بعد أسبوعين تقريبا من تكليف "مصطفى الكاظمي" بمنصب رئاسة وزراء العراق، هناك أقاويل عن عدم رضا تيار الحكمة الذي يتزعمه "عمار الحكيم"، أبرز داعمي "الكاظمي"، عن سير عملية تشكيل الحكومة، فيما أصدرت كتلة الفتح الشيعية بزعامة "هادي العامري"، أبرز ذراع سياسي للميليشيات العراقية، بيانا يتهم "الكاظمي" بتشكيل حكومة محاصصة.
زعيما تياري الحكمة والفتح كانا موجودين في الجلسة، بل إن مواقع إخبارية عراقية قالت إن "الحكيم" كان أحد أبرز داعمي تولي "الكاظمي" لرئاسة الحكومة، وتغيب كل من "نوري المالكي" و"مقتدى الصدر" عن الجلسة.
وبعد التكليف، قامت كتلة الفتح بلجم أكثر الميليشيات تطرفا في العراق، كتائب حزب الله وحركة النجباء، التي اتهمت "الكاظمي" بالمشاركة في التخطيط للضربة الأمريكية التي قتل فيها الجنرال الإيراني "قاسم سليماني"، ونائب أمين عام هيئة الحشد الشعبي "أبو مهدي المهندس".
وقتها قيل إن "العامري" تدخل شخصيا لإصدار بيان يبرئ "الكاظمي" من تلك الاتهامات.
الخلاف على المناصب
لكن الآن، تقول كتلة الفتح إن "الرئيس المكلف يتعامل بازدواجية ويمنح الكرد والسنة مكاسب يرفض أن يمنح مثلها للشيعة"، بحسب تغريدة رئيس الكتلة ووزير الداخلية السابق "محمد الغبان".
وطالب "الغبان" في تغريدة أخرى "الكاظمي" بـ"الالتزام بالمبادئ التي اتفقت عليها الكتل السياسية"، لأن الكتل لم ترشحه "لأنه الأفضل" وإنما من أجل "مخرج وحل للأزمة".
لكن هذه "المبادئ" التي يتحدث عنها "الغبان"، تعني في واقع الأمر، وبحسب مصدر مقرب من "الكاظمي"، الإصرار على المحاصصة.
يقول المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لموقع "الحرة": "الطرف الوحيد الذي يعترض على تشكيل الحكومة هو ائتلاف الفتح، فهم يرفضون الأسماء القريبة من الشارع، وبالأخص أسماء من قبيل حارث حسن المرشح للخارجية، وكاظم السهلاني المرشح للعمل والشؤون الاجتماعية، وهشام داوود المرشح للثقافة، إضافة إلى أسماء اخرى".
وقال المصدر إن "الكاظمي أصر على هذه الأسماء ودافع عنها بقوة، فيما يمارس ائتلاف الفتح الضغوط على الكاظمي لاعتقاده أنه وكابينته (تشكيلته الوزارية) يميلان إلى الشارع".
وأضاف أن "الكاظمي قسم كابينته بحيث يكون ثلثها من نصيب القوى السياسية، وثلثها للشارع، والثلث الآخر يحتفظ به الكاظمي لنفسه"، لكن كتلة الفتح "لم تقبل بثلث الشارع كما لم يرقهم موضوع أن يحتفظ الكاظمي بحق ترشيح الثلث".
وبحسب المصدر؛ فإن "الكاظمي رفض أن يتنازل أكثر، قائلا إنه قبل ببعض المرشحين ممن رشحتهم الكتل السياسية، وإنه ليس مستعدا لتخريب مستقبله السياسي لمجرد إرضاء طرف واحد".
لكن هذا الطرف هدد بإفشاله في البرلمان في حال أصر على هذه الكابينة، كما يؤكد المصدر.
إيران تحب العراق كما هو
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأسبوع الماضي أن "سياسات العراق في مرحلة ما بعد الغزو تشبه نظاماً من الغنائم مع ما يصاحبه من فساد ورقابة معدومة، ومعظم السياسيين والأحزاب السياسية متواطئون".
وأضافت: "يمكن للسياسي أن يكون رفيع المستوى، ولكنه يعمل مع ذلك في نظام مع مؤسسات منحرفة تجعل من الصعب التغلب على الأمراض السياسية المتأصلة في النظام السياسي، ويبدو أن هذا هو مأزق الكاظمي الذي شهد العراقيون والأمريكيون بكفاءته".
واعتبرت أنه "بغض النظر عن شخصية المكلف برئاسة الوزراء، فإن الوضع في العراق غير قابل للإصلاح"، لأن "من شبه المؤكد أن المؤسسات السياسية في العراق ستقوض قدرة الكاظمي على الحكم"، مضيفا أن "النظام السياسي فاسد للغاية، والأمريكيون مشتتون للغاية، وإيران تحب العراق كما هو".
من جانبه، قال المحلل السياسي العراقي "مصطفى السماوي" إن "الرهان على إفشال الكاظمي خطر جدا، فقد قبلت به الكتل على أنه أقل خطرا من الزرفي (مكلف سابق بتشكيل الحكومة)، كما أن الأوضاع في العراق لا تحتمل المزيد من التأخير".
وأضاف أن "اعتراضات كتلة الفتح تعني أن الكاظمي يتحداها، ومجرد معرفة إن هناك رئيس وزراء لا يمتلك أي مقاعد في البرلمان، وغير متبنى من أية جهة سياسية، وليس ثريا كبيرا أو زعيم ميليشيا، ويمتلك القدرة على تحدي الفتح، يعني أن الكتل السياسية والكاظمي مدركون لهشاشة الوضع السياسي الكبيرة، والتي تصب في مصلحة الكاظمي".
ويعيش العراق ظروفا صعبة منذ انتشار فيروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط، وتقوده حكومة تصريف أعمال استقالت عقب تظاهرات استمرت عدة أشهر احتجاجا على الفساد وسوء الإدارة.
وفي 12 أبريل/نيسان الجاري، كلف الرئيس العراقي "الكاظمي" بتشكيل الحكومة، بعد إعلان رئيس الوزراء المكلف السابق "عدنان الزرفي"، اعتذاره عن المهمة لأسباب "داخلية وخارجية" لم يفصح عنها.
وسبق لخمس كتل شيعية إعلان دعمها لـ"لكاظمي"، على رأسها ائتلاف "الفتح" (48 مقعدا) بزعامة "هادي العامري"، وائتلاف "دولة القانون" (26 مقعدا) بزعامة "نوري المالكي"، و"تيار الحكمة" بزعامة "عمار الحكيم" (19 مقعدا).
يشار إلى أن "الكاظمي" يعد ثالث مكلف بتشكيل الحكومة، عقب "الزرفي"، و"محمد توفيق علاوي"، المنسحب مطلع مارس/آذار الماضي؛ لفشله في إقناع المكون السني والكردي وبعض القوى الشيعية بدعم تشكيلته الحكومية.
كتلة شيعية محددة اصرت على تفويض الرئيس المكلف في اختيار الكابينة لغاية في نفسها والكتل الشيعية الاخرى وافقت بشرط ان يطبق هذا المبدأ على الجميع دون استثناء . الرئيس المكلف خلافا لذلك المبدأ قبل مرشحي الكتل الكوردية والسنية وتعامل بازدواجية ، هذا الامر مرفوض ويعقد تمرير الكابينة .
— محمد الغبان (@mrghabban) April 24, 2020
رفضنا الزرفي لأنه جاء من خلال آلية مرفوضة مخالفة للدستور والأعراف السياسية ، الرئيس المكلف الحالي جاء بتوافق الكتل السياسية ليس لأنه الافضل ولا بفوزه في الانتخابات ، وانما مخرجا وحلا للأزمة إذن عليه أن يلتزم بالمبادئ التي اتفقت عليها الكتل السياسية معه وبشكل مسطرة مع الجميع
— محمد الغبان (@mrghabban) April 21, 2020