هل عقدت إيران صفقة مع أمريكا لتعيين الكاظمي في العراق؟

الاثنين 13 أبريل 2020 06:01 م

اختير "مصطفى الكاظمي" رئيساً للوزراء في العراق بعد مفاوضات صعبة اتسمت بخلافات داخلية بين الميليشيات الشيعية، وقد حاول رئيس الجمهورية "برهم صالح" استغلال هذا الخلاف من قبل عندما تحدّى بجرأة الأغلبية الشيعية باختياره للمرشح "عدنان الزرفي" المناهض لإيران والموالي للولايات المتحدة.

ولكن، يأتي ترشيح "الكاظمي" كرد على هذه الخطوة، حيث كانت الكتل الشيعية قد تداولت اسمه منذ عدة شهور.

خلافات شيعية داخلية

عندما استقال رئيس الوزراء المؤقت "عادل عبدالمهدي"، بدأت المشاورات بين مختلف القادة السياسيين الشيعة للعثور على مرشح يتمتع بدعم معظم الكتل.

كانت هذه مهمة تُسنَد في الماضي دائمًا لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني؛ اللواء "قاسم سليماني" (الذي جرى اغتياله في غارة أمريكية في يناير/كانون الثاني) والشيخ "محمد كوثراني"، الذي يمثل الأمين العام لحزب الله اللبناني "حسن نصرالله".

يتمتع "نصرالله" باحترام كبير وعلاقة شخصية وثيقة مع معظم الأحزاب العراقية وهو على اتصال دائم بهم.

ولكن، فشل القادة العراقيون في التوصل إلى الاتفاق دون تدخل خارجي.

رفضت العديد من الجماعات الشيعية بشكل قاطع مرشح الرئيس "صالح" (الزرفي) وقررت معارضة ترشيحه، ومع ذلك، لم يتم اختيار "الكاظمي" كرئيس جديد للوزراء حتى طلبت طهران من جميع الكتل الشيعية توحيد قرارها واستبعاد "الزرفي" واختيار مرشح يتفق عليه الجميع.

تداول مبكر للترشيح ورفض

وصل "الكاظمي" إلى رئاسة الوزراء بالطريقة الآتية:

كان "عمار الحكيم" أول من روج لـ"مصطفى الكاظمي" العام الماضي، بدعم من "مقتدى الصدر"، بعد استقالة "عبدالمهدي".

ومع ذلك، رفضت الكتل الشيعية الأخرى قبول أي ضابط في مكافحة الإرهاب أو رئيس للمخابرات أو أي ضابط آخر ينتمي إلى المؤسسة الأمنية العسكرية.

تخشى العديد من الكتل الشيعية من أي مرشح له ملف مشابه لـ"صدام حسين"، وما زالت تجربة "نوري المالكي" في السيطرة -والذي رفض مشاركة السلطة مع الشيعة والسنة والأكراد- حية في ذاكرة هؤلاء القادة.

لعب "صالح" على الخلاف الداخلي بين الكتلة الشيعية، والتي كانت بشكل رئيسي بين ائتلاف "الفتح" برئاسة "هادي العامري" وكتلة "سائرون" بقيادة "مقتدى الصدر".

ولأن المتظاهرين رفضوا أي مرشح ترشحه الكتل السياسية المهيمنة، حاول "مقتدى الصدر" ركوب الموجة من خلال اعتبار نفسه ممثل المتظاهرين الذين رفضوه في الواقع كما فعلوا مع شخصيات أخرى في المؤسسة.

وفي وقت لاحق، طلب "الصدر" من الرئيس "صالح" رفض أي اسم لم يوافق عليه، وادعى أنه هو صاحب الكتلة الأكبر، وليس "العامري".

في وقت لاحق، فشل "محمد علاوي" أيضًا لأنه رفض استشارة الكتل السنية والكردية وبعض الشيعة في اختيار أعضاء حكومته.

كان "علاوي" يعتقد خطأً أنه يمكن الاعتماد على دعم "الصدر"، الذي وعد بجعل الجميع في البرلمان يصدّقون على حكومة "علاوي" بكل الوسائل.

ولكن، فشل "الصدر" في إقناع الشيعة والسنة والأكراد، ولم يتمكن من جلب "علاوي" إلى السلطة.

ومع ذلك، واصل الرئيس "صالح" اعتماده بشكل أكبر على الدستور العراقي بدلاً من التوافق السائد بين العراقيين (الشيعة والسنة والأكراد) ورشح "عدنان الزرفي"، المناهض لإيران والموالي لأمريكا.

أعلنت العديد من الكتل السياسية والمنظمات الشيعية رفضها لـ"الزرفي"، وفي الوقت نفسه، حظي مرشح حزب "الدعوة" (عدنان الزرفي) بدعم كتلته الرئيسية بقيادة رئيس الوزراء السابق "حيدر العبادي".

كما دعم "نوري المالكي"، "الزرفي" سراً، حيث أراد أن يعود منصب رئيس الوزراء إلى حزب "الدعوة" (منذ عام 2005 حتى عام 2018 احتل حزب الدعوة منصب رئيس الوزراء).

حصل "الزرفي" أيضًا على دعم من "الصدر"، الذي أُعطِيَ وعدًا بالسيطرة على أي حكومة وزارية أو أي منصب رفيع آخر داخل الدولة العراقية.

إيران ومناهضة "الزرفي"

على الرغم من التصريح الرسمي لإيران بأنها لم تعارض ترشيح "الزرفي"؛ فقد كان الواقع مختلفًا.

اتُهم "الزرفي" ضمناً بإحراق قنصلية إيران في النجف وكربلاء خلال مظاهرات الأشهر الماضية، وعندما قام القائد العسكري "علي شمخاني" - الذي كان المسؤول عن العلاقات بين إيران والعراق مع "سليماني" - بزيارة العراق، تلتها زيارة قصيرة قام بها الجنرال "إسماعيل قآني"، حمل الرجلان رسالة واحدة للعراقيين: "نحن لا نختلف مع اختيار مصطفى الكاظمي، إذا اخترتموه، ونحن نتمتع بعلاقات جيدة معه".

هذه كلمات لم تقلها إيران أبدًا عن "الزرفي".

أعلن الزعيم الكردي الأول "مسعود بارزاني" دعمه لـ"الكاظمي" وحذا حذوه الزعيم السني، ورئيس مجلس النواب "محمد الحلبوسي".

كان "صالح" خيار "قاسم سليماني" واتضح اليوم أنه كان خطأ من وجهة نظر الكتل الإيرانية والشيعية، وكان وزير المالية "فؤاد حسين"، من اختيار أربيل، لكن "سليماني" اعتبره في ذلك الوقت مرشح المبعوث الرئاسي الأمريكي "بريت ماكجورك".

لهذا السبب طلب "سليماني" من الشيعة والسنة وحلفاءه من الأكراد في السليمانية ألا يصوتوا لـ"حسين" وأن يوجهوا دعمهم لـ"برهم صالح" بدلًا منه.

أخبر "صالح"، "سليماني" في 2018 أنه سيرشح المرشح الذي يريده على الفور، وبهذه الطريقة انتُخب "عادل عبدالمهدي" رئيساً للوزراء.

لا تفاهم إيراني أمريكي

لم يكن هناك أبدًا تفاهم أمريكي إيراني في العراق، وبدلاً من ذلك، كان يتم اختيار مرشحين يثيرون الحد الأدنى من المعارضة من الإيرانيين والأمريكيين.

يتمتع "الكاظمي" بعلاقات جيدة مع الرياض وطهران وواشنطن، كما كان الحال مع رئيس الوزراء السابق "عبدالمهدي"، كان "عبد المهدي" مدعوما من واشنطن، ومع ذلك كان هو الذي قدم مشروع اقتراح إلى البرلمان العراقي يطالب بانسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق بعد ذلك بعام.

وافق "الكاظمي"، الذي وعد بدعم "قوات الحشد الشعبي"، على السعي لإخراج جميع القوات الأمريكية من العراق، على النحو المنصوص عليه في القرار الدستوري الملزم للبرلمان العراقي.

أقنعت طهران حليفتها "كتائب حزب الله" العراقية، التي اتهمت ​​"الكاظمي" علنًا بالمسؤولية عن اغتيال القائد "سليماني" و"أبومهدي المهندس"، بقبول "الكاظمي" رئيسا للوزراء والانتظار لرؤية أفعاله قبل الحكم عليه، وأن ثمن اغتيال "سليماني" و"المهندس" هو الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من العراق وليس "الكاظمي".

بعد 3 محاولات فاشلة لترشيح رئيس الوزراء، سيتم دعم "الكاظمي" هذه المرة لتشكيل حكومته وسيحصل على الدعم البرلماني المطلوب، ومع ذلك، سيواجه صعوبات وتحديات شديدة.

فالولايات المتحدة تعيد نشر قواتها ولا تظهر أي نية للانسحاب الكامل، ولن يتمكن "الكاظمي" من الحصول على انسحاب أمريكي سهل، كما لن يكون قادرًا على نزع سلاح الميليشيات العراقية كما وعد.

وعلاوة على ذلك، سيواجه مشكلة اقتصادية حقيقية لأن العراق يعاني من تدهور سعر النفط والديون الخارجية، حيث يبلغ دخل العراق ما يزيد قليلاً على 30 مليار دولار، بينما يحتاج إلى 80 مليار دولار لدفع الرواتب والحفاظ على البنية التحتية كما هي.

لن يتمكن "الكاظمي" من الاستجابة لمطالب الشارع لأنه ببساطة ليس لديه ما يكفي من المال.

ولا تتخوف إيران بخصوص من يتولى رئاسة الحكومة العراقية، وقد يتحول صديق اليوم إلى عدو الغد.

تتمتع طهران بصلات كافية مع القادة السياسيين والقادة العسكريين ورؤساء المنظمات في العراق، وعندما شهدت في الماضي رئيس وزراء عدوانيًا - "حيدر العبادي" - تمكنت من إيجاد طريقها في العراق، الذي يعد دولة حساسة للتوازن بين قادته السياسيين، أما الولايات المتحدة، فلا تملك نفوذاً كافياً في العراق يتناسب مع نفوذ إيران.

المصدر | الايجا ماجنير | جلوبال ريسيرش - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التدخل الإيراني في العراق مجلس النواب العراقي مصطفى الكاظمي قاسم سليماني نوري المالكي

أمريكا تفعل منظومة باتريوت في قاعدتين بالعراق

حزب الله العراقي رافضا تشكيل الكاظمي للحكومة: إعلان حرب

مهمة الكاظمي المستحيلة بين مصالح العراق وضغوط طهران وواشنطن

حقيقة الخلاف بين إيران ووكلائها على رئيس الوزراء العراقي

العراق.. كتل شيعية دعمت تكليف الكاظمي تنقلب عليه

هكذا تواصل إيران تقدمها في المنطقة رغم كورونا

أهون الشرين.. هكذا ينظر الحرس الثوري لترشيح الكاظمي بالعراق

الكاظمي: نجاح مفاوضات فيينا يخدم استقرار العراق.. وهذه رسالتنا للإيرانيين والأمريكيين