إندبندنت: إيران رفضت عرضا بخروج أمريكا من العراق خلال عامين

الأحد 12 أبريل 2020 09:40 م

تبدو مخاوف الولايات المتحدة من هجوم وشيك واسع النطاق على جنودها في العراق منطقية تماما، في ظل ما يظهر من استعداد إيران للقيام بكل ما يلزم لإخراج القوات الأمريكية من البلاد على الفور.

كان وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر" واثقاً جداً، وهو ينفي رسالة فهم منها نظراؤه العراقيون في يناير/كانون الثاني، إن الجيش الأمريكي يستعد للخروج من العراق، بعد مقتل القائد الإيراني "قاسم سليماني".

شدد كل من "إسبر" ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال "مارك ميلي" في ذلك الوقت على أنه لم يكن هناك أي قرار على الإطلاق لمغادرة العراق.

خروج خلال عامين

لكن هذا لا يبدو دقيقًا تمامًا، وفق ما يقوله رئيس الوزراء العراقي السابق "محمد توفيق علاوي"، الذي أفاد بأن الولايات المتحدة لديها خطط لمغادرة العراق في غضون عامين من الآن.

كان الرئيس العراقي "برهم صالح" قد طلب من "علاوي" تشكيل حكومة في بداية فبراير/شباط لإنهاء فراغ طال أمده في السلطة بعد خروج الشباب العراقي إلى الشوارع بأعداد كبيرة، مطالبين بإسقاط الحكومة ووضع حد للفساد.

في منتصف فبراير/شباط، عقد "علاوي" اجتماعًا حاسمًا في مكتبه مع السفير الأمريكي "ماثيو تولر" ودبلوماسيين أمريكيين آخرين، لمناقشة مستقبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق.

وبحسب "علاوي"، فقد أخبره الدبلوماسيون الأمريكيون أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة لسحب القوات من العراق، وسيغادرون في غضون عامين، فعرض "علاوي" بسرعة توثيق اقتراح الانسحاب في اتفاق رسمي بين البلدين لضمان امتثال للولايات المتحدة.

إيران ترفض العرض

اتفق المسؤولون الأمريكيون على المبدأ، لكنهم كانوا مهتمين باستكشاف موقف إيران أولاً، وبعد أيام، عقب لقاء آخر بين "علاوي" والسفير الإيراني في العراق "إراج مسجدي" ومسؤولين إيرانيين آخرين، رفضت إيران العرض الأمريكي.

وبحسب "علاوي"، قال مسؤولون إيرانيون إن "البرلمان العراقي صوت لإخراجهم بالفعل وبالتالي يجب أن يغادروا الآن".

كان الدبلوماسيون الإيرانيون يشيرون إلى القرار الذي اتخذه البرلمان العراقي في يناير/كانون الثاني والذي يحث الحكومة على إخراج جميع القوات الأجنبية بعد استهداف "سليماني" ونائب قائد قوات الحشد الشعبي "أبومهدي المهندس" الذي قتل معه في نفس ضربة الطائرة المسيرة.

رفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على "المناقشات الدبلوماسية الخاصة"، كما لم ترد السفارة الإيرانية في لندن والمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية "عباس موسوي" على طلبات التعليق.

"كورونا" يفاقم التدهور

وصل "علاوي" إلى نهاية المدة التي يمنحها له الدستور لتشكيل الحكومة (شهر واحد فقط) ولكن دون أن يتمكن من ذلك، وربما كان الرجل المناسب في المكان الخطأ.

بعد قضاء أكثر من ساعة على الهاتف معه، أدركت كم أن فشله كان محتومًا، ففي نهاية المطاف، يعد كونك رئيس وزراء العراق أصعب وظيفة في الشرق الأوسط.

ومع كونه سياسيا غير مشهور، ومفتقر إلى الكاريزما، ومع حفاظه على موقف صارم ضد الفساد في الوقت ذاته، كانت النخبة السياسية العراقية تنظر دائمًا إلى "علاوي" على أنه شخص دخيل، على الرغم من توليه منصب وزاري مرتين من قبل.

قبِل "علاوي" الترشيح بينما كان آلاف العراقيين يحتجون منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي على الفساد الذي ساد العراق منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

طالب المحتجون بإسقاط حكومة رئيس الوزراء "عادل عبدالمهدي" وإنهاء الحصص الطائفية في السياسة والخدمات الأساسية الأخرى، ولكن بالرغم من انتقاد "علاوي" الشديد للمؤسسة السياسية ومنحه بعض الوعود المتعجلة للعراقيين المضطهدين، فقد رفضه على الفور آلاف المتظاهرين باعتباره - في مفارقة ساخرة - عميلاً للنخبة السياسية.

جرى الإعلان مؤخرًا أن رئيس المخابرات العراقية "مصطفى الكاظمي" هو المرشح الثالث لمنصب رئيس الوزراء هذا العام، ويعكس تعيينه حجم الشلل الذي فرضه فراغ القيادة على البلاد، التي تقف على حافة كارثة اقتصادية وتواجه تفشي فيروس "كورونا".

عندما قبل "علاوي" منصبه، كانت الميليشيات المرتبطة بإيران تقصف في نفس الوقت السفارة الأمريكية في بغداد والقواعد العسكرية التي تستضيف القوات الأمريكية في الشمال والغرب بسيل من الصواريخ لإجبارهم على الخروج.

وفي يوم 6 أبريل/نيسان، سقطت الصواريخ بالقرب من موقع شركة خدمات النفط الأمريكية "هاليبرتون" في محافظة البصرة.

وكما أكد لي "علاوي"، فإن إيران كانت تدرك منذ فترة طويلة النقاش الساخن داخل إدارة الرئيس "ترامب" حول وضع القوات في العراق، والاختلاف الصارخ بين تصريحات "إسبر" ومساعديه في البنتاجون من ناحية، والواقع من ناحية أخرى.

مع تعرض إيران لضربات قوية من فيروس "كورونا"، فرض "ترامب" عقوبات اقتصادية أشد على البلاد في محاولة لشل النظام، ولكن، من ناحية أخرى، ربما خلقت إدارته الفاشلة لتفشي الوباء على الأراضي الأمريكية فرصة لإيران لممارسة المزيد من الضغط على الولايات المتحدة لمغادرة العراق.

تسريع الخطط القائمة

تعكس خطط الولايات المتحدة أيضًا رغبة أوسع للانسحاب من المنطقة، وهي استراتيجية مهدت هذه الإدارة الطريق لها في أفغانستان من خلال التوقيع على اتفاقية سلام مع حركة "طالبان" بعد 19 عامًا من القتال.

لكن أي أنباء عن سحب القوات الأمريكية من العراق تعني فزعًا مطلقًا للسنة والأكراد، فوجود القوات الأمريكية بالنسبة لهم ضمانة ضد عودة تنظيم "الدولة الإسلامية"، والأهم من ذلك، أنها تحقق توازنًا دقيقًا بين جميع الطوائف الدينية والقوى السياسية العراقية.

تدفع حكومة كردستان (منطقة حكم ذاتي في الشمال) باتجاه الحفاظ على الوجود الأمريكي، وقال لي "علاوي": "شعرت بأن الأكراد كانوا مستعدين للغاية لمنح القوات الأمريكية قواعد عسكرية بديلة إذا أرادت الحكومة المركزية إخراجهم من بغداد"، فيما سيعني تمزقًا سياسيًا عراقيًا للأبد، وفق وصفه.

إن تصعيد القوات الأمريكية والميليشيات المدعومة من إيران يعرض العراق لخطر نشوب صراع عسكري شامل.

ويختزل ذلك كله السيناريوهات المحتملة لمستقبل الولايات المتحدة في العراق إلى اثنين فقط: حرب شاملة أو رحيلًا عاجلاً وليس آجلاً، أي كما أخبر السفير "تويلر"، "علاوي" في اجتماعهما، حين قال: "نحن لا نخطط للبقاء هنا إلى الأبد".

والآن؛ ربما يبدو النجاح الإيراني في إجبار الولايات المتحدة على الخروج من العراق أكثر قابلية للتحقق.

المصدر | أحمد أبودوح | إندبندنت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا التدخل الإيراني في العراق القوات الأمريكية بالعراق الميليشيات الإيرانية

سقوط 5 صواريخ على منشآت تابعة لشركة نفط أمريكية بالعراق

وقف استهداف الأمريكيين بالعراق مرتبط بانسحابهم

هل تستفيد أمريكا من الصدام العسكري مع إيران في ظل كورونا؟

قائد الصحوات: واشنطن وطهران تقتسمان النفوذ بالعراق والمواجهة مستبعدة

هل عقدت إيران صفقة مع أمريكا لتعيين الكاظمي في العراق؟

العراق ينفي أي نية حاليا لفتح العتبات المقدسة أمام الإيرانيين

واشنطن وطهران يتبادلان رص الصفوف في العراق 

يونيو المقبل.. أمريكا تبحث مع العراق انسحاب قواتها بشكل كامل