحدث (بشرط عدم الكشف عن هويته) عن محادثاته السرية مع المسؤولين الحكوميين، إن القادة المدنيين على خلاف مع قائد الجيش الفريق "عبد الفتاح البرهان"، الذي زعموا أنه مدعوم من قطر الغنية بالنفط ومصر المجاورة.

لكن العديد من المسؤولين الغربيين قالوا إنه لا توجد مؤشرات تذكر على الاستيلاء الوشيك على السلطة. وقال مسؤول كبير في الولايات المتحدة، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إن القادة المدنيين المتوترين في السودان، الذين تراجعت شعبيتهم في الأشهر الأخيرة مع تدهور الاقتصاد، حذروا مرارا من انقلاب محتمل في الخرطوم لدرجة أنهم أصبحوا أقرب إلى الذي يدعي الغرق.

ووصف مسؤول غربي مقيم في السودان الخرطوم بأنها غارقة في شائعات عن انقلاب سيجري تحت غطاء "كورونا"، لكنه قال إنه لا توجد علامات ملموسة على أي اضطراب.

في رسالة بريد إلكتروني، قال المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، السفير "دونالد بوث"، إن إدارة "ترامب" تدعم حكومة "حمدوك" الانتقالية.

وقال "بوث": "نحن ندرك أنها تمثل حلا وسطا بين المدنيين وقوات الأمن، وكلاهما كان لهما دور فعال في إنهاء ديكتاتورية البشير"، مضيفا أن الحكومة "تحتاج الآن إلى حماية الشعب السوداني من الوباء"

وقال مسؤولون مدنيون، تعتمد قوتهم إلى حد كبير على قدرتهم على حشد الدعم الشعبي في الشوارع، إن الفيروس وضعهم في وضع غير مؤاتٍ حيث أنهم لا يستطيعون الآن حشد المؤيدين خشية أن يخاطروا بنشر الفيروس.

وتعتبر التوترات داخل الجيش سببا آخر يعقّد الصراع على السلطة في السودان. يقول دبلوماسيون ومحللون إن اللواء "البرهان" يتنافس على السيادة مع الفريق "محمد حمدان دقلو" (حميدتي)، القائد الطموح لوحدة شبه عسكرية سيئة السمعة، هي قوات الدعم السريع.

لطالما غضب الجيش النظامي من سلطة "حميدتي"، الذي يسيطر على إمبراطورية اقتصادية ويبدى علانية طموحه في الحكم.

وفي إشارة إلى مدى تشابك التحالفات والتنافسات داخل القيادة السودانية، أصبح الجنرال "حميدتي" الآن متحالفا سياسيا مع القادة المدنيين الذين ذبحت قواته أنصارهم الصيف الماضي.

ومما يزيد الأمر تعقيدا، أن الموالين السابقين لـ"البشير" داخل قوات الأمن قاموا باستعراض عضلاتهم في يناير/كانون الثاني عندما قاموا باحتجاجات عنيفة في الخرطوم ضد فصلهم من الخدمة، مسلطين الضوء على المهمة الصعبة المتمثلة في إعادة هيكلة جهاز الأمن السوداني.

لم يحصل السودان على كثير من المساعدات الخارجية التي جرى وعده بها منذ الإطاحة بـ"البشير". ما زالت الولايات المتحدة تُدرج السودان كدولة راعية للإرهاب؛ مما يخنق الاستثمار. وأدى النقص الشديد في الغذاء والوقود والعملات الصعبة إلى الكثير من المشقة.

يصطف العديد من السودانيين لساعات لشراء الخبز أو للحصول على وقود لسياراتهم، بينما فر آخرون إلى الخارج. ويضاف الفيروس إلى تلك المشاكل.

يوم الخميس، حذر "ميشيل ياو"، وهو مسؤول كبير في منظمة الصحة العالمية، من أن أفريقيا قد تواجه زيادة كبيرة في الإصابات في الأشهر المقبلة.

وقال "ياو": "في أسوأ التوقعات، يمكن أن يرتفع عدد الحالات في القارة من آلاف إلى 10 ملايين خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة".

المصدر |  ديكلان والش/نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قوات الأمن السودانية محاولة انقلاب بالسودان مجلس السيادة السوداني الحكومة السودانية

الحكومة السودانية تصدر قانون الطوارئ لمواجهة كورونا

محادثات هاتفية بين بن زايد والبرهان.. ما تفاصيلها؟

رئيس مجلس السيادة السوداني: تنظيمات سياسية تخطط لانقلاب