كيف يرد حلفاء حفتر على المكاسب الأخيرة لتركيا في ليبيا؟

السبت 25 أبريل 2020 03:06 م

ربما يؤتي استثمار تركيا في "حكومة الوفاق الوطني" الليبية ثماره أخيرا؛ حيث بدأت قوات الحكومة المعترف بها دوليا في تحقيق مكاسب محدودة في ساحة المعركة ضد قوات الجنرال "خليفة حفتر".

وبعد تأمين السيطرة الكاملة على طول الطريق السريع الساحلي بين طرابلس وتونس في وقت سابق من هذا الشهر، شنت قوات حكومة الوفاق مؤخرا هجوما على بلدة "ترهونة" الاستراتيجية، وهو أمر حاسم بالنسبة لسلسلة إمداد "حفتر" للحفاظ على هجومه على طرابلس.

وبمساعدة أنقرة، من المرجح أن تستمر حكومة الوفاق في تحقيق بعض النجاحات ضد حلفاء "حفتر". لكن قد تؤدي هذه المكاسب لزيادة إصرار حلفاء "حفتر" الأجانب؛ ما يعني زيادة الدعم التي تقدمه بعض الدول للجنرال الليبي.

وقد يظل "حفتر" في وضع جيد لمواصلة هجومه لمدة عام، اعتمادا على دعم إضافي من دول مثل الإمارات ومصر؛ ما يطيل أمد الحرب الأهلية في ليبيا.

وقبل زيادة الدعم التركي هذا العام، كانت الظروف على الخطوط الأمامية في طرابلس وخيمة بالنسبة لقوات حكومة الوفاق.

وقدمت الإمارات ودول أخرى دعما لا حدود له لحملة "حفتر" الجوية؛ الأمر الذي مكن الجنرال الليبي من ضرب أهداف استراتيجية في طرابلس ومصراتة.

وفي سبتمبر/أيلول، تم أيضا نشر مرتزقة روس متحالفين مع "حفتر" في المنطقة؛ حيث وفر المستوى العالي للتدريب والمعدات زيادة كبيرة في قدرات قوات الأخير.

وفي غضون ذلك، تركت المخاوف من انتهاك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا الحكومة في طرابلس مع دعم قليل من أوروبا والولايات المتحدة.

لكن تلك الحكومات الغربية أبدت اهتماما ضئيلا في فرض نفس الحظر على أسلحة الداعمين الأجانب لـ"حفتر"، مثل الأردن والسعودية والإمارات؛ خوفا من تعريض استراتيجياتها وتحالفاتها في الشرق الأوسط للخطر.

لهذا السبب، راهن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أيضا على أن الغرب لن يكون لديه شهية كبيرة لفرض عقوبات على تركيا بسبب مشاركتها في ليبيا.

ولضمان عدم تثبيت حكومة مدعومة من الإمارات في طرابلس، قدمت أنقرة المزيد من الطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي وأجهزة تشويش الرادار وأدوات الحرب الإلكترونية إلى حكومة الوفاق.

وساعد ذلك على تعويض بعض المزايا الجوية لقوات "حفتر"، كما سمح لحكومة الوفاق بضرب خطوط إمداد هذه القوات بنجاح أكبر.

وزودت تركيا أيضا القوات البرية التابعة لحكومة الوفاق بمعدات وإمدادات متزايدة، وزادت أعداد المقاتلين الموالين لحكومة الوفاق عن طريق نقل بعض العناصر التابعة للمعارضة السورية المسلحة.

وكانت النتيجة زيادة نوعية في قدرات قوات حكومة الوفاق في المنطقة المجاورة مباشرة لمعاقلها.

  • مكاسب محدودة

ومع هذا الدعم التركي الإضافي، قد تتمكن حكومة الوفاق من السيطرة على مدينة ترهونة وقاعدة "الوطية" الجوية الاستراتيجية غرب طرابلس.

لكن لا يزال من غير المرجح أن تحقق حكومة الوفاق مكاسب كبيرة خارج منطقة طرابلس. ولا تزال قدرتها مقيدة بعيدا عن معاقلها لعدة أسباب رئيسية.

ولعل الأهم من ذلك أنه كلما عملت قوات الحكومة من قواعدها الجوية الرئيسية في مصراتة وطرابلس، كلما كانت أكثر عرضة للقوة الجوية لقوات "حفتر" وحلفائه.

ويصل مدى الطائرات بدون طيار التي قدمتها تركيا إلى أقل من 200 كم. وكلما ابتعدت هذه الطائرات بدون طيار عن أهدافها، كلما أصبح استخدام الدفاع الجوي والرادار والتشويش لدعمها محدودا؛ ما يجعلها أكثر عرضة للفشل والرصد بواسطة الدفاعات الجوية التابعة لـ"حفتر".

كما أن سلاسل التوريد الأرضية التابعة للحكومة ستكون أكثر عرضة لضربات قوات "حفتر"، وكذلك ستنتشر  هذه السلاسل على مسافات طويلة وفي المناطق النائية ما يسهل على قوات "حفتر" مهاجمتها.

وإذا أحرزت حكومة الوفاق تقدما يتجاوز معاقلها الحالية بالقرب من طرابلس، فإن محدودية فاعلية الطائرات بدون طيار ستؤدي إلى تفاقم التحديات التي تواجهها في الحفاظ على سلاسل الإمداد الطويلة.

  • الحرب الأهلية في ليبيا مستمرة

ومع ذلك، لا تزال النجاحات المحلية التي أنجزتها حكومة الوفاق تشكل معضلة لـ"حفتر" ومؤيديه الأجانب. وكان من الواضح منذ فترة طويلة أن هجوم "حفتر" على طرابلس لن يسفر عن انتصار على الأرض.

وفشلت محاولات "حفتر" في جذب الميليشيات والمناطق الموالية لحكومة الوفاق إلى جانبه إلى حد كبير حتى الآن.

لكن بالنسبة لـ"حفتر" وحلفائه، فإن الحفاظ على هجوم منخفض الكثافة بدلا من الدخول في محادثات سلام قد يظل الخيار الأفضل.

ودون مواصلة القتال، يمكن أن تظهر الانقسامات داخل قاعدة الدعم المتنوعة لـ"حفتر" في بنغازي وشرق ليبيا.

وتقبل العديد من فصائل الجيش التابع لـ"حفتر" في نهاية المطاف بليبيا الفيدرالية التي تمنح المناطق الشرقية الغنية بالنفط حكما شبه مستقل أو الاستقلال الكامل.

وإذا توقف الهجوم في طرابلس، ستصبح هذه الانقسامات أكثر وضوحا، وستقوض القيام بهجوم جديد في المستقبل.

ومن شأن حل النزاع الليبي أيضا أن يجبر مؤيدي "حفتر" الأجانب على قبول حكومة موالية لتركيا في طرابلس، وهي حكومة تشرك "الإخوان المسلمين" في الحكم بشكل علني.

وتعد مثل هذه النتيجة غير مقبولة بالنسبة لمصر المجاورة، وكذلك الإمارات والسعودية، وهي الدول التي تعتبر "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية.

واستثمر حلفاء "حفتر" الكثير من الوقت والموارد على مدى الأعوام الـ6 الماضية لأجل استراتيجيته طويلة المدى للإطاحة بالحكومة في طرابلس. ومن المرجح أن يزيد مؤيدو "حفتر" دعمهم له؛ الأمر الذي قد يمكنه من الاعتماد بشكل أقل على القوات البرية وبشكل أكبر على القوات الجوية.

ومع عدم وجود نهاية لهذه المساعدة الخارجية، يرى "حفتر" أن قواته تستطيع القتال لفترة أطول من قوات الحكومة المدعومة من تركيا.

ومن المحتمل أن يستمر "حفتر" في لعبة النفس الطويل من خلال إجراء تكتيكات على غرار الحصار، مع منع الوصول إلى صادرات النفط من أراضيه، في محاولة لتجفيف اقتصاد طرابلس.

وفي غضون ذلك، ستواصل الإمارات تسهيل إيصال إمدادات الوقود إلى شرق ليبيا من أجل إبقاء الهجوم قائما.

وفي حين أنه خيار لا يحظى بشعبية، فقد يشجع الداعمون الأجانب جيش "حفتر" على استهداف إمدادات المياه والطاقة في طرابلس بقوة أكبر؛ ما يفاقم الأزمة الإنسانية الرهيبة بالفعل في البلد الذي مزقته الحرب.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خليفة حفتر قوات خليفة حفتر حكومة الوفاق الوطني الليبية

مسؤول أوروبي يحمل حفتر وداعميه مسؤولية الأوضاع في ليبيا

ليبيا.. كيف يبني حفتر قواته بهدوء في فزان؟

ليبيا.. حفتر يعلن إسقاط اتفاق الصخيرات وتولي إدارة البلاد (فيديو)

أمريكا ترفض إعلان حفتر تنصيب نفسه حاكما لليبيا

العربية: بوارج تركية في شمال ليبيا تستعد لقصف ترهونة

بلومبيرج: مقامرة أردوغان في ليبيا ناجحة لكنها لن تستمر