من مدفع الإفطار والمسحراتي للتراويح والاعتكاف.. طقوس رمضان تحت حظر كورونا

الخميس 23 أبريل 2020 05:51 م

تختلف الأجواء في شهر رمضان الحالي، عن غيره من الأعوام السابقة، نظرا لأزمة تفشي فيروس "كورونا" التي تضغ الكثير من طقوس المسلمين في الشهر الكريم تحت الحظر.

ويفرض التباعد الاجتماعي، إلغاء الكثير من مشاهد الاحتفال بأكثر الشهور قدسية لدى نحو 1.8 مليار مسلم، ويؤثر سلبا على شعائر دينية، ومظاهر اجتماعية صمدت على مدار قرون.

وفي الخليج تحديدا، يبدو تراجع مظاهر الاحتفاء بقدوم رمضان، مع استمرار الحظر الكلي في بعض المناطق، وتوقف حركة السفر، وبالتالي تغيير العادات والتقاليد الراسخة في الشهر الكريم.

رمضان بلا عمرة

تشهد السعودية وجها مغايرا في رمضان مع توقف موسم العمرة هذا العام وغياب ملايين المحتشدين عن الحرم، إذ تشير إحصائيات وزارة الحج والعمرة السعودية إلى أن 7.5 مليون أجنبي أدوا العمرة في رمضان، العام الماضي، يضاف إليهم ملايين المعتمرين من الداخل.

وتفتقد مساجد المملكة، للمصلين، خاصة في الحرمين الشريفين، المسجد الحرام والمسجد النبوي، وذلك بعد وقف صلاة الجماعة والتراويح، ووقف الطواف حول الكعبة المشرفة.

وستقام الصلاة بالحرمين وفق شروط، على أن يجري تخفيفها إلى 5 تسليمات (10 ركعات)، مع استمرار تعليق حضور المصلين.

كذلك سيكون صعبا دعوة المواطنين إلى تحري هلال رمضان، وسيقتصر الأمر فقط على أهل الاختصاص.

ومع الأزمة الاقتصادية التي خلفها الفيروس، وتوقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية، ستختفي موائد الرحمن والعزائم والولائم في المملكة، وتجمعات الإفطار الرمضاني للعمالة الوافدة.

عادات محاصرة

سيفتقد الخليجيون أيضا عادة "الشعبنة" التي تقام قبل يوم من بدء شهر رمضان المبارك، حيث تجتمع الأسر في منزل كبير العائلة للاحتفاء بقدوم شهر الصوم، مع مجموعة كبيرة من أطباق المأكولات والحلويات.

وسيجبر "كورونا" دول الخليج على إلغاء طقوس متعارف عليها، من أبرزها "القرقيعان"، الذي كان يقام في أيام الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر من شهر رمضان، حيث يخرج الأطفال إلى الشوارع في كرنفال كبير يطوف بيوت الأقارب والجيران، ويرددون أناشيد رمضان، لتفتح لهم ربة المنزل وتعطيهم الحلوى والمكسرات.

ويلاحق الحظر وإجراءات التباعد الاجتماعي عادة "الغبقة"، وهي إحدى العادات العريقة لدول الخليج؛ حيث تتعازم الأسر الخليجية على موائد الطعام بعد صلاة التراويح، خصوصا في العشر الأواخر من الشهر الكريم.

مدفع الإفطار

ولم يسلم مدفع الإفطار هو الآخر من تأثيرات "كورونا"، حيث سيكون من الصعب حدوث تجمعات في الكويت عند مدفع الإفطار الذي يقع قرب سوق المباركية التراثي في قلب العاصمة.

ومن المظاهر التي ستغيب كذلك، الديوانيات التي تجمع مجالس الكويتيين وتكون عامرة بالرواد وتقام فيها حفلات الإفطار الجماعي.

وسيفتقد العمانيون فرصة تجمع أفراد العائلة في بيت الأكبر سنا على مائدة الإفطار، وتبادل أطباق الإفطار بين الجيران، وكذلك سيتم افتقاد أسواق "الهبطات" التي تعرض جميع الاحتياجات اللازمة لعيد الفطر.

وفي الإمارات، تسببت تدابير مكافحة "كورونا" هذا العام في إلغاء المهرجانات الرمضانية، التي تنصب الخيام لعرض البضائع والمنتجات المختلفة.

وفي البحرين، سيسمح بإقامة صلاة تراويح شهر رمضان في أحد مساجد العاصمة، لكن لعدد محدود، كذلك سيسمح بصلاة الجمعة في مسجد الفاتح بحضور الخطيب وعدد محدود من المصلين لنقل الخطبة والصلاة عبر أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة، وتحت رقابة الجهات الصحية المختلفة.

غياب المسحراتي

أما المسحراتي وهو أحد المظاهر التراثية لشهر رمضان في مختلف الدول العربية والإسلامية، فقد يكون من الصعب استمرار عمله بالتجول ليلا، خاصة في ظل سريان إجراءات الحظر.

وفي بعض الدول مثل مصر، يتجمع الصغار والكبار حول "المسحراتي" الذي يطوف الشوارع وهو يضرب دفه، إيذاناً بدخول وقت السحور، مرددا "إصحى يا نائم، وحد الدائم".

كذلك قد تتسبب الضائقة الاقتصادية التي خلفها الفيروس، وتوقف حركة الكثير من النشاط الاقتصادي، في التأثير سلبا على عادات المصريين في هذا الشهر، من شراء الفوانيس، وإقامة موائد الرحمن، وصنع الكحك والبسكويت.

ويبدو كبار السن أكثر المتضرريين من إجراءت الحجر الصحي، بما يمنع الزيارات والمعايدة، على أن يتم الاكتفاء بالاتصالات الهاتفية بدلاً من السلام باليد والتقبيل الذي بات من المحظورات.

إلغاء الاعتكاف

وتحظى العشر الأواخر من رمضان بقدسية خاصة لدى عموم المسلمين، خاصة أنها تحتضن ليلة القدر، التي اختصها الله بنزول كتابه المقدس (القرآن الكريم) على نبيه "محمد" صلي الله عليه وسلم. 

ولتجنب الإصابة بالعدوى، سارعت دول عربية وإسلامية إلى وقف إحياء العشر الأواخر بالاعتكاف وصلاة التهجد، كذلك ستغيب الاحتفالات بغزوة بدر الكبرى يوم 17 رمضان، وليلة القدر في السابع والعشرين من الشهر ذاته.

وستغيب أجواء الاعتكاف والصلاة لاسيما الفجر والتراويح، في المسجد الأقصى، التي كانت تشهد حضور مئات آلاف المصلين من القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني.

جدل الصيام

أما فريضة الصوم نفسها، التي تعد ركنا من أركان الإسلام، فقد طالها نصيب من تداعيات "كورونا"، وسط دعوات مثيرة للجدل لترك الصوم هذا العام للوقاية من كورونا.

وتشهد وسائل الإعلام وساحات التواصل الاجتماعي رواج آراء جدلية حوال جواز رفع فريضة الصوم هذا العام، بدعوى أن ما يسببه الصوم من جفاف في الحلق يمكن أن يجعل الإصابة بالفيروس أكثر خطورة.

والخميس الماضي، طالب رئيس طاجيكستان، "إمام علي رحمن"، المزارعين بالإفطار في رمضان، ثم قضاء الصوم لاحقا، للحفاظ على صحتهم وإنتاجيتهم.

لكن لجنة البحوث الفقهية في مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، حسمت الجدل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، بالتأكيد على غياب وجود أي دليل علمي حتى الآن على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بـ"كورونا".

سيتغير شهر رمضان جملة وتفصيلا عن الأعوام السابقة، وستسطر في التاريخ وقائع وقف الصلوات والجمع والعمرة والتراويح والاعتكاف، وربما صلاة العيد، بسبب جائحة "كورونا".

ورغم أنه من المؤكد أن رمضان هذا العام سيخلو من العزائم والولائم وموائد الرحمن، لكنه يشهد دعوات متزايدة لتوفير الطعام ونفقات الولائم، والتبرع بها لغير القادرين، ودعم مستشفيات العزل الصحي، ومساندة مرضى "كورونا"، والتضرع إلى الله بأن يرفع البلاء عن أهل الأرض.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا المسحراتي مدفع الإفطار إفطار رمضان

قطر في رمضان.. الحملات الخيرية تتكثف لتخفيف ضربات كورونا

كيف يستقبل الشرق الأوسط رمضان في ظل تفشي كورونا؟

الإفتاء المصرية: فتاوى إفطار رمضان بسبب كورونا غير منضبطة

مسحراتي إسطنبول يواصل مسيرة جده ووالده ويروي ذكرياته مع رمضان