إطلالة على العلاقات الروسية القطرية

السبت 15 أغسطس 2015 05:08 ص

بدأت العلاقات بين الاتحاد السوفيتي سابقا وقطر في نهاية الثمانينيات بعد إعلان استقلال قطر بحوالي 15 عاما، وقد اعترفت قطر بروسيا الاتحادية في عام 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

وقد تم إجراء بعض الزيارات المتبادلة بين زعماء البلدين حيث زار أمير قطر السابق «حمد بن خليفة» روسيا في عامي 2001، و 2010 فيما زار الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» قطر في عام 2001، كما جرت عدة زيارات متبادلة بين وزراء خارجية البلدين كان آخرها زيارة وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» للدوحة في 2 أغسطس/آب 2015.

وقد مكنت زيارة الدوحة «لافروف» من اللقاء بعدد من القادة السياسيين والدبلوماسيين منهم «جون كيري» وزير الخارجية الأمريكي و«عادل الجبير» وزير الخارجية السعودي ووزير الخارجية العماني فضلا عن اجتماعه بـ«خالد مشعل» رئيس المكتب السياسي لحماس، و«معاذ الخطيب» الرئيس السابق للائتلاف السوري.

وقد عقد لقاء «لافروف» مع وزير الخارجية القطري في أجواء ايجابية حيث قال «العطية» إنه بحث مع من سماهم الأصدقاء في روسيا الأوضاع في سوريا واليمن وفلسطين والعراق فضلا عن مناقشة ملف البرنامج النووي الإيراني. وهي ملفات عرفت بأنه يسودها الخلاف بين وجهات نظر البلدين وخاصة في سوريا.

ولا شك أن مبادرة روسيا بخصوص الأزمة السورية ستكون على جدول مباحثات الأمير تميم والرئيس بوتين، في الوقت الذي أكد وزيرا خارجية البلدين من الدوحة على الحل السياسي في سوريا. غير أن الموقف المتعلق بمصير «بشار الأسد» سيكون هو لب الخلاف.

وتدور في هذه الأثناء أنباء عن أول زيارة رسمية للأمير الحالي الشيخ «تميم بن حمد» في سبتمبر/أيلول القادم، وهي الأولى من نوعها إلى روسيا بهدف لقاء الرئيس الروسي، وكان الأمير قد زار روسيا بصفته وليا سابقا للعهد. كما شارك في فبراير/شباط من العام الجاري في زيارة لمدينىة سوتشي الروسية للمشاركة في افتتاح حفل الألعاب الأوليمبية الشتوية.

ويوجد بين البلدين عدد من الاتفاقيات التجارية حيث تجري مباحثات بشأن حزمة كاملة من المشاريع، وبالإضافة إلى ذلك، فإن قطر استثمرت في 2014 في الاقتصاد الروسي أكثر من  2 مليار دولار.

محطات الخلاف 

وكما ذكر سابقا فإن بعض محطات الخلاف بين البلدين  جعلت بعض المراقبين يستغربون زيارة أمير قطر المرتقبة إلى روسيا.

فمع  بدايات الربيع العربي شهدت العلاقة أزمة جديدة لاختلاف مواقف البلدين خاصة في ليبيا وسوريا وتفاقمت العلاقات اكثر بين الطرفين خلال مناقشة قرار الأمم المتحدة حول سورية. فحسب قول مصادر مطلعة فإن مشادة كلامية جارحة حدثت بين رئيس وزراء قطر السابق «حمد بن جاسم» والممثل الدائم لروسيا الاتحادية «فيتالي تشوركين». وأفادت المصادر بأن المشادة تشهد بجلاء على مستوى تردي العلاقات الثنائية بين البلدين. وتصف تلك الأوساط قطر بأنها منافس «خطر» لروسيا في أسواق الغاز الأوروبية. وتشير المصادر الروسية أيضا إلى أن قطر أعلنت في أسواق أوروبا حرب أسعار ضد شركة غاز بروم التي يعتمد الاقتصاد الروسي على عوائدها من صادرات الغاز.

وكما يقول المستشرق «ألكسندر شيشكين» الذي يقيم في الإمارات العربية المتحدة، في إطار تعليقه على صعوبة حصول الروس على تأشيرات إلى الدوحة  مؤخرا، حيث يعتقد أن السياح يعانون بسبب التناقضات السياسية ما بين موسكو والدوحة، وليس بسبب العمل على خطط تقليص العمالة الأجنبية وهو السبب الذي أعلنته السفارة الروسية. ويوضح «شيشكين» قائلاً بأن «الخلاف الروسي القطري يتمثل على عدة مستويات، فأولاً، هناك الأزمة السورية؛ ذلك أن قطر كانت دائماً في عداد البلدان التي تطالب بشدة بإزاحة «بشار الأسد». وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدوحة تموّل المجموعات المعارضة، بما فيها المجموعات المتطرفة، بحسب وصفه.

 وثانياً فإن روسيا تتنافس بحدة مع قطر في أسواق الغاز. وعلى سبيل المثال، فإن توقيع العقد الروسي - الصيني الضخم في قطاع الغاز قوبل في قطر بصورة مؤلمة، فقد كانوا يأملون بتوريد الغاز القطري المسال إلى الصين، أما الآن فمن الصعب تنفيذ هذه الخطط. كل هذه التناقضات تنشئ  خلفية معقدة للعلاقات الثنائية، الأمر الذي يتجلى في بعض الأحيان بأشكال غير متوقعة، منها على سبيل المثال، فرض القيود على منح التأشيرات.

وقد اتفقت روسيا مع الصين على توريد 38 مليار متر مكعب من الغاز سنويا ولمدة 30 سنة. وبلغ سعر الصفقة 400 مليار دولار.

وفي ذات السياق فإن الموقف القطري من أزمة القرم كان أحد محطات التوتر حيث دعمت قطر وحدة الأراضي الأوكرانية فضلا عن ملف توريدها للغاز إلى أوكرانيا وقيامها بعدة مشاريع اقتصادية كبيرة مع أوكرانيا وهو الشيء الذي لا تنظر له روسيا بارتياح.

ووفقا للمصادر الروسية، فإن قطر استثمرت «حرب الغاز» بين روسيا وأوكرانيا التي أدت إلى تقويض ثقة الدول الأوروبية المستهلكة «بغاز بروم» وسارعت بسد الطلب المتصاعد على الغاز المسيل. وبالنتيجة تقلصت صادرات «غاز بروم» لأوروبا لصالح قطر. وفي الوقت نفسه أصبحت قطر أحد اللاعبين الكبار في أسواق شرق آسيا المتنامية.

ومن محطات توتر العلاقة أيضا بين البلدين في وقت سابق عملية اغتيال الرئيس الشيشاني السابق «سليم بندريايف» في الدوحة عام 2004 وقد تسببت هذه الحادثة باحتقان شديد بين البلدين وقد تم اعتقال عدد من المتهمين الروس في قطر.

في أعقاب ذلك، وصلت حدة المشاحنات بين قطر وروسيا حداً لم تصله من قبل. فقد صرح وزير الخارجية الروسي بأن موسكو ستتخذ كل الإجراءات الممكنة لتحرير عملائها في قطر، وتزامن هذا مع مطالبة أحد السياسيين الروس، وهو «دميتري روجوزين» (رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس النواب الروسي) بأن تستخدم موسكو القوة العسكرية ضد قطر.

ولكن المتحدث باسم الخارجية الروسية أعلن بعد تصريحات «روجوزين» بأن هذه التصريحات تعد شخصية ولا تعكس وجهة نظر الحكومة الروسية. ولكن روسيا في خطوة انتقامية قامت باعتقال مواطنين قطريين.

تعتبر قطر من أهم الدولة المصدرة للغاز في العالم ويجمعها هذا المجال مع روسيا وإيران. وقد وقعت اتفاقية الدول المصدرة للغاز في 2008 في موسكو لتأسيس منتدى الدول المصدرة للغاز، ومنذ شهر أغسطس/آب عام 2003 بدأت شركة الخطوط الجوية القطرية رحلات مباشرة بين موسكو والدوحة. وهي  الآن تسير 12 حلة بشكل يومي تقريبا.فيما أسست شركة «غاز بروم» عملاق الطاقة الروسي مكتبا إقليميا لها بالدوحة أنيطت به مهام تطوير التعاون الاقتصادي بين الشركة ودول الخليج.

وفي الآونة الأخيرة بدأت بوادر التقارب بين روسيا وقطر تطفو على السطح من خلال تزايد التباحث في القضايا السياسية، ومحاولات التنسيق للاستفادة من تنظيمهما لكأس العالم في عامي 2018 و2022 وهو ما يدل على رغبة روسية بعدم البقاء خارج أي خطط وترتيبات سياسية يجري الإعداد لها كما يدل على إدراك موسكو بأهمية الدور القطري في قضايا المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك  تنسيق بين البلدين في عدة مجالات كما هو الحال في المجال الثقافي و يعكف مسئولون في البلدين على تخطيط وتنظيم احتفالية ثقافية ضخمة بين قطر و روسيا في عام  2018.

  كلمات مفتاحية

روسيا قطر أوكرانيا صادرات الغاز غاز بروم العلاقات القطرية الروسية

«كيري - لافروف» في الخليج: وبدأ العد التنازلي لإنهاء اللعبة في سوريا

«العطية»: قطر وروسيا تتفقان على الحل السياسي لأزمة سوريا

«كيري» و«لافروف» يجتمعان في الدوحة لبحث «حل في سوريا»

«لافروف» يبحث مع ممثلي مجلس التعاون الخليجي سبل حل الأزمة السورية

رغبة روسية قطرية مشتركة لتعزيز التعاون الاستثماري

وزيرا خارجية قطر وروسيا يبحثان تطوير العلاقات الثنائية والقضايا المشتركة