إذا أصبح بايدن رئيسا.. كيف ستكون علاقات أمريكا مع إيران والسعودية؟

الثلاثاء 28 أبريل 2020 05:34 م

انسحاب السيناتور "بيرني ساندرز" من سباق الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية، ثم إعلانه والرئيس السابق "باراك أوباما" دعم "جوزيف بايدن"، أكد ما كان يتوقعه الجميع.

إذ بات "بايدن"، النائب السابق لـ"أوباما"، الآن المرشح الفعلي للحزب الديموقراطي الذي سيتحدى الرئيس "دونالد ترامب" في نوفمبر/تشرين الثاني، وبالتالي من المنطقي أن نتساءل: كيف ستعالج إدارة "بايدن" القضايا الدولية؟

  • سياسة ما بعد "ترامب"

يفكر قادة دول الخليج في تداعيات رئاسة "بايدن"، وعند التساؤل بشأن نوع القائد الذي سيكونه على المسرح الدولي، فإننا نجد أن لديه سجلا طويلا في السياسة الخارجية يمكن الاسترشاد به.

فقبل أن يشغل منصب نائب الرئيس بين عامي 2009 و2017، فاز بـ7 سباقات في مجلس الشيوخ الأمريكي؛ أولها عندما كان يبلغ من العمر 29 عامًا قبل نصف قرن تقريبا، وعمل كأعلى ديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

يمكن أن نضمن أن "بايدن" سيعيد "جمهور أوباما" إلى البيت الأبيض -إذا أُعيد انتخابه- ومن المحتمل أن تمتلئ إدارته بالعديد من الذين يشاركون الرئيس الـ44 رؤاه التي تركز على الصعيد الدولي.

هذا يعني من الناحية العملية أن مستشاري "بايدن" ربما يضغطون من أجل سياسة خارجية للولايات المتحدة لحقبة ما بعد "ترامب"؛ بحيث تعتمد بشكل أكبر على حلفاء واشنطن التقليديين، وبالتحديد شركاء أمريكا الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

سيعمل "بايدن" حينها كرئيس في فترة ما بعد فيروس "كورونا"، ومن المرجح أن يستثمر في المؤسسات والمبادرات الدولية التي تهدف إلى التعامل مع الأوبئة والاحترار العالمي والتحولات التي تقودها الثورة الصناعية الرابعة، كأمثلة على أكثر القضايا العالمية إلحاحا التي ستحتاج إدارته إلى معالجتها.

أما فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فيمكن الاعتماد على "بايدن" ومن هم في دائرته الداخلية في محاولة تأسيس قيادة أمريكية متجددة في المنطقة المضطربة.

لكن من الصعب التنبؤ بكيف ومتى سيقرر "بايدن" استخدام القوة العسكرية لمواجهة الخصوم في العالم الإسلامي الأكبر، وما هي نوع الخطوط الحمراء التي ستحاول إدارته تأسيسها مع الحكومات في إيران وسوريا وروسيا.

"بايدن" ليس حمامة سلام، لكن الحقيقة أنه لم يكن يفضل الحملات العسكرية بشكل مستمر.

لقد دعم حرب العراق عام 2003، على الرغم من معارضته حرب الخليج عام 1991، وكان "بايدن" نائب الرئيس أثناء التدخل الأجنبي في ليبيا عام 2011، على الرغم من أنه أخبر الصحفي "تشارلي روز" في عام 2016 أنه عارض أجندة تغيير النظام في طرابلس، التي دعمتها بشدة آنذاك وزيرة الخارجية "هيلاري كلينتون.

كما كان يعمل في البيت الأبيض خلال حروب "أوباما" السرية بالطائرات المسيرة في جميع أنحاء الساحل الأفريقي، إضافة إلى أفغانستان وباكستان والصومال واليمن.

((١))

  • التزام عميق نحو إسرائيل

وعندما يتعلق الأمر بـ(إسرائيل) وفلسطين، فإن نائب الرئيس السابق دافع عن حصار غزة. وعلاوة على ذلك، تعمق "بايدن" في إظهار التزامه الأيديولوجي بالعلاقة بين الولايات المتحدة و(إسرائيل)، وعبر عن الأمر قائلا: "ليس عليك أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا".

وفي خضم الحرب بين "حزب الله" و(إسرائيل) عام 2006، أخبر "بايدن" مقدم البرامج "لاري كينج" أن التنظيم الشيعي اللبناني كان "الشرير الرئيسي بشكل مطلق ولا لبس فيه"، وأن الصراع وفر للولايات المتحدة وحلفائها فرصة "لوقف عمليات سوريا وممارسة ضغوط مفرطة على حزب الله".

وقبل 20 عاما، حين كان عضوا في البرلمان الأمريكيين، دعا "بايدن" إلى التوقف عن "الاعتذار" عن دعم (إسرائيل)؛ حيث قال: "لا ينبغي أن يكون هناك اعتذار، هذا أفضل استثمار نقوم به بقيمة 3 مليارات دولار (يقصد المعونة السنوية التي تقدمها بلاده لإسرائيل)، لو لم تكن هناك (إسرائيل)، لكان على الولايات المتحدة أن تخترع إسرائيل".

  • مخالفة "ترامب" بشأن إيران

اتهم "بايدن"، "ترامب" بالفشل في استخدام البطاقات الدبلوماسية لتعزيز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. إذ انتقد هذه الإدارة لانسحابها من جانب واحد من "خطة العمل الشاملة المشتركة" -التي يشار إليها باسم الاتفاقية النووية الإيرانية- وفرض عقوبات صارمة على طهران.

وعلى الرغم من أن "بايدن" يشارك "ترامب" في العديد من وجهات النظر حول السلوك الإقليمي للجمهورية الإسلامية والاقتناع بأنه لا ينبغي السماح لإيران أبدا بأن تصبح دولة مسلحة نوويا، إلا أن المرشح الرئاسي من ولاية ديلاوير يعتقد أن "خطة العمل الشاملة المشتركة" كانت تخدم مقصدها فيما يتعلق بعرقلة مسارات طهران المحتملة إلى القنبلة النووية وأن موقف الولايات المتحدة أسوأ بعد انسحابها من الاتفاق.

جادل "بايدن" بأن "تصرفات ترامب المتهورة" تجاه الاتفاق النووي غذت "أزمة عميقة في العلاقات عبر الأطلسي ودفعت الصين وروسيا لتصبحا أقرب إلى إيران"؛ ما جعل واشنطن معزولة، وليس طهران.

تعهد نائب الرئيس السابق بإعادة واشنطن إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" إذا عادت طهران إلى الامتثال الكامل للاتفاق؛ من أجل إنشاء "منصة انطلاق للعمل جنبا إلى جنب مع حلفاء أمريكا في أوروبا والقوى العالمية الأخرى لتوسيع القيود النووية للاتفاق" بهدف استعادة مصداقية الولايات المتحدة المفقودة.

ومع ذلك، يشكك بعض الخبراء فيما إذا كانت رئاسة "بايدن" ستؤدي إلى عودة واشنطن إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة".

وكما كتب الباحث "حسين إيبش" من "معهد دول الخليج العربي" في واشنطن مؤخرا: "سيتعين على إدارة بايدن أن تأخذ في الاعتبار الأفضلية التي كسبها ترامب من حملة الضغط الأقصى على إيران. تتوق طهران بلا شك إلى هزيمة ترامب. لكن إذا فاز بايدن، فمن غير المرجح أن يكون ساذجًا لدرجة السماح لإيران بالاستفادة على الفور أو بدون شروط".

ومع ذلك، حتى إذا ظلت هناك بعض الأسئلة المفتوحة حول كيفية تعامل "بايدن" مع خطة العمل الشاملة المشتركة والعلاقات الأمريكية الإيرانية، فمن المنطقي التنبؤ بأنه -على الأقل إلى حد ما- سيبرد التوتر في العلاقات بين واشنطن وطهران.

من المحتمل أن تتحرك الولايات المتحدة نحو نهج للتعامل مع طهران يتوافق أكثر مع استراتيجيات وآراء إدارة "أوباما"، وربما يمكن لـ"بايدن" أن يقود الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية إلى نوع من الفهم المتجدد المستحيل بوجود "ترامب" في المكتب البيضاوي.

في وقت سابق من هذا الشهر، دعا "بايدن" إلى تخفيف العقوبات على طهران في خضم مواجهة إيران لفيروس "كورونا"؛ حيث قال: "ليس من المنطقي -في خضم أزمة صحية عالمية- مزج الفشل بالقسوة من خلال منع وصول إيران للمساعدة الإنسانية المطلوبة. مهما كانت خلافاتنا العميقة مع الحكومة الإيرانية، فيجب أن ندعم الشعب الإيراني".

((٤))

  • دوافع القلق الخليجي

لكن التوقعات بأن "بايدن" سيعيد عناصر معينة من رؤية "أوباما" العالمية للسياسة الخارجية لواشنطن في الشرق الأوسط تقلق بعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من الانتصار المحتمل لـ"بايدن".

لم تنسَ الرياض وأبوظبي وعواصم خليجية أخرى بعض المشاكل في العلاقات الأمريكية الخليجية، التي نشأت من استجابة "أوباما" للأزمة السورية، وما يسمى بثورات "الربيع العربي" في مصر والبحرين عام 2011، وكذلك الانفتاح الدبلوماسي لإدارته على إيران.

وعلاوة على ذلك، فمنذ بدء رئاسة "ترامب"، كانت هناك بعض القضايا التي أثارت أيضا مزيدا من التوتر بين الديمقراطيين في واشنطن وحكام "آل سعود".

إذ أدى تعامل "ترامب" مع العمليات العسكرية التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن (التي بدأت خلال رئاسة أوباما)، وقضية "جمال خاشقجي"، وملفات حساسة أخرى، إلى اتهامات من "بايدن" والعديد من الديمقراطيين لـ"ترامب" بأنه "ليّن" مع الرياض وأنه فشل في رسم خطوط حمر أمام ولي عهد السعودية، وكما قال "بايدن": "لقد منح الرئيس ترامب السعودية شيكا على بياض بشكل خطير".

عند مناقشة علاقة واشنطن بالرياض في الحملة الانتخابية، استخدم "بايدن" لغة قوية لا يمكن لحكام "آل سعود" تجاهلها بسهولة.

فخلال نقاش للديموقراطيين في 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2019، أعرب "بايدن" عن اعتقاده بأن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" أدار جريمة قتل "خاشقجي"، وتعهد بوقف بيع الأسلحة للمملكة.

كما أعرب نائب الرئيس السابق عن معارضته لدعم الولايات المتحدة للحرب التي تقودها السعودية في اليمن.

في نهاية المطاف، لا يتحدث "بايدن" عن جعل إيران حليفة للولايات المتحدة مرة أخرى، ولا يتحدث عن إنهاء الشراكة الأمريكية السعودية بالكامل.

ومع ذلك، فهو يدعو إلى سياسة خارجية أكثر انفتاحا لإشراك طهران، وتركز على إنشاء حدود واضحة مع السعوديين رفض "ترامب" وضعها.

ليس هناك شك في أنه إذا أصبح "بايدن" رئيسا، فسيحتاج المسؤولون في الرياض إلى معالجة لحقيقة أن سمعة السعودية لدى أحد الحزبين السياسيين الرئيسيين في أمريكا، كونت تصورا عميقا في واشنطن بأن "بن سلمان" لديه التزام أكبر بالعلاقات السعودية مع إدارة "ترامب"، أكثر من الولايات المتحدة كدولة.

مع تحول العلاقات بين واشنطن والرياض إلى أكثر من قضية حزبية في واشنطن، فهناك عمل يتوجب على السعوديين القيام به من أجل ضمان أن العلاقات التي استمرت لعقود بين أمريكا والمملكة، والتي تأسست في البداية خلال رئاسة "فرانكلين ديلانو روزفلت"، يمكنها أن تستمر في حقبة ما بعد "ترامب"، خاصة إذا حكم الديمقراطيون الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يصبح حقيقة جديدة في غضون 8 أشهر.

((٣))

  • إرث "ترامب" الصعب

المهم بالنسبة للأمريكيين أن يفهموا أن إرث سياسة "ترامب" الخارجية سيستمر لفترة طويلة بعد رئاسته.

ستستغرق استعادة المصداقية المفقودة على الساحة الدولية وقتا طويلا، وليس مجرد انتخابات واحدة، فهل سيثق نظام إيران (أو أي حكومة أخرى لديها عداء تاريخي لأمريكا) بالولايات المتحدة بما يكفي لتوقيع اتفاقية مستقبلية؟ ربما لا.

عملت سياسات "ترامب" بشأن إيران على تعزيز أكثر عناصر الحكومة تشددا في طهران؛ حيث عزز سردياتهم حول كون أمريكا منافقة وعدوانية ومضللة وغير جديرة بالثقة.

لن تكون إدارة "بايدن" قادرة على عكس نتائج حملة "ترامب" المتشددة بالضغط الأقصى؛ والتي غيرت المشهد السياسي الإيراني بطرق تجعل الدبلوماسية أكثر صعوبة في المستقبل.

إذا فاز "بايدن"، سيتعين عليه التعامل مع العديد من الحقائق الجديدة التي لم تكن موجودة عندما غادر هو و"أوباما" البيت الأبيض أوائل عام 2017.

وستشكل مثل هذه الحقائق حتما طريقة التعامل مع كل من حكام "آل سعود" في السعودية وحكام إيران.

((٢))

المصدر | جيوريو كافيرو / إنسايد أرابيا - ترجمة و تحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن دونالد ترامب مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية العلاقات الأمريكية الإيرانية

ترامب: لم أفكر في تأجيل الانتخابات الرئاسية

نانسي بيلوسي تدعم جو بايدن في السباق إلى البيت الأبيض

مستشار اقتصادي لترامب يرجح تفاقم معدل البطالة إلى 16%

ف.تايمز: اتفاق أوبك+ لن يعالج الشرخ في العلاقات السعودية الأمريكية

كيف يؤثر كورونا على علاقة السعودية والإمارات مع أمريكا؟