واشنطن بوست: لماذا وافقت إيران على الكاظمي لرئاسة الحكومة العراقية؟

السبت 11 أبريل 2020 06:57 م

عندما قبل رئيس المخابرات العراقية ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، الخميس، بعد 17 عاما من اليوم الذي دخلت فيه القوات الأمريكية بغداد، بدت التحديات المقبلة أكثر حدة من أي وقت مضى.

يلاحق فيروس "كورونا" المستجد العراق حاليًا، كما تدهورت أسعار النفط بحد يكفي لدفع الاقتصاد نحو كارثة، وتدور مواجهات متقطعة بين القوات الأمريكية والميليشيات المدعومة من إيران بالقرب من القواعد العسكرية العراقية، كما لا يزال مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" مصدر قلق، حيث ينتظرون ويحلمون بالعودة.

أظهرت قائمة الحضور في حفل ترشيح "مصطفى الكاظمي" الرهانات المحفوفة بالمخاطر، حيث جلست النخبة السياسية في البلاد على الكراسي المذهبة، فيما بدا أول مظهر للوحدة منذ أن أطاحت الاحتجاجات الجماهيرية بحكومة رئيس الوزراء "عادل عبدالمهدي" في الخريف ودفعت العراق إلى أزمة.

"الكاظمي" هو ثالث رئيس وزراء يُكلّف بالمنصب في البلاد في غضون 10 أسابيع فقط، وقد هدد عدم اليقين السياسي بفراغ في القيادة في وقت حساس بالنسبة للعراق.

التوترات الأمريكية الإيرانية

في الوقت الذي تشن فيه الولايات المتحدة وإيران حربًا بالوكالة عبر الشرق الأوسط، أصبح العراق ساحة المعركة الأكثر تقلبًا.

يتوقع المسؤولون والخبراء أن "الكاظمي" -مسؤول الغرف الخلفية الذي يتمتع بقدرة على إنجاز التحالفات في واشنطن وطهران والمنطقة الأوسع- ربما يتغلب على العقبات التي أزاحت مرشحين قبله، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ميزته النادرة بكونه مقبولًا لدى كل من الولايات المتحدة وإيران.

وقالت "راندا سليم" مديرة "برنامج حل النزاعات وحوارات المسار الثاني في معهد الشرق الأوسط" بواشنطن: "لقد استطاع الكاظمي السير على هذا الخط الدقيق بين واشنطن وطهران. قد لا يكون الخيار المفضل لطهران، لكنه خيار مقبول لها".

في الأشهر التي تلت أمر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" باغتيال الجنرال الإيراني "قاسم سليماني" في يناير/كانون الثاني، كثفت الفصائل السياسية المرتبطة بإيران الضغط على القوات الأمريكية لمغادرة العراق.

كما صعدت الجماعات شبه العسكرية هجماتها الصاروخية التي استهدفت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وقتلت الجنود العراقيين في تبادل إطلاق النار.

في غضون ذلك، تضغط واشنطن على الحكومة العراقية لتنأى بنفسها عن إيران، وتطلب من قوات الأمن العراقية ملاحقة المسؤولين عن الهجمات الصاروخية وتزيد الضغط على بغداد للحد من اعتمادها على صادرات الطاقة الإيرانية، التي تستهدفها العقوبات الأمريكية.

أجرت الحكومة الأمريكية إعفاءات قصيرة المدى من العقوبات للعراق استنادًا إلى التقدم الذي أحرزته في وضع خطط تنويع إمداداتها بعيدًا عن إيران.

وتشتد حاليا الضغوط المتنافسة من الولايات المتحدة وإيران على العراق.

وقالت "كريستين فونتينروز" مديرة "مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في المجلس الأطلنطي" والمسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي في إدارة "ترامب"، في مذكرة بحثية نشرت الخميس: "إذا تم التوافق على أول مهمة كبيرة للكاظمي، فإن ذلك سيحدد متطلبات العراق البراجماتية الممكنة من الاثنين (طهران وواشنطن)، وما يمكن أن يعرضه كذلك".

الموقف من الميليشيات

ويأتي تعيين "الكاظمي" بعد أسبوع من زيارة من خليفة "سليماني"، "إسماعيل قاني" لبغداد. قال مسؤولون عراقيون إن الجنرال الإيراني أشار في اجتماعات إلى أن إيران والحرس الثوري لا يريدان مرشح واشنطن المفضل "عدنان الزرفي" رئيسا للوزراء.

وقال مسؤولون عراقيون مطلعون على صفقات الغرف الخلفية التي أدت إلى ترشيح "الكاظمي"، إنه وافق على عدم التدخل في شؤون الميليشيات التي يرتبط بعضها بإيران، مقابل دعم الكتل السياسية الشيعية التي أعاقت مرشحي رئاسة الوزراء الاثنين السابقين، وقد تحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموقف.

كان ينظر إلى "الزرفي" على نطاق واسع على أنه معادٍ للميليشيات. وفي الأيام الأخيرة لترشيحه أصدر مؤيدوه السابقون -واحدًا تلو الآخر- بيانات تفضل "الكاظمي"، في وقت لم يكن فيه قد تم ترشيحه بعد لهذا المنصب أصلًا.

استقال "الزرفي" رسميا صباح الخميس، وخلال ساعات، بدأت دورة الترشيح من جديد.

غرد "الكاظمي" بعد فترة وجيزة من إعلان تعيينه، قائلًا: "بتفويضي لقيادة الحكومة العراقية، أتعهد لشعبي الكريم بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات ومطالب العراقيين على رأس أولوياتها".

وقال مسؤول عراقي مطلع على موقف الميليشيات إن "الكاظمي" حصل على قبول جزئي لأنه كان يُنظر إليه على أنه شخص يمكنه إقناع واشنطن بمواصلة الإعفاءات من العقوبات حيث أن انهيار أسعار النفط العالمية يقلل من قدرة الدولة على تمويل نفسها.

وقال المسؤول: "إنهم لا يثقون في الكاظمي بالكامل، لكنهم يرون أيضا أنه يمكنهم التعامل معه. في هذه المرحلة، يريد الجميع بذل قصارى جهدهم للحفاظ على الإعفاءات".

حضر ترشيح "الكاظمي" زعيم شبكة الميليشيات العراقية "هادي العامري"، لكن واحدة من الجماعات المؤثرة في الشبكة (كتائب حزب الله) وصفت ترشيح رئيس المخابرات بأنه "إعلان حرب" ضد الشعب العراقي.

وكانت "كتائب حزب الله"، قصفت القوات الأمريكية من قبل، واتهمت رئيس المخابرات سابقًا بالتواطؤ في غارة الطائرة المسيرة التي أسفرت عن مقتل "سليماني" في 3 يناير/كانون الثاني.

وقالت "فونتينروز": "يقع العبء الآن على النخب السياسية العراقية بخصوص تأجيل الأجندات الشخصية والإسراع في تشكيل حكومة قوية، لأن ذلك قد يكون الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع العراق من أن يصبح منطقة حرب مرة أخرى."

التحديات المقبلة

وتعتبر التحديات التي سيواجهها العراق أكثر تشابكًا وامتدادًا من أي وقت مضى في تاريخ العراق الحديث.

ففي الوقت الذي يعمل فيه الأطباء لوقت إضافي لاحتواء أزمة فيروس "كورونا"، يجب على المسؤولين الحكوميين معرفة كيفية توجيه الاقتصاد بعيدًا عن كارثة مالية يمكن أن تثير احتجاجات أكبر وأكثر غضبًا من تلك التي أطاحت برئيس الوزراء السابق.

وقالت "ريناد منصور" وهي زميلة أبحاث في "برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس": "كانت أزمة كورونا وأسعار النفط مصدر خوف كبير لدى النخبة السياسية العراقية. كان السبيل الوحيد للمضي قدماً هو الاتفاق على الكاظمي؛ وهو الرجل الذي يتعهد باللعب بموجب قواعد اللعبة".

يعتمد العراق على مبيعات النفط في 90% من عائداته وليس لديه خطة واضحة لتعويض مليارات الدولارات التي سيخسرها نتيجة تدهور الأسعار العالمية.

سيجعل ذلك -من بين أمور أخرى- من المستحيل على الحكومة تغطية فاتورة الأجور لحوالي 3 ملايين موظف.

في إحدى المقابلات الأخيرة التي أجراها قبل تنحيه، لخص "الزرفي" المشكلة في عبارات واضحة جدًا، حيث قال للتلفزيون العراقي "في الشهر القادم لن نتمكن من تأمين نصف الرواتب. ووقتها ستتكشف لكم المعاناة الحقيقية".

المصدر | مصطفى سالم ولويزا لافلاك - واشنطن بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا انهيار أسعار النفط مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي

الكاظمي.. رجل مخابرات يسعى لفك شفرة الأزمة العراقية (بروفايل)

كيف تعمل استراتيجية الولايات المتحدة في العراق عكس أهدافها؟

إندبندنت: إيران رفضت عرضا بخروج أمريكا من العراق خلال عامين

هل عقدت إيران صفقة مع أمريكا لتعيين الكاظمي في العراق؟

مهمة الكاظمي المستحيلة بين مصالح العراق وضغوط طهران وواشنطن

حقيقة الخلاف بين إيران ووكلائها على رئيس الوزراء العراقي

المالكي: رفضنا طلب الكاظمي الاشتراك في ترشيح وزراء حكومته

أهون الشرين.. هكذا ينظر الحرس الثوري لترشيح الكاظمي بالعراق

رسائل خفية متبادلة خلال زيارة الكاظمي لإيران

هل تواجه الحكومة العراقية انقلابا عسكريا بطيئا؟

الكاظمي عن تطبيع الإمارات: قرار سيادي ولا ينبغي لنا التدخل