آلية التمويل السريع.. ماذا نعرف عن قرض صندوق النقد الجديد في مصر؟

الثلاثاء 28 أبريل 2020 01:00 ص

"ندعم بالكامل هدف الحكومة في الحفاظ على المكاسب الكبيرة التي تحققت في ظل تمويل الصندوق الممتد لثلاث سنوات"..

هكذا عبرت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي "كريستالينا جورجيفا"، في 26 أبريل/نيسان، عن استعداد الصندوق لتلبية طلب البنك المركزي والحكومة المصرية الحصول على مساعدة مالية من خلال "أداة التمويل السريع"، (RFI)، بعد أقل من عام على تسلم مصر آخر دفعة لها من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة إجمالية بلغت 12 مليار دولار.

وتوقعت "جورجيفا" بأن يتم عرض طلب مصر الاستفادة من الأداة على المجلس التنفيذي للصندوق في غضون الأسبوعين المقبلين.

ووفق بيان للصندوق، فإن الاقتراض الطارئ من خلال "التمويل السريع" سيمكن الحكومة المصرية من معالجة احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة ودعم القطاعات الأشد تضررا بسبب تفشي فيروس "كورونا" المستجد "كوفيد-19".

وفيما يبدو، فإن إدارة الصندوق "متحمسة" لإقراض مصر هذه المرة، بخلاف ما جرى قبل 3 سنوات، عندما قدم قدم الصندوق قرضا بقيمة 12 مليار دولار على 3 شرائح سنوية، بموجب برنامج تمويلي بدأ في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ومن المقرر أن تبدأ مصر في سداده العام المقبل؛ وذلك بسبب استجابة القاهرة لتنفيذ "الإصلاحات الهيكلية" التي اشترطها لتقديم القرض، وعلى رأسها زيادة الضرائب وتعويم العملية (الجنيه) وخفض دعم المحروقات والسلع التموينية.

وكان من شأن الاستجابة لاشتراطات الصندوق أن تضع الحكومة المصرية أمام "تحديات اجتماعية وسياسية" كبيرة، لكن النظام نجح في تجاوزها، ما جعله جهة موثوقة للاقتراض بالنسبة للصندوق والعديد من مؤسسات التمويل الدولي.

وعليه، ألمح صندوق النقد نهاية العام الماضي إلى إمكانية تقديم قرض جديد لمصر، لكنه اشترط القيام بـ"إصلاحات جديدة".

قيمة التمويل

وبحسب الموقع الرسمي للصندوق، فإن أداة التمويل السريع هي آلية تمويل دولية مخصصة لتلبية الاحتياجات الماسة الناجمة عن صدمات أسعار السلع الأولية، والكوارث الطبيعية، وحالات الصراعات، وتتيح هذه الآلية توفير مساعدات مالية عاجلة للدول الأعضاء بالصندوق التي تواجه احتياجات ماسة لضبط ميزان المدفوعات، دون الحاجة إلى عمل برامج أو مراجعات.

وينبغي سداد التمويل المقدم وفق أداة التمويل السريع في غضون فترة تتراوح بين 3 و5 سنوات، ويتعين على البلد العضو الذي يطلب مساعدات مالية من خلالها هذه الأداة أن يتعاون مع صندوق النقد عبر جهود لحل مشكلات ميزان المدفوعات وتقديم تفاصيل حول السياسات الاقتصادية التي ينوي اتباعها.

وغالبا ما يكون التمويل المقدم عبر أداة التمويل السريع في شكل قرض لا يتكرر، ويتم المواقفة عليه فقط في حال كان ميزان المدفوعات في حاجة ماسة إلى تمويل محدود المدة، لكن لا تنص القواعد المنظمة للصندوق على عدم جواز تكرار اللجوء إلى هذا التمويل، خاصة إذا كانت احتياجات ميزان المدفوعات ناشئة في الأساس عن صدمة خارجية، كما هو حال أزمة "كورونا"، وليس عن سياسات داخلية سيئة.

وفي هذا الإطار، قررت إدارة الصندوق رفع حدود استفادة الدول الأعضاء من أداة التمويل السريع بعد تفشي وباء "كورونا" من 50% إلى 100% من حصة العضوية سنويا، ومن 100% إلى 150% من حصة العضوية على أساس تراكمي.

وبتطبيق هذه المعايير على مصر، التي تبلغ حصتها في وحدات السحب الخاصة لدى الصندوق 2.8 مليار وحدة، تقدر قيمتها بحوالي 2.9 مليار دولار، فإن القرض المنتظر حصول مصر عليه يتراوح بين 3 و4 مليارات دولار.

وستُطبق حدود الاستفادة القصوى من أداة التمويل السريع لفترة 6 أشهر بشكل مبدئي، تمتد من 6 أبريل/نيسان إلى 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020، ويجوز تمديدها بقرار من المجلس التنفيذي للصندوق.

لماذا الاقتراض؟

وتتوقع "رضوى السويفي" رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار "فاروس" أن توجه مصر القرض الجديد إلى تمويل احتياجاتها الاقتصادية التقليدية وهي "سد عجز الموازنة وإعادة هيكلة القروض"؛ بسبب انخفاض الموارد الدولارية جراء أزمة "كورونا"، التي أدت لتوقف قطاع السياحة، الذي يسهم بما يتراوح بين 12 و15% من الناتج المحلي الإجمالي، وتراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وانهيار صادرات الغاز الطبيعي وعائدات قناة السويس.

ومع تقلص موارد مصر الدولارية، فإن مصر تبقى مهددة بالتخلف عن سداد فواتير ديونها، إلى الحد الذي دفع رئيس مجلس النواب "علي عبدالعال"، الثلاثاء (21 أبريل/نيسان)، إلى التصريح بأن "مصر لديها الحق في مناقشة المؤسسات الدولية لوقف فوائد الديون الخارجية، أو تعليق سدادها على الأقل في ظل أزمة كورونا".

وفي السياق ذاته، جاء إعلان البنك المركزي المصري، في مطلع أبريل/نيسان الجاري، تراجع احتياطات النقد الأجنبي بنسبة 11.9% على أساس شهري، من 45.5 مليار دولار، إلى 40.1 مليار دولار، بعد أن اضطرت الحكومة لضخ المزيد من الأموال لتوفير السيولة في الأسواق ومنع الجنيه من الهبوط.

وبإضافة تأثير أزمة "كورونا" على استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية "سندات وأذون الخزانة"، التي انخفضت بنسبة 53% من 28 مليار دولار إلى ما يتراوح بين 13.5 و14 مليار دولار، بعد تخارج المستثمرين، فإن مصر على وشك مواجهة أزمة كبيرة في مصادر العملة الأجنبية ربما تكون شبيهة بالأزمة التي دفعتها لتحرير سعر صرف الجنيه في عام 2017، وهو ما دفع الحكومة إلى طرق أبواب المقرضين مجددا للحصول على التمويل.

وفي هذا الإطار، التقت وزيرة التعاون الدولي "رانيا المشاط"، عبر تقنية فيديوكونفرانس، بـ100 من رؤساء وممثلي المنظمات التنموية الدولية والإقليمية في مصر، بينها صندوق النقد والبنك الدوليان، والبنك الأفريقي للتنمية، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي، والوكالة الفرنسية للتنمية، والوكالة الأمريكية للتنمية؛ لمناقشة التمويلات المتاحة وبحث تداعيات تفشي فيروس "كورونا"، وفق بيان للوزارة في الخامس من أبريل/نيسان الجاري.

وتعتمد مصر في دعم طلبها الحصول على قرض الجديد على ما حققته من "مصداقية" بمعايير الصندوق وعدد من مؤسسات التمويل الدولية خلال سنوات القرض السابق، حسبما نقلت صحيفة "اليوم السابع" المصرية عن رئيس لجنة البنوك والبورصة بجمعية رجال الأعمال "حسن حسين".

شروط جديدة

لكن التمويل الدولي لن يأتي مجددا بغير شروط. وهناك مخاوف من أن شروط القرض هذه المرة ربما تشمل عمليات تسريح واسعة للموظفين في الجهاز الإداري للدولة، الذين عانوا من إجراءات مؤلمة في فترة القرض السابق.

وتعود هذه التوقعات إلى سابقة تطبيق الحكومة المصرية إجراءات تقشف صارمة، التزاماً بشروط برنامج قرض الـ12 مليار دولار، منها تعويم الجنيه، بما أدى لفقدانه أكثر من نصف قيمته، وتسبب في موجة غلاء غير مسبوقة.

ورغم نفي تقارير محلية نية الحكومة البدء عمليات تسريح لموظفين حكوميين خلال الأيام الأخيرة، لكن البيان التحليلي لمشروع موازنة السنة المالية 2020-2021 في مصر قدم مؤشرا على أن الحكومة تمتلك خططا قاسية لتقليص الإنفاق عبر خفض الدعم على الطاقة، في ظل التهام الديون لمعظم موارد الموازنة في مصر.

وتعد أقساط فوائد الديون البند الأكبر في مشروع الموازنة، إذ تلتهم ما يقرب من 33% من إجمالي المصروفات في موازنة العام المالي الحالي 2020 - 2021، وهي نسبة تبدو مفهومة في ضوء البيانات الصادرة حديثا عن البنك الدولي والتي تشير إلى أن مصر من المقرر أن تسدد 18.6 مليار دولار من أقساط وفوائد الديون خلال العام الحالي 2020.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صندوق النقد الدولي الاقتصاد المصري

مصر تطلب قرضا جديدا من صندوق النقد الدولي بسبب كورونا

مصر.. قرض صندوق النقد سيتجاوز 3 مليارات دولار

بـ90 مليار دولار.. 16 دولة طلبت تمويلا من صندوق النقد منذ حرب أوكرانيا